P/50

999 50 29
                                    

-
القسم الآخر من القصر ..
و اللي تمّ تجهيز قاعته الكبرى بأرقى و افخم التصاميم ، باللون الأبيض و درجات الوردي .. بإضاءة خافته اضافت احساس مضاعف بشعور هذه الليلة الهادئة .. و اللي جمعت ما بين قلبين .
وسط كل تفصيلة ..
قطعة تشوكلت
كرت ضيافة
علبة ماء
او حتى مرآة ..
تعانق اسم سيّاف بأسم اصايل منقوش وسط كل هالتفاصيل ..
.
.
درب الزفّة ، و اللي بُسط بالزجاج الثقيل ..
تحيط من حوله الورود مُزينةً هذه الليلة ..
وقفت وسطه اصايل ، بِـ فُستانها الأبيض الناعم الراسم لتفاصيل جسدها النحيف ، واللي كشف كتفيها و ابرز عظمتا الترقوة ، بِلا تفاصيل كثيرة بالفستان ، كان هادئ ناعم لكنه يحمل عُظم تفاصيل مشاعر هالليلة ، يحمل اصايل و فرحتها ، شعرها الطويل مسدول على كتفيها و ثُبّت فوق رأسها الطرحة البيضاء الطويلة ، و بيدها الورد ..
عينها المترقبة على سيّاف الواقف امامها بمسافة معطيها ظهره ، بطوله الواضح وقف و بِـ بشته اللي فوق اكتافه العريضة ، ما بين الدقيقة و الاخرى يعتدل بوقفته و يعدّل بشته دلالة على توتّره الشديد ، ارتفع صدره ساحب نَفَس طويل مرتبك ثم زفره ..
ينزّل رأسه يحاول ينظّم انفاسه المرتجفة من شدّة توتّره بهاللحظات .
اقتربت له بخطوات بطيئة وهو يسمع خطواتها و قلبه ينبض بشدّة مع كل خطوة يسمعها ، وقفت خلفه و بيدها المرتجفة طبطبت على كتفه ..
عدّل رأسه وبهالحظة فُتحت له اسوار رؤية اصايل من جديد و نادت له .. بعد فراق دام لِـ ستة اعوام .
كان عاجز يكبت ابتسامته برغم ارتجافها ، توتّره فضحه من خلال انفاسه و ضحكته الخفيفه وهو ينزّل رأسه يحاول يتخيّل شكلها بعد ما حَرَم نفسه منه لِـ ست سنوات ..
بهدوء و بطء التفّ و التوتّر ماليه و قابض قلبه بشدّة ..
طاحت عينه عليها و هي ابتسمت ضاحكة بِـ خجل و نزّلت عيونها ..
هو تعلّقت عيونه فيها بذهول و احداقه المتوسّعة تتحرّك ما بين تفاصيلها و ترتجف ، كان مايسمع بهاللحظة و ما يحسّ الا برجفة نبضات قلبه ..
رجعت ترفع عيونها له من جديد بلهفه .. ابتسمت ابتسامة ذوّبت قلب سيّاف اللي عيونه تلمع بهاللحظات ، كانت المصورة اللي ماسكه الكاميرا توثّق هاللحظة تطلب منه يسوي اي شيء و يَكُفّ عن النظر لها بدون حركة ..
بهاللحظات .. كل مُر فراق السنين اللي راحت مرّت امام سيّاف اللي لا زال يناظر لها بذات النظرة و هي ذوّبت قلبه بابتسامتها ، تحرّك لها مشرّع بشته و ضمّها لصدره وهو يغطيها بِـ بشته الأسود .. ، احتضنها وضلوعه ترتجف و هي الأخرى لا تقل رجفة عنه ، بكت و سمع صوت شهقتها الخفيفة ، كأنها تسمح له هو الأخر يعبر عن شعوره بدمعته اللي نزلت وهو منزّل رأسه على كتفها ..
الساعة الـ 2:10 ليلًا ، امام بيت ابو سيّاف ..
تنهّد رواف بتعب اثناء ما هو يفكّ حزام الامان ، قفّل السيارة و نزل منها وهو يلتفّ يغلق باب السيارة خلفه ، نبض الألم بشدة بداخله و اللي من ساعات وهو يتشعّب ببطء داخل جسده ، كان يتجاهله بصعوبة لأجل ان تنتهي هالليلة على خير بدون مشاكل و لو لمرّة واحدة ، فزّ مخفي ملامح تعبه و رفع رأسه لِـ لتين اللي نزلت من الجهة الخلف و كانت واقفه تناظره و همست : روّاف ليش ساكت ؟ .
روّاف ضحك بخفّه يتحاشى ألم قلبه من الضحك و قال و عينه على سارة اللي نزلت من الجهة اللي بجانبه : طول الطريق اسولف معك ما كفاك ؟ .
اقترب بخطواته للباب اللي خلفه و فتح الباب و ابتسم وهو يشوف دُنا مرتخيه على المرتبة نايمه بتعب و رأسها مستميل على كتفها و تاجها استمال عن رأسها ، اقترب لها و حملها و اثناء ذلك فزّت بتعب مفتّحه عيونها وهي تهمهم بعدم استيعاب،شدّها لصدره وهو يقول بابتسامه : نامي يا عمّي نامي .
تحرّكت بانزعاج و ملامحها متعكّره و نطقت بصوت ثقيل وهي تحاول تنزل : عمّي روّاف نزّلني مابي تشيلني .
ابتسم روّاف بخفّه و نزّلها و وضع يدّه على ظهرها وهو يقول بحنيّه : اذا دخلنا بدلي ملابسك و نامي زين ؟ بكرا ان شاء الله اجلس معك ، انحنى و باس رأسها بخفّه و اعتدل و هي دخلت بخطوات بطيئه برفقة سارة اللي فتحت الباب و دخلت ..
روّاف انتبه لِـ لتين اللي لا زالت واقفه عند الباب الخلفي من الجهة الاخرى و تناظره ، اشار لها و نطق : لتين يلا ادخلي وش تحترين .
لتين واللي كانت تناظره بصمت عيونها تحكي ضيقها و عتبها على روّاف اللي اقترب لها و قبل ينطق قالت بنبرة فيها من الضيق : ليش ساكت طول اليوم عن تعبك ؟ .
قطّب روّاف حاجبينه مبتسم باستغراب متجاهل نغزة قلبه و قال وهو يقرب لها : اي تعب ؟ ، حاوطها وهو يمشي فيها للباب : لا تدورين الضيقة بعد الوناسة مافيني الّا العافية .
لتين وقفت مكانها موقّفه روّاف معها و هي تقول : احلف طيب .
روّاف ابتسم وضحك بخفّه وهو يناظرها بتعجّب : بنت وش بلاك انتِ ؟ ليش احـ.. ، سكت من شاف عيونها،ثواني و ارتخى باستسلام و نطق بابتسامه خفيفة : تعبان شوي بس مو كثير .. طبيعي مع ضغط اليوم ، بس ماعليك اخذ لي شاور اريّح و اخذ علاجي بعدها انام و اصحى لك زي الحصان .
لتين كشّرت من تحت نقابها و باستهزاء : ايه ايه واضح .. وش ارجي منك اصلا ؟ بتكابر لييين تطيح و بعد تقول مافيني الا العافية .

بين الحنان ونبضة البعد منصاب   قلبٍ تعلّق في سرابك و زاحه..حيث تعيش القصص. اكتشف الآن