خرجت مريم يائسة وعاجزة. هامت في شوارع القاهرة. قادتها قدماها لمحطة القطار. بلا شعور أو وعي منها. فعقلها الباطن يأمل أن يجد منقذها زوجها وحبيبها خالد هناك. فكلما ضاقت بها الدنيا وأشتد عليها زمانها. وضاعت بين راحايا البشر. كان يرسل لها الله خالد لهذا المكان لينقذها وينتشلها من الضياع. لعلها تجد زوجها وحاميها حبيبها ورفيق عمرها هناك. فمن كان يجلس هناك لم يكن حبيبها. فخالد حبيبها لا يتركها ليتزوج من غيرها أبدا. خالد حبيبها لا يذبحها مثلما فعل.
تركت مريم قدماها تقوداها لمجهول جديد.
هامت وهي مغيبة تماما عن واقعها. تتخبط في الزحام كالممسوسة. لا ترى أحد ولا تسمع أحد. فزحام أفكراها يغلب الزحام حولها بكثير. وضوضاء ذكراياتها تصمها عن أي ضوضاء أخرى.
لم تشعر مريم بنفسها والناس يدفعونها معهم لركوب أحدى القطارات. ولم تنتبه لسقوطها والزحام يسحقها بأقدامهم. حتى إنها لم ترى الشاب الذي أنتشلها من الزحام وأجلسها في القطار على كرسيه ووقف بجانبها هو.
نظرت مريم من خلال نافذة القطار لسواد الليل في الخارج المشابه لحياتها ومستقبلها الغامض الآن. جلست تنظر لزجاج النافذة وترى فيه شريط الأحداث لما حدث خلال الساعات القليلة السابقة. بل انها عادت بذكرياتها لحياتها كلها قبل معرفة خالد وبعدما عرفته وتزوجته. والآن بعدما انتهت حياتها معه.
* * *
قبل بضع ساعات.
أخرجت مريم الملابس لخالد من الخزانة. شعرت بزوجها دخل غرفة النوم ويراقبها في صمت. ألتفتت له مريم وسألته.
"مالك؟ بتبص لي كدة ليه؟"
أقترب منها خالد خطوتين وأخذ يديها في يديه وضغط عليها برفق. نظر لزمرداتها وقال.
"أنت مصممة ليه تيجي معي النهاردة؟ أنا عارف قد أيه اليوم ده صعب عليك يا حبيبتي."
نظرت مريم للأعلى رسمت إبتسامة ضعيفة على شفناها وقالت.
"أنت عارف أن السبب الوحيد اللي خلاني اوافق على الموضوع ده هو سعادتك. ليه عاوز تحرمني اعيشها معك؟"
"يا مريم أنا خايف الموضوع يكون فوق تحملك. مهما كنت موافقة. أكيد صعب عليك تشوفيني في الكوشة مع واحدة غيرك."
حمحمت مريم وشاحت بوجهها بعيدا عن زوجها حتى لا يرى الدموع تلمع في مقلتيها وقالت.
"أكيد صعب علي. لكن لما اشوف فرحتك كل حاجة بتروح."
رفع خالد يدها وقربها من فمه وقبلها وقال.
"وأنا مش ممكن أنسى وقوفك جنبي وتضحيتك علشان سعادتي."
"ما تقولش كدة يا خالد. أنا مهما عملت عمري ما اوفيك حقك. أنت جبتني من الشارع وقعدتني في بيتك وأتجوزتني وخليتني بني آدمة بعد ما كتت مجرد بنت من الشارع."
أنت تقرأ
لا تترك يدي (كاملة)
Romanceقصة عن أتنين من مجتمعنا عايشين وسطنا أحلامهم بسيطة وحياتهم مليئة بالصعاب بمناسبة وصول القصة للمليون قراءة تم نشرها على موقع الأمازون تبع مكتبة كيندل شكرا جزيلا لتشجيعكم