الفصل اﻷول بعد الثﻻثين، الجزء الثاني:

297 114 23
                                    

السﻻم عليكم.
ياريت ما تنسوش الفوتينج لو الفصل عجبكم.
وطبعاً رمضان مبارك عليكم.
وبالتأكيد بعتذر لكم على تأخيري عنكم، بس والله أنا كان عندي ظروف منعتني عنكم. حقكم عليا معلش.
إن شاء الله هنرجع نتقابل تاني بعد العيد في أول جمعة.
بس عايزاكوا تشجعوني كدة علشان نخلص الرواية دي بقى وندخل في رواية جديدة.
بالمناسبة أنا لسة بأكد عليكم إن الرواية لسة فيها أحداث، ولسة ما اقتربناش من النهاية.
يﻻﻻ. هسيبكم مع الفصل ومستنية آراءكم والفوتينج بتاعكم ونقدكم البناء.
ولو بعد حين، الفصل اﻷول بعد الثﻻثين، الجزء الثاني:
أسرعت ركضاً نحو غرفته كأنها تسابق شخصاً غير مرئي إﻻ لها هي فقط.
دخلت دون أن تطرق الباب وهذه ليست من عادتها أبداً، لكن قلقها عليه كان ينهش قلبها بقوة. كفاها قلقها على سندس.
حاولت التقاط أنفاسها اللهيثة وهي تعتذر للممرضة بكﻻمٍ غير مرتب من بين أنفاسها السريعة.
مافيش حاجة يا مدام. مافيش داعي للاعتذار خالص. دا حال أي أم.
هتفت بها الفتاة بتقدير ثم نهضت من مقعدها تجذبها من يدها برفقٍ حتى أجلستها مكانها هاتفة باحترام:
أنا موجودة برة لو احتجتي حاجة. هطلب لك ليمون يهدي أعصابك. ﻻزم لما ابن حضرتك يصحى  يﻻقيكي قوية كدة.
لم تقوَ على الحديث فودعتها بإيماءةٍ خفيفةٍ من رأسها ثم اتجهت بأنظارها المشتتة نحو ولدها الحبيب الذي يرقد على الفراش بسﻻم.
أمسكت كفه البارد بقوةٍ تضغط عليه باحتياج.
كانت تتمنى أن يستيقظَ في تلك اللحظة فقط كي تطمئن عليه فقط ثم يعود لسباته العميق هذا.
خرجت من شرودها على طرقات الباب الخفيفة ودخول أحدهم يسحب شيئاً ما لم تتبينه بعد خلفه.
لم تنتبه وتترك كف يوسف سريعاً إﻻ عندما التقطت أذناها شهقات سندس الباكية وهي تهتف بلهفة:
يوسف.
قفزت من مقعدها جوار الفراش تسرع نحوها تتفقدها سريعاً بنظراتها هاتفة بتساؤل قلق:
إيه اللي حصل؟ نايمة كدة ليه؟
ابتسمت سندس بحنوٍ وهي تهتف مطمئنة محاولة إطفاء نبرة المرح خاصتها على صوتها المتألم ولم تنزع عيناها بعيداً عن يوسف:
ما تقلقيش يا ست الكل. أنتي  وترتيني بس فوقعت على وشي على السلم.
شهقت بفزعٍ وبدأ ضميرها يوخزها قليلاً.
ما كان ينبغي لها أن تفعل بها ما فعلته للتو.
هذه الطريقة أصﻻً لم تكن من شيمها يوماً، لكن أوﻻدها أصبحا هاجسها في اﻵونة اﻷخيرة.
ألف بعد الشر عنك.
هتفت بها بألمٍ لحالها ثم استطردت بندمٍ وهي تطرق برأسها:
أنا آسفة حقك عليا يا حبيبتي. مش هتتكرر تاني والله.
انحنت قليلاً حتى أصبحت في مستواها تقبلها على جبينها برقةٍ وهي تهتف باسترسال:
علشان خاطري أنا ما تزعليش مني.
أنا كنت هموت من القلق عليكي يا سندس؛ علشان كدة اتعاملت بالطريقة الغبية دي. بس كنت هكسب إيه يعني بوقعتك دي. إن شاء الله أنا مكانك يا حبيبتي.
شهقت سندس وهي ترفع ذراعيها تحتضن وجهها الباكي القريب منها جداً وهي تهتف بلهفة:
بعد الشر عنك يا ماما.
فداكي كل غالي يا حبيبتي. أنا اللي غلطانة، ما كانش ﻻزم أسيبك وأمشي وانا عارفة إنك بتقلقي عليا.
أما على الجانب اﻵخر فقد وقف عمرو لجزءٍ من الثانية يتأمل محبوبته الغائبة منذ سنين لم يعد يعلم عددها. تقريباً نفس عمر يوسف. لكن حنينه نحو ولده قد غلبه في النهاية؛ فأسرع نحو فراشه يحتضنه بحرصٍ شديد، ثم ينحني هو اﻵخر يطبع قبلة على جبينه.
سقطت دمعة خائنة من عينيه على وجه يوسف ففتح عينيه ببطءٍ ثم أغمضهما ثانية لعدم اعتياده على اﻷضواء.
ظل على هذه الحال لفترةٍ قصيرةٍ حتى بدأ يعتاد اﻷمر وفتح عينيه أخيراً ليقابله وجه عمرو الباكي وهو يهتف بهمس:
أنت كويس؟
ابتسم باتساعٍ وأراد مبادلته العناق لكن عمرو ثبته برفقٍ في الفراش فهتف باعتراضٍ واهنٍ لفت نظر سندس ويمنى:
إزاي تكون قدامي وما أحضنكش؟
لم تمهله يمنى فرصة للرد عليه حيثأسرعت نحوهما هاتفة بسعادة:
الحمد لله يا رب. حمد لله على سﻻمتك يا حبيبي.
حاسب كدة لو سمحت خليني أعرف أشوفه.
هتفت بها بلهفةٍ أموميةٍ وهي تدفعه في كتفه برفقٍ بطرف إصبعها فتمسك به يوسف هاتفاً بهدوء:
اهدي يا يويو. أنا كويس.
جذبته من تﻻبيبه برفقٍ هاتفة باعتراض:
ﻻ. أنا عايزة أحضنك دلوقتي وأتطمن عليك. ثم أنا ماما يا يوسف ودا شخص ما نعرفوش. حاسب بقى.
هتفت بها بنفاد صبرٍ لكن يوسف تمسك به بعنادٍ هاتفاً:
أنتي ماما وهو.
وضع عمرو طرف إصبعه على شفتيه يسكته وهو يهتف بهمس عاتب:
وبعدين يا يوسف. هي كمان من حقها تشوفك. والحمد لله إني اتطمنت عليك. ثم آدم مش عايز يعرف حد إن أنا هنا. وأنا مش عايزه يتضايق. خلي بالك من نفسك.
ابتعد عنه أخيراً بعد ما تراخا ذراعا يوسف بجواره فهرولت يمنى نحوه تأخذ مكان عمرو تحتضنه بقوةٍ آلمته قليلاً فأرخت ذراعيها تهتف باعتذار:
أنا آسفة. مش قصدي. ألف بعد الشر عليك يا حبيبي. إن شاء الله هتقوم بالسﻻمة قريب.
إن شاء الله يا أمي.
أجابها بتعبٍ وهو ﻻ يزيح عينيه بعيداً عنه ليرى سندس تشير له هاتفة بحياء:
ممكن توصلني ليوسف.
دفع الفراش أمامه بهدوءٍ دون أن يعقب على ما قالته فهتفت سندس بتشوش:
حبيبي يا جو. ألف حمد لله على سﻻمتك.
لم يرد لها ما قالته بعبارةٍ مناسبةٍ لكنه هتف بقلقٍ وهو يتفحصها بنظره:
مالك يا بت؟ إيه اللي عمل فيكي كدة؟
هتفت ببساطة:
مافيش يا أخويا وقعت على السلم.
طرقات الباب جعلت عمرو يهندم قبعته ليطمئن أن ﻻ أحد اكتشف وجوده قبل أن ينفتح ويدخل منه ىكﻻ من آدم وسيف وندى وأكرم وحور.
هتف آدم بابتسامة:
حمد لله على السﻻمة يا يوسف. ربنا يشفيك كدة بسرعة علشان عندك قضايا متعلقة.
السﻻم عليكم اﻷول.
ردوا السﻻم مبتسمين على طريقته العفوية المحببة في التعامل مع يوسف فهتف اﻵخر بعد أن رد التحية:
ما تقلقش. إحنى جامدين قوي.
تقدم سيف منه هاتفاً بمودة:
حمد لله على سﻻمتك يا يوسف. ربنا يبعد عنك كل حاجة وحشة. وإن شاء الله مش هنسيب حقك.
طغت نبرته العملية على نبرته الودود كعادته فابتسم له يوسف بامتنان:
الله يسلمك يا حضرة الظابط. شكراً على وجودك.
عاد لنبرته الودود وهو ينظر نحو ندى الواقفة بحياء في بداية الغرفة:
أنا طبعاً ﻻزم أكون موجود، وطبعاً أنا ممتن ليك بحياتي.
كفاية إن أنت أنقذت جوهرة البيت ونوارة حياتي.
رفع عينيه ينظر نحو الواقفة تفرك يديها بتوترٍ فابتسم لها مشجعاً وهو يهتف بمودةٍ بعد ما عاد للنظر أمامه:
إزيك يا آنسة ندى؟
الحمد لله إنك بألف خير.
تلعثمت قليلاً في الحديث لكن يد يمنى التي ربتت على ظهرها برفقٍ هدأت قليلاً من توترها وهي تهتف بحنانٍ أمومي يليق بها:
حبيبتي أنتي متوترة ليه؟ تعالي. دا أنا لو ما كانش ابني عمل اللي عمله معاكي أنا ما كنتش هسامحه أبداً.
ابتسمت ندى لها ترد بصوتٍ شبه مسموع:
ربنا يبارك لك فيه يا طنت، ويحفظه لك من كل سوء.
أمنت يمنى على دعائها وﻻ يشغل فكرها سوى هذا المجهول الذي يقف بعيداً ينزوي على نفسه وﻻ يحيد ببصره عن يوسف.
سمعت أكرم يهتف بفخر:
طول عمري بقول مافيش حد يعمل اللي عملته يا يوسف. ألف حمد لله على سﻻمتك. ربنا يبارك فيك ونﻻقي زيك نماذج مشرفة كمان.
ابتسم يوسف على إطرائه يهتف بتواضع:
الله يسلمك يا أستاذ أكرم. معلش بقى على الخضة اللي اتسببت لك فيها دي. ومصر مليانة ناس زيي وأحسن مني كمان، بس هما مش باينين للأسف.
أيده أكرم بقوله:
طبعاً. مصر وﻻدة.
ثم أردف بدعابة:
وأي خضة يا يوسف. أنا قلبي كان هيقف.
ثم أشار نحو ندى بعينيه هاتفاً:
والمسكينة دي كانت هتحتاس بينا إحنا الاثنين.
تدخل سيف في الحوار مؤيداً:
أنت هتقول لي. ندى أصﻻً بتتوتر بسرعة جداً.
انزوت على نفسها حرجاً ولم تعرف بما تعقب على حديثهم ففضلت الصمت حتى انتبهت ﻵدم وهو يهتف موجهاً حديثه ليوسف:
طيب إحنا هنتحرك بقى يا يوسف.
لم تمهل حور يوسف فرصة للرد عليه فاقتربت نحوهم هاتفة بمرح:
وسع كدة يا أفندي لو سمحت. أنت عايز تاخدني فدوكة وتمشي من غير ما أسلم على البطل دا وﻻ إيه.
هتف آدم بابتسامة على عفويتها:
ﻻ طبعاً من حقك يا أستاذة. ما نقدرش نتكلم فيها دي.
توجهت بنظرها نحو يمنى هاتفة بمودة:
ألف سﻻمة يا طنت على يوسف.
الله يسلمك يا حبيبتي.
هتفت بها يمنى بمودةٍ متبادلةٍ ثم أردفت بامتنان بعد صمتٍ قصير:
وشكراً جداً على الموقف اللي عملتيه من شوية معايا.
ابتسمت حور بمشاكسة تجيبها:
ﻻ وﻻ شكر وﻻ حاجة يا طنت. أنا كنت بختبر نفسي في السيطرة على اﻷوضاع. وبعدين أنت بالذات يا طنت عليكي توصية من حد تقيل قوي هنا ما نقدرش نكسر له كلمة.
هتفت يمنى باستغراب:
توصية! مش فاهمة يا حور.
مش مهم يا طنت. المهم إن أي حاجة تحتاجيها في المستشفى أو برة المستشفى اطلبيها بس من غير تردد وهتﻻقيني تحت الطلب. هدي رقمي لسندس وهتكلمني لو احتجتوا حاجة.
رمقت سندس الواقف بعيداً ويظهر عليه الحزن بنظراتها الفضولية تردد بنفس ابتسامته:
الله يرحمه بقى. اتدغدغ.
أهداها ابتسامة حلوة وهو يومئ برأسه مؤكداً على ما قالته وفي المقابل سلطت يمنى نظراتها على ابنتها بتساؤل لعلها تجد إجابته لديها لكن دون حديثٍ بالشفاه.
توجهت حور نحو يوسف أخيراً وقد عقدت العزم على أمرٍ ما.
جلست بجواره على طرف الفراش بينما ابتعد يوسف قليلاً بحرصٍ عنها لكنها هتفت بهدوء:
في إيه يا يوسف؟ هسلم عليك بس. مش إحنا إخوات.
كانت كل ما تلقته شهقة جماعية انتلقت من عمرو أوﻻً الذي حدجها بنظراتٍ متوعدة، ويوسف الذي حدجها بنظراتٍ متسائلةٍ ومصدومةٍ على حدٍ سواء، ويمنى التي بدأت تنكشف لها الحقائق واحدة تلو اﻷخرى ويومض في عقلها ذكرى حديثها مع أكرم في ما يخص عبد الله ومشاجرته الأخيرة مع يوسف، وأكرم الذي يشعر أن دلواً من الماء البارد انسكب فوق رأسه. أما ندى فكانت تفغر فاها استغراباً وسؤال يتردد في ذهنها:
ألحور إخوة بعد كل هذه السنين؟ كيف؟ ومتى؟
كان أول من غادر الغرفة بعد انفجار القنبلة هو عمرو دون أن يودع الحضور. لم يفعل أي شيءٍ سوى أن أشار ﻵدم برأسه بمعنى أنه ينتظره في الخارج.
أما سندس فكانت تهتف بفرحة:
يحيا العدل. يحيا العدل. ظهر الحق وذهق الباطل.
انكمش يوسف على نفسه أكثر بينما تصلبت حور في مكانها.
لم تقوَ يمنى على الجلوس هنا أكثر بعد ما قيل وهي لم تعرف بماذا ترد؟
تتخيل المشاكل التي ستقع فوق رأسها أوﻻً ورأس عمرو بعد انتشار هذا الخبر.
تتخيل ليلى تتهمها باختطافها لزوجها. تتخيلها تتهمها أنها كذبت عليها عندما أخبرتها أنها كانت خادمة لديهم وفقط. لن تستوعب بالتأكيد أنها كانت تحمي يوسف من بطش هنية وأحمد.
اقتربت حور من يوسف تحتضنه على استحياءٍ لكنه لم يبادلها الاحتضان بل بادرها بإقرار:
بابا هو اللي قال لك. مش كدة؟
أماءت برأسها إيجاباً وهي تهتف:
كان هيموت من القلق عليك. أنا كنت مستغربة الوضع. عمري ما شوفت بابا بيطلب حاجة من حد. طول عمره كان بيأمر وينهي وأوامره تطاع. بس إنه يطلب حاجة من حد بعد العمر دا كله ويصر عليها ويبقى كمان عنده استعداد يعمل حاجة في مقابل يحصل على اللي هو طلبه دا اللي عمري ما كنت اتخيله أبداً في حياتي. كان من عاشر المستحيﻻت.
كان طبيعي لما أسأله يجاوبني علشان يريحني لأني ما كنتش فاهمة عمق العﻻقة بينكم.
أنت بالنسبة لي كنت مجرد محامي بتدافع عن بابا في قضية كبيرة ممكن تشهرك في يوم من اﻷيام، وخطيب مريم صاحبتي مش أكتر. بس بابا عمره ما هيقلق على حد بالنسبة له محامي بالشكل دا.
أنا كنت مصدومة في اﻷول، وما عرفتش أفهم كل التفاصيل من بابا، ويمكن لو كان قال لي من شهريت ثﻻثة فاتوا إني ليا إخوات كنت هثور وهجول. إزاي يعني يبقى لي إخوات يقاسموني في ميراث بابا؟
وبعد ما كنت هعرف مستواكم المادي كان دا كمان هيزود الحواجز أكتر بيني وبينك. بس ربنا ما بيعملش حاجة غير وفيها خير.
ووقت ما عرفت كان وقت مناسب جداً، وقت اكتشفت فيه إن الإخوات سند وعزوة وظهر لو ملت مش هيميل أبداً. أنا مبسوطة قوي يا يوسف علشان ليا إخوات أنت وسندس.
تأثرت سندس باسترسال حور الصادق فاغرورقت عيناها بالدموع تلحق بحور التي سبقتها منذ قليلٍ واختنقت العبرات في عينيها واختنق الحديث في حلقها.
أجابها يوسف بحنوٍ وهو يحتضن رأسها:
أنتي بتعيطي ليه دلوقتي بس؟ مافيش حاجة مستاهلة. أنا كمان كنت مصدوم لما عرفت، بس ما كنتش عايز أمي تعرف أي حاجة دلوقتي.
هتفت سندس باعتراض:
ما ينفعش الحقيقة تستخبا أكتر من كدة. ﻻزم تعرف إنك عارف. كفاية العذاب اللي هي شافته السنين اللي فاتت سواء من أبويا أو من.
صمتت كي ﻻ تحزن منها والدتها على ما ستقوله فهتفت مغيرة دفة الحديث:
أنا اللي مبسوطة قوي يا حور علشان بقى لينا أخت ثالثة نقعد نناكف فيها أنا ويوسف.
ابتسمت حور لها بحﻻوة تهتف بدعاءٍ صادق:
ربنا يبارك لي فكم وما يحرمنيش منكم أبداً.
هتفت سندس بتساؤلٍ بعدما أمنت على دعائها هي ويوسف:
هو مين الرجل دا يا يوسف؟
هتف يوسف بهمس:
بس دا يبقى سر.
أماءت برأسها تهتف بحماس:
أكيد. قول بقى.
هتف بهدوءٍ وهو يتذكر عناقه القصير له بمنتهى الحرص:
لو كنتي ركزتي في كﻻم حور كنتي هتعرفيه لوحدك. دا الدكتور عمرو بابا.
شهقت بفرحةٍ وهي تهتف:
ماما كلمتني عنه كتير، وعن حنانه، وقد إيه كان بيحبها.
خليتني هموت وأشوفه. اتقابلنا في ظروف عجيبة ما حدش يفكرني بيها بس مبسوطة إني شوفته. وماتخافوش سركوا في بير.
هتفت بها بصوتٍ هامس هي الأخرى كي ﻻ يخرج السر عن ثﻻثتهم فهتفت حور لنفسها:
علشان كدة بابا عمره ما ادا لماما ريق حلو، بس السؤال:
ليه بابا ساب طنت يمنى رغم كل الحب اللي سندس بتقول عليه دا؟
....................
رنين الهاتف أيقظ من بالمنزل بسبب تصميم المتصل.
أغلقه عبد الله مرة تلو اﻷخرى لكن ﻻ فائدة، من الواضح أنه سيضطر للإجابة.
رفع الهاتف على أذنه دون أن ينظر لاسم المتصل يرد بفظاظة:
نعم.
هتفت أمنية بعصبية:
ما بتردش ليه يا زفت؟
زفت في عينك يا أمنية.
هتف بها هو اﻵخر بعصبيةٍ مناسبةٍ وﻻزال أثر النوم لم ينسحب من صوته ثم أضاف بتساؤل: عايزة إيه اخلصي خليني أكمل نوم.
هتفت بإعياءٍ طفيف:
دماغي هتضرب يا عبد الله. عايزة الجرعة ما عدتش قادرة خﻻص.
هتف عبد الله بنفاد صبر:
وأنتي لحقتي خلصتي اللي كنت سايبهولك؟
هتفت أمنية باعتراض:
وهو أنت سبت لي حاجة؟
دا يادوب.
ثم أنا بايعة الذهب بتاعي ليه؟ مش علشان لما أطلب منك في أي وقت ما تقول ليش الحاجة غالية والكﻻم الفاضي بتاعك دا.
هتف عبد الله باعتارض:
ليه يا أختي؟ هو الذهب بتاعك دا إيه؟ بيولد؟ أنا جبت لك بحقه وكان كتير، ومش ذنبي بقى إنك خلصتيهم بسرعة.
ثم أنا اليومين دول مقشفر وحالتي صعبة على اﻵخر.
لو لقيتي فلوس رني لي وأنا آجي أجيب لك وأستمتع بالمهلبية شوية.
زفرت بضيقٍ تهتف بإعياءٍ والصداع اللعين ينخر في رأسها:
أجيب لك منين أنا؟
كفاية أشرف وشكه فيا.
يعني لو في فلوس في البيت مش هينفع أمد إيدي عليهم.
إيه. هقول له إيه ساعتها؟
حرامي مد إيده سرق الفلوس زي ما سرق الذهب كدة؟
هتف عبد الله بﻻ مبالاة:
خﻻص يا أختي أنتي حرة. أنا عاطل اليومين دول وما عنديش شغل، ومافيش معايا فلوس، لو وفرتي فلوس للجرعة بتاعتك كلميني، ما وفرتيش يبقى مش عايز أسمع صوك القذر دا. باي باي.
أغلق الخط في وجهها ولم يستجب ﻷيٍ من نداءاتها ثم تناساها عمداً وهو يرى عزيز يدخل عليه الغرفة يحمل بيده حقيبة جلدية وهو يهتف:
شوف يا عمي سلبت إيه؟
قام من نومته هاتفاً باهتمام:
سلبت إيه يا أخويا؟
اللابتوب بتاع البت سندس. قلت علشان لو خطة البيت ما نفعتش أعرف أجيبها.
طب ياريت بقى تدكن على الخطة دي. مش عايزين الاثنين قس الفساد دول يعرفوا حاجة.
هتف بها بصوتٍ هامسٍ فأماء عزيز برأسه مؤيداً يهتف بهمسٍ هو اﻵخر:
بيني وبينك كدة أنا مش مرتاح للاتنين دول. دا الحمد لله إنهم رضيوا ينيموك في السرير بعد ما اتذللت لهم كداهو.
اتكتم يا عزيز، مش عايز أسمع لك نفس.
هتف بها عبد الله بضيق وهو يضربه في رأسه بالوسادة بعنفٍ فتأوه عزيز هاتفاً بوعيد:
ماشي يا عمي ماشي. براحتك خالص. بس لو البت ما كانتش في إيدي وليا فيها حرية التصرف يومك مش هيعدي على خير. علشان مش بعد الصبر دا كله تكنسلني.
انتبها الاثنين على رنين هاتف وصوت أحمد يهتف بجزع:
في إيه؟
.....................

رواية ولو بعد حين.، الجزء الأولحيث تعيش القصص. اكتشف الآن