١٥..تميمة حظ

4K 94 2
                                    

أنهت هزان كلامها بقبلة خاطفة سرقتها من شفتي ياغيز..كأنها تشجعه على المواصلة..نظرت مباشرة في عينيه..لمحت فيهما ترددا و قلقا..قالت" ياغيز..أنا جاهزة لكي.." وضع اصبعه على شفتيها و قال" لا تكملي..لا أريد أن نتسرع في علاقتنا..لندع الأمور تتطور بنسق تدريجي..سأعطيك الفرصة لكي تخرجي أفضل ما فيك..لكي تعوضي كل ما فاتك..لكي تستعيدي ثقتك بنفسك و بالحياة..و إذا كنت ماتزالين راغبة بي بعد ذلك..عندها سنكون معا..برغبة من كلينا..أو ربما بحب..من يدري..لا أريدك أن تفكري أنك مضطرة أن تجاريني و أن تخضعي لرغباتي لمجرد أنني ساعدتك..لست مجبرة على ذلك..أنا لم أشتريك بما قدمته لك..لا تنسي ذلك..هيا..أنهي عملك و اخلدي إلى النوم..لقد تأخر الوقت..سأنام في الصالون..تصبحين على خير" قبلها بسرعة ثم ابتعد عنها..بقيت هزان جامدة في مكانها تراقب ابتعاده عنها..انه رجل مختلف..و مميز..و لا يشبه غيره..له قلب كبير..قادر على العطاء دون توقف..أحاسيسه مرهفة و عقله راجح..يعطيها قيمة كبيرة لم يسبق لأحد أن اعطاها إياها..يعاملها كأنها تحفة ثمينة أو تمثال زجاجي يخشى تحطمه..يوليها اهتمامه و يغدق عليها من حنانه..يرى فيها انسانة لها مشاعر و أحاسيس..و ليست مجرد أنثى بجسد مثير فقط..لذلك يريد أن يتأكد من أنها عندما تقرر أن تكون معه..يكون ذلك بسبب حبها له و رغبتها فيه..و ليس مجرد اعتراف بالجميل او امتنان او ثمن لكل ما قدمه لها..لمعت دمعة لؤلؤية في عيون هزان..يزداد اعجابها به يوما بعد يوم..و تشعر أنها تتورط أكثر فأكثر في مشاعرها تجاهه..تخشى أن يصبح تعلقها به تعلق أعمى بعصاه..لا يستطيع السير دونها و لا الانفصال عنها..تخشى أن يصبح هو كل كونها..و أن تغرق في حبه إلى الدرجة التي لا خلاص و لا عودة فيها..ثم يحدث ما يبعدها عنه..فكيف ستعيش حياتها عندئذ..أنهت هزان تنظيف الصحون و ذهبت إلى غرفتها..ألقت عليه نظرة..وجدته نائما..لم ترد أن تزعجه بلمسها له..اندست في فراشها ..و اغمضت عيونها و نامت..

أسبوعان مرا و هزان تعمل في الشركة..و تثبت يوما بعد يوم أنها نابغة في مجال الحسابات و الرياضيات..و طوال هذا الوقت..كانت مشاعرها تجاه ياغيز و مشاعره تجاهها تكبر و تزداد قوة..كانا يقضيان اليوم في الشركة..ثم يعودان معا إلى المنزل الخشبي..يتناولان طعام العشاء و يجلسان معا قليلا..يتحدثان..يستمتعان بوقتهما..ثم يذهب هو للمبيت في منزل والديه و تنام هي لوحدها هناك..كان يحاول ألا يلمسها أو يتقرب منها..كان يفعل كما وعدها..كان يرى تطور شخصيتها بأم عينيه..يرى وعيها بما تحققه من نجاحات..و يلمح في عيونها نظرة ثقة و رضى بكل ما تفعله..تركها تبني نفسها بنفسها..و تخرج نقاط القوة الموجودة لديها..دفن رغبته بها في أعماق نفسه و كان لها صديقا مخلصا..ناصحا أمينا..و سندا داعما..و لعل مازاد من سعادته أنها كانت فعلا تميمة حظ بالنسبة إليه..فقد جاءت أصداء مبيعات الحواسيب الجديدة ايجابية للغاية..و تمكنت الشركة بفضل نظريات مراد من تفادي الإفلاس و العودة إلى المنافسة القوية في الأسواق..كما نجح ياغيز في الفوز بمناقصة تضمن أرباحا طائلة للشركة..و اليوم تلقى اتصالا من شركة يابانية تريد عمل توأمة مع شركته و أن الوفد الياباني قد وصل إلى اسطنبول و يريد مقابلته لكي يتفقان على كل التفاصيل..أنهى ياغيز المكالمة و سمع طرقات على باب مكتبه..قال" تفضل" دخلت هزان و هي تحمل ملفا يحتاج توقيعا من ياغيز..كانت تتألق في فستان ازرق اللون يلتصق بجسمها مظهرا تفاصيله و تطلق شعرها الطويل على ظهرها..رمقها ياغيز بنظرة متفحصة ثم وقف و اقترب منها..جذبها بقوة بين ذراعيه و عانقها و هو يقول" هزان..أنت تميمة حظي..أنت لا تعلمين كيف تحسنت كل حياتي منذ ظهرت أمامي..أنت مميزة حقا" ابتسمت هزان و قالت" شكرا لك ياغيز..لكن هل ستفهمني ماذا حدث؟ ابتعد عنها قليلا و هو يبقي عليها بين احضانه و يقول" لقد اتصلت بي شركة يابانية منذ قليل..تريد عمل توأمة مع شركتنا..سألتقي الوفد في الفندق بعد قليل..و اذا اتفقنا فسأقوم بتنظيم حفل ضخم على شرفهم" قالت بسعادة" هذا رائع..أنت تستحق كل هذا النجاح..مبروك ياغيز..مبروك" لامس ياغيز وجنتها بحب ثم قال" سأتصل بك لأخبرك بما سيحدث..هذه الأوراق تحتاج إلى توقيعي..أليس كذلك؟" هزت رأسها بالإيجاب فأخذ قلما و وقع الأوراق ثم أعطاها لها و قال" و الآن عن اذنك..يجب أن أكون في الموعد..تمني لي الحظ..أو لا داعي لذلك..فأنت موجودة معي..و هذا يكفيني..لأنك جالبة الحظ السعيد لي..إلى اللقاء جنم" و قبلها بخفة على خدها قبل أن يفتح الباب و يخرج..

تميمة حظي حيث تعيش القصص. اكتشف الآن