الفصل الرابع بعد العشرين، الجزء الأول:

256 157 18
                                    

السلام عليكم يا قرائي الأعزاء.
أخباركم إيه؟
يا رب تكونوا في أفضل حال إن شاء الله.
دا الجزء الأول من الفصل ال٢٤ وإن شاء الله لو الأصوات وقلت ل٣٠٠ في نص الإسبوع هنزل الجزء الثاني.
وإن شاء الله لو وصلنا ل١٠٠٠ صوت والرواية ما كانتش خلصت هننزل بفصلين في الإسبوع.
همتكم معايا بقى.
بالمناسبة أنا كنت مبسوطة قوي قوي من تفاعلكم في الإسبوع اللي فات.
ويا رب الإسبوع دا يكون أكبر بإذن الله.
يلا أسيبكم مع الفصل ويا رب يعجبكم.
قولي لي رأيكم في الكومنتات والفوتينج ماتنسوهوش.
سلااااااام.
ولو بعد حين، الفصل الرابع بعد العشرين، الجزء اﻷول: 
بالقسم:
جلس آدم على مكتبه واضعاً وجهه بين راحتيه بتعب، يحاول ترتيب أفكاره فيما يخص حور وعمرو وما شابه من هذه اﻷمور.
يعلم -تمام العلم- أن عمرو في غاية القلق اﻵن على ابنته، وبالتأكيد يتساءل عن السبب الذي جعلها تلتقي بآدم دون علمه؟
ضرب الجرس مستدعياً العسكري يطلب منه إحضار عمرو أمامه اﻵن.
لم يسمع رده ولم يركز في تقديمه للتحية العسكرية ﻻنشغاله بأمر شقيقته.
أخرج هاتفه النقال واتصل بها هاتفاً بضيق:
شمس عاملة إيه؟
هتفت اﻷخرى بإجهاد:
الحمد لله يا آدم. أنت فين يا حبيبي؟
أنا لسة عندي شوية شغل كدة هخلصه وهاجي على طول. مش هتأخر يعني إن شاء الله.
هتف بها بنبرةٍ عاديةٍ سرعان ما تحولت لهتافه المتسائل ببعض الصرامة:
أنتِ اللي فين كدة؟ شكلك مش في العيادة؟
وصلته ضحكتها الرائقة على الجانب اﻵخر وهي تهتف بمزاح:
إيه دا يا حضرة الظابط. أنت مراقبني وﻻ إيه؟
وتحريات موسعة كمان.
إيه دا كله يا دمي. ﻻ طلع يتخاف منك.
يعلم أن ثرثرتها الكثيرة تلك تحاول بها إخفاء شيء ما ﻻ تريده أن يعرفه فأردف بهدوء:
ﻻ وﻻ مراقبة وﻻ حاجة.
أنا واثق جداً في تربية ندوش الله يرحمها بس شوفتك في المستشفى ﻷني كنت هناك.
هتفت بلوم مصطنع:
بقى كدة يا وحش. تعدي على المستشفى وما تفكرش حتى تسلم عليا؟ وﻻ كأن عندك واحدة زي القمر اسمها شمس خالص؟
في هذه اﻷثناء سمع طرقات العسكري على الباب.
استني.
هتف بها بجديةٍ ثم أذن لشاهين بالدخول.
دخل وهو يطرق برأسه في اﻷرض كعادته هاتفاً بعد ما قدم التحية العسكرية:
المتهم يا فندم.
هاته.
أشار شاهين لعمرو فتبعه بالدخول.
أشاح شاهين بوجهه للناحية الأخرى بعد ما رماه بنظراتٍ محتقرة بينما سلط آدم نظراته الذاهلة على مﻻمحه المجهدة ووجهه المليء بالكدمات إثر ما فعله به أبواه.
هتف آدم وﻻزال مسلطاً نظراته على وجهه:
تفضل أنت يا شاهين واقفل الباب وما تدخلش حد عليا دلوقتي غير لما أقول لك. وكمان هات لي فنجان قهوة وسندوتش.
ظهر اﻻعتراض جلياً على مﻻمح شاهين وهو يهتف بحياء:
حاضر يا فندم. بس المساجين بيتكلموا يعني إن حضرتك كل شوية بتستدعي المتهم وهما ﻻ وبيسألوا يعني عن السبب.
قاطعه آدم بضربةٍ قويةٍ على المنضدة أمامه وهو يهتف بصرامة:
اللي يتكلم يتكلم أنا حر. لما يﻻقوه بياخد حاجة زيادة عنهم يبقوا يتكلموا.
يﻻ يا شاهين ما توجعش دماغي. أنا مش ناقص.
لم يضف اﻵخر كلمة أخرى فقدم التحية العسكرية وخرج وتركهما، بينما عاد آدم يلتقط الهاتف من على المنضدة يكمل حديثه مع شمس وهو يسلط نظراته على وجه هذا البائس الذي يقف أمامه، يستجديه بنظراتٍ يطلب منه بصمتٍ فيها أن يطمئنه على حور دون أن ينبس ببنتشفة.
هتفت شمس على الجانب اﻵخر بفخرٍ حقيقي:
إيه يا آدم الحﻻوة دي.
دمت لي فخرا يا أخويا.
شمس. أنتِ روحتِ إزاي النهاردة من المستشفى؟
مع دكتور معاذ.
جابت بها بتلقائية ثم استطردت:
أخته كانت تعبانة قوي يا آدم. بعد ما اتطمنت عليها هو صممم يوصلني فاتحرجت أقول له ﻻ.
وهو ينفع تركبي معاه العربية لوحدكم وأنتِ عارفة إنه يحل لك. وعارفة إنك كدة بتحطي نفسك في شبهة أنتِ في غنا عنها؟
هتف بها بنبرةٍ هادئةٍ لكنها تحمل توبيخاً قدر ما حملته من هدوء فتلعثمت في الحديث ولم تعقب بينما أطلت من عيني عمرو نظرة فخورة وأمنية نبتت في القلب أخمدها في مهدها.
أنا يا شمس مش بقول لك كدة علشان حاجة وﻻ علشان كﻻم الناس أنا ما يهمنيش دول وأنتِ عارفة.
أنا كل اللي يهمني أنتِ.
كل اللي بخاف عليه هو أنتِ.
أنتِ الوحيدة اللي باقية لي في الدنيا بعد ندوش الله يرحمها.
اختنق صوته في الجملة اﻷخيرة وتحررت عبرة خائنة مسحها سريعاً بطرف إصبعه ثم أردف وقد وصله نشيجها الخافت لتذكر الراحلة الغالية:
أنا عايزك تكوني أحسن واحدة يا شمس. مش عايزك في يوم ترجعي تلومي نفسك على غلطة زي دي. وﻻ تشيلي ذنب الناس بتشوفه بسيط وماهوش حاجة وهو عند ربنا كبير.
وﻻ حتى اللي اسمه معاذ دا يفكر عنك أي حاجة  دق ر الله وﻻ يعتقد إنك سهلة وﻻ حاجة ﻷنك الحمد لله مش كدة وﻻ عمرك هتكوني كدة.
حاضر يا آدم أنا آسفة.
أنا ما حسبتهاش كدة والله وما فكرتش فيها كدة خالص. أنا بس كنت عايزة أوجب معاه مش أكتر.
هتفت بها باعتذارٍ ثم أردفت تفصح له عن مكنون صدرها:
بالمناسبة هو عايز يخطبني، وكلمني في الموضوع دا أكتر من كدة. بس أنا قلت له يكلمك وما اديتوش أي رأي في الموضوع دا خالص.
طرقات العسكري على باب المكتب جعلته يضع الهاتف على المنضدة ويأذن له بالدخول، ليدخل هو ويضع ما طلبه منه أمامه وينصرف دون كﻻم.
عاود اﻹمساك بالهاتف وهو يسألها بحنان:
وأنتِ رأيك إيه؟
شايفاه مناسب ليكي يعني وﻻ إيه؟
مش عارفة يا آدم بصراحة. أنا قلت أصلي استخارة اﻷول وبعدين أنت تعمل تحرياتك عنه ونشوف.
دي تحريات موسعة عنه وعن عيلته كلها. هو هياخد جوهرة يبقى ﻻزم أعرف عنه كل حاجة وعن عيلته.
اديني اسمه بالكامل.
معاذ متولي عبد المجيد.
هتفت بها ثم أضافت بدعاء:
عقبال لما تجيب لي أخت تانية كدة وأحبها ونكون صحبة يا رب.
إن شاء الله.
هتف بها وابتسامة خجلة ترتسم على محياه ثم أضاف وهو يتناول ما أحضره شاهين من طعام:
عايزة حاجة دلوقتي.
هتفت بدعاء:
عايزة سﻻمتك يا حبيبي. بس ما تتأخرش بالله عليك.
حاضر يا ستي في سﻻم الله.
هتف بها بحنانٍ أخوي ثم أغلق المكالمة واستدار بمقعده حتى أصبح قبالة عمرو فهتف بعملية:
إزيك يا دكتور؟
الحمد لله.
نبرته مجهدة. بل مجهدة جداً في الحقيقة. لكن مهﻻً. بها شيءٌ آخر. بها كسرة ﻻ تخطئها أذن.
أشفق على حاله وهو يهتف ببعض الود:
واضح إنك مجهد يا دكتور.
فعﻻً.
هتف بها بتأكيد.
ود لو يسأله عن حورٍ إﻻ أنه استحى منه لكن آدم أضاف بنفس ابتسامته:
هو إيه اللي حصل يا دكتور؟ هما المساجين قرروا يستقبلوك وﻻ إيه؟
هتف الآخر بسخرية مريرة:
ﻻ. أهلي قرروا يعروا لي حقيقتهم قدامي. قرروا يشيلوني ذنب ظلم إنسان مالوش أي ذنب غير.
قطع كﻻمه غصة تقف في حلقه فهتف آدم بعدم فهم:
أنت عارف إن أي معلومة ممكن تخليني نمسك أي خيط في القضية المعقربة دي.
ﻻ ما تقلقش يا حضرة الظابط.
دي حاجة ما تهمش القضية.
هتف بها بمرارةٍ فزاد من إشفاقه على حاله المزري فهتف بعمليةٍ كي يحثه على البوح بما يعانيه:
أنا اللي أقول يا دكتور المعلومات دي تهم القضية وﻻ ﻻ. هل أنا أقدر أفتي في الطب؟
بالتأكيد ﻻ.
أنت كمان ما تقدرش تفتي في القانون.
يبقى كل واحد يفتي في مجاله.
لم يعقب على ما قاله بل هتف ولم يغالب دموع القهر هذه المرة:
عرفوني كل حاجة عن يمنى اللي حكيت لك عليها. قالوا لي إنهم بعدوها عني لمجرد إنها كانت خدامة عندنا. كانوا فاكرينها نزوة في حياتي وهزهق منها وهرميها بعد كام يوم.
لعبوها صح وفي اﻵخر جايين يذلوني ويقولوا لي شوف إحنة كنا بنلم وراك قد إيه.
أنا ظلمت اتنين معايا ما كانوش يستاهلوا كل اللي حصل دا.
ظلمت ليلى لما اتجوزتها وما كنتش لسة فوقت من حب يمنى واعتقادي بخيانتها المزعومة ليا، وظلمت يمنى لما خليتها تدخل العالم بتاعي وفي اﻵخر ما قدرتش أحميها وحصل فيها كل دا.
وظلمت ابني اللي معرفش عنه حاجة خالص وﻻ أعرف أراضيه فين؟
شهق من الصدمة وهو يهتف:
ابنك!
أنت عندك ابن؟
هتف بضياع:
ما بقيتش عارف الحقيقة من الكذب يا حضرة الظابط.
ما بقيتش عارف وﻻ واثق حقيقي.
هتف آدم بفضول:
ﻻ. أنت تقعد كدة وتحكي لي كل حاجة من اﻷول على رواقة يا دكتور.
أتته الشجاعة أخيراً ليسأله عن حور فهتف بحياء:
ممكن طيب تطمني على حور اﻷول؟
ابتسم اﻵخر بتفهمٍ وهو يهتف بإيجاز:
هي كويسة حالياً. حتى مامتها وصلت لها الحمد لله وراحت لها. وممكن تخرج من المستشفى بكرة كدة.
مستشفى؟
قاطعه بهتافه الجزع ثم أضاف بقلق:
أرجوك قل لي هي عندها إيه؟ انقلوها المستشفى بتاعتي حتى.
ضحك اﻵخر على قلقه المبالغ فيه لكنه هتف بتقدير:
ما تقلقش يا دكتور.
الموضوع مش مستاهل ننقلها المستشفى بتاعتك يعني.
هو مجرد انهيار عصبي بس، وبعدين هي كانت أحسن واحدة في التﻻتة.
هتخرج بكرة إن شاء الله وهاجولك زيارة وتطمن عليها بنفسك، بس بعد ما تحكي لي  ﻻزم نتكلم مع بعض في اللي هيحصل الأيام الجاية.
....................
؟
بالمشفى:
سارت ليلى بجواره تاركين حور بغرفتها حتى تزورَ غريمتها وتأتي لاصطحابها للمنزل بعد اطمئنانها على صحتها من الطبيب.
أما يوسف فكان عقله يركز على شيءٍ واحدٍ فقط، ويطرح الكثير من اﻷسئلة التي ﻻ إجابات لها والتي هي أصﻻً ﻻ تنتهي.
ما عﻻقة ليلى بوالدته؟
لمَ تكن ليلى العداوة لوالدته على الرغم أنهما لم تكن بينهما معرفة مسبقة من قبل؟
كيف أصﻻً كانتا ستلتقيان؟
مستحيل.
هذه كانت في محافظة وهذه في محافظة أخرى.
هذه تعيش بمستوى عالٍ في الماديات، ووالدته مثل معظم الناس تملك قوت يومها والحمد لله.
قطع تساؤﻻته وصوله أمام باب غرفتها.
بدأ قلبيهما يدق من التوتر في نفس الوقت، بينما رفع يوسف يده يطرق الباب بهدوء.
أتاه صوت يمنى الهادئ وهي تهتف بحنانها اﻷموي الذي وصله وشعر به رغم المسافة بينهما:
ادخل يا حبيبي.
ما شاء الله عرفتك.
هتفت بها ليلى باستغرابٍ فابتسم يوسف لمﻻحظتها وهو يهتف بحب:
أمي حافظاني وحافظة كل تحركاتي.
فتح الباب وظل واقفاً فناظرته سندس بتعجبٍ هاتفة:
إيه يا ابني، واقف كدة ليه عندك؟
معايا ضيفة يا أمي. أدخلها؟
حاولت ليلى أن تشرئبَ بعنقها لتلقي نظرةً على غريمتها إﻻ أن جسد يوسف القوي حال دون ذلك، فلم تستطع النظر إﻻ لجانب وجه سندس فقط.
أيوة طبعاً يا يوسف، وهي دي فيها استئذان. أهﻻً وسهﻻً طبعاً.
هتفت بها بترحابٍ وابتسامة جميلة تزين ثغرها وهي تعتدل في جلستها بمساعدة سندس.
اتفضلي يا ليلى هانم.
هتف بها بنبرةٍ مرحبةٍ هو اﻵخر وهو يفتح الباب على مصرعيها ويتقدمها خطوتين نحو الداخل مفسحاً لها الطريق.
دخلت اﻷخرى ملقية السﻻم بنبرتها الأرستوقراطية وعيناها ﻻ تحيد عن وجه يمنى.
تعجبت يمنى من نظرات تلك الغريبة لكنها ردت عليها السﻻم ثم هتفت مشيرة لها نحو المقعد المقابل:
اتفضلي  يا حبيبتي واقفة ليه؟
تعالي اقعدي.
تقدمت ليلى نحو المقعد الذي أشارت إليه وﻻزالت تتفحصها بنظراتها مما جعل يمنى تشعر أنها تخترقها.
عرفت نفسها بقولها:
أنا ليلى الجندي. زوجة الدكتور عمرو اﻷلفي.
في هذه اللحظة كان ثﻻثتهم يسلطون أنظارهم على وجه يمنى الذي حاولت الحفاظ على جمود تعبيراته إﻻ أنها فشلت في ذلك تماماً.
الشوق. الغيرة. اﻷلم.
الشوق له ولتدليله لها ومعاملته لها كملكةٍ متوجةٍ على عرشه.
اﻷلم منه والحزن عليه.
لم يبحث عنها حتى كي يعاتبها ووقتها فقط كانت ستعلمه الحقيقة.
اﻷلم لحصول أخرى على هذا اللقب وهي التي لم يكن يشغلها شيء سوى الحصول عليه في يومٍ ما والعيش في كنفه.
والغيرة من حصول أخرى على كل هذا واﻹنجاب منه أيضاً ولم يعش ابنه في حضنه ولو لثانية واحدة، بل نُسِبَ لرجلٍ آخر حفاظاً على حياته.
أهﻻً وسهﻻً.
نورتينا يا مدام ربنا معاكوا يا رب.
هتفت بها سندس كعادتها تتدارك هذه المواقف التي توضع فيها والدتها رغماً عنها فهتفت ليلى بحزن:
تسلمي يا حبيبتي.
هتفت يمنى أخيراً:
أنا سعيدة بزيارتك يا مدام. يوسف كلمني عنك وحور بنت حضرتك كانت عندي الصبح. ربنا يبارك لك فيها يا رب.
هتفت ليلى برجاء:
اللهم آمين.
آه صحيح يا مدام هي أخبارها إيه؟
هتفت بها سندس بمودة فهتفت ليلى برضى:
الحمد لله يا حبيبتي يسلم سؤالك.
ليه هي مالها؟
مافيش يا أمي اتعرضت لحادثة كدة بسيطة جت فيها المستشفى.
هتفت بجزع:
وهي كويسة دلوقتي؟
ثم حولت بصرها نحو ابنتها هاتفة بتوبيخ:
وتبقي عارفة وما تقولي ليش يا سندس حتى كنا نروح نشوفها؟
يا ماما. أنا ما رضيتش أقلقك. وأنا كنت شوية وهاروح أشوفها بنفسي.
مريم حصل لها حاجة يا يوسف؟
هتفت بها يمنى بتساؤل فهتف يوسف بكذبٍ يطمئنها:
ﻻ يا حبيبتي هما كويسين كلهم الحمد لله ما تقلقيش.
هتفت يمنى بأدبٍ بعد ما عادت ببصرها نحو التي تراقب جميع تصرفاتها عن كثب:
تشربي إيه يا حبيبتي؟
هتفت ليلى باحترام:
شكراً يا مدام يمنى. أتمنى تكون صحتك اتحسنت.
هتفت اﻷخرى برضى:
الحمد لله على كل حال.
مافيش حاجة بتحصل إﻻ وفيها خير.
الغريب أنها ﻻ يليق بها ما اعتقدته عنها وما رسمته لها في عﻻقتها بعمرو، لكنها ﻻ تجد مسمًى آخر لعﻻقتهما سوى ما فكرت فيه.
عشيقته وربما تابت عن ذنبها واﻵن هي تكفر عنه.
هتفت ليلى محاولةً استخراج منها أي معلومة:
أنا آسفة هضطر أمشي بقى علشان احتمال أستاذ أكرم يظبط لي زيارة يا يوسف لعمرو.
هتف يوسف بما صدمها:
هو فعﻻً كان شكله صعب قوي يا ليلى هانم. الله يكون في عونه. كان يائس ومجهد جداً.
نعم. هو أنت كنت عنده؟
سألته باستغراب فأردف الآخر باستغرابٍ مماثلٍ:
آه. دا طبيعي. أنا كنت بحضر التحقيق.
ربنا يفك كربه إن شاء الله.
هتفت بها يمنى بدعاءٍ صادقٍ فهتفت ليلى متجاهلة -مؤقتاً- حنقها من أكرم علي:
تصوري. لما عرف إنك كنتي تعبانة قال لي أنقلك المستشفى عنده. بس أنا ما شوفتش يوسف علشان أقول له ورقمه مش معايا للأسف.
هتفت يمنى وهي تحاول الحافظ على رباط جأشها:
فيه الخير الدكتور. اشكريه لما تشوفيه يا مدام.
حاولت أﻻ تخرجَ حرفاً يؤخذ عليها في ما بعد بينما هتفت سندس بمواساة:
إن شاء الله القضية دي تعدي كأنها لم تكن. الدكتور كانت سيرته بين الناس كويسة.
هتفت ليلى بأسف:
القضية دي جت وغيرت كل حاجة يا سندس. هو أوﻻً اعترف ﻷهله بكل حاجة. وثانياً اﻷدلة كلها ضده ودلوقتي إحنا هنسعى إننا نطالب بتخفيف الحكم والدافع إنها كانت بتبتزه.
مستحيل.
أهله دول أصﻻً بيعادوا نفسهم.
وأكيد فكرة اعترافه بكل حاجة كذبة هما اخترعوها وهيقنعوا بيها كل اللي حواليهم بمنتهى الاحترافية، زي ما كذبوا زمان.
تنحنحت سندس بصوتٍ عالٍ تنبه والدتها للخطر القادم فصمتت اﻷخرى كأنما سُكِبَ عليها دلو من الماء فهتفت ليلى بتعجبٍ وقد وصلت لمبتغاها أخيراً:
وأنتِ عرفتِ إزاي إنها كذبة؟
أنا كنت بشتغل عندهم زمان، وأبويا كان بيشتغل حارس للقصر.
وبعدين؟
هتفت بها بتساؤلٍ فأردفت اﻷخرى بمرارةٍ:
وﻻ حاجة. اتجوزت بقى الحمد لله وسبت الشغل من سنين وسبت المحافظة كلها.
آه.
وباباكي فين بقى؟
هتفت ليلى بها فهتفت الأخرى بحزن:
مات الله يرحمها وبعدها اتجوزت بفترة مش طويلة.
هتفت ليلى بدعاءٍ وهي تنهض:
الله يرحمه يا حبيبتي.
تمسكت يمنى بكفها هاتفة برجاء:
يا مدام أنا كنت أعرف دكتور عمرو ﻷنه وقتها ما كنتوش اتجوزتوا فكان موجود أغلب الوقت في القصر.
وبقول لك إنه ما يقتلش ومستحيل يكون زي ما أهله قالوا عنه.
ماتخسريهوش وماتسيبيهوش في عز ما هو محتاجك.
هتفت اﻷخرى ولم تستطع منع دموعها من الهطول:
يعني لو كان جوزك كنتِ هترضي يمشي مع دي ومع دي وﻻ كأنه متجوز واحدة ومخلف منها.
كنتي هتحسي بإيه طيب والناس كلها بتقول إنك مش مكفياه علشان كدة دور على غيرك وبص برة.
معاملته الجافة كنتي هتستحمليها؟
طب وبعدها تﻻقي صور زي دي في الجرايد هتحسي بإيه؟
أشفقت يمنى على حالها فنهضت من فراشها أخيراً تحتضنها وتربت على ظهرها برفقٍ بينما انخرطت ليلى في بكاءٍ مرير:
هتفت تواسيها:
مين عارف. يمكن خير. ما حدش عارف الخير فين. يمكن يرجع لك أحسن من اﻷول. لما يﻻقيكي وقفتي معاه وما سبتيهوش. هيعرف قيمتك وقيمة اللي كان مضيعه من إيده السنين اللي فاتت دي.
بس اعذريه وقدريه وأنتِ هتﻻقيه أحن عليكي من أي حد.
هتفت ليلى بغموض:
ربنا ييسر بقى. ما حدش عارف اﻷيام اللي جاية هايكون فيها إيه.
ودعتهم ليلى باقتضابٍ على وعدٍ بلقاءٍ آخر بينما ذهب يوسف معها يوصلها إلى غرفة حور، وانفجرت يمنى في بكاءٍ مريرٍ على الجانب اﻵخر.
احتضنتها سندس وهي تهتف بتساؤل:
ماما بتعيطي ليه بس دلوقتي؟
منه وعليه.
ليه يعمل في نفسه كدة؟
ليه يسيب الناس تتكلم عنه وماتبقيش عارفة تدافعي عنه بكلمة؟
ليه ما أبقاش عارفة أقول لها إنه أحن رجل شوفته في حياتي؟
ما كنتش عارفة أقول لها إني ما عشتش أيام حلوة في عمري غير لما كنت مراته؟
واستها سندس بهتافها:
معلش يا ماما. ربنا يكون في عونها ويصبرها.
يا رب بس توصل للقرار الصحيح وما تتهورش وتسيبه زي ما هو كان واضح من نبرتها.
هتفت بها يمنى بدعاءٍ وهي تتمنى فقط لو تهاتفه وتخبره أنها بجواره مهماً حدث.
.....................

رواية ولو بعد حين.، الجزء الأولحيث تعيش القصص. اكتشف الآن