الفصل الحادي والاربعون

72 3 0
                                    

لقد تغير كل شئ الان منذ استيقظتُ لقد مر علي فقداني للوعي شهرا كاملا واتمني لو ما  كنت  استيقظتُ ،ف كل شئ قد تبدل وأكاد أجزم أني أعيش داخل أحلامي السيئة  ومخاوفي ، فالحرب لازالت مستمرة ولا خبر عن الأمراء من حينها، وصفية وبدون سابق انذار ماتت ، وورد شاه تتهمني بقتلها ، وكيف لي أن أقتلها وقد كنت فاقدة للوعي، جلست ياسمينا بتيه علي ذلك المقعد المريح بلون ورائحة الياسمين في شرفتها المطلة علي حوض الياسمين وانواع شتي من الورود الجملية الزاهية ، لعلها تهدأ أو حتي تفهم ما الذي يحدث ، دق علي الباب جعلها ترجع مرة أخري إلي الواقع واذنت الطارق بالدخول ، فكانت رمانة ، التي تهتم بها بمبالغة شديدة وتحرص علي كل تحركاتها ، حتي أنها لا تسمح لها بالخروج من غرفتها وحدها ولا حتي بالجلوس في غرفتها وحدها والأغرب أن الجميع مؤيد لذلك وعائشة أكثرهم فهي وزوجها الحاكم استأجرا بيتا قريبا من القصر بعد رفضهما عرض الملك باستضافتهما بالقصر  ، لخوفهما المبالغ به عليا،  ونظرة الحسرة بعيون الأمير صفي الدين التي لا تفارقه من وقت موت زوجته صفية لم ترها من قبل واسلام الأميرة اريانا ، لقد تغير كل شئ من حولها بالكامل ولا تدري متي ستستقر الأوضاع مرة آخري ، افاقتها رمانة من شرودها المستمر ، وها قد شردت مرة أخري ، قالت رمانة بحزن عليها ، الم تأكلِ ولو حتي القليل يا أميرة ، لقد استيقظتِ أخيرا من تلك الغفوة الطويلة ويلزمك الغذاء ، أن الطبيب كاد أن يفقد أعصابه بسبب طول فترة فقدانك الوعي وقال انك أن لم تستيقظي وتأكلِ قد تفقدين حياتك ، قالتها وهي تبكي علي الحال الذي وصلت إليه ياسمينا فهي تري أنها لا تستحق ما يحدث معها ،،،
تنهدت ياسمينا وقامت من جلستها وهي تفكر ، ها قد عادت رمانة للبكاء فهي لاتدري عدد بكاءها منذ استيقظت فكلما رأتها بكت ولا تدري متي سينتهي هذا البكاء ،، مسحت ياسمينا دموع رمانة وهدأتها وطمئنتها علي نفسها وأنها أصبحت بخير ووعدتها أن تأكل حتي تستعيد عافيتها ، فهي نفسها تشعر بالضعف وتعلم أنها تحتاج لتناول الطعام ، لكنها كلما أقتربت من الطعام تذكرت ما حدث كله فلا تستطيع أن تأكل شئ من حيرتها وحزنها وخوفها من الحال الذي وصلت له وردشاه فقد أقتربت من الجنون بعدما ماتت والدتها لدرجة اتهامها بقتلها وأنها كانت تخدع الجميع بغيبوبتها تلك لتتمكن من قتل صفية دونما يشك بها أحدً لقد جنت تمام بقولها ذلك ، ولا أحد يستطيع أن يسيطر عليها وكلما تكلمت اوقفتها حكيمة بقوة لدرجة أن الجميع قرر أن يحدد إقامتها بغرفتها فقط ، وأمروا الطبيب أن يتابعها من وقت لآخر ، أن حالتها حقا تسوء وهي لا تستطيع فعل شئ لها فهي آخر شخص ممكن أن يتدخل في حالها هذا الان،تنهدت بثقل وهمت أن تأخذ خوخة من طبق الفاكهة فالجو مشمس حار ، ورائحة الخوخ جعلت لعابها يسيل فهي حقا جائعة ، وما أن همت تأكل الخوخة التي تبدو شهية ، سمعت أصواتا كثيرا ، وأحدي الخادمات فتحت باب جناحها دون استئذان وقالت وهي تلتقط أنفاسها بصعوبة ، لقد رجع الأمير أحمد يا مولاتي الأميرة ، لقد رجع بفضلٍ من الله ومعه جميع الأمراء سالمين ، ما أن سمعت ياسمينا تلك البشري حتي شعرت بالراحة والسعادة تغمرها فهي حقا كادت أن تفقد عقلها خوفا وقلقا عليه خاصة أنه قد تأخر كثيرا ولم يرسل أي رسالة ليطمئن بها الجميع عليه ، وقفت بسرعة فائقة فترنحت وكادت تسقط علي الارض لولا يد الخادمة التي هرولت إليها لتسندها قبل سقوطها و اجلستها علي المقعد بقلق ونادت اسمها بلهفة خشية عليها أن تفقد وعيها مرة أخري فتكون فاجعة ،الخادمة ..