رأها تتحاشي النظر إلي عينيه ، علم أنها غاضبة منه ، ولها الحق في ذلك ، ولكنه تفاجئ من الأحداث المستجدة بالقصر وخاصة أفعال حماته الشنيعة التي ظهرت من الماضي وقلبت القصر رأسا علي عقب ، وحمل زوجته ، ثم مرض والده وبعدها عمه ، مصائب فوق رأسه تتوالي ، لا يعلم متي ستنتهي ، وحبيبته لا ذنب لها ، فقد كانت تأمل أن تعيش ليلة سعيدة معه كزوجان ولكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن ، ظهور زوجة عمه بصحبة ولدها هاشم أخذ كل انتباههم ، وانهيار زوجته بجانبه جعله في موقف لا يحسد عليه ، ولكن تدخل ياسمينا اذهله ، لقد أعطته بعض الأعشاب وكوب ماء وهمسته أن يعطيه لزوجته حتي تهدأ و لا يتأثر جنينها ، لاحظت صفية ما فعلته ياسمينا وشعرت بالخجل من نفسها ، فهي التي آذتها وهي من تحاول إنقاذ ابنتها وحفيدها ، أي أمرأة هي ، وما الذي بينها وبين الله حتي فضحت افعالي كلها بعدما مكرت لها وشوهت سمعتها ، هكذا كانت تفكر صفية النادمة علي ظلمها للابرياء الذين مروا بحياتها ، ولم يكن لهم ذنب الا أنهم كانوا أبرياء انقياء ، فكم آذت صفية من أبرياء طيلة حياتها ،،،،،،
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
حولها الراهبات يؤدين صلاتهن بتركيز وصدق يحاولن إدخالها في تلك الحالة الإيمانية الخاصة بهم من جديد فأمامهم تمثال المسيح المصلوب ، منحوت بأتقان مظهرا لاثار العذاب الذي ناله ، مدت احداهن يدها لها بصليب صغير ، فنظرت لها بحزن حقيقي وأخذته منها ، فهي لا تصدق أنهن يبذلن كل ذلك المجهود علي باطل ، تري أنهن صادقات منغمسات بجوارحهن بالصلاة والدعاء ، ليل نهار ، ولكن للإله الخاطئ ، فمن بعد ما علمت الحقيقة كاملة دون تشويه ، أيقنت أن الإله الحقيقي لا ينبغي له أن يهان أو يصلب ، أو حتي يشعر بالألم ،كيف له أن يكون اله ، وكيف له ألا يستطيع أن يعفوا عن عباده دون المرور بكل ذلك الالم والعذاب ، مساكين انتن يا فتيات ، لقد كنت من قبل مثلكن تماما ، لذا ادعوا الله ربي أن يمنن عليكن بالهداية لتوحدوا الله الذي لا إله الا هو ،،،كانت واقفة بينهن بجسدها فقط لكن قلبها وعقلها وروحها وجوارحها تناجي الله الواحد الاحد وتدعوه أن يهديهن ويزيل ذلك العمي عن أعينهن ،ولولا كلام راما لما سمعت لهم ولا جاءت الي مكان يشرك بالله به ، ولكنها مستضعفة بينهن الان، ولا حيلة لها ،،،،،،
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
كان يعلم أن أخيه صفي الدين لن يستطيع البقاء في الفراش وتركها بمفردها دون وجوده في يوم كهذا لذا توجه الملك محمد الي غرفة أخيه ووجد علي بن شقيقه يحاول إثناء والده عن الخروج والذهاب خلف والدته لكنه كان مصر تماما علي الذهاب وراءها ، يعلم أنه مازال يحبها ويراها تلك الفتاة الصغيرة ذات العشرة أعوام التي عرفها ، لكنه غاضب من أفعالها وبنفس الوقت يلوم نفسه عليها لانه تركها دون نصح وإرشاد ، رأه صفي ونظر إليه تلك النظرة المليئة بالرجاء ليتمكن من الذهاب وراءها ،فأومأ له الملك محمد بالموافقة وقال ل علي ، اتركه يا علي ليذهب ، لكن علي أعترض علي الفور لمرض والده الشديد خوفا عليه أن تسوء حالته أكثر من ذلك ، لكن الملك طمئنه أنه أمر الطبيب أن ينتظرهم في دار القضاء ، تحسبا لأي ظرف يطرئ عليهم ، وافق علي علي مضض ، ونقل نظره بينهما بقلة حيلة وحزن علي الحال الذي وصل الجميع إليه بسبب قرراتهما الخاطئة بالماضي ، لكنه يعطيهم الأعذار لذلك فمن منا لا يخطئ ،،،،،،
ذهبوا ثلاثتهم وراءها وقلوبهم كقرع الطبول من الخوف علي ما سيكشف أمام الجميع فكل من بالمملكة قد علم بالأمر الان ، وصلوا أخيرا الي دار القضاء وقد سبقهم الجميع ، حتي زوجات الملك ذهبن بأمر منه قبلهم ، دخلوا الي تلك القاعة الكبيرة والتي تكتظ بالناس ويترأسها القاضي عمر بن سعيد ، ذلك الشاب الفطن الوسيم ذو الاثنان والعشرون عاما قد يراه البعض صغير العمر علي أن يكون قاضيا ، لكنه بالرغم من عمره الصغير الا انه جدير بذلك المنصب ، جلس الجميع في هدوء تحت نظرات القاضي الهادئة للجميع ، نظر إلي صفية المتماسكة وهي جالسة بمفردها علي ذلك المقعد ، ونظرات الجميع موجهة لها بشفقة الا تلك المرأة تكاد تحرقها بعينيها الظاهرة من البرقع ، وتود لو قامت وضربتها لولا يدين ذلك الرجل الذي عرفه عندما نظر إليه إذا فتلك المرأة الغاضبة الأميرة حكيمة بالتأكيد زوجة الأمير الأسد بن عمار الذي بجانبها ممسكا بها بحرص شديد ليحميها من شر غضبها البين للعيان ، إذا حضر الجميع ولا ينقصنا الا الاستماع إلي التهم الموجه الي الأميرة صفية ، بدأ القاضي عمر بن سعيد بالبسملة والصلاة علي النبي وذكر كلام الله عز وجل بأمر المسلمين أن يحكموا بالعدل ( واذا حكمتم بين الناس فاحكموا بالعدل) ، لذا فيجب أن نعرف اولا التهم الموجه الي الأميرة صفية ثم الاستماع إليها , حتي يتبين لنا الحق من الباطل ،،وكانت التهمة الاولي هي تشويه سمعة الأميرة ياسمينا والأمير أحمد ونشر الشائعات الكاذبة والافتراءات التي وصلت للطعن بشرفهن ورميهما بالزني ، وقد أحضر القاضي ذلك الصبي الذي أمرته صفية بنشر تلك الأخبار الكاذبة وأعطته درهما من فضة وثياب جديدة مقابل تلك المهمة ، وقد شهد عليها وأعترف أنه فعل ما فعل بناءا علي أوامرها ،توجه إليها القاضي عمر بن سعيد ليسألها هل حدث ذلك الأمر ، رفعت صفية رأسها ونظرة إليه بندم وصدق لا تخطئه عين ، وقالت نعم أيها القاضي لقد فعلت ذلك ظنا مني أنني أحافظ علي زواج أبنتي كي لا تحزن إذ تزوج زوجها أمرأة أخري وخاصة أن الأميرة ياسمينا فتاة مميزة جدا لذا قررت أن أفعل تلك الشائعات حتي أمنهم من الزواج ، كانت من تحت البرقع تنهمر دموعها علي تلك المرأة وما آلت إليه أحوالها ، ولكنها قررت أن تساعدها وتصفح عن ما فعلته بحقها ، فرفعت يدها طلبا للتحدث فأذن لها القاضي بالحديث ، وقفت الأميرة ياسمينا بين الحاضرين جميعا والذين في حيرة من فعل ياسمينا ويتسألوا لما طلبت الحديث الان ، لكنه وحده من فهمها وعلم علي ماذا تنوي ، وبالفعل ما حدثه وجده ، فقد قالت الأميرة