ولو بعد حين، الفصل السادس بعد العشرين، الجزء اﻷول:
بالمكتب المجاور لمكتب آدم:
جلست تنتظره على أحر من الجمر.
كانت تشتاق لمعاملته لها في اﻷيام اﻷخيرة قبل أن تطأ قدماه هذا المكان الموبوء بالنسبة لها.
كيف يجلس مع المجرمين والقتلة؟
كيف يسمح لنفسه ولاسمه واتاريخه أن يكونَ من ضمن هؤﻻء؟
وليس هذا فحسب، بل اعترف ﻷهله بكل شيءٍ في منتهى الوقاحة.
كان يأمل أن يقفوا بجواره لكن ما حسبه لم يجده هذه المرة.
ﻻ يمكن ﻷناسٍ أفاضل كهنية وأحمد أن يزجا باسميهما في هذا الموضوع.
كفى سمعة ابنهما الوحيد التي تلطخت بما فعل.
كفى العار الذي سيﻻحق حور ابنته ما حييت.
حمداً لله أنه لم ينجب منها سوى واحدةٍ فقط كي ﻻ يحدث ما لم يحمد عقباه.
استفاقت من شرودها وخرجت من دوامة تفكيرها السحيقة على طرقاته الخفيفة على الباب ودخوله الهادئ هاتفاً بعد ما شمل مﻻمحها بنظرةٍ سريعةٍ متفحصةٍ وكأنه كان يبحث فيها عن شيءٍ ما والظاهر أنه لم يجده:
إزيك يا ليلى؟ ما جبتيش حور معاكي ليه؟
لم ترد عليه التحية فهتفت بأرسطوقراطيتها المعهودة:
أنت عايزني أجيب حور مكان مشبوه زي دا؟
أنا آسفة يعني يا عمرو لو كانت الكلمة دي ضايقتك، بس أنت شايف المكان دا يليق بحور بنت الدكتور المحترم عمرو اﻷلفي؟
كانت نبرتها في آخر جملتها مشبعة بالسخرية الشديدة فهتف بتساؤل مباشر:
جاية ليه يا ليلى؟
أنا استحملتك طول السنين اللي فاتت دي وما اتكلمتش وﻻ قلت أي حاجة.
عديت لك كتير.
كتير إيه؟
دا أنا عديت لك كتير قوي.
كنت بتيجي عليا وكنت بسكت علشان بحبك وأقول مسيره يتغير يا بت اصبري.
ويم ما جيت تتغير يادوب ما كملتش حاجة واترميت في السجن.
قل لي يا دكتور:
اشتقت لعشيقاتك بنسبة قد إيه؟
هتفت بهذه الجملة بصوتٍ يملأه القهر ثم هتفت باعتذار:
معلش زي ما استحملتك استحملني شوية بقى.
شوف ودوق من اللي كنت بتدوقهولي.
اشرب من نفس الكاس اللي ياما سقيتني منه.
أنت كنت كل يوم بتجري ورا شهوتك ومافيش أي حاجة بتهمك.
ﻻ بتفكر في ربنا وﻻ بتفكر في آخرتك وﻻ بتفكر فيا وﻻ بتفكر في بنتك.
كفاية يا ليلى.
هتف بها وهو يشيح بوجهه عنها فهتفت بصراخ:
ما تقول ليش كفاية.
أنا هنا أعمل اللي أنا عايزاه.
صمتت قليلاً ثم أضافت بنبرةٍ غير متزنةٍ:
أنت كانت دي طريقتك معايا. طول عمرك كنت أنت الأقوى. وكانت كلمتك هي اللي بتمشي عليا.
دلوقتي أنت في موقف ضعف ودي فرصتي علشان أستغله.
هتف هو بصدمة:
أنتي إزاي كدة؟
هتفت بصوتٍ عالٍ:
أومال إيه يا دكتور؟
أنت فاكرني مﻻك زي ما كنت؟
ﻻ.
ضحكت بعدها بعصبيةٍ ثم أضافت:
أنا اتغيرت قوي طول اﻷيام اللي فاتت دي.
عشان أنت ما عشتش الوجع اللي عشته.
أحلف لك بإيه إني دفعت تمن ظلمي ليكي ولبنتي غالي قوي. ولسة بدفع فيه لحد دلوقتي.
هتف بها بحسرةٍ على حاله، وشريط ذكرياته مع عبد الله يعرض أمام عينيه فهتفت بشماتة:
ادفع يا دكتور. ادفع يمكن ناري تبرد.
ياترَ المخبرين بيتعاملوا مع صاحب الطبقة الراقية إزاي؟
بيقلوا من قيمتك يا دكتور؟
سؤالها يقطر كراهية وشماتة لم يرهما في عينيها من قبل فصرخ فيها:
اسكتي بقى. أنتي عايزة إيه؟
جاية ليه؟
خلصي اللي أنتي عايزاه وامشي بقى.
طلقني يا عمرو.
طلقني ﻷني ما يشرفنيش إني أفضل على ذمتك دقيقة واحدة.
أنا ليلى هانم الجندي على سن ورمح.
أكيد مش هستنا لما الناس تنعتني بمرات القاتل. الزاني. والخاين.
أنتي طالق.
هتف بها بعصبية فقط كي ترحل.
تجاوز صدمته من طلبها وعدم وقوفها بجواره اﻵن كي تكف عن خناجرها المسمومة التي تصوبها في صميم قلبه طعناتٍ نافذةٍ بﻻ رحمة.
ضحكت بانتصارٍ وهي تقف بتحفز.
اقتربت منه خطواتٍ سريعة تصفعه على وجهه بكل ما أوتيت من قوةٍ وهي تستمر في الضحك بﻻ سبب هاتفة بانهيار:
آخر حاجة كنت أتوقعها إننا نتطلق يا دكتور.
آخر حاجة كنت أتوقعها إني أقف بعد كل السنين دي أعلن هزيمتي قدامك بمنتهى البساطة كدة.
أنا يامة حاربت علشان البيت دا يفضل وما يتهدش. يامة وأنت كنت بتهد كل اللي كنت ببنيه.
مش مصدقة إن اللي فضلت أمني نفسي بيه وحلمت إنه يتحقق، إن اللي فضلت أبنيه سنين اتهد قدامي في غمضة عين بمجرد كلمة رميتها في وشي وكأنك ما صدقت.
أنت حتى ما فكرتش. وما قلتليش ولو بالكذب افضلي معايا يا ليلى أنا ما أقدرش أستغنى عنك.
ما حسستنيش إنك محتاج لي ولو للحظة.
ابقى خلي الخدامين اللي كانوا بيدافعوا عنك بقى يبقوا يتجوزوك ويعوضوك شهواتك اللي ناقصة.
وﻻ شوف لك مسجون من إياهم ممكن تعوض فيه بعض النقص اللي.
صفعة مدوية نزلت على وجهها أسكتتها أخيراً.
لكم جاهد كي ﻻ يفقد أعصابه لكنها ضغطت على جرحه النازف بﻻ رحمةٍ فلم يملك إﻻ أن صفعها وهو يهتف بصوته الصارخ الذي جعل آدم يخرج من مكتبه على إثره:
اخرسي. لحد هنا وكفاية بقى.
شهق بصدمةٍ في نفس الوقت الذي شهقت فيه هي اﻷخرى بصدمةٍ ﻻ تقل عن صدمته.
لم يكونا يتوقعا أن يصفعها على وجهها يوماً ما.
أراد آدم أن يطرقَ الباب لكنه سمعها تنفجر في بكاءٍ مريرٍ وهي تجلس على اﻷرض وقد خارت قواها أخيراً.
فزع من مكانه وهو يشهق بخضةٍ إثر انفتاح الباب بعنفٍ من قبل عمرو وكأن شياطين الدنيا تتراقص أمام وجهه.
يسمع بوضوح صوت أنفاسه اللهيثة من فرط الغضب ويرى دمعة خائنة تحررت من سجن عينيه وتبعتها بعض الدمعات حتى دخل مكتب آدم بعد طرقاتٍ خفيفةٍ، ولم ينتظر إذنه بالدخول ككل مرةٍ ﻻعتقاده أنه بالداخل.
تقدم آدم بهدوءٍ إلى الداخل ليرَى أصابعه المحفورة على وجهها الشاحب والدموع تجسد معها لوحة معاناتها في اﻷيام اﻷخيرة.
هتف بهدوءٍ يتخطى حاجز الصمت المطبق الذي دخلت فيه بمجرد خروج زوجها:
مدام ليلى. أنتي سامعاني.
نهضت من اﻷرض لكنها سرعان ما عادت إلى جلستها ثانيةً بسبب خذﻻن جسدها لها فناداها بصوتٍ أعلى قليلاً:
مدام ليلى. أنتي سامعاني بقول لك.
مدت يدها له كي يساعدها على النهوض لكنه ارتد خطوتين للخلف دﻻلةً منه على رفضه لفعلتها الجريءة، لكنها حافظت على وضعها فلم يملك إﻻ أن هتف بهدوءٍ بعد أن أحضر مقعد:
قومي يا مدام ليلى.
اسندي على الكرسي دا وقومي.
فهمت أخيراً ماً أنه يرفض مﻻمستها فنفذت ما قاله لها ونهضت بضعف هاتفة بامتنان:
متشكرة.
هتف بتساؤل:
استني هشوف لك حد يوصلك؟
ميرسي معايا عربيتي.
هتفت بها باعتراضٍ فهتف هو باعتراضٍ أشد:
أنتي مش هتعرفي تسوقي اصبري لسﻻمتك هخلي حد يوصلك.
أنا معايا السواق ما تقلقش يا حضرة الظابط، وميرسي على وقفتك معايا.
ابتسم لها وهو يهتف بحياء:
شكراً. تعالي هوصلك لبرة.
....................
صباح الخير يا سيف.
هتفت بها ندى وهي تفرك عينيها من أثر النعاس فابتسم لها ببشاشةٍ وهو يهتف:
صباح الورد يا ريحانة الدار.
اتأخرتي ليه كدة في النوم؟
هتفت بتثاؤب:
مافيش عندي محاضرات بدري كدة. أول محاضرة لسة فاضل عليها ساعة.
طب يﻻ افطري والبسي بسرعة علشان أوديكي علشان ألحق أروح شغلي.
هتف بها بنبرةٍ عاديةٍ فهتفت بإحراج:
ﻻ يا حبيبي روح أنت، أنا حور صاحبتي هتعدي عليا.
هتف سيف بخوف حقيقي:
ﻻ يا ندوش. سيبيني أوديكي وأجيبك اليومين دول علشان أطمن عليكي.
جلست بجواره وأخذت برأسه تضمها إلى صدرها تقبلها بحبٍ وهي تهتف بإقناعٍ وهي تمسد على رأسه:
يا حبيبي. أنتوا مش الحمد لله قبضتوا على الجناة. يبقى قلقان ليه بقى. سيبني أعيش حياتي زي ما كنت وتقدر تتابعني كل ما تحب زي ما أنت عايز علشان تطمن. والحمد لله أنت لما جيت جيت في الوقت المناسب ومافيش حاجة حصلت.
هتف بجدالٍ ضعيف:
يا ندى بس أنا بقيت بقلق عليكي قوي اليومين دول.
يا حبيبي دا شيء طبيعي. علشانك بتحبني قوي. بس قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا.
تنهد بقلة حيلة فتأثيرها عليه كبير ثم أضاف بتساؤل:
أنا طبعاً بضعف قدامك ومش بقدر أقول لك على حاجة ﻻ.
المهم أنتي ما تعرفيش البنت اللي عايز يخطبها معاذ اسمها إيه بالكامل؟
هتفت ندى بعدم معرفة:
ﻻ والله. كل اللي أعرفه إنها اسمها شمس وبس. ما اهتمتش أسألها.
هتف سيف برفض:
ﻻ إزاي. أومال أنا شغلتي إيه؟
يعني المفروض نتطمن للبنت اللي معاذ عايز يدخلها البيت. ثم دي حاجة مشروعة. أنا مش بشكك في اختيارات معاذ وﻻ في أخﻻق البنت، بس بقول نتطمن زي ما هي أكيد هتعمل.
ابتسمت وهي تهتف بدعابة:
آه. هي هتسأل علينا إنما أنت هتجيب تاريخ حياتها. مش كدة يا حضرة الظابط؟
ابتسم هو اﻵخر وهو يرد لها دعابتها:
آه يا خفة. هجيب تاريخ حياتها. ثم دا هيحصل مع ارتباط أي حد فينا.
ماشي يا سيدي. أنا هنزل بقى علشان لما حور تيجي ما تقفش كتير.
ماشي يا قمر. انطلقي.
سارت عدة خطواتٍ لكنه أوقفها ثانيةً بقوله:
ندى. أنتي ما أصلكيش تكلمينا عن حور دي قبل كدة. كنتي طول الوقت بتكلمينا عن مريم طول الوقت، وما بدأتش أسمع اسم حور دا غير من قريب خالص. إيه حكايتها بقى؟
تنهدت بهدوء وهي تنتقي ما ستحكيه له هاتفة:
بص يا سيدي. حور دي بنت زي العسل. بس هي كانت واخدة جنب لوحدها شوية. يعني. كان ليها صحاب معينين، بس كميتها ما مشيتش معاهم فبدأت تتعرف على ناس تانيين والحمد لله أنا ومريم كنا منهم. والصراحة أنا مبسوطة قوي بانضمامها لينا. بنت جميلة جداً يا سيف وغلبانة جداً بس مش عارفة اتأخرت ليه وحنة هنتأخر على المحاضرة استنا لما أكلمها.
أخرجت هاتفها دون أن تمهله فرصة ليبحر في تساؤﻻته أكثر وضغطت على اسمها في انتظار الرد.
بعد برهةٍ من الانتظار فتحت المكالمة وفزعت ندى من صوتها الباكي فهتفت بجزع:
مالك يا حور؟
صمتت قليلاً تستمع لما تقول لكنها قاطعتها بهدوء:
طب اهدي شوية علشان أعرف أفهم منك ﻷني مش فاهمة أي حاجة. صوتك بيقطع. أنتي فين دلوقتي؟
صمتت قليلاً ثم استطردت وهي تسحب أشياءها من على المنضدة:
طب اهدي أنا جاهزة ونازلة لك حاﻻً.
سﻻم.
هتف سيف بقلق:
في إيه يا ندى؟
هتفت بقلقٍ مماثل:
معرفش يا سيف والله. حور في أزمة كبيرة قوي، ومش عارفة أفهم منها حاجة بسبب دموعها.
أنا هنزل دلوقتي علشان هي على وصول خﻻص.
هتف بدعاء:
ربنا يفك أزمتها على خير. لو احتجتي حاجة كلميني. أستودعكِ الله الذي ﻻ تضيع ودائعه.
....................
بمنزل أحمد اﻷلفي:
كانا ينتظران عبد الله على أحر من الجمر حتى وصل أخيراً وهو يلقي التحية.
ردا عليه تحيته بجفاءٍ ثم هتف أحمد:
أنا عايزك بقى تحكي لي على كل اللي حصل.
من ساعة ما نقلتوا أسكندرية لحد ما أنت قاعد قدامي دلوقتي.
هتف بما صدمهم:
يمنى رفعت قضية خلع.
إيه؟
هتف بها الاثنان بصدمةٍ ثم أضافت هنية بصوتها الصارخ:
مستحيل. هي هتتجرأ على أوامرنا وﻻ إيه؟
اطلبها في بيت الطاعة.
وتفتكروا هي هتيجي؟
أنت نيلت إيه يا عبد الله خﻻها ترفع قضية الخلع دي؟
هتف بها أحمد بقسوة فهتف عبد الله بارتباك:
وﻻ حاجة والله يا سيد الناس.
هي لسة بتتكلم عن عمرو بيه ابنكم. ولسة في تفكيرها.
قلت أعلمها اﻷدب علشان ما تروحلوش تاني وﻻ تفكر تلجأ له وﻻ تقول ليوسف على حاجة.
مسكتها اديتها العلقة التمام وبعد ما فقدت وعيها رحت آخد حقوقي الشرعية منها.
آه. وبعدين بقى إيه اللي حصل؟
هتفت بها هنية بصوتٍ ساخر فهتف عبد الله بارتباكٍ مضاعف:
مافيش. اضطروا يشيلوا لها الرحم.
وأكيد ابنك المحامي هو اللي رفع القضية عن طريق التقرير الطبي اللي طلعوه من المستشفى.
هتف بها أحمد بنبرته الغامضة.
ثم أضاف في نفسه بتوبيخ:
يعني كان ﻻزم نفقد أعصابنا وندلدق لعمرو بكل المعلومات عن يمنى ويوسف؟
افرض فعﻻً يوسف دا قدر يوصل له ويحكي له وﻻ حتى يمنى دي وصلت له؟
ضحك بشماتةٍ وهو يهتف بعد برهةٍ من الصمت يدير الأمر في رأسه:
ما تقلقش يا أحمد.
ابنك العرة دا ما عادش حيلته حاجة. ﻻ اسمه. وﻻ سمعته. وﻻ فلوسه اللي هي كانت بتجري وراها.
اتطمن يا أحمد وحط في بطنك بطيخة صيفي.
عاد لعبد الله بهتافه اﻵمر:
أنت تسيبك من يمنى خالص. لو عملت إيه مش هتعرف توصل لها.
أنت تراقبها عن طريق يوسف.
يعني تشوف هو بيخرج إمتا من مكتبه وتراقبه، وهو أكيد هيطلع على البيت اللي هما قاعدين فيه وبكدة تعرف تشوف مكانها.
وبعدين؟
هتف بها بتساؤلٍ فهتف اﻵخر بتحذير:
وﻻ قابلين. ما تعمل لهاش أي حاجة خالص. وﻻ تيجي جنبها. وهما نايمين بالليل تخطفها وتجيبها لنا هنا نعلمها اﻷدب وبعد كدة تاخدها وترجعها البيت عندك وطبعاً قبلها هنكون أجبرناها تتنازل عن قضية الخلع دي خالص.
صفقت هنية بفخرٍ وهي تهتف:
والله براوة عليك يا أحمد.
كبير إمبراطورية اﻷلفي بصحيح.
رن الهاتف المجاور فرفع أحمد السماعة هاتفاً برسمية:
ألو مين معايا؟
هتف بهجت على الجانب اﻵخر بابتسامته السمجة:
أحمد بيه. أنا محتاج آجي أقابلك ضروري. أنا قدام البيت لو أنتوا جوة قولوا لي أدخل. لو كدة ألف وأرجع تاني وآجي لكم في وقت تاني إن شاء الله.
ابتسم أحمد بسعادةٍ حتى شملت الابتسامة كامل وجهه وهو يهتف بترحيب شديد:
ﻻ ﻻ يا رجل بتقول إيه؟ دا إحنة لو مش موجودين نرجع لك مخصوص.
تعالى إحنة في انتظارك ما تغيبش علينا.
ابتسمت هنية بعد ما انتقلت سعادة أحمد لها لكنها ﻻ تطيق وجود بهجت فحسمت أمرها على إخبار أحمد بكل شيءٍ عند رحيله وبعد حصولهما على ما يريد.
هتف أحمد بأمرٍ للخادمة التي استدعاها بصوته الجهوري فأتته مهرولة على الفور:
قعدي البقف دا في الصالون لحد ما أخلص مع ضيفي.
أشار على عبد الله فهتف باعتراض:
بقف؟
وبعدين يا عبده. امشي مع البت ما تتعبناش.
هتفت بها هنية بصوتها المرتعش المتوتر فسار عبد الله مرغماً بعيداً عن جلسة ثﻻثتهم.
دخل بهجت بعدها بدقائق، وكالعادة سلم على أحمد سريعاً ثم جلس بجوار هنية ملقياً السﻻم عليها بحفاوةٍ بينما ردته بجفاءٍ.
هتف أحمد بجفاءٍ أخفاه باحترافية:
بهجت بيه. ركز معايا هنا. أنا طلبت لك القهة بتاعتك فياريت ندخل في الموضوع على طول.
هتف بهجت بأسف:
ﻻ هو مافيش موضوع أصﻻً.
هتفت هنية بصدمة:
يعني إيه؟ مافيش أخبار سعيدة؟
هتف أحد بذهول:
ﻻ طبعاً. أكيد في حاجة غلط.
المرة دي الدكتور عمرو كان أسرع منكم وسبقكم بخطوة.
إزاي؟
هتفت بها هنية بضيقٍ فهتف بهجت بنفس ضيقها لعدم حصوله على المبلغ المالي المتفق عليه في حال عدم إتمام الصفقة:
ﻷنه اتنازل عن كل حاجة من المستشفى والعيادة لظابط بوليس.
إيه؟
شهقت هنية بصدمة وهي تلطم على صدرها بجزعٍ هاتفة:
يا لهوي. إزاي وهو في السجن؟
هتف بهجت بعدم معرفة:
آهو دا اللي حصل. والورق سليم جداً. وأي تحرك غلط طبعاً الداخلية هتتقلب على دماغنا.
هتف أحمد بعصبية:
اطلع برة يا بهجت. أنا مش طايق نفسي. ما بيجيش من وراك غير المصايب. اطلع برة.
وقف بهجت من مكانه قفزاً هاتفاً بغضب:
هو دا جزاتي يعني؟
عموماً أنا ما يشرفنيش أساعدكم في حاجة. إلهي يا رب يزور توكيل بيع بيتكم وتقعدوا في الشارع ماتﻻقوش متوى يتاويكم.
....................
أنت تقرأ
رواية ولو بعد حين.، الجزء الأول
Romansaقالوا عنها خائنة فصدقهم وكذبها. حاول أن ينسى فظلم. حاولت أن تعيش فماتت. لم يعرف أنها تمتلك جزءً منه. ولم تعرف أنها ﻻزالت تمتلك قلبه إلى الآن. فهل سيتجدد اللقاء بينهما يوماً ما؟ هل سيعرف الحقيقة؟ وهل بعدما أصبح لكلٍ منهما طريقاً ستلتقي الطرق؟...