١٦
..
.
من ستة عشر سنة
نرى بعض عمال البناء ينهون عملهم ليلاً جالسين يرتاحون ما عدا واحد، كان شاهق الطول قويًّا، لديه عضلات وصاحب يد حديدية بدائية.
كان يعمل بشكل مستمر من الصباح حتى الآن، وقال أحد العمال هنا:
_إيه يا عم رجب؟ هو ابنك دا مبيتهدش؟ خليه يخلص ويرتاح معانا.
ضحك رجب، الرجل الخمسيني، وقال:
_يا عم سيبه يخرج طاقته.
_كده هياخد يومية أعلى مننا يا عم رجب.
_ما ياخد يا ولا... هو في حد يقدر يعمل اللي هو بيعمله؟
انتهى عصام صاحب الثمانية عشر عامًا، ونظر إليه رجب وقال:
_خلصت يا بني؟
_أه يا حج...
عاد عصام ورجب إلى منزلهما، وأثناء ما كانوا يأكلان عشائهما قال عصام:
_هو أنا حياتي هتفضل كده يا حاج؟
_مالها حياتك يا بني؟
_أنا زهقت... أنا عايز فلوس وعايز أتبسط... أنا اتفشخت في الشوارع من صغري ومش عايز أكمل شبابي بنفس الطريقة دي.
_وهو أنت قاعد في شوارع دلوقتي يا عصام؟
_لا يا حج... بس بص سني وبص أنت مديني شغلانة عاملة إزاي.
_يا بني، اهي شغلانة تشتغلها لحد ما تخش كليتك.
_دا على أساس إنك مكنتش بتشغلني لما كنت في المدرسة؟
_في إيه يا عصام؟ ما هو أكل عيش يا بني هنعمل إيه؟ احمد ربك أنت في نعم كتيرة، وبعدين أنت قوي جدًا بالنسبة لسنك وبتفيدني في الشغل كتير أوي.
_طيب... فين مقابل الإفادة الكتير دي... اليومية مبتكفيش حاجة...
_والله يا بني أنا مش ناسيك وهكافئك مكافأة جميلة جدًا أنت تستحقها... بس اصبر عليا والله يا بني أنا مش بنساك... دا أنت ابني يا حبيبي... والله لما بقدر أعمل حاجة تسعدك بعملها من غير تردد.
صمت عصام وهو منزعج قليلًا، فربت رجب على ظهره ليواسيه ويجبر بخاطره.
_أنا عارف اللي عيشته يا عصام... وأنا بحاول أعوضك عن كل دا صدقني.
ابتسم عصام وامسك يد رجب وقبلها وهو يقول:
_مصدقك يا حج... مصدقك.
كانت هذه حياة عصام؛ كان يستيقظ صباحًا ويعمل إلى الليل وبمقابل مبلغ قليل، وكان غير راضٍ... كان يتمنى أن يستمتع بشبابه، كان حقًا يريد أن ينهي هذه الحياة المجهدة الروتينية التي لا معنى لها، كان ينظر للأطفال وهم يمرحون ويتذكر كيف كانت طفولته قاسية.
أنت تقرأ
سوق الأنام: لعنة النجوم السبعة
Mystery / Thrillerفي المستقبل، حيث يزداد العالم وحشية وبرودًا، أصبح بيع الناس قانونيًا بشكل رسمي حول العالم. استجابت الشعوب لهذا الأمر وبدأ معظم العائلات في بيع فرد أو اثنين أو أكثر من أهلهم، دون معرفة المكان الذي يشتريهم. يعيش نوح في هذا الزمن وهو يعاني من الوحدة وا...