الفصل الثلاثون

77 8 0
                                    

هل يمكن أن يتغير كل شئ فجأة هكذا ومن كنا نراهم طيبين يكونوا أسوء الناس ،بماذا يبيع الناس أخراهم، مقابل شئ زهيد، الدنيا ومتاعها شئ زهيد لا يساوي حتي العناء فكل شخص كتب الله رزقه مهما بلغ لن يأخذ أكثر مما هو مكتوب عليه ،ولكن وياللخسارة كثيرا من الناس لا يفقهون هذا ،ويحتالوا علي ما كتبه الله لهم ،ويفعلوا أشياء تغضبه وتصل الي خروجهم من الدين بفعلها ،من أجل ماذا ،لاشئ ،حقا لاشئ كل سعيهم يضيع هباءا أمام قدر الله سبحانه المكتوب عليهم ويتفاجئوا أن ما فعلوه بأيديهم هو من اوصلهم لأجلهم وقدرهم ،وهنا تأتي الحسرة ،حسرتهم علي ما أضاعوه من عمرهم هباءا غارقون بنعم الله وفضله ،وهم يغضبوه في كل خطوة تخطوها أرجلهم ،مغترين برحمة الله عليهم وحلمه ولطفه بهم ،وينسون أن الله يمهلهم ولا يغفل عما يفعلون ،،،
هكذا هو حال صفية تراجع نفسها وتندم علي ما فعلت من خطايا ،نادمة متحسرة فقد باءت خططتها بالفشل وتخلي عنها الجميع ،كم اشتاقت لتلك الأيام التي كان قلبها برئ لا يفقه سوي حب الأمير صفي الدين كانت أحلامها جميعا له هو ومعه هو لا أحد غيره ،فقد كانت تدعوا الله من قلبها أن يطيل عمره ويظل معها ويديم عليهم المحبة والود والسعادة ،ماذا حدث لذلك القلب النقي البرئ ما الذي دنسه ،أزواجه من ريحانه ام حبه لها،ام السعادة التي كانت تتجلي في عينيه عند ذكرها أو رؤيتها ،تعترف أن غيرتها أعمت بصيرتها ،وسودت قلبها ،جعلتها تفعل مالم يتصوره عقل ،فقد احتالت علي الجميع واوهمتهم أنها مشفقة علي ريحانة التي فقدت طفلها الاول ولم يشك أحد أنها وضعت لها تلك العشبة في طعامها وشرابها حتي أنزلت حملها ولم تكتفي بذلك فقد وضعت لها تلك العشبة الأخري التي جعلتها مريضة وهنة طوال الوقت دون سبب،وذلك الكلام المسموم التي كانت تسمعها إياه كلما رأتها كم أنها مهملة لا تستطيع الحفاظ علي حملها وأنها لا تستحق زوج كزوجها الأمير صفي ،وانه بدأ يملها ويكرهها بسبب نزول حملها ومرضها المستمر ،لقد أحكمت خطتها جيدا عليها ،وما ساعدها براءة ريحانة الشديدة فلم يدوم الأمر الا عام واحد بعد فقدان حملها الثاني ثم توفيت ،ماتت ريحانة وظنت أنها تخلصت من عدوتها الوحيدة ،وبذلك استعادت زوجها وحبيبها صفي الدين ،ولكن تلك النظرة بالاتهام والنفور المستمر منها جعلها تشعر أنها كانت مخطئة ،ولكن بعد ماذا ،بعد ان فعلت ما فعلت ،ومع ذلك لم تكتفي ولم يتوقف حقدها ،فهي رأت امرأة أخري شعرت بالغيرة منها ،و قررت أن تذيقها نفس المصير التي ذاقته ريحانه،،،،،،،،،
جالسة بتلك المكتبة الضخمة غارقة في ذلك الكتاب عن سيرة نبي الاسلام محمد بن عبد الله صل الله عليه وسلم ، تقسم أنه لولا التاريخ ولولا خلق المسلمين والتي رأتها،بعينها لما كانت صدقت أن هناك انسان بذلك الخلق وتلك الصفات الحميدة ،ما كل ذلك الصبر ،وما تلك الرحمة التي بقلبه ،وما ذلك الحب الشديد لزوجاته ،كيف له أن يفعل ذلك كيف له أن يعدل بينهن جميعا ،وكيف له أن يخلص لزوجته الأولي خديخة بنت خويلد رضي الله عنها ،ويدافع عنها حتي بعد وفاتها ،كيف له هذا ،بكت اريانا وبكت وتمنت لو انها عاصرته ،ورأته وصدقته و أمنت به ونصرته ،ولكن الأمر مازال قريبا ،ذهبت اريانا الي بيوت أحد سكان بلدتها ،وطرقت بابه ،فتحت لها امرأة تغطي وجهها كما الأميرة ياسمينا ،وقالت ،من الطارق ،قالت اريانا ،عندي مسألة للشيخ صاحب الدار ،نادت المرأة علي الشيخ وقالت،ياشيخ هناك امرأة لها مسألة تريدك ،جاء ذلك الرجل الوقور ذو اللحية البيضاء الكثيفة يدعي الشيخ محمد بن صالح من سكان المملكة الاصلين ولكنه غير اسمه عندما من الله عليه بالإسلام ،انصرفت المرأة عند حضوره وفتح لها الباب وهو غاضا لبصره عنها وقال ،ما مسألتك ،قالت اريانا اريد الدخول في الإسلام ،قال الشيخ الله أكبر الحمد لله الذي هداك للإسلام ،نادي الشيخ علي ابنته تلك المرأة التي فتحت الباب لاريانا وتدعي اسماء ،حضرت علي الفور وقالت ،مرني يا ابنتي ،قال لها الشيخ محمد ،ابشري يا أسماء ،تريد المرأة أن تدخل الاسلام ،تهلل وجه أسماء وقالت الحمد لله الذي هداك للإسلام واستقبلوها بالبيت ،كان بيت متوسط ليس بالكبير الواضح الثراء ولا بالفقير أيضا ،جلست اريانا مقابل الشيخ محمد بن صالح وتقسم أنه لم يري منها شئ فهو خافض نظره إلي الأرض ولم يرفعه مطلقا مع أنه رجل كبير بالسن ولكن دينه أمره بغض البصر فاطاعه ،مما زاد من إصرار اريانا دخول الإسلام ،لانه دين متكامل لا تشوبه شائبة ،قال لها الشيخ رددي ما أقول يا ابنتي أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبد الله ورسوله ،رددت أريانا الشهادتين وغمرتها السعادة والطمئنينة فقد شعرت أنها حرة ولأول مرة منذ أن أبصرت الحياة يخالجها ذلك الشعور بالحرية لم تكن تعرف ما معني تلك الكلمة لكنها الآن أدركت معناها ،،،،،،،،،،،،،
جالس هو بينهما يضع وجهه بأرضية الغرفة لا يستطيع الكلام ،وهي أيضا لا تستطيع الكلام ،تأكدا اليوم أنهما مهما حاولا الإنكار قد ارتبط قلبيهما رغما عنهما ،كانت من قبل تساوره الشكوك بشأن حبها له ،لكنه اليوم أصبح متيقن أنها تحبه مثلما أحبها تلك النظرة لايمكن أن يكون قد أخطأها لا يمكن ،،،،،
شق الصمت صوت عائشة وقالت ماذا فعل الملك بصفية يا أمير ،تذكرها علي الفور وزادت نبضات قلبه غضبا وقال جاري التحقيق حول ما فعلت يا خالتي ،قالت حسنا وكيف هي زوجتك وما موقفها من فعلت امها ،، ارتفعت وتيرة غضبه الآن ولكنه قال علي كل حال ،بالطبع غير راضية عن فعلت والدتها يا خالتي ،قالت عائشة ،بالتأكيد يا بني لا أحد يرضي بما فعلت صفية ،،،ثم نظرت إليهما برهة وأضافت لقد أرادت بفعلتها تلك أن تفرق بينكما وقد نجح ما خططت له علي كل حال ،،،،،
لم تكن تتوقع ياسمينا ما قالته عائشة أبدا تفاجأت حقا،اما أحمد فقد أسعده كلامها فقد أتاحة له الفرصة ليتحدث مع ياسمينا بشأن زواجه منها مرة أخري فهو مغرم بها بل متيم ويريد بحق الزواج بها لذا قال ،ان ما فعلته خالتي صفية ذنب كبير وستحاكم وتعاقب عليه أشد عقاب وأمام الجميع ،ثم نظر لياسمينا وقال ،اراك تسرعت برحيلك يا أميرة كان عليك الانتظار وعدم الخشية من أحد فأنا وأنت لم نخطأ بشئ ،والجميع سيعلم ذلك ، قالت ياسمينا ،يا أمير أنا لم أخشي علي نفسي بل خشيت علي سمعت أبي الحاكم الطيب ذو السمعة النظيفة خشيت أن تفسد سيرته بعد مماته بسببي أنا وحينها لن اسامح نفسي أبدا علي ذلك ،،قال أحمد ،سمعتك وسمعت والدك لا تشوبها شائبة يا أميرة فالظلم الذي وقع عليك لن يمر بل ستعاقب عليه صاحبته أشد عقاب ،ولكن ما ذنبي انا يا أميرة ،،،،،،دق قلبها بسرعة كبيرة حينما سمعت منه تلك الكلمات البسيطة لقد قالها بتلك النبرة المترجية فأجبرها علي النظر إليه ،وجدت عيناه مسلطة عليها وتلك النظرة العاشقة تملئها للحظات شعرت أنها بعالم أخر لكنها تداركت نفسها سريعا وخفضت بصرها أرضا ،ابتسمت عائشة لذلك الحب النقي وتمنت أن تزول كل تلك العقبات من طريق زواجهما ،،،،،،،،،،،
علم الحاكم اسماعيل بوجود الأمير أحمد لدي الأميرة ياسمينا فأسرع إليها حتي يري ما الأمر الذي أحضره لبيتها فهو مازال الغضب يأكله من تلك الشائعة علي ابنة صديقة الراحل ولن يسمح بأي كلمة أخري بحقها ،،،
استيقظت وهي تشعر بالاعياء الشديد وكل ما بغرفتها يدور تسمع الكثير من الأصوات ولكن صوت والدها ما ميزته بينهم جميعا فقد اشتاقت له وكانت تتمني أن تراه وأن ترتمي بأحضانه لتشعر بالامان فهي تشعر بالخوف مما يحدث حولها لم تكن تدرك أن خطأ كهذا من الممكن أن يؤدي لتلك النتائج الكارثية ،والتي تعيشها الآن وهو من صنع يدها هي وامها ،بكت بصوت لتذكرها ما حدث ،وشعرت بدفئ يده يحاوط كتفيها ليتلقاها بحضنه الأبوي الدافئ،ويرتب علي ظهرها بحنان،ليشعرها بالطمئنينة والاستقرار . واخيرا هي بحضن والدها الحبيب الطيب ،والذي منذ قدومه كان يتجاهلها تماما وكأنها غير مرئية ،شعرت بتلك الأيام الثقال بالوحدة وأحست أنها منبوذة من الجميع ،والخوف هو صديقها الوحيد ،،،،،،
يعلم صفي الدين أن ابنته الوحيدة ضعيفة الشخصية تشعر بالخوف الشديد عندما تعرف انها مخطئة ،تهرب لا تواجه اخطاءها ،لذا حاول أن يطمئنها ويدعمها حتي تهدأ فهي وان أخطأت ستظل ابنته،،،،،،،،،،،،
يتبع

مهرتي عربية أصيلةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن