الفصل التاسع عشر (عَوْدَه لمَاضِي بَعِيد )

1.9K 165 19
                                    

بسم اللّٰه الرحمن الرحيم
_______________________________

تحدث "مالك" من جديد بسخريه على حاله:

ـ في حاجة وحيده بس "سُليمان" لسه ميعرفهاش علشان أنا لسه مكتشفها من قريب ، و أنت أول حد يعرفها.

سحب نفس عميق وزفرهُ ببطء وأكمل بألم ظهر على ملامحهُ وصوتهُ:

ـ "عُد.."عُدي" طلع أخويا ، اللي أنقذ حياتي و مات مكاني طلع أخويا الصغير.

سقط "تليد" أرضًا من هول ما سمعهُ وهو يشعر أنه سيفقد الوعي من هذا الكم من الصدمات المُتتاليه عليه وتحدث بصعوبه كبيره:

ـ و أنت عرفت منين أنه أخوك؟!.

أجابهُ "مالك" بألم وهو يتذكر لحظة معرفتهُ بالأمر:

ـ يوم الدفنه لما أخدت أوراقه شفت أسمهُ أتصدمت بس مركزتش فيه من التعب و الزعل ، و من أسبوعين كده كنت بنضف الشقه و وقعت شهادة ميلاد ليه و قرأت أسمه لأول مره كامل ، عمري معرفت أسمه أعرف أنه "عُدي الأدهم" بس ، لقيت أسمه "عُدّيّ مُهْتَدي مَهْدِيْ مَجْد الدين الأدهم" ، أفتكرت أسمي على طول ، و جريت على المذكرات بتاعتي أتأكد من أسمي علشان أنا كاتبهُ و من أنا عندي عشر سنين ، أنا أسمي "مؤيَّد مُهْتَدي مَهْدِيْ مَجْد الدين الأدهم" ، و محدش في الدنيا يعرف الأسم ده غيري علشان ماما زمان كان بتحفظه ليا على طول علشان تقيل أوي ، بس المستغرب ليه هما مدوروش عليا؟! و لما سألت "عُدي" زمان ليه أخوات و لا لا قالي كان عنده أخ كبير و مات يعني أنا ، بس ساعتها قولتلهُ مش أنت دايمًا بتقول أن أهلك و أخواتك مش بيهتموا بيك بيقى ليك أخوات أهو ، قالي هما ولاد خالتهُ بس أخواته في الرضاعة يعني مش شققه ، يعني أنا أخوه الوحيد من الأم و الأب ، و برضو عرفت أن "عُدي" أتولد بره البلد و أبوه نزلهُ لما كبر و راح لـ "سُليمان".

ـ تقريبًا خافوا يحصل فيه زي محصل فيا فهربوا بره البلد ، بس مات برضو ، شكل العيله دي مش مكتوبلها عيال تعيش ، أنا كنت راجع من الحضانه عادي مع السواق بتاعي و راحت عليا نومه و لما صحيت لقتني في محافظه تانيه و في ملجأ بس طبعًا كنت صغير أوي و لسه مبعرفش أتكلم أوي بس كنت حافظ أسمي كويس بس مبعرفش أقوله علشان تقيل على لساني و كمان كان عندي تأخر في الكلام و كنت بتابع مع أخصائي تخاطب ، و يدوب قعدت سنتين أو أكتر مش فاكر و الزعيم أتبناني.

حرك "تليد" رأسهُ بتفهم وتحدث ومازال الصدمه مُسيطره عليه:

ـ بس أنت يا "مالك" قولتلي قبل كده متعرفش مين أهلك أنت كنت بتكذب؟!.

أومأ له "مالك" بحزن وتحدث ومازال نبرتهُ يغلب عليها الحزن:

ـ أيوه يا "تليد" كذبت زي مكذبت على الكل ، محدش يعرف أن عندي أهل ، و كذبت لما قولت أن "تيام" كان صاحبي و عرفني على "سُليمان" ، في الأصل "تيام" كان صاحب "لَيْل" و هو اللي بعت "سُليمان" علشان يعالجني ، أنا حياتي كلها عباره عن كذبه في كذبه يا "تليد" ، بس مش عارف برتاح ليك ليه؟! يمكن علشان عينك فيها نفس اللمعه اللي كانت في عينيه.

وَ مَازَالَ الْمَاضِي يُلاحِقني (مُكتمله) حيث تعيش القصص. اكتشف الآن