الموسم الثاني - الفصل الحادي والأربعون

19.9K 522 220
                                    


كانت رحلة العودة من المطار تتسم بالصمت. بعدما ودع خالد وإبنه مريم والأولاد أحتبست الكلمات داخلهما. سند محمد رأسه على النافذة بجانبه وأغمض عينيه حتى يمنع دمعة هاربة من الفرار.

شوقه لأمه خلال الشهرين المنصرمين فاق الحد ولا يعلم كيف سيصبر حتى عودتها. فبالرغم من حنينه الشديد لها ورغبته الجارفة في السفر معها ولكنه فضل البقاء مع أبيه حتى يتأكد من عودتها من زيارة أهلها. خشي محمد أن تأخذهم أمهم وتسافر وتترك أبيه للأبد، فقرر البقاء مع أبيه حتى تعود من أجله عاجلاً وليس آجلاً.

أما وداع خالد لزوجته قتل أي أمل داخله لعودتها لحضنه. ذهب وقلبه يملؤه الشوق والأمل والسعادة لرؤيتها حتى لو كان لوداعها. ولكنها رفضت مقابلته. تذكر خالد لحظة دخوله المطعم الملحق بالمطار ليودعها هي والأولاد ووجدها تجلس في منضدة بمفردها في طرف المطعم بعيدة كل البعد عنه ومولية ظهرها له. جلس مع يوسف وأولاده وأرسل محمد ليودع أمه قبل سفرها.

تصارعت الأفكار والأسئلة في عقله ولكنه لم يستطع التعبير عنها أمام أولاده.

ألم يكفيها بُعد شهرين عنه؟

إلى متى سيبقى الوضع؟

ألم تغفر له أي ذكرى جيده معه؟

ألهذا الحد تبغضه ولا تريد رؤيته؟ فقد رفضت أي تواصل معه خلال شهرين ومع ذلك رفضت وداعه قبل السفر لآلاف الأميال بعيداً عنه.

أملأ البغض قلبها إتجاهه؟

ألا يوجد في قلبها ذرة حب تجاهه؟

أيعقل أن يتحول حبها له طوال تلك السنوات لبغض بكل سهولة هكذا؟

أم لم يكن حباً من الأساس؟

أيمكن أن يكون إحتياجها له ولبيت يؤيها هو ما أبقاها معه طوال تلك السنوات وليس حباً؟ وبعدما وجدت عائلتها وبيتها أستغنت عنه وتركته.

كيف تحول كل هذا الحب لهباءاً منثورا؟

كيف تحول دفء قلبها لبرودة قاسية؟

كيف وكيف كيف؟

الكثير من الأسئلة والذكريات تراقصت في عقل خالد وغشت على بصره. لم ينتبه لواقعه إلا بصياح إبنه ليحذره من سيارة مقبلة في الإتجاه المعاكس. تفادى خالد السيارة في اللحظة الآخيرة وتوقف على جانب الطريق لعدة دقائق ليستعيد أنفاسه ويلملم أشتاته ليصل بإبنه لمنزلهم بآمان.

* * *

هبطت الطائرة في مطار برادلي الدولي في ولاية كونيتيكت بالولايات المتحدة الأمريكية. تبعت مريم شقيقها وهي ممسكة بأسيل بيمينها وعمر بيسارها. أنهى يوسف الإجراءات وخرج من المطار بصحبة شقيقته وأولادها. تلفت يميناً ويساراً ولمح سيارة فارهة بعثها والده لإستقبالهم. توجه يوسف للسيارة وتبعته شقيقته.

لا تترك يدي (كاملة)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن