ولو بعد حين, الفصل التاسع.
بالشركة التي يعمل بها أشرف والد مريم. أخبرته سكرتيرته بضرورة المثول أمام أستاذ علي في التو واللحظة.
يدلف أشرف إلى المكتب بعد أن أذن له علي.
علي برسمية: اتفضل أعد يا أشرف.
أشرف بشكر: شكرا يا فندم.
تبدلت نبرة علي من الرسمية إلى الود قائلا: بص يا أشرف: أنا اتكلمت مع أكرم ابني في موضوع يوسف خطيب بنتك.
أشرف بتساؤل قلق: وهو كان إيه رأيه؟
علي بهدوء: هو مرحب بيه جدا وبالشغل معاه. ومستعد يآبله بكرة كمان.
صمت دقيقة مما دب القلق في قلب أشرف.
علي بابتسامة: بس هو عنده شرط.
أشرف بقلق متزايد: شرط إيه؟
علي بشرح: بص: هو هيفضل تحت الاختبار لمدة محددة بس أكرم ما آل ليش عليها؛ لحد يعني مايتأكد من أمانته وكفاءته وكدة يعني. انت فاهم بآ.
تسللت ابتسامة لشفتي أشرف, ثم تنهد بارتياح قائلا بشكر: شكرا يا أستاذ علي, مش عارف أشكر حضرتك إزاي. علي بابتسامة ودودة: لا شكر على واجب يا أشرف. وأي حاجة تحتاجها بس انت ولا عيلتك, ؤول لي عليها.
أشرف بابتسامة: شكرا مرة تانية.
ثم قال وهو ينهض: عن إذن حضرتك.
علي ومازال محتفظ بابتسامته: اتفضل.
٥ العلامة النجمية.
بمنزل مريم.
يدق جرس الباب معلنا وصول يوسف وعائلته.
فتحت أمنية الباب محتضنة يمنى قائلة بكره وهي تضربها على ظهرها: أهلا أهلا بأم خطيب بنتي.
يمنى بألم نجحت في إخفائه: أهلا يا أمنية إزيك؟
أمنية بنفس نبرة الكره: الحمد لله يختي. كويسين.
ثم نظرت إلى سندس موجهة حديثها قائلة: أهلا يا سنسن. إزيك؟
سندس بسخرية: سنسن! ثم أكملت بضيق: الحمد لله يا طنت.
انتظرت أمنية أن تسلم عليها سندس, لكنها خيبت آمالها.
نقلت بصرها إلى يوسف قائلة بعدم ترحاب: أهلا يا جوز بنتي المستقبلي. منور.
يوسف بأدب: أهلا يا طنت.
في هذه اللحظات: كانت مريم تتمم تجهيز نفسها, ثم خرجت إليهم قائلة بإحراج: أهلا يا جماعة اتفضلوا, وأفين ليه؟
ثم نظرت إلى والدتها بغضب ثم قالت بهدوء بعكس العاصفة التي تموج بداخلها: ماتدخليهم يا ماما. ولا هنسيبهم وأفين كدة كتير.
أمنية بضيق: اتفضلوا يا جماعة منورين.
بادلها عبد الله الضيق قائلا: شكرا دا نورك. ثم استطرد متسائلا: ؤومال فين أشرف؟
لم يمهل أشرف أحدا الفرصة للرد؛ حيث دخل في هذا الوقت قائلا بترحاب: أهلا أهلا بأحلى نسايب في الدنيا. منورين والله.
عبد الله بابتسامة وهو يصافحه: أهلا يا أشرف. البيت منور بيكم.
أشرف بابتسامة موجها حديثه ليوسف: منورنا يا يوسف.
بادله يوسف الابتسام قائلا: دا نور حضرتك يا عمي.
أشرف بابتسامة وهو يشير إلى مائدة الطعام: شكرا يا جو.
يلا نكمل كلامنا وإحنة بنتعشا.
٥ العلامة النجمية.بسيارة عمرو الألفي: تجلس ليلى بالمقعد الأمامي وتجلس حور بالمقعد الخلفي.
حور بتعب: آه, رجلي متدمرة. خلاص مش آدرة.
ليلى وهي ترسل قبلة لابنتها في الهواء: معلش يا بنتي. لزوم الشغل.
عمرو بابتسامة ماكرة: طب هو مافيش حاجة للغلبان الي متنيل على عينه وبيلف معاكوا من الصبح؟
خجلت كثيرا وتوردت وجنتاها بحمرة الخجل. نعم, هي لم تقوَ على الرد.
أنقذت حور الموقف قائلة بتساؤل: هو إحنة رايحين فين يا بابا؟
عمرو وهو ينظر لليلى: رايحين نتعشا يا روح بابا.
ليلى باستغراب: نتعشا! انت ومين؟
عمرو وهو ينظر إليها أكثر: أنا وحضرتك ومعانا حور فوء البيعة.
حور بتساؤل خجل: خلاص يا بابا؟ هانروح بكرة؟
عمرو بتفكير: آه يا حبيبتي. بس بالليل؛ عشان عندي مستشفى.
ليلى بتلقائية: لا لا روح بعد بكرة. مالحئتش أشبع منك. ثم تداركت الموقف قائلة بتلعثم: ااا. أصدي. ااا. مالحئناش نشبع منك.
عمرو: بخبث: لا والله؟
حور مكملة: ايوة يا سيدي. الله يسهل له.
مال عمرو هامسا في أذنها قائلا بصوت رخيم: على فكرة: أنا مش رايح المستشفى. أنا وانتي رايحين مشوار مهم أوي. لازم تبئي معايا فيه.
ليلى بفضول: مشوار إيه؟
عمرو بغموض: لا مينفعش. يلا بآ عشان أنا جعة. ثم أكمل بمكره المعتاد: يرضيكي جوزك حبيبك يفضل جعان؟
ليلى بتلقائيتها المعتادة: لا. ثم اختفت من أمامه مسرعة وهي تضع يدها على قلبها الذي ينبض بعنف. تكاد نبضاته تصم آذانها.
٥ العلامة النجمية.
بمنزل عمرو الألفي.
يرن جرس الباب معلنا وصول والديه.
عائشة بترحاب: أهلا وسهلا يا جماعة. اتفضلوا.
هنية بحزمٍ كعادتها: فين ستك ليلى؟
عائشة بسرعة: خارجة مع سي عمرو بيه والست حور هانم.
شُلَّ لسانهما إثر إجابتها.
أحمد بتساؤل: انتي متأكدة؟
عائشة بتأكيد: آه طبعا يا بيه. ثم أكملت باحترام: اتفضلوا ارتاحوا ولما يوصلوا هديهم خبر.
هنية بتساؤل: ماتعرفيش هيرجعوا إمتا؟
عائشة بعدم معرفة: لا والله يا ست هانم.
أحمد بأمر: طيب روحي هاتيلنا أهوة.
عائشة بامتثال: حاضر يا فندم.
٥ العلامة النجمية.
بمنزل مريم, وتحديدا في الصالون: جلس الجميع يحتسون أكواب الشاي.
كل منهم يشعر بمشاعر مختلفة.
أما عن, يمنى: فهي تشتاق لعمرو, تتساءل كيف حاله الآن؟ هل هو بخير؟ أهو سعيدٌ مع زوجته الحالية؟ أم يشتاق إليها؟
أما عبد الله: يشعر بمشاعر كثيرة: تارةً يشعر بالحنق من يمنى, والغيرة عليها, وبالحنق على عمرو. حتما سيقضي عليه هنا, حتى لو وصل الأمر لقتله.
أما مريم ويوسف: فكانا في عالم آخر, يسترقان النظر لبعضهما, تتعانق أعينهما, وتعزف قلوبهما سينفونية رقيقة على أوتار الحب.
أما سندس: فتشعر بلا شيء. فقط تشعر بالحنق من نفسها. كيف لها أن تظل كل هذه الفترة لا تحادث والدتها؟ لكنها عزمت أمرها للصلح, ولن تهدأ حتى تتصالحا.
٥ العلامة النجمية. قطع أشرف الصمت الذي أطبق على المنزل للحظات قائلا: طبعا انتوا بتسألوا هتعدوا فين؟
عبد الله بتنحنح: إحم. لا إحنة هندور على سمسار كويس ناخد شأة كويسة منه.
أشرف بعتاب: عيب عليك يا رجل. هي الحكاية دي تفوت عليا بردو؟
أنا ختلكوا شأة في العمارة الي ورانا
يوسف بامتنان: والله كدة كتير يا عمي.
أشرف بابتسامة: لا متؤولش كدة يا يوسف. مافيش بيننا الكلام دا. وبعدين انت ابني الي أنا ماجيبتوش.
بادله يوسف الابتسام قائلا بشكر: شكرا يا عمي. والله إحنة مش عارفين نودي جمايل حضرتك دي فين.
أشرف بابتسامة ودودة زادته وسامة على وسامته: لا عيب يا جو. مافيش جمايل ولا حاجة. لا شكر على واجب.
ثم قال متذكرا وهو يعطيه ورقة ما: اتفضل يا سيدي, آدي عنوان أستاذ أكرم. تئدر تروحله بكرة في أي وأت, بس خليك لآخر النهار عشان تكون ارتحت شوية م السفر وكدة يعني.
يوسف بحماس: لا لا. أنا هاكون عنده م النجمة.
أشرف وقد زادت ابتسامته: لا لا. حيلك يا ابني مش للدرجادي.
ثم نقل بصره إلى عبد الله قائلا: وانت يا حاج عبد الله. أنا مش ناسيك, وإن شاء الله هاشوف لك شغلانة تليئ بمآمك.
عبد الله بامتنان: شكرا يا أشرف. بنتعبك معانا أنا عارف.
أشرف بنفس الابتسامة: لا متؤولش كدة.
*****.
بقصر عمرو الألفي: عاد ثلاثتهم وقد أنهكتهم مشاوير حور, وكل منهم يشعر بمشاعر غريبة, لكنها جميلة في نفس الوقت.
أما عن عمرو: فلأول مرة يتناسى يمنى, ويشعر بالارتياح لليلى, خاصةً أنها لم تسئ له قط؛ فهو المسيئ في حقها.
أما ليلى: فكانت تعتبر أن كلمات عمرو أرجوحة جميلة, ممتعة, يتأرجح عليها قلبها الصغير ويلهو ويلعب بكل براءة. أما حور: فكانت تشعر بسعادة لا توصف؛ فهي بين والديها الآن. عزمت أمرها أن تبدأ صفحة جديدة ناصعة البياض مع ربها. ستكون عزيزة, حتى يسلمها أبيها إلى الملك الذي يحافظ عليها.
*****.
في صباح اليوم التالي: استيقظت ليلى على طرقات خفيفة.
ليلى بنعاس: مين؟
عائشة برسمية: أنا عائشة يا ليلى هانم.
ليلى بانتعاض: وعايزة إيه يا عائشة؟
عائشة بسرد: امبارح أحمد بيه وهنية هانم جم. وأنا ؤولت لهم إن حضراتكم خارجين. وهما دلوأتي مستنيين حضراتكم عا السفرة تحت. أنا خلاص حضرت الفطار.
ليلى بأمر وهي تفرك عيناها: طيب روحي صحي ستك حور.
عائشة بامتثال: حاضر.
*****.
ليلى بخفوت وهي تربط على ظهره بحنان: عمرو. عمرو. يلا اصحى.
عمرو بتأفف: في إيه يا ليلى؟
ليلى باختصار: باباك وممتك تحت عا السفرة.
عمرو بانتباه وهو يجلس: طيب, أنا هنزل بس بشرط.
ليلى باستغراب: شرط! ثم أردفت بتساؤل: شرط إيه؟
عمرو بابتسامة خبيثة: تجيبيلي وحدة زي الي جبتيها لحور امبارح.
ليلى ببلاهة: وحدة إيه؟
عمرو بنفس الابتسامة وهو يقبلها على جبينها: زي دي مثلا.
تراجعت خطوة للخلف قائلة بخجل: أنا نازلة
عمرو محاولا اصطناع الجدية: أنا كمان نازل. رايح مشوار مهم. ثم أكمل محاولا إثارة غيرتها: هاشوف وحدة تدهالي طالما مراتي مش عايزة تديهالي.
ليلى بعصبية خفيفة: نعم؟
ثم وضعت على جبينه قبلة رقيقة وجرت مسرعة من أمامه.
*****.
بمنزل عبد الله: عبد الله بصوتٍ عالٍ بعض الشيء: يمنى. يا يمنى.
يمنى بنعاس: في إيه يا عبد الله؟ عايز إيه؟
عبد الله وهو يناولها بعض الأكياس: خدي. اعملي لنا الأكل دا خلينا نفطر.
يمنى بامتثال: حاضر. ثم أكملت بتساؤل: بس انت مستعجل ليه؟
عبد الله بجفاء: عشان ابنك يؤوم يشوف مصلحته. ولا انتي عايزة الشغلانة تطير من إيده, ونعد عالة على نسايبه؟
يمنى بهدوء: ماهو هايروح آخر النهار, على بال مايكون ارتاح.
عبد الله بعصبية: براحتكم. بس لو الشغلانة طارت عرفيه إنه مالوش مكان في بيتي. وسيبيه بآ يروح يدور على أبوه يصرف عليه.
يمنى بعصبية هامسة: اسكت. وطي صوتك.
عبد الله بضيق: وطيته يا يمنى. بس مش هصبر كتير. فاهمة؟
*****.
لم يفكر عبد الله للحظات أن سندس قد سمعت كل ما تفوه به.
سندس بحيرة: باباه مين؟ هي ماما كانت متجوزة أبل بابا؟ ثم وسوس شيطانها لها بفكرة أرعبتها, قالت لنفسها بفزع: يعني أنا ممكن أكون مش بنت عبد الله وأكون بنت الرجل التاني الي ما حدش عارف هويته إيه؟
قطعت يمنى شرودها قائلة بخضة: مالك يا سندس؟ وأفة مسهمة كدة, ليه؟
سندس بشرود تام: مافيش يا ماما.
عادت يمنى لجفائها قائلة: طب يلا عشان تفطري, بس صحي يوسف الأول.
سندس بامتثال: حاضر.
*****.
بعيادة عمرو الألفي:
شمس بابتسامة حزينة: صباح الخير يا تيسير؟ إزيك؟
هبت واقفة من مكانها قائلة باحترام: صباح النور يا دكتورة. الحمد لله. ثم أكملت بعزاء: البقاء لله, وربنا يجعلها آخر الأحزان.
شمس بنفس ابتسامتها: شكرا يا تيسير, متحرمش منك. ثم أكملت بأمر: بلغي دكتور معاذ إني عايزاه.
تيسير بامتثال: حا.
قطع كلامها دخول أماني قائلة برسمية: صباح الخير.
تيسير برسمية مماثلة: صباح النور يا هانم. ثم أكملت بتساؤل: اسمك؟
أماني بطلب: أنا عايزة دكتور عمرو الألفي.
تيسير باعتذار: معلش يا فندم هو مش بييجي العيادة غير كل فين وفين. ثم أشارت لشمس قائلة: دكتورة شمس مع حضرتك لو عايزة توصلي له حاجة.
أماني بضيق: لا خلاص. هاروح له المستشفى.
*****.
أنت تقرأ
رواية ولو بعد حين.، الجزء الأول
Romanceقالوا عنها خائنة فصدقهم وكذبها. حاول أن ينسى فظلم. حاولت أن تعيش فماتت. لم يعرف أنها تمتلك جزءً منه. ولم تعرف أنها ﻻزالت تمتلك قلبه إلى الآن. فهل سيتجدد اللقاء بينهما يوماً ما؟ هل سيعرف الحقيقة؟ وهل بعدما أصبح لكلٍ منهما طريقاً ستلتقي الطرق؟...