ولو بعد حين, الفصل السابع.
عبد الله بلهفة وفرحة: مفاجأة إيه؟
كمال بنفس فرحته: بص يا سيدي: انت هاتدير معايا الورشة, وطبعا هاتاخد مرتب أعلى من الي كنت بتخده. إيه رأيك؟
عبد الله بشكر وفرحة: لا يا معلم. دا كدة كتير والله. خليني زي ما أنا؛ عشان الصنايعية ميزعلوش, ويؤولوا وسطات بآ, ويعملوا لنا مشاكل بآ إحنة في غنا عنها.
كمال بعصبية مصطنعة: طب هما يتكلموا. وبعدين ناس كتير متلأحين في الأهاوي ماهماش لأيين شغل. الي عايز يمشي يمشي, وإحنة نجيب غيرهم.
ثم أكمل بأمر: يلا تعالى معايا؛ عشان أعرفهم بمكانتك الجديدة.
عبد الله بامتثال: حاضر.
ثم ذهبا نحو الوجهة المنشودة.
*****.
بقصر عمرو الألفي, وتحديدا على مائدة الطعام: تجمع كل من: عمرو, وليلى, وحور. كل منهم يحمل مشاعر مختلفة؛ فعمرو يشعر بالحنق على ليلى, والاشتياق الشديد ليمنى. يود مسامحتها, ثم يتراجع؛ فقلبه يود معاتبتها. أما ليلى: فتشعر بالندم الشديد, وخيبة الأمل تظهر على وجهها. ودت أن تعتذر على ما بدر منها بالأمس, ومن المحتمل تدخل حور في الوقت المناسب يعطيها فرصة أخرى لإصلاح ما فعلت.
أما حور: فتشعر أنها أخيرا وسط أسرتها, كأي فتاة, لكن هناك شيء يخفى عليها, وهو: سبب حزن والديها. لكنها لن ولم تيأس, ستحاول كسر الحواجز بينهما.
قطعت حور الصمت الرهيب قائلة بمرح: إيه يا جماعة؟ هو إحنة آعدين مع بعض النهاردة؛ عشان نعد ساكتين ولا إيه؟ مافيش صباح الخير طيب؟
عمرو وهو يحاول رسم الابتسامة: صباح الخير يا حبيبتي. عاملة إيه؟
حور بشرود: مش كويسة يا بابي.
ليلى بحنان أمومي: ليه يا حبيبتي؟
حور بخوف: تسمحولي أصارحكوا بكل حاجة عملتها غلط؟
عمرو بلوم واضح في صوته: أي حاجة انتي عملتيها غلط أنا السبب فيها. ثم أردف بحزن دفين: ؤولي يا حور.
حور بصدق مصطحب ببكاء: أنا صاحبت شباب كتير, ما حدش فيهم كان عدل, ما حدش فيهم ما كانش طمعان فيا. لما لئيتكوا مش بتهتموا بيا, كان طبيعي أدور عا الحنان في حتة تانية برة البيت. ثم علا صوت نحيبها مما دفع عمرو لاحتضانها قائلا بحنان أبوي: اهدي يا بنتي. كل شيء هايتصلح.
قال هذه الكلمات بقلبٍ مقبوض على ابنته.
أشفقت ليلى على حال ابنتها قائلة: يا حور ليه ما كنتيش بتيجي تتكلمي معايا؟
حور بارتباك: لإنك على طول بتزعئي وبتتخانئي.
حينها قرر عمرو أن يتناسى يمنى ويحاول إصلاح الأخطاء. لا يعلم أن ابنته قد نصب لها فخا وحتما ستقع فيه. لا يعلم أنه سيدفع ثمنا باهظا لأخطائه, حتى تكتمل توبته.
*****.
بمنزل عبد الله: يوسف بلوم لسندس: ليه كدة يا سندس؟ ليه بعد ما أمك اتصدرتلك وبابا مد إيده عليها تروحي تؤولي إنك موافأة؟ ليه؟ ردي. ولا دلوأتي الأطة كلت لسانك؟
سندس ببكاء: والله يا يوسف أنا ما حسبتهاش كدة.
قاطعها يوسف بعصبية قائلا: ؤومال حسبتيها إزاي؟ وانتي أصلا تتدخلي في الخناءة دي ليه؟
حينها لم تقوَ سندس على الرد؛ فانسحبت من أمامه باكية.
انتفضا الاثنان على صوت يمنى قائلة بقسوة: اجهزي يا هانم. عشان عزيز جاي النهاردة, الي انتي بسلامتك وافئتي عليه.
يوسف وهو يخفف من حدة الموقف ويحتضنها: يويو. اهدي يا عمري.
يمنى بصوت خفيض لكن سمعه يوسف: يويو. من زمان ما حدش آل لي الكلمة دي.
يوسف وهو يهزها برفق: ماما. انتي معايا؟ يمنى بشرود: آه يا حبيبي.
*****.
في هذه الأثناء كانت سناء تطلق زغاريدا عالية. قاطعتها رقية ابنة أختها بفضول قائلة: في إيه يا خلتو؟ بتزغرطي ليه؟
سناء بتساؤل: لا هي أمك ما آلتلكيش؟
رقية بتذكر: لا ما آلتش حاجة. هي آلت لي روحي لخالتك عشان لو احتاجت حاجة.
سناء بفرحة: لا يا حبيبتي. محتاجاكي تفرحي لعزيز بس.
رقية بنفس الفضول: ليه؟
سناء بفرحة زائدة أغاظت رقية: مافيش. بس هو هايخطب.
رقية وعلامات الصدمة بادية على وجهها: يخطب؟ يخطب مين؟
سناء وهي تكوي ملابس عزيز: سندس بنت المعلم عبد الله.
ثم أكملت بأمر: اسكتي بآ وؤومي هاتي هدوم عمك كمال عشان أكويهم.
ظلت رقية للحظات تنظر للأرض.
قطعت سناء شرودها قائلة: يلا يا بت. انتي لسة آعدة؟
*****.
نوت رقية أن تنفجر القنبلة لكن في الوقت المناسب.
*****.
أماني بعصبية: موبايله مغلق ليه؟ مش بيفتحه ليه؟
شريف ليغيظها: هاتلائيه عند مراته وبنته.
أماني وهي تضرب بيدها على الفراش: متعصبنيش يا شريف. مراته وبنته إيه الي يروح لهم؟ دا مابيطيئهمش. ولا بيطيئ يسمع سيرتهم.
شريف بهدوء مستفز: بس الدم بيحن يا جميل.
ثم أكمل ليغيظها أكثر: وبعدين هاتلائيه بيؤول في نفسه: إنه لما ييجي يستقر, مايستقرش مع وحدة مسلماله نفسها على طبأ من دهب كدة.
أماني بحدة: ممكن تسكت.
شريف بلا مبالاة: حاضر. هسكت.
*****.
عمرو وهو يجلس بين حور وليلى: هو دا بس يا حور الي كنتي عايزة تحكي لنا عليه؟
حور بخجل: لا يا بابي. في حاجة كمان.
ليلى وهي تحتضنها بحنان: حاجة إيه يا حبيبتي؟
حور بشرح: من كام, يوم كدة, لما كان في ٢ معرفهمش عندكوا.
عمرو بتذكر: آه, مالهم؟
حور وهي تحاول السيطرة على فضولها بتكملة الحكاية: رحت النادي عشان أتغدى. عارفين: لئيت شاب وسيم أوي. اسمه كريم. ماشوفتوش غير مرتين. أصله مؤدب أوي. تصوروا: دا مابيكلمنيش خالص. مابيبصليش حتى. يمكن لو كان لي نصيب معاه, يعينني على طاعة ربنا.
ثم أكملت بتساؤل: ولا انتوا إيه رأيكوا؟
فكرا الاثنان قليلا, ثم قالت ليلى برزانة: بصي يا حور: الشاب الي نشأ على طاعة الله دا, مش هايبصلك طول ما انتي كدة.
حور بتساؤل حذر: كدة إزاي يعني؟
تدخل عمرو في الحوار قائلا: أؤول لك أنا: يعني لازم تغيري لبسك, وتتحجبي, وتتأربي من ربنا؛ عشان انتي بعيدة أوي عنه. في هذه اللحظات أخذ قلبه ينبض بعنف قلقا على ابنته قائلا: عشان الناس مش هاتنفعك. ربنا هو الي هايأف جنبك لو حد اتعرض لك. ثم زاد احتضانه لها قائلا بحنان: انتي فاهماني يا حور؟
*****.
يرن هاتف يوسف بإصرار, مؤكدا على أن المتصل لن ييأس حتى يرد.
يوسف بصوت عالٍ داخل دورة المياه: حد يرد على بال ما أخرج.
يمنى بصوتٍ عالٍ هي الأخرى: دي مريم.
في هذه اللحظات ود يوسف أن تدخل له والدته هاتفه.
*****.
يمنى بود: إزيك يا مريوم؟ وحشتيني يا حبيبتي.
مريم بفرحة: الحمد لله يا ماما. إزيك حضرتك؟ يمنى برضى: الحمد لله يا حبيبتي.
ثم أكملت بخبث: طبعا انتي عايزة يوسف. مش كدة؟
توردت وجنتاها بحمرة الخجل قائلة: بصراحة آه.
ثم أكملت بتلعثم: اااا. لو مش موجود خلاص. هاكلمه في وأت تاني.
يمنى بنفس الخبث: لا موجود, بس أنا ؤولت أطمن عليكي. ثم أكملت وهي تناول الهاتف ليوسف: اتفضل ياسي رميو, كلم جلْيِتْ.
*****.
يوسف برومنسية: ألو إزيك يا حبيبتي؟
مريم برومنسية مماثلة: الحمد لله يا حبيبي. إزيك انت؟
يوسف بحزن: كويس. ثم عاد لرومنسيته قائلا: بس انتي وحشتيني أوي.
مريم بنفس رومنسيتها: انت أكتر يا حبيبي. ثم أكملت بجدية: خليك معاية بآ؛ عشان عايزاك في موضوع مهم.
يوسف باهتمام: إيه هو؟
*****.
أحمد بتساؤل: عمرو وليلى عاملين إيه؟
هنية بعدم اقتناع: ليلى بتؤول إنهم كويسين.
أحمد بتفكير: خلاص بكرة هانروح نشؤ عليهم. يمكن يخلينا نسلم على حور.
هنية بحزن: معتقدش.
*****.
شمس بتساؤل: ؤومال انت هاتروح شغلك إمتا يا آدم؟
آدم بحزن: المفروض بكرة.
شمس بدهشة: نعم!
آدم باعتذار: معلش يا شموس, بس هما ماسمحوليش بأجازة أكتر من كدة.
شمس بنبرة حزينة: لا عادي يا آدم.
آدم بهدوء: انتي كمان لازم تروحي العيادة. المرضى محتاجينك, وماما مش محتاجة منك غير الدعاء.
شمس بعدم اقتناع: نعم؟ أروح العيادة؟ انت اتجننت يا آدم؟
آدم بنفس هدوئه محاولا إقناعها: يا شمس أنا هاروح شغلي, انتي بآ هاتعدي في البيت تعملي إيه؟ غير إنك هاتعدي في ؤوضة ماما زي ما انتي عاملة دلوأتي. انتي دلوأتي محتاجة الشغل دا أكتر من أي وأت تاني؛ لإنك لو ما رحتيش هاتتعبي. وبصراحة ماحدش هايتعب غيرك.
شمس باقتناع بعض الشيء: ماشي يا آدم, هفكر.
*****.
يوسف بتفكير: امممممم. بس مش عارف ماما وبابا هيوافئوا ولا لا.
مريم كي تقنعه: ومايوفئوش ليه؟ دي حياتك وانت حر فيها.
يوسف بعدم اقتناع: مش عارف يا مريم. هستنا بس لما أشوف موضوع عزيز وسندس هايرسى على إيه.
مريم بتذكر: آه صحيح: عملتوا إيه؟ وإيه آخر التطورات؟
يوسف بحزن: هاحكيلك.
*****.
يدخل أشرف مكتب أستاذ علي قائلا باحترام: صباح الخير.
علي برسمية: صباح النور. ثم أكمل بتساؤل: خير يا أشرف؟
أشرف بإحراج: ااا. ينفع يعني أستاذ أكرم ابن حضرتك يختبر يوسف خطيب بنتي, لو ينفع يشغله معاه يعني.
علي بود: أيوة طبعا, أنا هكلمه في الموضوع دا, وهاؤول لك يتآبلوا إمتا.
أشرف بشكر وابتسامة مرسومة على محياه: شكرا يا أستاذ علي, مش عارف أؤول لك إيه.
علي بابتسامة ودودة: لا ماتؤولش حاجة, تحت أمرك.
أشرف وهو يهم بالمغادرة: الأمر لله.
ثم أكمل باعتذار: وآسف على الإزعاج.
علي بنفس الود: لا عادي, مافيش إزعاج ولا حاجة.
*****.
حل المساء سريعا, وأتت عائلة عزيز بالكامل.
عبد الله بترحاب: منورين يا جماعة والله.
كمال بود: شكرا يا معلم عبد الله.
عبد الله بعتاب مرح: لا معلم إيه بآ؟ إحنة بئينا نسايب خلاص.
تدخلت سناء في الحوار قائلة بفرحة: أومال فين عروستنا؟
عبد الله بفرحة مماثلة: روحي ناديلها يا يمنى.
يمنى بحزن: حا.
قطع كلامها جرس المنزل.
نظر الجميع إلى بعضهم في بلاهة.
يوسف بحيرة: مين الي جاي دلوأتي؟
يمنى وهي تتجه نحو الباب: يا خبر دلوأتي بفلوس بعد ثانية يبآ ببلاش.
ما إن فتح الباب حتى اندفعت رقية للداخل قائلة بصراخ: سندس فين؟ أنا عايزاها.
يمنى بحدة: انتي مين؟ وعايزاها في إيه؟
رقية بصراخ أكثر: عايزة أعرفها حئيئة البيه الي جاي يخطبها.
سناء بحدة: في إيه يا بت؟ جاية هنا ليه؟
رقية بحدة مماثلة: مش هتكلم غير لما السنيورة, تيجي هنا.
سندس بهدوء: في إيه حضرتك؟
رقية وهي ترمي قنبلتها في وجوههم: في إن أنا حامل من البيه.
***************.
أنت تقرأ
رواية ولو بعد حين.، الجزء الأول
Romanceقالوا عنها خائنة فصدقهم وكذبها. حاول أن ينسى فظلم. حاولت أن تعيش فماتت. لم يعرف أنها تمتلك جزءً منه. ولم تعرف أنها ﻻزالت تمتلك قلبه إلى الآن. فهل سيتجدد اللقاء بينهما يوماً ما؟ هل سيعرف الحقيقة؟ وهل بعدما أصبح لكلٍ منهما طريقاً ستلتقي الطرق؟...