يا أميرة ياسمينا ،يا أميرة هل تسمعيني ؟ هل انت بخير ؟ ارجوك أجيبيني .. دخلت رمانة الجناح المفتوح بابه علي مصرعيه ، وهي تتفقد الأميرة فوجدت هذا المشهد المؤلم وسريعا حاولت افاقتها كما تعلمت فهي أصبحت ماهرة الان وعليها أن تستجمع مهاراتها في إنقاذ صديقتها ومعلمتها ياسمينا ، وأخيرا نجحت محاولاتها واستجابت ياسمينا لها بعد دقائق كثيرة فائتة ، تنفست رمانة الصعداء وكذلك الخادمة التي كادت تفقد أعصابها خوفا بل هلعا علي الأميرة الطيبة المحبوبة من الجميع ،، حمدت الله بصوتا مسموعا حينما تحركت الأميرة لتعتدل علي المقعد ثم ناولتها رمانة كأس عصير لتشربه بنظرة آمره تبسمت من أجلها ياسمينا وتناولتها منها وشربتها كلها فهي تحتاج لها خاصتا أنها اطمئنت علي حبيب قلبها وزوجها الأمير أحمد ، كانت تستعد للذهاب له فحاولت منعها رمانة بذريعة أنها متعبة ، ولكن ياسمينا أصرت أن تذهب له لتستقبله وتتحدث معه وتعطي لعيونها الفرصة للنظر إليه فهي وعينيها قد اشتاقوا له ولملامحه الرجولية الحنونة ،،،
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
كان الجميع في غرفة الاستقبال الكبيرة متعجبون مما حدث لم يتصور أحد أن ذلك سوف يحدث بيومٍ من الايام ويا تري ما ردت فعل زوجاته مما فعل وخاصة وردشاه والتي تزداد حالتها سوءا علي سوءها كل يوم يمر ، لازال الجميع في حالة تعجبه وإذا بورد شاه أتت بعجالة و وراءها خادمتيها يهرولان ليلحقا بها ويبدو أن أمرها خرج عن سيطرتهما ، فهي بمجرد أن سمعت خبر وصول الأمير أحمد فأنطلقت بلهفة وحب وشوق إليه لتدفن نفسها بحضنه لعل قلبها المكلوم يهدأ ولو قليلا ، وقد استقبلها بهدوء وتحمل وتفهم لوضعها فقد علم بموت امها ويعلم أنها لن تتحمل الامر ،، (لكنه بالطبع لا يعلم أنها تتهم زوجته ياسمينا بقتلها )،،
نزلت درجات السلم الرخامية الطويلة اللامعة بهدوء حذر حتي وصلت حيث حبيبها متواجد ، لكنها وجدته محتضن زوجته الأخري بشدة وكأنه يخشي أن تبتعد عنه ، ومع أنه تركها وحيدة وذهب ولم يتعب حتي بالسؤال عنها إلا أنها لازالت تحبه وتشتاقه ، ولكنها تعجبت حينما رأتها ، نعم انها هي ، أريانا ، خطت نحوها بوهن فستقامت أريانا من جلستها وتوجه نحوها بحنو واحتضنتها ، فهي تراها الان صديقتها ومثلها الاعلي بكل شئ ،( رغم أن أريانا تكبر ياسمينا بسنوات إلا أن الأخلاق الحميدة دائما تكون قدوة حسنة ولا أحد يهتم بفارق العمر حينها )
استقبلتها ياسمينا بترحاب وباركت إسلامها ودعت لها بالثبات ، أما ورد شاه قد انقلب حالها وكأن شيطانا مسها عندما سمعت صوت ياسمينا ورأتها وبدأت بالصراخ و الاتهامات لها بقتل أمها ، اتسعت عينا الأمير أحمد تعجبا مما يسمع ومن حالها المزري ، نظرة لها ياسمينا بحزن علي حالها الذي وصلت إليه ، فهي لا تستطيع تقبل ما حدث كله لوالدتها ولم تتخطي وفاتها ، هي أدري الناس بحالها لقد فقدت والديها واحدا بعد الآخر وذاقت آلام الفقد ،،،،،،
ضاق صدر هاشم لما تفعله شقيقته وهذا الافتراء علي الأميرة ياسمينا فهو يراها الاكثر هدوءا وآدبا وتفهما بين الجميع وكذلك من تظلم دائما بين الجميع فمن قبل والدته الراحلة افترت عليها والان شقيقته تكمل المسيرة ، لا هو لن يقبل بذلك أبدا ، لذا صرخ بوجه أخته الحمقاء ليسكتها لكنها وعلي عكس توقعه وتوقع الجميع بدأت تصرخ أكثر وهي تحاول أن تمزق ثيابها ، وحتي أنها أصبحت خارج سيطرة زوجها فساعده علي شقيقها الآخر بحملها الي جناحها وسط ذهول جميع الحاضرين بمن فيهم حكيمة شقيقة الأمير أحمد ،،،،،،،،،
أصبح يشعر بالوهن الشديد الان مما يحدث فقد ماتت صفية وتركت وراءها الجميع يتخبط في حزنه وحيرته منها ومن أفعالها ، أَستحقت المسامحة ام لا؟
، وأما عن حال ابنتها فحدث ولا حرج لقد أصابها الجنون  من بعد موتها ، وهو عاجز تماما كما بالسابق أيضا ، دائما ما يتخذ موقف العاجز أمام مايحدث مع أسرته ، فهو الذي كان يضرب به المثل للقوة والشجاعة ، لا يمتلك الشجاعة الان لفعل شئ ، أصبحت عيناه خاوية من الامل ، من الحياة ، من الدفئ ، يشعر بالغربة والبرودة ، كاد يفقد توازنه ولكن يد اخوه دائما ما تسنده وتقيم ظهره حتي لا ينحني أمام الجميع ، وضع صفي الدين يده علي كتف أخاه الأكبر مستنداً واستأذنا حتي لا يلاحظ أحداً ضعفه تاركين خلفهم وجوه حزينة علي ما وصل إليه حالهم جميعا ،،،،،،
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
كانت أريانا ممسكة بها بل متشبثتاً بها وكأنها سترحل أن تركتها ، نظرة إليها ياسمينا محاولة الابتسام ، لكنها بالطبع فشلت بعد ما شاهدته علي وردشاه ، لقد تأخرت حالتها ، ولعل وجود زوجها بجانبها يحدث تغيراً إيجابياً في حالتها ، انتشلتها أريانا من الشرود ، بقولها ، جزاك الله خيرا يا ياسمينا ، لقد جعلك الله سبباً أن أكون مسلمة ، انا ممتنة لك يا ياسمينا ، كانت  حكيمة واقفة بالقرب من ياسمينا وأستمعت لكلام أريانا وسعدت به ، فياسمينا حقا فتاة رائعة وبالرغم من ذلك فهي دائما حزينة مظلومة ووحيدة ، فحتي زوجها تركها في وقت لا ينبغي فيه تركها ، ومع ذلك ، ظهر علي وجه ياسمينا السعادة الحقيقية لاسلام اريانا ، وقالت لها ببشاشة ، مبارك عليك الإسلام يا أريانا ورزقك الجنة اللهم امين ، تنفست اريانا عميقا ونظرة لياسمينا بحب اخوي صادق وقالت جعلك الله من أهل الجنة اللهم آمين يا ياسمينا ، فأنت لا تعلمي ما مررت به لأصل الي هنا ، لقد عذبوني وحبسوني ، واجبروني أن أسجد أمام صنم المسيح المصلوب بظنهم ، لقد اتت عليا لحظات ظننت بها انني لن أنجو مما انا فيه لولا كتاب الله الذي اهديتني إياه ما كنت استطعت الصبر ، عصر قلب ياسمينا الرقيق لما سمعته من اريانا فضمتها بحنان الي صدرها ورتبت عليها بحنان ، تحت نظرات حكيمة التي أحبت ياسمينا بصدقٍ لكن ياسمينا مازالت تجهل ما حدث ويا تري هل ستتقبله ام لا ،،،،،،،،،،،
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
جالسٌ معها بعدما خرج علي من الغرفة لتركهم وحدهم ، بدأت وردشاه تهدأ عن قبل لكنها مازالت تحت تأثير تلك الحالة العصبية التي يراها ، كان صدرها يعلو ويهبط بقوة أثر تنفسها وثيابها من ناحية الصدر قد مزقت بالكامل ، أصبح تارة ينظر لها بشفقة واخري بشوقٍ لا مثيل له ، ولكنه لا يستطيع الان فعل شئ فهو يشعر بثقلٍ شديدٍ علي صدره من الهموم التي لا تنتهي ولا يبدو أنها ستنتهي ، خلع عنه حذاءه وحذاءها واستلقي بجوارها علي الفراش فهو يشعر بالتعب يتملك منه ومن جميع جسده ، دفن يده تحت ظهرها وادارها إليه بيه ليدفن وجهه بصدرها والذي بالرغم من كل ما تمر به إلا أن رائحتها مثل الورد كأسمها ، والغريب انها قد هدأت تماما الان وحاوطته بيدها وقربته أكثر لصدرها وراح الاثنان في ثبات عميق ،،،،،،،،،،،،
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،يتبع
ايه رإيكم بالقصة وأحداثها ياريت تفاعلكم بالتعليقات علي الرواية ده يهمني جدا ، ومتنسوش تصويت علي الفصول وأتمني لكم قراءة ممتعة ، ادعوا لأهلنا بفلسطين وسوريا ولبنان اللهم فك كربهم وآمن روعهم اللهم تقبل ،،، دمتم بأفضل حال ♥️🌹🌹

مهرتي عربية أصيلةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن