٥٩..مشتاق

2.3K 58 0
                                    

في التاكسي..نظرت هزان عبر النافذة و هي تحاول جاهدة ألا تبكي..فراقه عندها كخروج الروح من الجسد..قاسي و مؤلم..موجع و محرق..طوال حياتها كانت مجبرة على فعل كل شيء..لم تختر لنفسها شيئا..و لم تعطى فرصة لكي تحدد خياراتها و توجهاتها..ما تحب و ما تكره..حتى ياغيز..لولا الصدفة و الحظ..لربما لكانت لم تلتقي به من الأساس..و لما كانت تغيرت حياتها بهذه الطريقة..و ها هي تجد نفسها مجبرة من جديد..على تركه..حتى و لو لفترة مؤقتة..لكن من يعلم كم ستطول هذه الفترة..و هل سيظهر ذلك الحقير او لا..و هل سينجحان في التخلص منه إلى الأبد..كلها أسئلة لا جواب لها..مرتبطة بشخص بغيض و مقرف..لطالما فعل كل شيء لكي ينغص عليها عيشها..انتشلها من شرودها صوت سائق التاكسي و الذي كان يخفي وجهه بقبعة و نظارت شمسية..قال يخاطبها" أحسنت..لقد فعلت ما هو مطلوب منك " حملقت هزان فيه فنزع القبعة و النظارات فإذا هي امام سونار..سألت" اهذا انت؟" هز رأسه و أجاب" نعم..هذا أنا..ألم اخبرك بأنني قريب منك جدا..و عيني عليك..أراقب كل خطوة تقومين بها..ها قد نجحت في أول اختبار لك" قالت" و الآن..ماذا تريد مني؟" رد" سأتأكد اولا من عدم وجود خدعة في الأمر..و أنك حقا تركت ابن الأغنياء..و سأوصلك الآن إلى مكان اقامتك الجديد..و سأكون أقرب إليك من النفس الذي تتنفسينه..و لن أخبرك بما قد افعله اذا لمحت ياغيز بالقرب منك..لا تلومي إلا نفسك عندها..سأجهز جوازي سفر لي و لك..أسبوع كأقصى تقدير و سنكون أنا و انت في بلد آخر..نتزوج و نعيش بعيدا عن هنا" ارتعدت بقوة و قالت" لكنني لا أريد ان اتزوجك..أنت تعلم انني لا أحبك" ضحك بصوت عالي و قال" لا يهمني..انا اريد أن اتزوجك و هذا يكفي..إلى أين تذهبين الآن؟" اجابت" إلى بيت اشتريته منذ شهر دون أن أخبر ياغيز..لا أحد يعرف مكانه" نظر إليها عبر المرآة و قال" سنرى" ..لحظات..و كانت هزان تفتح باب المنزل..أنزل لها سونار الحقيبة و هو يقول" كوني عاقلة و لا تحاولي خداعي و إلا دفعت الثمن غاليا..سأتركك الآن..لكنني قريب جدا..لا تنسي..إلى لقاء قريب يا زوجتي" ركب السيارة و ذهب فيما لعنته هزان بصوت عالي و بصقت عليه و هي تكاد تتميز غضبا..

في غرفته..جلس ياغيز يجول ببصره في الأرجاء..مكان خالي..و بارد..و موحش..لا حياة فيه..لا فرح..لا دفء..و لا حب..لم يكن قبلها يعتقد بأنه سياتي يوم و يحب إلى هذه الدرجة..لم يكن يتصور أن كلمة حب في حد ذاتها قد تعجز عن التعبير عما يشعر به..لم يكن يظن أن الحب بالنسبة إليه سيصبح بمعنى الإنتماء و التماهي إلى و مع من يحب..فهاهو ينتمي إلى هزان..هي موطنه..هي ملجأه..هي ملاذه..هي مسكنه و سكونه و سكينته..هي اكتمال نقصه و تمامه..و هاهو يتماهى معها..فيصبحان روحا واحدة..جسدا واحدا..و قلبا واحدا..لا يفترقان رغم البعد..يشعران ببعضهما..وجع أحدهما هو وجع الآخر..سعادة أحدهما هي سعادة الآخر..و كل ما يعني لأحدهما يعني للآخر..ناقص هو من دونها..وحيد..حزين..و يشعر بالغربة..عن كل ما حوله..عن بيته..عن أهله..عن نفسه..حالة عشق و هيام استبدت به..و أخذته من نفسه..جعلته شخصا آخر لم يكن يعرفه قبلها..رأى قميص نومها مطويا و موضوعا على حافة السرير..أمسكه و عانقه بقوة..سحب رائحته إلى أعماقه و أغمض عينيه بقوة..لم تمضي ساعة بعد على ذهابها..و هاهو يشتاق إليها..ابتسم و كأنه يقول لنفسه..أنا اشتاق إليها حتى و هي موجودة معي و بجانبي..رن هاتفه فارتسمت ابتسامة سعادة على وجهه و هو يقرأ إسم هزان على الشاشة..أجاب" الو..حياتي" قالت" حبيبي..هل انت بخير؟" رد" مشتاق" همست" و أنا أيضا..حبيبي..هناك ما يجب أن أخبرك به" قال بنبرة جادة" قولي" قالت" لقد ظهر سونار امامي" انتفض واقفا و قاطعها" متى و كيف؟" أجابت" في التاكسي التي ركبتها..كان هو السائق..أوصلني إلى المنزل و حذرني من الا اخدعه و إلا دفعت الثمن غاليا..قال انه سيكون قريبا و انه يراقبني..اتعلم..قال إنه يجهز جوازات سفر لي و له لكي نسافر معا بعد أسبوع..ياغيز..احذر أن تأتي إلى هنا..انه يراقب المنزل" صاح" حقير..وغد..سافل..تبا له..ليلعنه الله..لن أسمح له بذلك..لن يأخذك مني ..أبدا" قالت" حياتي..اهدأ..يجب ان تخبر ماهر بما حصل..و سنبقى على اتصال..لكن..احذر أن تأتي إلى هنا..و إلا أفسدت كل شيء" تمتم" حسنا..اعتني بنفسك جيدا..أحبك" ردت"و انا ايضا" و انهت المكالمة..

تميمة حظي حيث تعيش القصص. اكتشف الآن