الفصل الثامن بعد العشرين، الجزء الثاني:

208 128 14
                                    

كل عام وأنتوا بخير.
أنا كنت بسلي صيامي وبخلص الجزء دا.
مش عارفة هيعجبكم وﻻ ﻻ.
بس يا رب يعجبكم.
ما تنسونيش أوﻻً من صالح دعائكم.
وما تنسونيش من الفوتينج والكومنت لو عجبتكم.
يﻻ مش هطول عليكم زي المرة اللي فاتت.
بس ياريت نوصل بقى لفوتينجات عالية.
وبعتذر لكم مرة تانية عن تأخيري عنكم امبارح، بس والله كنت تعبانة جداً وما كنتش قادرة.
يﻻ.
رمضان مبارك عليكم وعلى كل أسركم.
وما وما تنسوش تدعو لإخواننا الفلسطينيين بالنصر القريب إن شاء الله.
ولو بعد حين، الفصل الثامن بعد العشرين، الجزء الثاني:
تراجعت خطوتين للخلف تناظرهما بخجلٍ هاتفة باعتذار:
أنا آسفة. أنا كنت جاية زيارة هنا وقالوا لي إن المتهم مستنيني.
أنا آسفة جداً مرة تانية. أنا هستنا برة.
ابتسم أشرف بتسامحٍ يهتف:
ﻻ وﻻ يهمك يا ليلى هانم. تشرفنا. دي مريم بنتي.
نظرت لها اﻷخيرة تهتف بهدوء:
أهﻻً وسهﻻً يا مدام. فرصة سعيدة.
في هذه اﻷثناء:
دخل الدكتور عمرو بوجهه الذي رغم شحوبه الشديد لكنه ﻻزال يحافظ على ابتسامته وطلته الساحرة.
سلط نظره على ثﻻثتهم باستغرابٍ:
ليلى لكون زيارتها أصبحت غير مرغوب فيها بعد ما حدث بينهما في المرة اﻷخيرة، ومريم وأشرف هو ﻻ يعرفهما، فمن هذان إذاً؟
أخيراً ترجم أفكاره المشتتة هذه بقوله المهذب:
أهﻻً وسهلاً. أنتوا مين؟
رفعت مريم نظرها لتشعرَ بصورة يوسف تتجسد أمامها، لكنها أكثر شحوباً، وعيناه أكثر انكساراً.
هتف أشرف وهو يشعر أن المكان لم يعد له وﻻ ﻻبنته في هذه اﻷثناء:
أنا كنت في زيارة هنا. بس أنا همشي بقى يا مريم. خلي بالك من نفسك. سﻻم.
نهضت هي اﻷخرى من فورها ليتركا لهما المجال أخيراً فترفع عينيها تتفحصه بلهفةٍ وشوقٍ في بادئ اﻷمر.
ثم تحولت نظراتها كلياً للاستحقار التام.
طالعها هو بنظراتٍ متحيرةٍ لمجيئها المفاجئ هذا فسألها بهدوءٍ وﻻزالت كلماتها المؤلمة تدوي في أذنيه بﻻ رحمة:
خير يا ليلى؟ مش اتطلقتي؟ لسة عايزة إيه تاني؟
عايزة حقي، والمؤخر بتاعي.
هتفت بها بقسوةٍ لم تكن من شيمها يوماً، لكنه يعلم أن هذه الزرعة حصاده فيجب تحمل خسارته فيها حتى يقتلعها من حياته تماماً فهتف بهدوءٍ:
حاضر. عايزة حاجة تاني؟
عايزة حق بنتي؟
توحشت نبرتها أكثر وقست في جملتها اﻷخيرة فابتسم لها مهدئاً سائلاً إياها بعدم فهم:
يعني إيه عايزة حق بنتك؟ وهو من إمتا أنا حرمت حور من حاجة؟
ضحكت بسخريةٍ هاتفة:
ﻻ والله. أنت هتكذب الكذبة وتصدقها وﻻ إيه؟ أنت شفطت فلوسها كلها حطيتها في جيب واحد ما نعرفوش. ما يغركش يعني إنه مصدق إنك ما عملتش التهمة، بس هو عرف يلعبها صح يا دكتور.
خدعك المرة دي بس علشان ياخد فلوسك وأنت بلعت الطعم.
طب كنت هاتها لي أنا ما كنتش هخدعك، وحتى أنت كنت عارف موققفي.
وأراهنك إنه من ساعة ما خد فلوسك وأنت ما شوفتش خلقته من يوميها.
ابتسم بهدوءٍ كعادته وهو يهتف مدافعاً:
أهو الرجل اللي أنتوا عملتوا عنه تحريات أنتي وأهلي دا أكتر واحد صدقني ووقف جانبي، وأكتر واحد بيجي لي وبشوفه.
وأكتر واحد بيهتم يشوف القضية وصلت لفين؟
صمت قليلاً ثم تنهد بحزنٍ هاتفاً بانكسار:
ثم أنا مهماً كنت وحش يا ليلى مش هضيع ﻻ حقك وﻻ حق بنتي.
مين أنا علشان أعملها؟
وما سألتش نفسك مين أنت علشان تخونني كل يوم في حضن واحدة شكل؟
هتفت بها بقهرٍ لكنه أضاف بتقدير:
أظن الزيارة انتهت.
طبعاً. ما أنت ما عندكش الجراءة تواجهني.
هتفت بها بنفس قسوتها المستحدثة فنهض من مجلسه متجهاً نحو باب الخروج مضيفاً بتحذير:
ليلى. خدي بالك من أهلي.
أنا ما اديتكيش الفلوس علشان كنت عارف إنهم هيﻻقوا طريقة ويخدوها منك.
بالسياسة ماشي، باﻹكراه ماشي، مافيش حاجة بتوقفهم.
وأنتي كنتي أكتر واحدة شاهدة على تعبي في المستشفى والعيادة دول علشان يقفوا على رجليهم.
على اﻷقل أهلك ما عملوش حاجة تدينهم.
هتفت بها بدفاعٍ فهتف بإشفاق:
لﻷسف هما لسة ما ظهروا لكيش على حقيقتهم، بكرة تعرفيهم كويس.
نهضت من مقعدها متجهة هي اﻷخرى نحو باب الخروج لكنها توقفت بجواره هاتفة بعتاب:
أنت كسرتني يا عمرو. هديت حب كبير قوي كان ليك جوايا. أحﻻم كتير بنيتها وكان نفسي أحققها معاك لكن أنت سرقتها من غير رحمة.
رد هو بانكسارٍ وهو يشيح بعينيه بعيداً عينيها المعاتبتين والحزينتين والمنتفختين من أثر البكاء:
وأنتي جرحتيني يا ليلى. كان ممكن تقولي الكﻻم دا كله في ظروف أحسن. إحنة طول السنين دي كلها ما عرفناش بعض رغم العشرة. أنا كنت بعيد قوي. مش عنك أنتي بس، لكن بعيد عن الدنيا كلها. اسألي أمي وأبويا عن الماضي يا ليلى. حلفيهم يقولوا الحقيقة ويقولوا هما ظلموني قد إيه.
وأنا عارف إنه مش مبرر إني أظلمك معايا، بس دايرة الظلم اتفتحت وأنتي اتاخدتي في الرجلين.
صدقيني الفراق أحسن لينا إحنة الاتنين.
ﻻ أنتي هتنسي لي إني خنتك كتير، وﻻ أنا هقدر أنسى لك كل اللي أنتي قلتيه.
رق قلبها لحديثه فودت لو ضمته لصدرها، لكن قسوتها المستحدثة طفت على السطح بقوةٍ من جديد، فمرت بجواره لتخرج وهي تهتف بﻻ مباﻻة:
ما بقيتش تهمني علشان أسأل أهلك عن الماضي. سﻻم. يا دكتور.
أردفت بسخريةٍ في نفسها:
وﻻ دكتور إيه بقى؟
راح زمنك خﻻص.
دكتور عمرو لسة جوة.
هتف بها سيف فعادت ببصرها للخلف ثم هتفت بصوتٍ يقطر كراهية:
آهو واقف على الباب زي عمود النور.
حدجها بنظراتٍ ساخطة من تعبيراتها ثم هتف بصوتٍ شبه عالٍ قصد أن يصل لعمرو:
انتظرني جوة يا دكتور.
استوعبت أنه ضابط في الشرطة، فلمَ لا يكون هو من حصل على أموال عمرو فهتفت بعدائية:
ياريت بس تحافظ على اللي في إيدك، وتجيب لي الحاجات أراجعها لأن الدكتور مش فاضي.
نعم؟
سألها باستغراب لكنه تجاهل اﻷمر وشعر أنها صدمة ما بعد الانفصال فانطلق نحو غرفة الزيارات.
دخل دون أن يطرق الباب تاركاً ليلى تنظر في الفراغ الذي كان يملؤه بغضبٍ.
جلس على المقعد المقابل له هاتفاً باستغراب:
إيه بقى اللي بينك وبين آدم علشان ما يسكتش غير لما أوافق إني أتكلم معاك؟
لم يعرف بما يجب أن يرد به فهتف بمراوغة:
وﻻ أي حاجة. واحد من الناس اللي قليلين اللي مؤمن بالقضية. بس.
هتف سيف بعدم اقتناع:
ﻻ. آدم أصﻻً ما كانش هيتكلم معاك لولا رفعت الدهان وابنه. ولولا إننا محتاجين بنتك في الموضوع دا.
ابتسم له هاتفاً يغير دفة الحديث:
بنتي جدعة جداً يا سيادة.
أنا مش بعرف في الرتب.
ابتسم سيف ﻻ يعرف لماذا ثم أضاف وهو يحاول الحفاظ على جدية مﻻمحه:
مش مهم. ابقى اسأل آدم عن رتبتي.
هتف عمرو بتساؤل:
وكنت عايز بقى تتكلم معايا في إيه؟
في عبد الله.
هتف بها سيف وهو يغرس نظراته في عينيه مباشرةً فهتف عمرو والكراهية تنضح من عينيه:
أنا ما بقبلش الرجل دا. ما برتاحلوش.
هتف سيف بشبه عصبية:
وهو علشان ما بتقبلوش وما بترتاحلوش تقوم تضربه بالشكل الهمجي دا؟
ﻻ. دا مش مبرر، لكن اللي حصل بيني وبين عبد الله دا أنا ما هقدرش أتكلم فيه. الكﻻم لوحده بيوجعني.
بس أكيد آدم عارف كل حاجة، وإﻻ ما كانش هيدافع عنك بالشكل دا قدامي، وﻻ يستغل إني بحبه علشان خاطرك.
هتف بها بجوابٍ أقرب منه للسؤال فهتف عمرو بابتسامةٍ واسعة:
دا شرف ليا يا سيف بيه.
وقف سيف من مقعده يقابله بهتافه العملي:
أنت كسرت هيبتي قدام عبد الله دا ودا بيشتغل عندنا في القسم.
والمطلوب؟
سأله عمرو بنفس وضوحه فهتف سيف:
أنت طبعاً فاهم يعني إيه الحبس الانفرادي بتاعي.
يعني مقيد القدمين واليدين. اﻷكل على القد. وعلشان تقضي حاجتك مثﻻً ﻻزم تنادي على العسكري ييجي يفكك معلش يعني في الكلمة.
هتف بجملته اﻷخيرة باعتذارٍ مصطنعٍ ثم أضاف ببساطة:
مع إنك بإيدك إنك تخلص نفسك من دا كله بكلمة اعتذار صغيرة ليا ولعبد الله.
هتف بنبرةٍ قاطعة:
عبد الله ﻻ. لو عايزني أعتذر لك علشان كسرت كلمتك فأنا ما عنديش مانع.
اتجه نحوه بخطواتٍ بطيءةٍ واﻵخر عيناه متسعتان بذهولٍ وهو يأخذ رأسه بين راحتيه يقبلها بحنانٍ أبوي تذكر أباه عندما كان يقبله هكذا في صغره عندما كان يحزنه.
يسمع اعتذاره بصوت أبيه ﻻ بصوت عمرو:
أنا آسف يا سيدي. الاعتذار دا يرضيك؟ وﻻ تحبه يبقى قدام اللي اسمه عبد الله؟
ابتسامة بطعم الدموع ارتسمت على محياه وهو يجيبه بشجن:
ﻻ. يرضيني يا دكتور. ابقى زعلني على طول وبعدين تعالى اعتذر لي وهات لي الذكرى تاني.
....................
طرقات خفيفة على باب المكتب دخلت بعدها بقليلٍ عندما سمعت إذنه لها بالدخول بصوته الوقور.
رسمت ابتسامة على ثغرها وهي تهتف:
صباح الخير.
بادلها الابتسام وهو يقف لتحيتها هاتفاً بترحاب:
صباح النور. أهﻻً يا آنسة حور. اتفضلي.
جلست على المقعد المقابل لمكتبه ثم أضافت برسمية:
حضرتك قلت لي امبارح إنك كنت عايزني في حاجة تخص بابا.
هتف بابتسامة ودود يكسر بها حاجز الرسمية هذا:
طب مش نشرب حاجة اﻷول؟
هتفت بنفس رسميتها:
تمام. نشرب أقصد أشرب قهوة.
يبقى 2 قهوة.
وأنا يا ستي اللي هعملها عربون محبة لباباكي.
هتفت باستغرابٍ وهي تراه يتجه نحو ركن القهوة الصغير:
واضح إن حضرتك مش في الدنيا.
بدأ في صنع القهوة وهو يسألها:
ليه؟ بس قولي لي اﻷول قهوتك إيه؟
مظبوط.
مش في الدنيا بقى ﻷن صورة بابا اتغيرت خالص. عند الناس على اﻷقل.
أنا بحبه جداً والله، بس كنت بتمنى لو ما يكنش قتل وزن.
قاطعها بنبرته الهادئة مدافعاً:
ما قتلهاش. أنا متأكد إنه ما قتلهاش. بس إزاي أثبتها معرفش.
هتفت باستغراب:
دا إيه اﻹيمان الشديد ببراءة بابا دا؟
أنت تقول لي ما قتلهاش؟ وطنت يمنى تقول لي ما قتلهاش؟
يمنى؟ أنتي تعرفيها؟
هتفت ترد سؤاله بسؤال:
وحضرتك تعرفها؟
ﻻ. أسمع عنها.
هتف بها بابتسامته الساحرة وهو يقدم لها فنجان قهوتها فهتفت بابتسامة عريضة:
أول مرة أعرف إن طنت يمنى الغلبانة دي مشهورة كدة. ما علينا. هو بابا كويس؟
سألته بها بقلقٍ حقيقي فهتف بابتسامةٍ مطمئنة بعد ما ارتشف القليل من قهوته:
ما تقلقيش.
باباكي كويس الحمد لله.
أنا كنت عايز نتقابل علشانك أنتي.
أنا مالي؟
ثم ليه حضرتك ما قلتليش كدة امبارح؟
سألته بغضبٍ طفيف فهتف بنفس هدوئه:
ﻷني لو كنت قلت لك كنتي هتجيبي اﻵنسة ندى معاكي من خوفك، وأنا ما كنتش عايز اللي هنقوله يخرج برة.
وبالمناسبة. باباكي هيحضر القاعدة علشان ما نبقاش بنرتكب ذنب.
ضغط على الوتر الحساس فهتفت دون وعي:
أنت تقول لي بنرتكب ذنب، وكريم يقول لي ما ينفعش نحب بعض غير بعد الخطوبة.
ﻻ والله.
قاطعها باستنكارٍ ثم أضاف بغموضٍ وهو يستدعي العسكري:
آهو كريم دا بقى مربط الفرس.
دخل شاهين عليهما بعد ما طرق الباب فسأله آدم وقد تحولت نبرته إلى الرسمية الشديدة:
دكتور عمرو خلص زيارته وﻻ لسة؟
هتف شاهين بضيق:
خلص يا باشا وكان مع سيف بيه وبعدها قال لي أنقله على السجن العادي.
كاد أن يقفز من فرحته كعادته لكنه حافظ على كونه ضابط وفي مكان عمله فهتف بأمر:
طيب هاتهولي هنا من فضلك.
انصرف شاهين تاركاً الباب مفتوحاً لمعرفته بآدم فهتف وهو يناظر الباب المفتوح بضيقٍ لنفسه:
إزاي ما جاش في بالي أفتح الباب بعد ما هي قفلته؟
أستغفر الله العظيم يا رب.
سمع صوتها يأتي من بعيد بسؤالها الفضولي:
يعني إيه كريم هو مربط الفرس؟
وليه بابا ﻻزم يحضر؟
هو بابا.
قاطع استرسالها دخول عمرو بعد طرقاتٍ خفيفة على الباب المفتوح وهو ينظر نحو آدم بامتنانٍ ثم يسأله بابتسامة:
أقفل الباب بقى يا حضرة الظابط؟
أماء برأسه إيجاباً ثم هتف بمودةٍ وهو يراه ينظر نحو ابنته بشوقٍ حقيقي والدمع يترقرق في عينيها إشفاقاً على حاله:
مش ناوي تسلم على اﻵنسة؟
قفز المسافة التي تفصل بينهما بخطوةٍ واحدة.
أوقفها من مقعدها بهدوءٍ ثم غمرها بين ذراعيه يقبلها بحنانٍ هاتفاً:
وحشتيني يا روح بابا.
بادلته ضمته تهتف باشتياقٍ هي اﻷخرى:
أنت كمان يا بابا. وحشتني قوي. يا رب ترجع لنا بالسﻻمة بقى.
هتف برجاء:
إن شاء الله يا حبيبتي. ماتخافيش. كل اللي بيحصل خير. ما حدش عارف لو ما كانش اللي حصل دا حصل كان هيحصل إيه بعد كدة.
هتف بها بحزنٍ كسيرٍ فهتفت باستغرابٍ وهي تبتعد عن حضنه قليلاً:
يعني إيه يا بابا؟ هو السجن دا خير؟
مافيش حاجة بتحصل مش خير. ثم إحنة هنسيب حضرة الظابط ونقعد نتكلم وﻻ إيه؟
جلست على مقعدها وخيم الصمت قليلاً على ثﻻثتهم ﻻ يعرف آدم من أين يبدأ حديثه، حتى حسم أمره هاتفاً بنبرةٍ رسميةٍ لكن مﻻمحه ﻻزالت على ابتسامتها:
بصي يا آنسة حور.
طبعاً أنا من خﻻل كﻻمك فهمت إنك متضايقة من كريم ابن رفعت الدهان في حاجة.
هتفت بازدراء:
كريم دا هو السبب في كل اللي حصل لي دا. هو اللي كان متفق مع علي وأنس الله يكحمهم مطرح ما هما بقى إنه يتسلى بيا شوية وبعدين كلهم يتناوبوا على اغتصابي.
بس تقريباً تقريباً بدأ يﻻوع معاهم معرفش ليه وبدأ يغير اتفاقه فهما اتغاظوا بقى وقرروا يتغدوا بيا قبل ما يتعشا بيهم.
هتف عمرو بقلق:
أنت متأكد إنك؟
هتف آدم مقاطعاً إياه يشعل جذوة التحدي داخلها:
واللي يخليكي تاخدي حقك منهم كلهم وبالذات كريم دا تحت غطاء قانوني؟
وهو كريم دا يهمكم في إيه؟
يهمنا هو وعمه. بيشتغلوا في حاجات مشبوهة وكانوا عايزينك تستدرجي البنات من دواير مختلفة بما إنك بنت زيهم، فتقوم الشحنة تكبر أكتر وأكتر.
شحنة إيه؟
هتفت بها بخوفٍ فهتف ببساطة من اعتاد على هذه اﻷمور:
عادي مش هتفرق. سﻻح تﻻقي. مخدرات تﻻقي. الناس اللي زي دول شغلهم متشعب وبيشتغلوا في كذا حاجة.
هتفت بصدمة:
يا نهار أبيض. يعني أنا كان هيحصل فيا كل دا؟
وطبعاً كنت هبقى داخلة على عمايا، وكنت هتفاجئ ومش هعرف أتصرف إزاي؟
فكنت هرضخ لهم أكيد. الحمد لله يا رب.
هتف آدم وهو يوجه بصره نحو عمرو الشارد:
علشان لما باباكي يقول لك إن كل اللي بيحصل خير تبقي تصدقيه.
المهم. إحنة عايزين كريم ما يحسش بأي حاجة خالص. عايزينك كمان تبقي طبيعية معاه، وتشهديه على اللي حصل من علي وأنس من غير ما اسمه ييجي في الموضوع.
طب وافرض خطبني؟
اتخطبي له طبعاً، هو دا المطلوب. أومال هيثق فيكي إزاي ويدخلك وسطهم؟
هتفت برفض:
ﻻ طبعاً. افرض خطفني؟
مش هيعملها. هيخطفك ليه؟
أنتي هتشوفي دلع ما شوفتيهوش قبل كدة وهو كمان هيهتم بيكي جداً زي ما يكون لسة أول مرة يحب واحدة. وما تخافيش هو مش هييجي جانبك يعني ﻷنه دبس نفسه في داخلة كدة مش بتاعته.
دا كان ناوي ييجي يخطبني من بابا.
وإيه المشكلة؟ ابن أصول ووقف جانبك. وأنتي ﻻزم تحفظي له الجميل دا.
هتف عمرو بقلق:
بس أنت ﻻزم تكون عينك عليها. أنا ماليش إﻻ هي.
طرقات خفيفة على الباب تبعها دخول يوسف بثيابه الغير مهندمة، وبشعره المشعث هاتفاً بتعب:
السﻻم عليكم.
رد الجميع السﻻم بينما هتفت حور بفزع:
أنت إيه اللي عامل فيك كدة؟
تمكن القلق من قلب عمرو فاتجه نحوه مسرعاً يتفحصه من رأسه لأخمص قدميه هاتفاً:
أنت كنت في خناقة؟
أجابه بفخر:
آه. بس أشرفك قوي. مسكت الرجل فشيت غليلي فيه. رزعته حتة علقة.
يا نهار أبيض.
هتف بها آدم بإشفاقٍ ثم أضاف بدعابة:
دا أكيد أمه داعية عليه.
اتجه يوسف نحو أقرب نقعد يرمي نفسه عليه ثم يهتف بحنانٍ وهو يوجه نظراته نحو حور:
إزيك؟
لم تفهم نظراته الغريبة تلك فهتفت بنبرةٍ خالية من أي تعبير:
الحمد لله.
هتف آدم بابتسامة:
تشرب إيه؟
تذكر يوسف عمل عبد الله هنا فهتف برفض:
ﻻ شكراً. مش عايز. بس تسمحوا لي أنفرد بموكلي شوية؟
ﻻ.
هتف بها آدم بنبرةٍ تعمد إغاظته فيها فهتف يوسف بجديةٍ مصطنعة:
اﻷمر ضروري وما يستناش.
طب إن كان كدة ماشي. سبقتني وجيت مع إني كنت هجيبك بنفسي.
يﻻ يا آنسة تعالي.
خرجت معه وهي تتحرق فضولاً لمعرفة ما سيحدث في الغرفة المغلقة.
لكن ما حدث كان أكبر من الوصف بكثير.
ليصمت كل شيءٍ حولهما وتتحدث لغة العيون دون الشفاه، وتتآلف اﻷرواح، وتتمازج القلوب، حتى تترجم كل هذه اﻷحاسيس في عناقٍ طويل. بل طويل جداً يأبى كل منهما إنهاءه.
....................
.....................

رواية ولو بعد حين.، الجزء الأولحيث تعيش القصص. اكتشف الآن