قرائي الأعزاء.
أهلاً بيكم وحشتوني جداً.
كان نفسي أوفي بوعدي معاكم والله العظيم، بس فعلاً حرفياً ومش مبالغة أنا شبه ميتة.
دور برد صعب قوي مخلص عليا، ومخليني بعمل الحاجة بالعافية، علشان خاطركم والله كتبت الفصل دا.
هو مش قصير والله بس ما قدرتش أكتب فيه أكتر من كدة.
وبعدين أنا كنت عايزة أنزله لكم النهاردة، علشان ما أتأخرش عليكم أكتر من كدة، وكفاية إني ما وفيتش بوعدي معاكم.
فرحت جداً بال١٠٠ صوت، ودلوقتي وأنا بنشر لكم بقينا ١٠٣.
تفاعلكم مفرحني جداً ومشجعني أكتب في الرواية.
وإن شاء الله أكتب لكم روايات أحلى من دي.
بعتذر ليكس مرة تانية وآسفة على الإطالة وأسيبكم مع الفصل.
ولو بعد حين، الفصل الثالث بعد العشرين، الجزء الثاني:
في نفس مخبئه:
كان يجلس شارداً في عدة امورٍ ﻻ بد ان يحسمها كي يستطيعَ أن يعود لممارسة حياته بشكلٍ طبيعي.
أولهم: يمنى.
يمنى التي لن يتركها حتى تسلمَ له، بل ترضخَ تماماً لسطوته.
يعني مهما عملت فيها هتروح فين؟
في اﻵخر هتفضل في بيتي هنا.
آهو حتى بيت يلمها بدل ما هي مرمية في الشارع.
هتف بها بثقةٍ تامةٍ، ثم أماء برأسه كي يزيحَ عنه تلك الفكرة اﻵن.
ليست مهمة مقارنةً بتفكيره في عمرو.
يخرب بيتك يا أماني.
يعني كان ﻻزم تتنيلي تموتي.
إيه؟ إسبوع بس وبعدها يخلع، وﻻ عدت أعرف أوصل له.
يا ترَ جه كام مرة خوفاً من الفضيحة؟
ييجي فين؟
هو ما لحقش أصﻻً.
يوه. طب وبعدين.
أنا لسة ما خدتش حقي منه.
لسة ما شفيتش غليلي منه.
على كل مرة كانت يمنى هانم بتفكر فيه هو وسايباني أنا.
على كل مرة كانت بتغلط وتنادي اسمه وأنا جانبها.
على كل مرة كانت بتبص لي باحتقار وهو قاعد مستربع في قلبها.
صمت قليﻻً يحاول ضبط أنفاسه العنيفة من فرط الغضب ثم هتف ثانيةً بفخر:
بس أنت معاك الصور بتاعته يا عبد الله.
أجاب على نفسه باستنكار:
وهي الصور دي هتفيد بإيه؟
ما خﻻص. الباشا ما عندوش حاجة يخسرها.
يعني التهديد اللي كان يفرق معاه زمان، دلوقتي ماعتش هيفرق. معتش هيعتبر له أهمية من الأساس.
وبعدين؟
أنا ﻻزم أذل أنفاسه.
هيبقى شكله حلو قوي وهو مذلول.
يعني من ناحية هو في السجن ومن الناحية التانية هو تحت رحمتي أنا.
ما حدش يقدر ينجده من إيدي.
ياااه.
بس أعملها إزاي دي؟
بس. أنا وصلت.
كانت تايهة عني الفكرة دي فين يا عبد الله؟
يا سﻻم على دماغك اﻷلماظ.
بس ﻻزم أتكتك كويس علشان أعرف أبدأ التنفيذ.
ﻻزم فكرتك تمشي زي ما أنت مخطط بالظبط علشان ما يحصلش غلط وتروح في داهية ياخويا، وأنت مش قد السجون، وﻻ قد أي باب من الجحيم يتفتح في وشك ويتكشف كل المستور.
طرقات عالية على باب منزله جعلته ينفض عن رأسه -مؤقتاً- التفكير في عمرو ويرجئه إلى وقتٍ ﻻحقٍ ويذهب ليفتحَ الباب ليطالعه وجه عزيز الغاضب والمرهق في نفس الوقت.
أهﻻً أهﻻً يا عزيز. الحمد لله على سﻻمتك يا رجل.
هتف بها بترحيبٍ وهو يفسح له طريق الدخول، ليدخلَ هو وهو يهتف بضيق:
الله يسلمك يا عمي.
جلس على الفراش الوحيد المتهالك بالغرفة وهو يزفر بضيقٍ ويشيح بوجهه عنه باشمئزاز.
أما عبد الله، فتجاهل معالم الاشمئزاز وهي تظهر جلية على وجه عزيز وهو يهتف بتساؤل:
قل لي يا عزيز. عملت إيه مع يمنى وسندس؟
هتف عزيز بغضبٍ وقد حل محل الاشمئزاز على وجهه:
ما هو دا اللي كنت جاي لك علشانه يا عمي.
أنت أكيد مش هيرضيك اللي عملوه معايا. وﻻ هيرضيك تعاملهم القليل الذوق معايا بالشكل دا. معلش يعني يا عمي. بس تعاملهم معايا هو اللي اضطرني أقول عنهم كدة.
أنا لولا إني واثق في تربيتك ولسة باقي على سندس وعلى نسبكم المشرف كان هيبقى لي تصرف تاني معاكم.
ثم أنا مش بدب المشوار دا كله علشان تختم إن مراتك المصون تطردني.
زفر عبد الله بضيقٍ وقد نفد صبره من يمنى وسندس.
تؤيد ابنتها في كل شيء. ومستعدة للوقوف ضده للمرة الثانية إن لزم اﻷمر.
هتف مواسياً:
معلش يا عزيز يا ابني. هي بس مدلعة البت شوية، والبت سندس مراهقة. لكن ما تقلقش. مسيري هجوزها لك.
ﻻ يا عمي. أنا ماعتش ضامنكم.
هتف بها عزيز بغموضٍ فهتف عبد الله بتساؤل:
وإيه اللي يضمن لك إني مش هجوزها لحد غيرك؟
بص يا عمي. أنت شغلك في ورش أبويا الله يكحمه بقى مطرح ما راح لسة موجود ومتأمن كمان. وطبعاً أنا عارف إنك يا موﻻي كما خلقتني ففي ورشة مكتوبة باسمك وعقودها جاهزة على التوقيع ودا مهر سندس.
ورشة باسمي؟
هتف بها بذهولٍ فهتف عزيز مؤكداً وهو يخرج مظروفاً من حقيبته:
أيوة يا سيدي. أنت عارفني، طول عمري صادق معاك. تقدر تشوف الظرف دا. فيه صورة من العقود. والمقابل بسيط يا عمي. بسيط جداً وسهل.
أكيد تقصد سندس.
هتف بها بقلقٍ من القادم فهتف عزيز بشيطانية:
أنا هقول لك على اللي هتعمله وبعدها هضمن إن سندس هتبقى ليا للأبد.
إيه هو؟
هتف بها عبد الله بتساؤلٍ فهتف عزيز والشر ينضح من عينيه:
اغتصاب. وأظن الباقي مفهوم يا عمي.
....................
ندى حبيبتي. الحمد لله على سﻻمتك.
هتف بها معاذ وهو يحتضنها ويبكي من فرحته بإفاقتها أخيراً فابتسمت بضعفٍ وهي ترفع كفها بتمهلٍ تربت على وجهه المقابل لها هاتفةً تحاول طمأنته:
الله يسلمك يا حبيبي. اطمن أنا كويسة الحمد لله.
هتف خالد بابتسامةٍ وهو اﻵخر يغالب دموعه:
أنتِ مش عارفة إحنة كنا قلقانين عليكِ إزاي يا ندى. إحنة كنا بنموت من غيرك حرفياً.
أردف سيف مؤيداً:
أنتِ عارفة فكرة إنك تضيعي مننا كانت بتدمرنا كل ثانية عن اللي قبلها.
ابتسمت ندى بسعادة على ما سمعته للتو ثم هتفت:
دا بقى نعتبره غزل؟
هتفت ياسمين وهي تسرع نحوها تقبلها على وجهها:
ألف حمد وألف شكر ليك يا رب على سﻻمتك يا ندى. أنا نذرت إنك لو بقيتي كويسة إن شاء الله والمحنة دي عدت على خير هدي للموظفين في الشركة مكافأة فوق مرتباتهم.
ياه يا ياسمين.
هتف بها خالد بفخر ثم أضاف:
مين عارف كل موظف كان محتاج الفلوس دي قد إيه.
ربنا رحيم يا خالد، لطف بندى وطهر مالنا بالصدقات والزكاة.
هتفت بها ياسمين بتأثرٍ بينما هتف سيف بعملية:
ندى إيه اللي حصل بالظبط معاكم؟
وكزه خالد بقوةٍ في ذراعه هاتفاً بسرعة مغيراً دفة الحديث:
تقدري تقولي لي بقى يا ست ندى مين اللي هيعمل لنا اﻷكل ويظبطنا؟
هتفت ندى وهي تغالب دموعها ولم تستجب لدعابته:
حصل كتير قوي يا سيف.
وبخه معاذ بهتافه:
إيه يا سيف. أنت عبيط؟ مش الدكتور قال لنا ما نسألهاش في أي حاجة دلوقتي؟
وبعدين أنت مش بتقول إنها كان في بنات معاها؟
روح اسألهم بعيد عن ندى على اﻷقل في الوقت الحالي.
صمت ولم يعقب بينما هتف خالد محاوﻻً تجاوز ذبذبات التوتر التي انتشرت في الهواء بينهم:
خﻻص يا جماعة. صلوا على النبي مش كدة. سيف ما كانش يقصد يا معاذ. هو كان عايز يتطمن على ندى مش أكتر.
هتفت ندى بتساؤل قلق:
أخبار مريم وحور إيه يا سيف؟ ما سألتش عنهم؟
هتف سيف بحب:
أنا كنت في إيه وﻻ في إيه يا ندى؟ أنا ما كانش فيا دماغ أشوف غيرك. أنتِ كنتِ أهم حاجة والباقي ييجي من بعدك.
ابتسمت له ندى بحبٍ وهي تهتف برجاء:
سيف. أرجوك. أنت ظابط على إيه يعني؟
أرجوك عايزة أطمن عليهم. أرجوك هما كانوا معايا.
هتف سيف بقلة حيلةٍ وهو يتجه نحو الخارج:
حاضر يا ندى. هشوف إيه اﻷخبار وهاجي أطمنك. ارتاحي أنتِ بس أهم حاجة عندي.
حاضر يا سيف. بس مش هرتاح غير لما أطمن عليهم.
ثم توجهت ببصرها نحو معاذ هاتفةً بتساؤل:
قل لي يا معاذ. أنا هخرج إمتا إن شاء الله؟
هتفت خالد بمداعبة:
إيه يا بنتي. مستعجلة كدة ليه؟
هتفت بملل:
أنت عارفني مش بحب أقعد في المستشفيات. أرجوكم مش عايزة أقعد هنا كتير.
هتف معاذ بمهادنة:
حاضر يا ندى اهدي كدة لحد ما الدكتور ييجي ويطمنا عن حالتك ونسأله عن إمكانية خروجك بكرة أو بعده وﻻ حاجة.
تلفت حوله بعدما انتهى من كﻻمه وهو يهتف بتساؤل:
أومال فين الدكتورة شمس؟
شمس خطيبتك؟
قصدي اللي أنت عايز تخطبها؟
هتفت بها ندى فحماسٍ ثم أردفت بفضول:
عرفني عليها يا ميزو أرجوك. عشان خاطري.
هتف معاذ بقلق:
حاضر يا ندوش. هعمل لك كل اللي أنتِ عايزاه. بس لما أعرف هي فين.
هتف بهذه الجملة ثم اتجه هو اﻵخر نحو باب الخروج يبحث عنها في أروقة المشفى حتى وجدها تقف وحيدة تستند على الجدار خلفها تزفر بملل.
اعتدلت في وقفتها عندما رأته قادماً نحوها.
ابتسمت بمجاملة وهي تهتف:
ها يا دكتور، اتطمنت على أختك؟
هتف بابتسامة مماثلة وهو يسلط نظره على تعبيرات وجهها:
الحمد لله يا دكتورة. أنا آسف جداً إني سبتك وما انتبهتش خالص والله إنك مش موجودة.
هتفت بتقدير:
ﻻ مافيش مشكلة يا دكتور. حصل خير. وبعدين أنا ما رضيتش أدخل معاكم علشان تبقوا براحتكم. وطبعاً لو مافيش مانع أحب أشوفها وأطمن عليها.
أيوة طبعاً مافيش أي مانع. هي متشوقة جداً لرؤيتك وعايزة تتعرف على خطيبة أخوها المستقبلية.
ابتسمت بحياءٍ وهي تشيح بوجهها للناحية اﻷخرى وهي تهتف بارتباك بعدما تقدمته عدة خطواتٍ نحو غرفة المعنية:
شكراً لذوقك يا دكتور. بس ياريت موضوع خطوبتنا دا تقدر تتكلم فيه مع آدم مش معايا.
أسرع من خطواته قليلاً حتى أصبح بجوارها وهو يهتف برجاء:
بس أضمن موافقتك المبدئية على اﻷقل علشان ما أتحرجش.
هتفت بحسمٍ وهي تهم بطرق الباب:
مافيش إحراج وﻻ حاجة يا دكتور. عادي أنت واحد دخلت البيت من بابه وطلبت من أهل البيت تخطب بنتهم، وهما حرين يرفضوا أو يقبلوا. يعني المفروض تاخد الرفض أو القبول من أخويا مش مني.
قطعت الطريق عليه لمجادلتها وطرقت الباب وتقدمته خطوة على استحياء إشارةً منها أن الحديث بينهما في هذه النقطة انتهى وﻻ بد أن ينتقلَ في شأنهما للحديث مع أخيها.
....................
بجوار غرفة ندى، تحديداً على بعد بضع غرف:
كان أشرف يهرول نحو غرفة ابنته ومن خلفه يوسف وأمنية، بينما اتخذت ليلى طريقاً مغايراً نحو مكتب الطبيب المعالج لحور.
دخل أشرف أوﻻً بعدما طرق الباب بسرعةٍ وهو يهتف بجزع:
بنتي. حبيبتي.
وقع قلبه تحت قدميه وهو ينظر إلى شحوبها وهو يهتف بتساؤل:
إيه اللي حصل بس يا حبيبتي؟
بينما هتفت أمنية وهي تغالب قلقها:
اهدا يا أشرف. البت كويسة آهي. اهدا بقى علشان نفهم إيه اللي حصل.
بينما تجاهل يوسف دقات قلبه القلقة وهو يتجه نحو الممرضة التي تجلس على المقعد بجوار الفراش هاتفاً:
هي إيه أخبارها لو سمحتي. هو إيه اللي حصل لها أصﻻً؟
هتفت بعملية:
محاولة اغتصاب حضرتك، بس هي نجت منها بأعجوبة. أنتوا إزاي اخترقتوا الحراسة اللي عليها؟
ما كانش حد واقف.
هتف بها باستغرابٍ وهو ينظر إلى الخارج لكنها لفتتت انتباهه بهتافها المستطرد:
هي جت المستشفى هي والقتيل.
هدومها أصﻻً كان عليها دم كتير وهي راحت للطبيب الشرعي دلوقتي علشان يحللوا عينة الدم.
يا نهار أبيض.
هتف بها بخضة ثم أردف:
يعني متوقع إنها تكون عينات من دم القتيل اللي بتقولوا عليه دا.
بالظبط كدة يا فندم.
هتفت بها باقتضابٍ ثم أضافت بعدما توجهت بنظرها نحو أشرف وأمنية:
لو سمحتوا يا جماعة. وجودكم كدة هيعمل لنا مشاكل كتير أنا في غنا عنها. تقدروا تخرجوا تشوفوا لها حل وتاخدوا تصريح بزيارتها بعدها تقدروا تيجوا هنا براحتكوا.
تمسك أشرف بابنته وهو يهتف باعتراض ويغلب على صوته البكاء:
أنا مش هسيب بنتي.
هتفت أمنية بسعادة:
بتفتتح عينيها.
هتصرخ دلوقتي حاﻻً.
كان هذا هتاف الممرضة وهي تعد حقنة مهدئة كي تسيطر على صراخ مريم التي بدأت فيه فعﻻً بعدما فتحت عينيها بثوانٍ:
آآآآآآه.
ﻻاااااااا.
أنا ما قتلتوش. ما قتلتوش. وﻻ قتلته. مش عارفة.
مريم. أنا جانبك.
كان هذا صوت يوسف المرتعش من التوتر لكنها أعادت الصراخ بهيستيريا:
يوسف. هو. كان هيغت. قطعت كﻻمها الممرضة وهي تتجه نحوها كي تحقنها بالمهدئ لكنها أزاحتها بانهيار:
أنا قتلته علشان هو كان بيحاول يغتصبني.
انتبهت لوجود والدها ووالدتها فهتفت وهي توجه نظرها نحو أبيها:
بابا. حميت عرضك وشرفك يا حبيبي. مافيش حد قدر يلمسني وﻻ ياخد مني حاجة غصب عني.
آآآآآآآه.
بدأت حدة صراخها تهدأ قليلاً بعدما حقنتها الممرضة بالمهدئ بأعجوبةٍ لكن يوسف هتف بتساؤلٍ وقد تمكن القلق من كل خليةٍ بداخله:
هي هتفضل كدة؟
أظن دا تسالوا فيه الطبيب المتابع ليها. هما بكرة هيعرضوها على دكتور نفسي. علشان يحط لها خطة العﻻج. لكن. لازم تشوفوا لها حل يخرجها من الورطة اللي هي حطت نفسها فيها عن غير إرادتها.
طرقات عنيفة على باب الغرفة.
تبعتها دخول اثنين من العساكر وأحدهم يهتف بغلظة:
أنتوا بتعملوا إيه هنا؟
هتفت أمنية بسرعة:
بنشوف بنتنا حضرتك.
ثم أنتوا ما كنتوش واقفين أصﻻً فﻻ لوم علينا.
هتف بها أشرف مكمﻻً أما يوسف فهتف بهدوء محاوﻻً تلطيف اﻷجواء:
إحنة آسفين جداً حضرتك. هنخرج حاﻻً. يﻻ يا عمو، يﻻ يا طنت.
هتف بها وهو يتقدمهما نحو باب الخروج لكن العسكري أوقف أمنية بسؤاله:
أنتِ شاربة حاجة يا ست أنتِ؟
ارتدت خطوتين للخلف من الصدمة وهي تهتف بتلعثم:
شاربة حاجة منين يا رجل أنت؟ أنت بتقول إيه أصﻻً؟
وبعدين حضرتك بتقول كدة ليه؟
هتف بها أشرف بحميةٍ نحو زوجها لكنه أجابه بثقةٍ:
ريحة نفسها مش حلوة.
توترت أكثر في وقفتها وهي ترى أشرف يقترب منها هو اﻵخر بمسافةٍ مناسبةٍ كي يتأكدَ مما قاله هذا الرجل للتو.
أشاح بوجهه عنها عندما صدمته رائحتها الكريهة وهو يهتف محاوﻻً تدارك الموقف:
ﻻ. هي مريضة وعلى طول ريحتها مش بتبقى حلوة كدة.
سبقتهم للخارج هي ومازالت على نفس توترها وهي تهتف باستنكار:
حاجة غريبة جداً. مافيش حاجة أصﻻً من اللي أنتوا بتقولوها دي. مش فالحين غير في التأليف وخﻻص.
خرج أشرف ويوسف واﻷول يطرق برأسه نحو اﻷسفل والشضك يأكل قلبه ناحية زوجته.
بينما أخرجه يوسف من دوامة شروده بقوله اللطيف:
عمي. أنا هروح أطمن على ليلى هانم ﻷنها زي ما أنت عارف في نفس المستشفى هنا. وهشوفهم لو محتاجين حاجة. وهاجي على طول.
هتف بتوهان:
تمام يا ابني براحتك.
..................
أما على الجانب اﻵخر:
دخلت غرفة ابنتها تهرول وهي تدير عينيها في كل مكانٍ بحثاً عنها حتى وقعت عليها أخيراً.
قلقت من رؤية شحوب وجنتيها ودموعها العالقة في أهدابها.
ماما.
هتفت بها حور باستغاثةٍ بينما انكبت ليلى على كفيها تقبلهما بشوقٍ وهي تردد من بين دموعها التي كانت تهدد بالنزول منذ فترةٍ طويلة:
الحمد لله يا رب. ألف حمد وألف شكر ليك يا رب.
ربنا ما يخسرني فيكي يا حور. أنا ما عاد ليش غيرك في الدنيا دي خﻻص.
ماما أنا كنت خايفة قوي لحد ما أنتِ جيتي.
هتفت بها وصوتها يرتعش ثم قفزت من فراشها ترتمي في حضن والدتها وهي تتمسك بأطراف مﻻبسها بقوةٍ تختبئ فيها من كل ما عرفته.
هتفت ليلى وهي تبادلها الاحتضان وتربت على ظهرها مهدئة:
حبيبتي ما تخافيش.
أكيد دا حد من أعداء باباكي.
أعداء النجاح كتير، والأعداء الحاقدين على باباكي من كتر الستات اللي بتترمى تحت رجليه كتير.
لم تنتبه من نبرتها المتغيرة التي تبدو السخرية فيها جلية إﻻ عندما برقت عينا حور وهي تهتف بتساؤل:
إيه يا ماما. بابا مالوش عﻻقة باللي حصل لي ﻻ من قريب وﻻ من بعيد.
كل اللي حصل دا من أعدائي أنا مش من أعداء بابا.
ناس كانت طمعانة فيا وفي جمالي وهكذا يعني.
كلما همت أن تقصَ عليها ما عرفته عن كريم أوقفها شيءٌ ما ﻻ تعرف ماهيته.
ﻻ تعرف لما هذا اﻷمر صعباً اﻵن، لكنها أرجأت التفكير في أمر كريم إلى وقت ﻻحق حتى تفرغَ رأسها من كل ما يشغله.
هتفت ليلى بتساؤل وهي تغرس نظراتها داخل عينيها مباشرةً:
يعني إيه؟
أنا مش فاهمة.
طب ليه ما بلغتيش عنهم؟
ﻻ ما هما اتقبض عليهم تقريباً. الظابط اللي كان معايا ما فهمنيش. لكنه اتفق معايا إننا هنتقابل تاني، وهيفهمني كل حاجة.
وبعدين أنا فعﻻً معرفش عرفوا مكاننا إزاي. بس ندى ومريم كانوا معايا، وخايفة قوي يكون حد فيهم عمل في البنات حاجة ﻷنهم كانوا ٣.
آه. مريم بيقولوا قتلت حد فيهم.
إيه؟
شهقت بفزعٍ وهي تهب واقفة ثم أردفت بتساؤل:
هي أوضتها فين يا ماما؟
معرفش يا حبيبتي. أنا ما سألتش على حد غيرك.
وبعدين هي لو قتلت فأكيد قتلت دفاعاً عن نفسها وشرفها.
ما تقلقيش سهلة إن شاء الله.
وإن شاء الله هتخرج منها على خير.
خليكي في نفسك أنتِ بس.
هتفت حور بلوم:
أخليني في نفسي إيه يا ماما وأنا السبب في كل اللي حصل لهم؟
لو ما كانوش يعرفوني ما كانش حصل لهم كل دا. ما كانتش مريم تضطر تقتل علشان تحمي نفسها وشرفها من شوية حيوانات. حتى الحيوانات اتظلموا لما نشبههم بيهم.
هتفت ليلى بمهادنة:
طب ممكن تقعدي وتهدي ولما الدكتور يسمح لك بالخروج تقدري تروحي تشوفيها.
ماما. أنا كويسة ما تقلقيش عليا.
بس أرجوكِ تروحي تشوفي لي أوضتها فين هي وندى.
عايزة أطمن عليهم وأعتذر لهم عن كل اللي حصل وكل اللي اتسببت فيه.
زفرت ليلى بنفاد صبر وهي تهتف باعتراض:
يا حور قلت لما الدكتور يطمني عليكِ.
ماما. أنتِ كويسة؟
هتفت بها بتساؤلٍ وهي تقترب منها فهتفت ليلى بما يجيش في صدرها:
ﻻ. مش كويسة يا حور. مش كويسة خالص.
علشان كل ما بفتكر إني كنت مغفلة ببقى عايزة أضرب نفسي ١٠٠ قلم على كل اللي عملته فيها، وعلى كل الظلم اللي ظلمته لها.
ليه يا ماما؟ هو في حاجة جديدة في القضية؟
هتفت بها حور بقلقٍ فهتفت اﻷخرى بنبرةٍ تنذر ببكاءٍ وشيك:
للأسف يا حور.
جدك أحمد ومراته هنية كانوا في زيارة النهاردة لباباكي. وللأسف باباكي اعترف لهم بكل حاجة، وأكد لهم كل اللي اتنشر في الجرايد.
يا نهار أبيض. أنتِ متأكدة من اللي بتقوليه دا يا ماما؟
هتفت بها بعدم تصديقٍ فهتفت ليلى وقد بدأت تمسح دموعها بمحرمة ورقية أخرجتها للتو من حقيبتها:
أنا زيك ما كنتش مستوعبة لما كلموني وقالوا إنهم هيعلنوا وفاته وهياخدوا العزا فيه بكرة الصبح، وكمان كانوا بيقولوا لي إني آجي وأحضر ونقسم التركة بتاعته. ويشوفوا حقك وتاخديه.
هتفت حور بصدمة:
ﻻ طبعاً. أنا مش ممكن أعمل كدة. دا أبويا مهماً كان عمل.
اللي أكد لي إنه اعترف بكل حاجة الظابط اللي قابلته في القسم لما كنت بحرر محضر بغيابك. قال لي إنه اعترف يا حور اعترف.
مصلحته إيه الظابط طيب يكذب عليا؟
ردت حور بمنطقية:
ﻻ طبعاً مالوش مصلحة، هو كمان مش هيعادي بابا يعني. ومش كل غلط بابا يعمله نعلقه على شماعة أعداؤه.
لكن بردو دا مش معناه نعتبره ميت.
هتفت بها بحميةٍ نحو أبيها ثم أردفت بحنين:
أنا كلمته النهاردة يا ماما. حضرة الظابط خﻻني أكلمه. كان بيحاول يطمني على قد ما يقدر من غير ما يعرف إيه اللي حصل. وقبل ما تحصل المشكلة اللي حصلت له دي عمره ما أخر عني حاجة، وﻻ بخل عليا بحنانه لحظة واحدة.
يمكن غفل عن نصيحتي وتأديبي وتربيتي بالشكل الصحيح وكان مركز أكتر مع نزواته، لكن أنا بتربطني بيه ذكريات حلوة قوي فوق إن هو بابايا.
أنا مش هقدر أعمل اللي جدودي بيقولوا عليه دا يا ماما. ﻻ. وكمان حرام نفرط في المستشفى بتاعته.
حبيبتي أنا معرفش هما هيعرفوا ياخدوا المستشفى والعيادة وﻻ إيه خاصةً إنه لسة عايش بس هما إيديهم طايلة.
هتفت بها ليلى بتفكير لكنها أضافت بحزن:
كنت لحد قبل ما أروح القسم شايفة إنه يستاهل فرصة تانية، عﻻقتنا نفسها تستاهل فرصة تانية خاصةً إنه كان بدأ يتغير ويستجيب لي قبل ما يتسجن.
كنت فرحت قوي يا حور وقلت أخيراً الدنيا بدأت تديني وشها الحلو. أتاريها ادتني ظهرها بمنتهى السرعة وضربتني في ظهري باستهزاء.
شعرت حور أنها النهاية فهتفت بسؤالٍ أقرب منه إلى الجواب:
ماما. انتِ ناوية تنفصلي عن بابا قبل ما القضية تخلص؟
لﻷسف يا حور. عمرو ما خﻻش قدامي حاجة تانية أعملها.
كرامتي وكبريائي مش هيسمحوا لي أدوس عليهم أكتر من كدة وأفضل على ذمته دقيقة واحد\ة.
لكن قلبي هدوس عليه بكل قوتي لأن هو اللي كان موديني في داهية طول السنين اللي فاتت دي.
لم يمهل الطارق فرصة لحور كي ترد عليها، لكن ما الذي يجوز أن تقولَ في هذا الموقف العصيب على هذه اﻷسرة المتفككة قبل أن تبنى؟
سمحت ليلى للطارق بالدخول لتهب واقفة بتفاجؤٍ عندما رأت يوسف.
هتفت بتساؤل:
إزيك يا يوسف؟ خطيبتك كويسة؟
هتف بحزن:
ﻻ والله يا ليلى هانم. حالتها تصعب على العدو قبل الحبيب. مش مصدقة اللي هي فيه.
أنا عايزة أشوفها.
هتفت بها حور وهي تقفز من الفراش بمنتهى السرعة حتى توقفت بجوار يوسف وهي تتمسك بطرف مﻻبسه.
رغم شعوره بالخجل مما تفعل إﻻ أنه -وللغرابة- شعر بحميةٍ ﻻ يعرف لها سبب نحوها.
حاول أن يبتعد عن مرمى أصابعها إﻻ أنها كانت مصممة هذه المرة فهتف بمهادنة:
أنتِ عاملة إيه يا آنسة؟
أنا كويسة وزي الفل. بس عايزة أشوفها. عايزة أطمن عليها.
طب ممكن تقعدي.
هي عليها حراسة مشددة دلوقتي، ومش هيسمحوا لنا نشوفها. إحنة شوفناها بالعافية أصﻻً واتطردنا شر طردة من بعدها.
يا حبيبتي يا مريم. أنا السبب.
قاطعتها ليلى بسرعة بهتافها المتسائل وهي تسلط نظرها على يوسف:
طب والحل يا يوسف؟ هتعرفوا تخرجوها؟
إن شاء الله بسيطة يا ليلى هانم. بس أهم حاجة هي تتجاوز الحالة اللي هي فيها.
أنا كنت جاي أشوف لو كنتم محتاجين حاجة.
فيك الخير يا يوسف. بس أنا هشوف الدكتور لو كدة هاخد بنتي ونخرج بقى. كفاية عليها كل اللي شافته النهاردة.
معلش محنة وهتعدي إن شاء الله.
هتف بها محاوﻻً التخفيف من حدة الموقف ومحاوﻻً كسر حاجز التوتر بينهما بينما هتفت حور باطمئنان:
والدتك كويسة يا أستاذ يوسف؟
وأنتِ تعرفيها منين؟
هتفت بها ليلى بسرعة فهتفت حور ببساطة:
كنت بزورها يا ماما مع مريم وندى قبل ما يحصل اللي حصل. والصراحة هي ست زي العسل. كانت ودودة جداً وطيبة جداً جداً يا بختك بيها يا أستاذ يوسف.
ما تتخيرش عنك يا ماما والله.
وﻻ البت سندس. دي بقى فظيعة. لو شوفتيها هتحبيها قوي قوي يا ماما. بت زي العسل ودمها زي السكر.
هتفت ليلى بعدم اقتناع:
آه ربنا يبارك لك فيهم يا رب.
تسلمي يا ليلى هانم.
هتف بها بشرودٍ ثم أضاف لحاجةٍ في نفسه:
هي في نفس المستشفى دي. على بعد كام أوضة. لو حابة تشوفيها.
أشوفها؟
ليه لا؟
مافيش مشضكلة.
....................
أنت تقرأ
رواية ولو بعد حين.، الجزء الأول
Romansaقالوا عنها خائنة فصدقهم وكذبها. حاول أن ينسى فظلم. حاولت أن تعيش فماتت. لم يعرف أنها تمتلك جزءً منه. ولم تعرف أنها ﻻزالت تمتلك قلبه إلى الآن. فهل سيتجدد اللقاء بينهما يوماً ما؟ هل سيعرف الحقيقة؟ وهل بعدما أصبح لكلٍ منهما طريقاً ستلتقي الطرق؟...