ترك خالد مريم في شقتها لتتجهز للذهاب مع يوسف والأولاد وتوجه للشقة الآخرى. دخل الحمام ووقف تحت رشاش الماء البارد دون أن يكلف نفسه عناء خلع ملابسه. فلم يهتم بالبلل أو بالملابس. أراد فقط أن يطفأ فوران الدم في رأسه بالماء البارد. لعل يهدأ من حدة صراع الأفكار المتزاحمة في عقله. فقد علم الكثير من الحقائق خلال ساعات قليلة.
أيمكن حقاً أن يكون زوج أناني هكذا لم يشعر بمعاناة زوجته ورفيقته طوال تلك السنوات.
لقد كان حريصاً ألا يظلم أحداً في حياته كله وأنتهى به المطاف بظلم أقرب إنسانة لقلبه.
كيف عاش طوال تلك السنوات دون أن يفهم زوجته ويشعر بآلامها؟
كيف لم يهتم بأدق تفاصيلها ليعرف مخاوفها ويحميها منها؟
كيف ضغط عليها حتى هزمها المرض وأعتصر جسدها الصغير؟
كيف ذبحها دون أن يسمع صرخاتها؟
فهي زوجته، مسئوليته، حبيبته، أم أولاده حمايتها واجبه. كيف تفقد الآمان في حضنه؟
كيف تترك منزلها وتبحث عن الدفء في مكان آخر حتى لو كان بيت شقيقها؟
ما هو الخلل في علاقتهما حتى تتسع الفجوة بينهما هكذا؟
متى تسللت خيوط قلبها من حضنه؟
راجع خالد حياته مع مريم منذ البداية حتى اللحظة. تفحصها بعين خارجية. تذكر كل اللحظات التي كان يلاحظ علامات الحزن أو الإرهاق على زوجته ويتجاهلها لمجرد إدعائها الكاذب بالسعادة.
لام نفسه على كل لحظة تجاهل قلبه الذي سمع أنينها وصدق أذنه التي سمعت كلماتها.
راقب الشقوق القديمة الباهتة في علاقته بزوجته التي أتسعت بعد سفره وبعده عنها وهدمت جدار الثقة بينهما بعد قراره بالزواج من إلهام.
فإن كان زواجه من إلهام فجر القيح من حياته الزوجية مع مريم، لكن الجروح والإلتهابات قديمة وعميقة منذ سنين بسبب إهماله لزوجته وإعتبار وجودها من المسلمات.
فإن كان يشتكي إفتقاد حياته لإثارة الحب ومشاعر الرغبة المتقدة فالمسئولية تقع على عاتقه أيضاً لإنشغاله بعمله ودراسته وحياته بعيداً عن زوجته.
فزوجته أحتاجت من يحتويها ويداويها بحنانه ولم تجد ذلك في حضنه.
مسح خالد بيده على وجهه وأزاح الماء من على عينيه لعل تتضح الرؤية ويرى الأمور على حقيقتها لأول مرة منذ فترة طويلة.
أنت تقرأ
لا تترك يدي (كاملة)
Romanceقصة عن أتنين من مجتمعنا عايشين وسطنا أحلامهم بسيطة وحياتهم مليئة بالصعاب بمناسبة وصول القصة للمليون قراءة تم نشرها على موقع الأمازون تبع مكتبة كيندل شكرا جزيلا لتشجيعكم