ياسمينا بعدما عرفت نفسها للقاضي أنها سامحت الأميرة صفية وتريد أن لا تعاقب علي تلك التهمة ، عقد القاضي عمر ما بين حاجبيه تعجبا منها علي ردت فعلها ، فالنساء الاحرار لا يتحملن المساس بسمعتهن ابدا ولا يتساهلن بتلك المسألة ، ولكن دموع تلك الفتاة ونظرتها المرفقة بأميرة صفية تدل علي مدي طيبتها وخلقها الحسن وأصلها الكريم ، لذا استجاب القاضي طلبها وأسقط عنها تلك التهمة ، وسط تعجب من الجميع علي ذلك ، ثم سرد القاضي عمر بن سعيد التهمة التالية وهي قتل الأميرة ريحانة واجنتها الاثنان بأعشاب قاتلة ، وكما المرة السابقة أعترفت الأميرة صفية بكل شئ ،وسط سكوت تام من الحاضرين ، بدأت صفية الحديث ودموع الندم تغمرها ، وقالت جاءت ريحانة إلينا و قد سبقتها سيرتها الحسنة ونسبها الكريم ، بالغ الملك الراحل بالترحيب بها وشعرت بالغيرة لتميزها وجمالها عندما رأيتها ، كنت أرسم الحناء علي يدي وكانت المرأة التي تزينني بالحناء مشفقة علي ، وقالت لي أن زوجها أيضا تزوج من غيرها ، وسرعان ما تغير معها ومال الي زوجته الصغيرة الجميلة ، ووصل الحال أنه يريد أن يطلقها ويتركها ، ولم يكن لها أحد غيره ،،،،،تذكرت صفية تلك المرأة جيدا فهي من غيرتها الي تلك المرأة البغيضة المستبدة ، أكملت صفية وهي تسرد تفاصيل ما حدث بالماضي ، ان قالت لها تلك المرأة والتي تدعي حليمة وكانت شديدة سمار البشرة حسنة الوجه ، وحلوة الكلام ،انها قررت التخلص من تلك المرأة التي أخذت منها زوجها وسلبت راحة بالها وسعادتها ، وسألت كثيرا علي شئ تفعله لا يلاحظه أحد يقتل البغيضة ببطئ ، وقد وجدت ، وبالفعل بدأت خطتها ولم يدوم الأمر طويلا، إذ أنها بدأت بالضعف إلي أن ذهبت صحتها وصارت طريحة الفراش ، ثم ماتت ، وكانت هي من تقدم لها الطعام والشراب ولا تقصر بوضع القليل من تلك العشبة القاتلة ، إلي أن ماتت ذات صباح ، دون معرفة سبب موتها ، بالاول لم تستمع لها صفية ولكن صدي الحكاية كان يتردد علي أذنيها ، لكنها قررت رميها وراء ظهرها ، فزوجها يحبها وقد أنجبت له أمراء يحملون اسمه من بعده ،وأميرة جميلة أخذت عقله ، إلي أن سمعته يدلل ريحانة ويلقي أبيات الشعر ليغازلها و يوصف جمالها ، لم تستطيع أن تتحمل ذلك ، بالرغم من علمها أنه لم يفعل شئ خاطئ وأنها زوجته ، لكن الحقد والغيرة عموا قلبها تماما عن الخطأ والصواب وطلبت تلك المرأة حليمة من بعد ما كانت قررت ألا تجلبها لتزينها مرة أخري حتي لا تستدرجها بكلامها الي فعل ذلك ، لكنها الآن تريد أن تفعل ذلك تريد أن تتخلص من ريحانة تماما ولا تبقي لها أثر ، وقد جاءتها حليمة ، وطلبت منها صفية أن تجلب لها تلك العشبة ، وقد فعلت، وبدأت هي بأمر الخادمة صالحة بوضع تلك العشبة في طعام وشراب الأميرة ريحانة وان لا تخبر أحد بذلك ، ولكن الخادمة صالحة مثل أسمها بالفعل ورفضت الأمر وقررت أن تخبر الأمير صفي الدين ، ولكن صفية كانت الاسرع واتهمتها زورا بالسرقة ، وأنها ليست المرة الأولي لها بالسرقة ، ولكن طيبة قلب صفية منعتها من ابلاغ الملك حتي لا يقطع يدها ، وبالطبع عندما علم الملك ذلك أمر بقطع يدها ، فلم تتحمل المسكينة صالحة ذلك الظلم وماتت بعدما تم قطع يدها بشهر واحد فقط كانت خلاله تزرف الدموع وتشكو الله الظلم الذي تعرضت له ، وما كان من صفية الا أنها ذهبت لها ، بكبريائها وتلك الضحكة الشامتة ملئت وجهها ، وقالت لها بتعالي هذا جزاءك لعدم طاعتي ، تستحقين ما حدث لك ، لقد قطعت يدك التي رفضت أن تطيعني ، فما كان منها إلا أن دعت عليها أن يزول ملكها ويذلها الله ويجعلها عبرة للجميع ، قالتها صفية وهي تنظر إلي حالها اليوم ، لقد استجاب الله دعاء صالحة بعد تلك السنوات وها هي ذهب ملكها وذلت وجعلها الله عبرة للجميع ،أحضر لها القاضي كوبا من الماء حتي تهدأ قليلا ، لتستطيع أن تكمل ، وهو ينظر إليها بحزن وغضب ، ويتذكر ريحانة وهي سعيدة بغزله لها وابتسامتها ، ويتسأل هل اخطأ الي ذلك الحد ،تنهد بحزن وفلتت تلك الدمعة من عينيه فمسحها سريعا ، وانصت الي صفية وهي تكمل بقهر ما فعلته ، أكملت كلامها وهي تجبر نفسها علي السرد وتتغاضي عن المرارة التي بحلقها لترجع بذاكرتها وتتذكر تلك الفتاة الهادئة سمية التي جاءت إليهم بعمر الثامنة لتعمل خادمة بمطبخ القصر أحسنت صفية إليها واعطتها الكثير من الطعام والشراب والثياب الجميلة باهظة الثمن ، فكان يصعب عليها رفض أوامرها ، لذا حينما أمرتها صفية نفذت أمرها دون تردد ولا حتي سؤال ، كان بالنسبة لها ان تنفذ أمر سيدتها صفية مثل رد صغير لمعروفها لها ، ولتتأكد صفية من أكتمال مخططها كانت تقدم وجبات الطعام بنفسها لريحانة واحيانا تطعمها ، لم تكن تعلم حينما بدأت أعطائها تلك الأعشاب القاتلة أنها تحمل بأحشائها طفل وتفاجئت من الأمر وشعرت ببعض الندم ، وقررت الا تكمل ذلك ولا تعطيها الاعشاب مرة أخري ، لولا تجاهل الجميع لها وتعمد الغائها ومبالغتهم دائما بريحانة وخاصة بعد موت والدها الملك والتي ورثت الملك منه من هي مقارنة بها لاشئ ، لذا عادت الكرة ، وربحانة التي كانت قد تماثلت للشفاء لازمة الفراش مرة أخري و مات جنينها الثاني ، فلم تضيع صفية الفرصة وإذا خلت بها تبدأ بقول سم الكلام لها وأنها صغيرة ولا تستطيع الحفاظ علي الحمل ، علي ماذا ستحافظ إذا ، ما سبب وجودها في الحياة أن ام تحافظ علي طفلها ، وعندما أستمع اليها زوجها صفي الدين قالت له انها تعلمها أن تكون قوية من أجل المستقبل حتي إذا حدث حمل مرة أخري تحافظ عليه ، وصدقها هو ولكن الأمر لم يدوم طويلا حتي لفظت ريحانة أنفاسها الأخيرة دون مقدمات ، فقد نامت ذات ليلة ولم تستيقظ في الصباح ،،،،
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،يتبع
أنت تقرأ
مهرتي عربية أصيلة
Ficción históricaادب نسائي ... التاريخية ... هي أميرة بريئة قوية ووحيده، لكنها سبقت الجميع بعقلها وطموحها ، ونسبها ورجاحة عقلها ، هو قوي جذاب وكان يظن أنه يعيش الحب ويعرفه جيدا ولكنه بعد أن وقع في حبها علم أنه لم يعيش الحب من قبل ،كانت مثل باقي النساء بنظره من قب...