٤..ماذا فعلت ؟؟

5.7K 102 1
                                    


لفح الهواء البارد وجه ياغيز فأغمض عينيه و تنفس بعمق..ما حدث معه اليوم أغرب من أن يستطيع عقله استيعابه..يثمل و يخرج من الحانة ..يجد نفسه أمام وكر دعارة..يعاشر فتاة عذراء..و يشعر بالخزي و العار لأنه فعل ذلك..على الرغم من أن الصدفة البحتة هي التي لعبت دورها..لكي تجعل منه أول رجل يلمسها..لكنها رغم خجلها و تجاوبها البدائي معه..كانت مستسلمة لمصيرها..و راضية به..فمالذي يجعل فتاة عذراء تتواجد هناك..و مالذي يجعلها تقبل بأن تعمل بائعة هوى..عقله يعجز فعلا عن فهم ذلك..بقي واقفا للحظات أمام الباب..ثم تحرك مبتعدا بعد أن هز كتفيه بلا مبالاة ..رن هاتفه و هو يقود السيارة..وضعه على مكبر الصوت و قال" افندم مارت" أجابه" مرحبا ياغيز..أعتذر..كنت مشغولا جدا اليوم..لذلك لم أجب على اتصالاتك..هل أنت بخير؟" صمت ياغيز قليلا قبل أن يجيبه" أحاول أن أكون بخير" سأله" نولدو؟ ماذا جرى؟ نبرة صوتك أقلقتني" رد" لا أعلم..مارت ..هل أنت في المنزل الآن؟" أجاب" نعم..تعالى..أنا أنتظرك" قال" تمام كارديشيم..غيليوروم..قادم" ..بعد دقائق..كان يجلس قبالة مارت الذي يسكن شقة صغيرة في بناية راقية وسط مدينة اسطنبول..سأله ياغيز" هل أنهيت مراسم توقيع كتابك الجديد؟" أجاب و هو يبتسم" ايفيت..و الأصداء رائعة..الحمد لله..أشعر أنني أسير في الطريق الصحيح..أحقق حلمي بأن أصبح روائيا مشهورا" ربت ياغيز على كتف صديقه و قال" فرحت كثيرا..أتمنى لك كل النجاح..أنت تستحق ذلك" عبس مارت و قال" أنا آسف صديقي..حدثتك عن نجاحي و نسيت الوضع الصعب الذي تمر به..نسيت أن أسألك..هل من جديد؟" هز رأسه بالنفي و أجاب" لا..أعتقد أنني سأضطر لمواجهة أبي و اعلان افلاس الشركة عما قريب ..لقد فشلت..هذه صارت حقيقتي" وضع مارت يده على يد صديقه و قال" لا تيأس..حاول من جديد..ابحث عن الخطأ و حاول اصلاحه..جد طرقا جديدة و اتبعها..لا تستسلم لاحساس الفشل..انه يدمر كل طاقتك الإيجابية و يوقف عقلك عن العمل....لا تفعل ذلك.." ابتسم ياغيز و قال" و هل تعتقد أنني لم أفعل ذلك؟ لكن كل شيء يعاكسني..الحظ السيء يلاحقني..و يعرقل خطواتي..كأن الحياة مصرة على وضعي في موقف لا أحسد عليه" نظر إليه مارت و سأل" و دويغو؟ أين هي من كل هذا؟ ألا تقف إلى جانبك و تدعمك؟" قطب ياغيز جبينه و تجهم وجهه و هو يجيب" لقد تأثرت علاقتنا بالمحنة التي أمر بها و تخاصمنا..لم نتحدث مع بعض منذ يومين..و لم نلتقي..انها غاضبة مني ..وتتهمني بأنني لا أهملها و لا أهتم بها..تريدني أن أرافقها إلى حفلات أصدقاءها و إلى رحلاتهم الترفيهية ..و أنا لا مزاج لي لذلك..كنت أعتقد أنها ستتفهمني..و ستعذرني..لكن..كما تعلم..انها مدللة ..و لم تتعود أن يرفض لها طلب" مرر مارت أصابعه خلال خصلات شعره الكثيف و تأفف بصوت مسموع قائلا" أوف يا..ليس هذا وقت دلالها..كان يجدر بها أن تساندك و تساعدك على تجاوز ما أنت فيه..لكن..أشعر أن بك أمر آخر..هل هناك ما يزعجك غير الأوضاع المعلومة؟" وقف ياغيز و أخذ يذرع الغرفة جيئة و ذهابا..ثم استند بجسده على زجاج الشرفة و قال" نعم..لقد فعلت اليوم فعلة شنيعة..و الندم يأكلني من الداخل " زم مارت شفتيه و سأل" أنت؟ فعلة شنيعة؟ .لا أعتقد ذلك أبدا..أخبرني لنرى" سرح ياغيز بنظره تجاه أضواء مدينة اسطنبول المتلألئة و أجاب" لقد عاشرت بائعة هوى" نظر إليه مارت للحظات ثم انفجر ضاحكا بصوت مسموع..التفت إليه ياغيز و رمقه بنظرة غاضبة..لكنه لم يتوقف عن الضحك..سأل ياغيز" مالمضحك في الأمر؟" رد مارت" أنت غريب حقا..ما تعتبره فعلة شنيعة هو أمر عادي..يحدث أحيانا مع أي واحد منا..فلماذا تعتبره كذلك؟ هل يؤنبك ضميرك لأنك خنت خطيبتك؟" هز ياغيز رأسه بالنفي و قال" ليس ذلك..انها الفتاة التي عاشرتها..تخيل..بائعة هوى..عذراااااء..هل تستطيع استيعاب ذلك؟" حملق مارت في ياغيز للحظات ثم قال" غريب..لكن..ربما..كان هذا يومها الأول..و شاءت الصدفة أن تكون أول رجل في حياتها" قال" هو ذلك..لكن..أليس غريبا أن تكون فتاة عذراء في ذلك المكان؟ لوهلة شعرت أنها لا تنتمي إلى هناك..مثلي تماما..ما فاجأني هو أنها كانت مستسلمة و راضية بما هي فيه..لا تعي خسارتها..أو ربما..تعتبر تلك الخسارة هينة أمام خسارات أخرى أورثتها لها الحياة..أوف يا الله..أشعر أنني سأجن" اقترب مارت من صديقه و ربت على كتفه و هو يقول" معك حق..صراحة..الأمر غريب..دعك من ذلك الآن..و اخلد إلى النوم..لقد تأخر الوقت..التعب باد على وجهك..ليلة سعيدة" هز ياغيز رأسه و استلقى على الأريكة ..

تميمة حظي حيث تعيش القصص. اكتشف الآن