الفصل الثاني(قصر المملكة)

277 6 0
                                    

تقف ياسمينا بتلك الغرفة الفاخرة تردد وراء المؤذن الاذان لصلاة العشاء وقد استعدت مسبقا للصلاة فهي حقا لا تجد راحتها الا بالصلاة والذكر كما رباها والداها الراحلان انتهت من الصلاة والتسبيح وظلت تدعي لوالدها المتوفي أمس وهي مازالت لا تصدق ما حدث،يقول الطبيب أنه توقف في عضلة القلب سبب الوفاة وهذا الجرح بجبهته اثر السقوط المفاجئ وارتطام رأسه بالأرضية الصلبة ،ما حيت لن تنسي ذلك المشهد القاسي كانت تتمني أن كانت بجواره ولكنه اعتاد التأخر لمراعاة شؤون ولايته فهو لا يتكاسل عن مباشرة أعماله القائم عليها ،حقا كان ونعم الحاكم ،لكنها مطمئنة علي الولاية الان لانها بيد رجل لا يتخير عن أبيها الراحل ،فهي دائما ما كانت تشعر أنه مثل ابيها لما تراه من مودة وتشعر به من دفئ وصدق منه ناحيتها ،خاصة وهو يحدثها بعد انتهاء مراسم الدفن والعزاء لوالدها الحبيب الراحل :
كانت جالسة علي سجادة الصلاة غارقة في التسبيح كما اغرق وجهها الدموع بعد صلاة العصر إذ تفاجات بطرق علي بابها أخرجها من خلوتها قامت لتتأكد من أحكام حجابها عليها واذنت الطارق بالدخول ولم يكن سوي مساعد والدها الراحل العم اسماعيل كما تلقبه،انفرجت شفتاها بابتسامه بسيطة لرؤية هذا الرجل الذي يذكرها بوالدها الحبيب قالت :
ياسمينا:اهلا ومرحبا بالعم اسماعيل
ابتسم لها العم اسماعيل بدفئ ابوي صادق وقال
اسماعيل:اهلا بك يا ابنتي كيف انت الان
تنهدت ياسمينا بحزن جلي له ولكنها قالت:الحمد لله يا عم لله ما أعطي ولله ما اخذ انا لله وانا اليه راجعون
اسماعيل :بارك الله بك يا ابنتي وجزا والديك عنك خيرا ،اريد أن أخبرك أمرا ما
انتبهت له ياسمينا وقالت :تفضل يا عم وأشارت له بالجلوس علي تلك الأريكة الوثيرة باهظة الثمن باللون الأرجواني ليتقدم هو ليجلس عليها ،وجلست هي علي بعد مسافة لا بأس بها أمامه علي أريكة تشبه الأولي ولكنها اصغر قليلا بالحجم وهي مترقبة لما سيقوله لها باهتمام، نظر لها اسماعيل بحنو بالغ وقال لها :لقد اختارني الملك اليوم لتولي منصب حاكم الولاية يا ابنتي
ابتسمت ياسمينا وقالت في تهنئة :ونعم الاختيار يا عم اسماعيل انت تستحق هذا أعانك الله ووفقك
سعد اسماعيل بثناء ابنة صديقه الراحل وتمني لو كانت ابنته فهو لم ينجب اولاد لكنه يعتبرها ابنته علي كل حال ،بدات ياسمينا حديثها لينتبه لها اسماعيل:سوف أجمع أغراضي واغراض أبي واذهب لبيت أبي الذي تركه لي لاعيش هناك إن شاء الله
اعتصر قلب اسماعيل لحال تلك الشابة الصغيرة واسرع بالقول :هذا البيت مازال بيت ابيك يا ابنتي فأنا لا اريدك أن تخرجي منه
شكرت ياسمينا والدها في نفسها كونه اختار هذا الرجل ليكون صديقه وبكل ادب ولباقة قالت له
اشكرك يا عم اسماعيل فأنا أود أن أغير المكان الذي يذكرني بوفاة والدي حتي أستطيع أن أتخطي ذلك الحزن وأكمل دراسة الطب
اسماعيل:آه يا ابنتي لقد كان وقع الخبر محزن للجميع ولكي الحق في أن تذهبي بعيدا عن هنا ولكن أيضا لا ينبغي لشابة نبيلة مثلك أن تعيش بمفردها ليس الجميع جيد فهناك من سيطمع بك ولن اسمح بحدوث هذا ، حاولت ياسمينا طمئنة اسماعيل أنها تستطيع أن تمضي قدما بحياتها دون المساعدة ولكنها فشلت لذا استسلمت وقالت إذا أخبرني ما افعل يا عم اسماعيل
تنهد اسماعيل وقال لها لا تقلقي يا ابنتي لقد تحدثت مع الملك محمد بن عبد الله في هذا الأمر وقال أن أقل حقوق الحاكم السابق علينا أن نرعاك ونقدم لك ما تحتاجينه لذا أمرني ب إبلاغك أنك ستنتقلين للعيش معه في قصر المملكة
تفاجأت ياسمينا من عرض الملك حقا ورأت أنه سيكون من الصعب الذهاب للعيش في بلد أخري غير التي نشأت بها وترعرعت لقد اعتادت علي هذه البلدة ومن الصعب التأقلم مع بيئة أخري غير التي ولدت بها ،حاولت ياسمينا الاعتراض قبل أن يطرق الباب وتأذن للطارق بالدخول لتدخل أحدي خادمات القصر تلقي عليهم السلام وتخبرهم أن هناك خادمتين أتيتين من قصر المملكة ليجمعوا أغراض الأميرة ياسمينا لترحل معهم الي قصر المملكة بأمر من الملك محمد بن عبد الله ،تفاجات ياسمينا مرة أخري من سرعت الملك في ارسال الخدم فهذا لا يعطيها فرصة للاعتراض فاذعت للأمر بقلق ولكنها توكلت علي الله وذهبت معهم وما شجعها ان العم اسماعيل مرحب بهذه الفكرة وهي تثق به ولم تنسي الدموع التي ملئت عينه وهو يودعها وكلماته لها انها ابنته وأن هذا القصر سيظل مسكنا لها ما حيا هو ...
ذهبت الأميرة ياسمينا الي قصر المملكة واستغرق الوصول إلي المملكة يوم كامل في عربة مجهزة وحراسة شديدة مما طمئنها واوصل لها اهتمام الملك بها فسعدت كثيرا وترحمت علي والدها الذي ترك لها تلك المنزلة الرفيعة بين الناس ،واخيرا وصلت العربة الي المملكة تأملت ياسمينا شوارع المملكة ،كانت نظيفة وكبيرة ومزدحمة أيضا بالناس ،سمعت المؤذن يؤذن لصلاة العصر حينما توقفت العربة أمام القصر الذي كان حلما بالنسبة للكثير فقد انبهرت ياسمينا بجماله حقا فقد كان أضخم من قصر الحكم بولايتها ضعفين وكان شديد الجمال والأناقة والفخامة ،افاقت ياسمينا من تأملها القصر علي هرولت الخدم إليها يرحبون بها ويحملون حقائبها وتفاجات بأحدي زوجات الملك ترحب بها حينما وطأت قدماها القصر مما أوقع الطمأنينة والدفئ في نفسها ،اثنت ياسمينا علي هذا الاستقبال والترحيب بلباقة شديدة تدل علي مدي خلق الأميرة وحسن تربيتها مما أعجب زوجة الملك وأسعدها كثيرا ،امرت زوجة الملك ،الملكة زينب بنت محمود أحدي الوصيفات بإيصال الأميرة ياسمينا جناحها لترتاح من عناء السفر ،ودعوتها بود أن تنضم لهم لوجبة العشاء لتتعرف علي باقي افراد أسرة الملك،قبلت ياسمينا دعوتها بأبتسامة مشرقة وحيتها بأدب وأحترام شديدين وانصرفت مع الوصيفة لترتاح بغرفتها
دخلت ياسمينا جناحها الذي خصصه الملك لها وقد شعرت بالراحة تغمرها فور دلوفها جناحها الخاص فقد كان مريح وهادئ ولا تنقصه الفخامة فقد كان مذهل بكل ما للكلمة من معنى أفاقت من تأملاتها علي نداء تلك الوصيفة البشوشة الحسناء وهي تخبرها بلطف أنها جهزت لها الحمام لستحم وجهزت لها ملابس مريحة للنوم ومائدة الطعام ايضا،شكرتها ياسمينا بلطف شديد
واذنت لها بالانصراف لتاخد حمامها وتصلي،واكلت القليل ونظرت الي الفراش وقررت ان تنعم بالنوم الهادئ علي هذا الفراش المريح فقد لاحظت أن مفارشه من الحرير الخالص وهذه الوسائد لابد أن داخلها ريش النعام
ياسمينا :الحمد لله الذي رزقني هذا من غير حول مني ولا قوة ،ظلت تشكر الله وتردد دعاء النوم الي أن نامت ،،،،،،،،،،،
استيقظت الاميرة ياسمينا لأداء صلاة المغرب والعشاء وها هي قد انتهت من صلاة العشاء
أفاقت ياسمينا من شرودها ، واستعدت  لحضور دعوة العشاء للتعرف علي الملك وأسرته ........
يتبع

مهرتي عربية أصيلةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن