الفصل الثالث والاربعون

68 10 0
                                    

لقد أصبح الوضع مخيف الان ، بعدما خرج أنطونيوس عن صمته ، ونظر بشر لأبيه وأظهر حقد السنوات الطوال له ، هل حقا دمره ، هل كان سيئاً الي هذه الدرجة ، أكان لا يهتم إلا بشهواته وفي المقابل دعس علي مشاعر من حوله وخسر أحبائه وخسر مملكته ، هل حقا هو من قاد الجميع الي ذلك المصير الحالك السواد ، نعم ارتكب كثيرٌ من الأخطاء لكنه لم يتخيل أن يقف هنا الان ، في تلك المحطة الملطخة بالدماء والذنوب ، ذنوبه هو وأخطاءه هو وحده فقط ، لقد نصحه كلاروس ونصحه أخيه القديس رامانيوس لقد نصحه شيموس ، لقد نصحه الكثير ألا يفعل ، لقد كانت زوجته التي يصفها بالفاشلة عديمة الفائدة تنظر له ب استعطاف وضعف ، وأمل ، وقد خذلها وخذل الجميع وخسرهم ، خسر ولده الوحيد لقد جعل منه مريض ، لا بل هو المريض ، هو الفاشل عديم الفائدة هو الاحمق الوحيد في تلك المملكة هو القاتل لأولئك الأبرياء ، يداه الان ملتطختان بدمائهم الطاهرة ، وبالرغم من أن الأمير المسلم لم يرق الكثير من الدماء إلا أنه اضطر لمحاربة الجنود التي جمعها كلاروس وشيموس دفاعا عن المملكة،،، وأريانا التي كانت تظن أنها لاشئ ، من بعد أسلامها أصبحت عند المسلمين أهم من أرواحهم ، لقد رأيتُ الاصرار في عيونهم جميعا أما أن نرجع بها أو نموت ، كيف لامرأة أن تحرك جيشا كاملا كجيش الملك محمد ، كيف لحمقاء مثلها ضعيفة مثلها أن تدك مملكة عريقة مثل مملكته ، يا لحماقته وسفهه ، لقد ظن أنه أذكي الاذكياء ، لقد ظن أنه الرابح لا محالة ، ولكن قد كان أغبي الاغبياء لقد كان خاسر منذ البداية ولم ينتبه حتي لفشله هذا ، وعندما انتبه فات الاوان لقد حدثت الكارثة بالفعل ودمر كل شئ من حوله ،،،،،،
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
أما عن البعد فقد أصبح أمرا عادي
وأما عن الفراق فأصبح أمرا محتوما
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
كانت جالسة تفكر وحدها كالعادة وكتب الطب الكبيرة أمام عينيها فهي أصبحت منشغلة بالدراسة والدراسة فقط ، بعدما ودع الأمير زوجاته وأهله ليسافر الي المملكة الأخري حتي ينظم شؤونها وينصب حاكم عليها ولن يجد أفضل من هاشم بن عمه وأقرب شخص إليه لينصبه حاكما عليها ، أما علي فقد اشتاق أرضه وزوجته وولده لذا رجع إليهم واكتفي بهم فهو بالرغم من حكمته وصبره وقوته إلا أنه يفضل العيش ببساطة كمزارع يزرع الأرض فتأتي بالخير الكثير ،، ولقد مر أكثر من شهرين علي رحيله ونوعا ما هدأت الأوضاع في القصر الا من صراخ وردشاه واتهاماتها لها التي لا تنتهي ،،، دخلت أريانا ولحقتها حكيمة ليقطعوا جلستها وحدها فالجميع لم يعد يراها لولا الصلاة التي تجمعهم والتي تصليها وتذهب بسرعة الي غرفتها تحتمي بها من كلمات وردشاه التي لم تعد تتحملها وكأنها تقصد أن تميتها ببطئ ، لذلك تلوذ بحيطان غرفتها الآمنة لتحتمي بها من كل شئ حولها ، نظرت لهم بدهشة لعدم طرقهم الباب فهي ليست من عادة الاميرات المهذبات ان تقتحم خلوة أحد دون استئذان ، ابتسمت اريانا بوجهها الجميل لها لتطمئنها أن لاشئ قد حدث وقالت بهدوء ، لقد اشتقنا إليك يا ياسمينا ماعدنا نراك ولا نجلس معكِ وما نراك الا قليلا و لولا أن الصلاة تجمعنا لم نكن رأيناك وتحدثنا معك، وافقتها حكيمة وقالت ، أريانا محقة يا ياسمينا انت تصلي معنا ثم تسرعي الي غرفتك لا تجلسي معنا ولا تتحدثي مع أحد ، هل ذلك بسبب أخي ، توترت أريانا قليلا علي ذكره ، ولاحظت ذلك ياسمينا بفطنتها  فشعرت بالحزن قليلا لكنها دارت ذلك الحزن بابتسامة خفيفة ونظرت لهما وقالت ، يا صديقتاي أراكما تبالغان قليلا الأمر كله اني قد أهملت بدراستي وتعلمون أن فن الطب كبير وشاق وعليَ أن أهتم به وبتفاصيله حتي إذا ما تعرضت لموقف يتحتم علي فيه التصرف كنت كفئ له ، نظرتا الي بعضهما ثم إليها وقالت حكيمة ، ولكني اود الحديث معك يا ياسمينا كثيرا فحقا اشتقت اليك ، وقالت أريانا وانا أشتقت الي سماع صوتك وانت تتلين القرآن ، أبتسمت بمجاملة لهما ووافقت أن تترك الكتب وتجلس معهما،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
وهو أيضا كان جالس يفكر في أحوال البلاد فهو علي عاتقه هم كبير يجعله مشوش التفكير دائما غير مرتاح ، لكنها دائما تأتي علي باله يتمناها ويتمني جمالها الأخاذ ، وبالرغم من أنها زوجته إلا أنه يشعر أن هناك حاجز بينهما لايدري لما لا يستطيع أن يخترق ذلك الحاجز السميك ويذهب لها ، لما يتمناها وهي ملكه بالفعل وتريده مثلما يريدها ، اذا لماذا ، لماذا كان الأمر سهلا مع وردشاه وسهلا مع أريانا ومعها هو معقدٌ هكذا ، لما دائما يشعر أن الوقت لايسعه ولا يُمَكنهُ من قول ما يريد لها وهو بقلبه الكثير ولا يستطيع البوح به كلما رأها وحاول أن يتحدث معها كما يريد قاطعهم الجميع وكأنهم يقصدون أن يفرقاهما ، قلبه يؤلمه لذلك الاحساس بالتقصير تجاهها وكأنه سجنها ببيته حتي يمتلكها كقطعة أثاث ثمينة يتهافت علي شراءها الكثير وأراد هو أن يفوز بها وقد فاز بالفعل بها ، وماذا فعل لقد تركها في بيته إلي أن طالها الغبار وأقتربت من الصدأ ، لم يستطيع الأمير الحزين أن ينام ولا يهنئ بانتصاره الذي يراه الآخرين مذهلا ، وكيف يهنئ وهو يشعر أنه ظالم لها ولنفسه ولا يعلم لما ذلك الظلمِ ،،،،
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
منذ كانت صغيرة وهي تحب الرسم ترسم أشجارا وطيور ، ترسم حبيبها الأمير ، ولكن لم يخطر علي بالها أبدا أن ترسم والدتها ، وفي الحقيقة هي قد تركت تلك الهواية منذ فترة طويلة وأصبحت تهتم بأشياء أخري مثل أن تذهب للعرافات وتقرأ الطالع وان تتعلم أن تكن جريئة وترتدي الثياب المكشوفة وان تخطط للإيقاع بتلك الأميرة الفاتنة الطموحة والتي تنوي أن تغيير العالم بأسره بتعلمها الطب وطموحها أن تنشره بين الناس ويراها الجميع ملاك ينقصه جناحان فهي حاملة للقرآن وتعلمت الفقه والعقيدة وغيرها من علوم الإسلام اي أنها كاملة بنظرهم جميعا ومصدر تهديد كبير لها فهي لم تهتم بالتعليم وتحفظ القليل من القرآن وصوتها ليس جميل مثلها ، اي أنها لا تملك إلا زوجها الأمير أحمد حبيبها منذ الصغير كانت أمها دائما ما تحدثها عنه وأنها عندما تكبر ستكون زوجة له ، لذا لم تحلم برجل غيره أو بوضوح أكبر لم يكن لها خيارا أخر الا حبه ،اما الان فكل شئ ذهب خططها التي تفشل واحدة تلو الأخري ، وحتي العرفات لم يعد بمقدورها الذهاب إليهم لقراءة الطالع وحتي زوجها حبيبها لم يعد ملكها بل أصبح ملك لاثنان أخران معها يشاركاها فيه وفي حبه وقربه ، دموعها كانت تتساقط كحبات المطر فهي تشعر بالوحدة وبالرغم من أنها أميرة أبنة أمير وعمها الملك وزوجها الأمير بن الملك الا أنها تشعر أنها فقيرة لا تملك شئ ولا تملك أحد نظرت إلي رسمتها وجدت أنها انهتها بدقة شديدة فكأنها تري أمامها والدتها الراحلة ولكن القوة التي كانت بعيون والدتها حلت محلها الضعف والدموع رسمت والدتها تبكي من شدة الحزن هكذا كانت تراها بأخر أيامها في الحياة بعيون حزينة نادمة مليئة بالألم والعذاب ، ركلة في بطنها جعلتها تستفيق لتحتضنه بيديها المرتجفتان من أثر البكاء أصبحت بطنها منتفخة أكثر من السابق فالايام تمر والشهور تمضي وأقترب ميعاد ولادتها أكثر والخوف يسيطر عليها من تلك اللحظة التي كانت تأمل أن تكون والدتها معها بها وزوجها والان امها مستحيل أن تتواجد معها لأنها رحلت أما زوجها فهل سيكون معها هل سيهتم بمولدهما ويكن بجانبها في تلك اللحظة العصيبة بل هل سيهتم بها أحد بذلك القصر الذي أصبح واسعا مثل الدنيا عليها لا تدري لقد سئمت كل شئ حتي ثرثرتها وصرخاتها اليومية سئمتها فهي تعلم تماما أن ياسمينا ليس لها يد بموت أمها فأمها ماتت حزنا وندما علي ما فعلت بحياتها وأما ياسمينا فإن فكرت للحظة بجدية ستجدها ظلمت أكثر من أي أحد ولكنها تأبي الاعتراف بذلك لغيرتها منها فحتي أريانا التي تتفوق عليها جمالا لا تغار منها بقدر ما تغار من ياسمينا تلك الفتاة لو كانت فقط أكثر خبثا وجرأة لو كانت سيئة قليلا فقط لكانت تقبلت وجودها بعض الشئ لكنها بريئة رقيقة مسالمة ومتسامحة لذا تغار منها لانها أفضل منها وتريد إلصاق أي تهمة لها حتي تشعر أنهما متساويتان ولو قليلا ، ولكن خاب ظنها وخاب مسعاها وفشلت مخططاتها فغلبتها براءة ياسمينا وطيبة قلبها وصدقها ،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
في غرفته هو وأخيه الذي لا يتركه في وقته العصيب هذا يحاول أن يخرجه مما هو فيه ولكن كيف كيف له أن ينسي وان يضحك ؟كيف وهو يشعر بالذنب يتغلغل بأوتاره وترا وترا ، لقد رحلت زوجته الأولي ام أولاده دون أن يعترف لها بما في قلبه من الم وندم مازال يشعر أنه تركها لشيطانها دون محاولة تذكر لتذكرتها وتقويمها لقد غرق بحب ريحانه وفرح بها ونسي أن وراءه امرأة أخري تحتاج حنانه وحبه أكثر منها هو الملام الوحيد هو من جعل منها قاتلة لقد قتلت ريحانة لتقتل حبه الوليد لها وكأنها بذلك تعيده إليها مرة أخري وهو لم يعد ، حتي أنه لم يواجهها بذلك ولا حتي عاقبها عليه بل تركها تزداد كرها وحقدا وشرا إلي أن واجهت كل اخطاءها لحظة واحدة فلم تتحمل وماتت بحسرتها وندمها ووزرها ،،كان شقيقه الأكبر يراقبه عن كثب ، سكناته وتنهيداته يعلم أنه يتعذب ولكن ما باليد حيلة لقد اخطأ الجميع بحق الراحلين ولا يوجد أمامهم الا التوبة والاستغفار علي ما مضي فليمضوا حياتهم يستغفروا الله الغفور الرحيم الكريم الذي لا يخيب رجاء من رجا ،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،، يتبع
ارجو منكم الاستمرار في المقاطعة والدعاء لاهل فلسطين وسوريا ولبنان أن ينصرهم الله ويوحد صفوفنا ويصلحنا جميعا ،،،،،،، متابعة لصفحتي فضلا وتصويت علي الفصول ودمتم بأفضل حال قرائي الاعزاء ♥️♥️♥️💮💮💮💮💮🌹🌹🌹🌹

مهرتي عربية أصيلةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن