٣٢..مجرد ورقة

2.8K 74 3
                                    

أنهى ياغيز و هزان أمسيتهما و خرجا من المطعم..يدا بيد..أمام الصحافيين اللذين التقطوا صورهما و سألوهما عن موعد الزواج..فأجاب ياغيز و هو يبتسم" سيكون قريبا جدا..شكرا لكم أصدقائي..تصبحون على خير" ..كانت هزان تمشي معه و هي تشعر بأنها تطير عاليا في السماء..ترتفع به..بوجوده معها..بحبه لها..تصل إلى ذروة العشق و الهيام به..و تتمنى لو أنها التقت به من قبل..لكانت قد تفادت الوقوع في العديد من الأخطاء..و لكان ماضيها جميلا كحاضرها..لكنها تمنت أيضا بأن يكون المستقبل اجمل و أجمل..و أن تتمكن من اسعاد هذا الرجل الذي لم يبخل عليها بأي شيء..يعطيها دون مقابل..و دون حساب..يصنع منها امرأة أخرى لم تكن تعرفها قبله..تكتشف نفسها معه..تتعلم الثقة و الحب و تجد الأمان و الإطمئنان..جلست بجانبه في السيارة تضع يدها تحت ذقنها و هي تنظر إليه..سألها و هو يبتسم" لماذا تنظرين إلي هكذا؟" أجابت" أتأكد ان كنت حقيقيا أم لا" انفجر ياغيز ضاحكا و قال" انا حقيقي ..لا تخافي..تستطيعين التأكد إذا أردت" قرصته من يده فصاح" آي..لم أكن أقصد هذا..كنت أقصد أن تقبليني مثلا..شريرة" ضحكت هزان بسعادة و قبلت يده و هي تقول" آسفة حياتي" لامس وجهها بأصابعه و قال" لا تعتذري..أحب كل شيء مصدره أنت..حتى الألم" نظرت إليه بجدية و همست" أتمنى ألا أكون إلا مصدرا للسعادة بالنسبة إليك..هذا ما تستحقه فقط" نظر إليها و قال" أنا متأكد من ذلك أساسا..لأنني أسعد رجل على وجه الأرض" ..وصلا بعد لحظات إلى المنزل الخشبي..فوجئ ياغيز بالأضواء مشتعلة..فتح باب السيارة و نزل و تبعته هزان..بدا القلق و الخوف واضحين على وجه هزان..امسك يدها و قال"حياتي..لا تخافي" وضع المفتاح في الكوة و فتح الباب و اندفع إلى الداخل..فوجد أمه تجلس في الصالون..في انتظارهما..

سأل ياغيز فور رؤيته لأمه" أمي..خيرا؟ لماذا أتيت إلى هنا؟" نظرت امه إلى هزان و قالت" أتيت لكي نتحدث" عبس ياغيز و قال" ليتك لم تتعبي نفسك بالحضور إلى هنا..لقد قلت ما يجب أن يقال اليوم..و أعتقد أن كلامي كان واضحا" التفتت سيفنش إلى هزان و سألت" هزان..هل يرضيك ما فعله ياغيز؟ هل يرضيك أن يتخلى عن والديه لأجلك؟ هل يرضيك أن يخاصم والده و يترك كل شيء من أجلك؟ ألهذا دخلت إلى حياتي ابني؟ لكي تدمريها و تقضي عليه؟ لكي تفسدي علاقته بعائلته و تجعلي والده يتبرأ منه و يحرمه من كل شيء؟ ألا ترين أن هذا كثير و .." قاطع ياغيز أمه" ماما..توقفي لو سمحت..لماذا توجهين الحديث لهزان؟ أنا المسؤول عن خياراتي و قراراتي..و أنا الذي اخترتها و تمسكت بها..و أنا أعي كل كلمة قلتها..و أقف خلفها..ما حدث بيني و بين والدي اليوم لا دخل لهزان فيه..أستطيع تفهم خوفه و موقفه..لكن أن يحاول اجباري على التخلي عن المرأة التي أحب و التي ستصبح زوجتي..فهذا ما لن أسمح لأحد به..حتى لو كان هو" حملقت هزان في ياغيز بعيون دامعة و قالت" لماذا لم تخبرني بذلك؟ لماذا أخفيت عني أنك تخاصمت مع ابيك بسببي؟ لماذا أوهمتني أن كل شيء على ما يرام؟ ما كان يجب أن تخفي عني شيئا كهذا" ثم التفتت إلى سيفنش و أضافت" سيدة سيفنش..طبعا لا يرضيني ذلك..و لن أرضى أن أكون سببا في خلاف ياغيز مع أبيه..لم أكن اعلم بذلك..أقسم لك..لقد أخفى عني ما حدث" قالت " طبعا سيخفي عنك ذلك..لأنه يخشى على مشاعرك أكثر من خوفه على ابيه و أمه..يرضى أن يقطع علاقته بنا و يأبى أن يتخلى عنك..يرضى أن يخسر كل شيء في سبيل أن يربحك أنت..لو ترين ما لحق بإسم عائلتنا من كلام مسيء و تجريح بسببك و بسبب" قاطعها ياغيز " امي..هذا يكفي..سأفعل كل شيء لكي أصلح علاقتي مع أبي إلا أن أتخلى عن هزان..هذا واضح؟ " وقفت سيفنش و أجابت" نعم..هذا واضح جدا..لقد أخطأت بالمجيء إلى هنا..هذه المرأة تسيطر عليك و تجعلك طوع بنانها..لا فائدة من الحديث بعد الآن..أنا ذاهبة" سأل" هل أتيت لوحدك؟" قالت" نعم..و سأذهب لوحدي" نظرت هزان إلى ياغيز نظرة ذات معنى فقال" سأوصلك يا أمي..لن ادعك تذهبين لوحدك في هذه الساعة المتأخرة" و خرج صحبة أمه..عاد بعد ساعة..فتح الباب و دخل..نادى على هزان..لكنها لم تجب..بحث هنا و هناك..في كافة ارجاء المنزل..لكن..دون جدوى..فتح الخزانة..وجد الملابس هناك..رأى ورقة على السرير..مرفوقة بالخاتم الذي البسها اياه..ارتعشت يده و هو يمسك بالورقة لكي يقرأها..

قرأ" ياغيز..أنا لا أستحق كل ما فعلته و تفعله من أجلي..لن أسامح نفسي أبدا لأنني جعلتك تخسر عائلتك من أجلي..هذا كثير..سأذهب بعيدا..لا تبحث عني..واصل حياتك من دوني..هذا أفضل لي و لك..الوداع" حملق ياغيز في الورقة كانه لا يصدق ما يراه..أبهذه السهولة تتخلى عنه؟ أبهذه السهولة تتركه و تذهب و تطلب منه ألا يبحث عنها؟ كلمات جافة..باردة..لا حب فيها..كلمات لا تشبه هزان و لا تحاكي حبها الكبير له..شعر بألم شديد في قلبه..روحه تتمزق و تغادر جسمه رويدا رويدا..لو كان يعلم أنها تنوي تركه لما كان ذهب مع أمه..ليتها وثقت به و بكلامه..ليتها تركته يتعامل مع الجميع و يتحمل مسؤولية قراره..الآن سيبدو صغيرا في عيون الجميع..بعد أن دافع عنها و ساندها و حماها..سيسخرون منه..سيؤذونه بكلماتهم و نظراتهم..لكن هذا لا يعنيه..هي التي تعنيه..هي حياته..و كل ما يملك..و لن يرضى بأن يخسرها بهذه السهولة..هي طلبت منه ألا يبحث عنها..لكنه لن يفعل ذلك..بل سيبحث..و يبحث..و لن يهدأ له بال إلا بعد أن يجدها..يريدها أن تواجهه بقرارها..لا أن تختفي وراء بضعة كلمات جافة كتبتها على ورقة قبل أن تتركه..انكمشت الورقة بين أصابع ياغيز الذي ضغط عليها بكل قوته و هو يحاول جاهدا أن يمنع دموعه من النزول..

تميمة حظي حيث تعيش القصص. اكتشف الآن