الفصل الاول

237 6 0
                                    

الفصل الأول

في شهر يونيو من عام 2015، يوم سبت، في المساء، هطلت أمطار غزيرة فجأة، وتلبدت السماء بغيوم كثيفة داكنة، مما غطى المدينة الجنوبية بأكملها في أجواء ضبابية ممطرة. على جانبي الطريق، تمايلت أشجار الدردار الأبيض بفعل الرياح، وتم تنظيف الغبار المتراكم على أوراقها الخضراء بواسطة مياه الأمطار، حتى باتت نظيفة تمامًا.

بسبب هذه الأمطار، كانت حركة المشاة والسيارات قليلة على الطريق.

على بُعد كيلومتر من هذا المكان، تقع منطقة تجارية مزدهرة مليئة بالمباني الشاهقة، وتتقاطع الشوارع فيها بشكل معقد. ومع توقف المطر بعد التاسعة مساءً، بدأت الحياة تعود إلى المنطقة وأصبحت مكتظة وصاخبة بالبشر.

على امتداد شارع في شرق المنطقة التجارية، يوجد حي مخصص للحانات، يُعدّ جنةً للمرح والاحتفال. حيث تضيء الأنوار طوال الليل، وخاصة في ساعات ما بعد منتصف الليل، حيث يمتلئ المكان بالرجال والنساء، سواء المخمورين أو اليقظين، في أجواء من الفرح والجنون.

في نهاية الشارع، في جناح بأحد الفنادق الفاخرة، كان هناك شخصان متعانقان.

كانت الإضاءة الخافتة تضفي تأثيرًا مريحًا وهادئًا، ما جعل الأجواء أكثر دفئًا وغموضًا، وكأن شرارةً قد سقطت في حزمة من القش الجاف، فاشتعلت النيران حتى أصبحت قوية ومستعرة.

كان من المفترض أن "هي تشينغ رو" تخرج هذا اليوم مع صديقتها، ولم تتوقع أن تلتقي بشخص متوافق تمامًا معها. كانت هذه المرة الأولى التي تجرب فيها تلك العلاقة، وكانت قد شعرت بالشك والتردد في البداية، لكنها الآن تخلت عن كل تلك الشكوك.

...

على مدار الثمانية وعشرين عامًا الماضية، كانت هي تشينغ رو محافظة ومتزنة في تصرفاتها، سواء في أمور حياتها أو في علاقاتها العاطفية. كانت لديها علاقة وحيدة أثناء دراستها الجامعية، وفي تلك الفترة، لم يكن المجتمع منفتحًا كما هو الآن، ولم يكن لدى الفتيات الجرأة على الإعلان عن علاقاتهن بوضوح، حيث كنّ يخفينها عن الآخرين خوفًا من أن يُكتشف أمرهن.

كانت تلك الأيام بريئة جدًا، حيث لم يكن الناس يفهمون هذه الأمور، وكان مجرد تبادل القبلة يجعلهم يشعرون بالخجل لفترة طويلة، ولم تكن لديهم الجرأة على التعمق أو التجربة أكثر.

في الحانة، حاول العديد من الأشخاص التعرف عليها، لكنها رفضت الجميع بأدب، باستثناء هذا الشخص، الذي كان مختلفًا.

كانت أطول قليلاً من هي تشينغ رو، ذات ساقين طويلتين ونسبة جسم متناسقة، وكانت ترتدي فستانًا عميق الياقة باللون الأزرق الداكن، يظهر ويخفي جمال صدرها بطريقة مثيرة، ومع ذلك، كانت ملامح وجهها توحي بالقوة والرصانة، بعينين طويلتين وأنف مرتفع، وملامح عميقة وباردة.

مثل العسل والسكرحيث تعيش القصص. اكتشف الآن