ولو بعد حين، الفصل السابع بعد الثلاثين، الجزء الثاني:
حافظ على هدوء ملامحه بصعوبةٍ شديدةٍ وهو ينهض من مقعده متجهاً نحو قفص الاتهام والجميع يناظرونه باستغراب.
رمقه بذهولٍ ثم أشار نحو الحاجب هاتفاً بنبرته الآمرة:
افتح البتاع دا حالاً وهات لي الرجل دا جوة على مكتبي.
سأله الحاجب بتوترٍ في نفس الوقت الذي يتجه فيه مستشاريه نحوه:
في حاجة يا فندم؟
هم بالصراخ في وجهه لكنه توقف في اللحظة الأخيرة مانعاً نفسه عن فعلها بصعوبة فاتجه نحوه آدم هاتفاً بلباقته المعهودة:
في حاجة حضرتك؟
نورت المحكمة.
أنا عارف إن دا أول يوم لحضرتك هنا؟
نظر سريعاً نحو عمرو لعله يستشف شيئاً من ملامحه لكنه وجده يضع وجهه أرضاً ويشيح بوجهه عنهم كما لو كان يتهرب من مواجهةٍ محتومة.
ابتسم له القاضي بتصنعٍ يهتف بمجاملة:
دا نورك يا سيادة العقيد.
أنا سمعت عن كفاءتك كتير.
وإن شاء الله تترقى أكثر وأكثر وتوصل لمكانة عالية.
وشكراً لذوقك.
ابتسم له آدم يحاول اختراق عقله وقراءة أفكاره لكن قطع عليه الرجل الطريق بهتافه الحاسم وهو يوجه نظراته الصارمة نحو الحاجب:
هتفتح البتاع دا ولا لا؟
أنا عايز الدكتور يكون قدامي في أقل من دقيقة.
مش هقول تاني.
اتجه نحو غرفته في انتظار حضور الأخير ففتح الحاجب القفص وهو يرمقه باستغرابٍ هاتفاً بضيق:
بقى الرجل النزيه دا يبقى له علاقة بمجرمين محكوم عليهم دلوقتي؟
زجره آدم بعصبيةٍ هاتفاً:
تعرف تخرس ولا أخرسك بطريقتي؟
صمت الرجل على مضدٍ بينما اتجه آدم نحو عمرو يهتف بتساؤلٍ ومعالم الاستغراب جلية على ملامحه:
أنت تعرف الرجل دا؟
رد عمرو بغموض:
آه.
واضح إن القضية دي بتخليني أقابل ناس كتير من زمان ما شوفتهاش. وأولهم يمنى.
أيوة يعني دا يبقى مين؟
هتف بها بفضولٍ لكن عمرو توقف أمام باب الغرفة يرد بود:
إن قدر الله لينا مقابلة تاني هحكي لك يا سيادة العقيد.
تأثر آدم من هتافه فغمره سريعاً بين ذراعيه داعماً وهو يهتف بابتسامةٍ مطمئنة:
هنقدم نقد.
لسة دا مش حكم نهائي.
هو مضطر يحكم باللي قدامه لأن وكيل النيابة المحترم طبخ القضية.
ضحك عمرو بمرارةٍ وهو يجيبه:
آه. طبخها مع أهلي.
بينما رد آدم بحسن ظنه المعهود:
ويمكن مع رفعت الدهان.
مين عارف أنت خسرته صفقة العمر.
ومدام ليلى لسة على ذمتك لحد دلوقتي بعد ما كانت في إيده.
ابتسم له عمرو بنفس المرارة هاتفاً:
مش هتفرق يا سيادة العقيد مين اللي طبخها.
المهم إنهم وصلوا للي هما عايزينه.
يلا. الرجل مستني جوة. عن إذنك.
طرق الباب بخفةٍ ليسمع الصوت المألوف يهتف بلهفة:
ادخل يا دكتور.
فتح الباب بترددٍ ثم تقدم داخل الغرفة مغلقاً بابها خلفه بهدوءٍ متجهاً نحو الرجل الوقور هاتفاً باحترام:
تحت أمرك.
نهض من مقعده وهو يهتف بتساؤل:
إزاي دا حصل؟
إزاي أنا وأنت نبقى في الموقف دا؟
ابتسم له بهدوءٍ هاتفاً:
نصيبنا كدة.
بينما رد الرجل بحنين:
بابا وماما كويسين؟
أكمل عمرو عنه:
أصلك ما شوفتهمش حاضرين القضية.
لكن اتطمن هما في أفضل حال. بس هما اتبرأوا مني من زمان. وقال إيه أنا معترف.
هتف الرجل بثقة:
مستحيل أنت يطلع منك كل دا.
لا طبعاً أكيد في حاجة غلط.
الصور دي مزورة والتهمة دي ملفقة.
أردف عمرو بحزنٍ مصححاً:
لا. الصور مش مزورة يا حضرة القاضي. أنا اللي كنت في الصور دي فعلاً.
كان نفسي أحافظ على صورتي الحلوة في عينيك بس كان لازم تعرف الحقيقة.
جلس على مقعده مصدوماً وهو يصوب نحوه نظراتٍ غير مصدقة لما يسمع وهو يهتف مصعوقاًْ
الصور مش مزورة إزاي يعني؟
أنت كنت معروف في البلد بأخلاقك والعيبة ما تطلعش منك.
مافيش حاجة بتفضل على حالها يا حضرة القاضي.
أظن ما ينفعش نقعد أكثر من كدة الناس هتاخد بالها. وأنا ما أرضى لكش كلام وحش في حقك. وياريت تنكر أي أخوة بيني وبينك علشان تحافظ على نظافة سمعتك.
سيطر الذهول على ملامحه مما يسمعه الآن، فلم يكن يتوقع أبداً أن يخرجَ هذا الحديث من فمه أبداً فهتف برفضٍ وهو يتجه نحوه سريعاً يغمره بين ذراعيه:
لما بابا طردني من البيت من صغري وحرمني منك ومن دفا العيلة ما كانش بإيدي حاجة. إنما أنا مش هسيبك ولو دا كان آخر يوم ليا في شغلي. بس قل لي إنك ما قتلتش. أنا متأكد إن أنت ما تعملهاش بس قلها وطمنني وهصدقك والله العظيم.
اختنقت آخر حروفه في حلقه بينما ربت عمرو على ظهره بهدوءٍ لكنه لم يملك شوقه له وهو يهتف بتساؤل:
أنت رحت فين بعد ما مشيت يا أحمد؟
هتف مصححاً:
قصدك بعد ما اتطردت.
صمت قليلاً ثم تنهد بضيقٍ وهو يجيبه بتعبٍ وشريط حياته يمر سريعاً أمام عينيه:
اشتغلت كل الشغل. اللي تتخيله واللي ما تتخيلوش. تعبت كتير قوي علشان أوصل هنا. وكل مرة بقعد فيها لوحده بسأل نفسي سؤال واحد بس.
ليه؟
أنا عملت إيه علشان يطردوني وينبذوني ويعتبروني مت من زمان؟
فين الرحمة اللي في قلوبهم علشان يعملوا فيا وفيك كل دا؟
هتف عمرو بتبرير:
مش ما اتجوزتش بنت الحسب والنسب. لا وفي الآخر يتهموك باغتصابها علشان تتجوزها وأنت بردو عصيت أوامرهم وما نابش البت غير الفضيحة.
كلمة أحمد بيه وهنية هانم ما تنزلش الأرض أبداً.
تنهد بضيقٍ ثم أردف برضا:
الحمد لله يا عمرو. أنا اتجوزت ست كويسة قوي. شايلاني من عا الأرض شيل.
هتف عمرو بسعادة:
ربنا يبارك لك فيها.
ثم انتصب في وقفته هاتفاً بابتسامةٍ متكلفة:
يلا يا حضرة القاضي. كان حلمي أشوفك على كرسي القضاء وأهو بيتحقق.
بيتحقق؟
بيتحقق فيك؟
هتف بها بحزنٍ شديدٍ ثم اتجه خارج الغرفة دون أن يضيفَ كلمة أخرى فاتجه عمرو خلفه نحو قفص الاتهام وهو يحفزه بنظراته.
أشاح أحمد بوجهه عنه يخبئ منه عينيه الدامعتين ثم أذن للحضور بالجلوس وهو يهتف بوقارٍ مشوبٍ بالضيق:
بعد النظر في الأدلة المقدمة من النيابة والتحقق من صحتها وثبوتها على المتهم وتطبيقاً لمواد القانون رقم ... ورقم ... فقد حكمت المحكمة حضورياً على المتهم. عمرو أحمد الألفي.
هتف بها ببكاءٍ طفيفٍ فتوقف عن الحديث لبرهةٍ يتمالك نفسه ثم أضاف بقوةٍ يدعيها:
حكمت المحكمة حضورياً على المتهم عمرو أحمد الألفي. بإحالة أوراقه.
توقفت الحروف في حلقه لكنه تمالك نفسه سريعاً وهو يضيف بخنقةٍ شديدةٍ وهو يغلق عينيه على دموعه المتكدسة:
بإحالة أوراقه لفضيلة المفتي.
رُفِعَتْ الجلسة.
وللعجب. عم الهدوء القاعة لتوقعهم للحكم الصادر لكن الحضور شهقوا من وقع الحكم وشدته.
بينما انطلق أحمد نحو غرفته دون انتظارٍ لمستشاريه ولا توديعهما منخرطاً في نوبة بكاءٍ مريرٍ على ما وصل له حال عائلته.
....................
بمنزلهم الجديد:
كانت ترتبه بشرودٍ.
ليس في ذكرياتها الماضية معه كما جرت العادة في السنين الماضية، إنما كانت شاردة في الحاضر.
انكساره الغير معهود. ابتسامته الناقصة. مشاكله الكثيرة التي لا تنتهي.
هي تعلم -تمام العلم- أنها لم يعد لها مكاناً في قلبه، فبرغم المشاكل الواضحة التي بينه وبين زوجته إلا أنهما لم يعودا.
هو تجاهلها في أول مقابلة بينهما وهي فعلت بالمثل.
كل مرةٍ تشيح فيها بوجهها عنه وهو يفعل المثل.
هو نسيها وهي بالمثل.
هزت رأسها نفياً يمنى ويسرى عند الخاطر الأخير وهي تهتف برفضٍ بصوتٍ مسموع:
لا.
إن كان هو نسى فأنا ما نسيتش.
خرجت سندس من غرفتها بابتسامةٍ مصطنعةٍ تهتف بنبرةٍ عادية:
عايزة حاجة يا ماما؟
ابتسمت لها يمنى وهي تهتف معاتبة:
لسة فاكرة يا أستاذة؟
ما أنا شغالة من إمتا.
وأنتي ولا أنتي هنا.
ابتسمت لها سندس ثانيةً وهي تجيبها باعتذار:
معلش يا ماما. حقك عليا.
هتفت يمنى بهدوء:
حصل خير.
ثم أضافت بتساؤل:
المهم. شوفتي حل في اللابتوب بتاعك؟
لا والله يا ماما. أنا حتى قدمت على أجازة اليومين دول بالتليفون لحد ما ألاقي حل.
هتفت بها بحزنٍ ثم أضافت بأملٍ إلى حدٍ ما:
بس العقيد آدم قال لي إنه هيتصرف. بس معرفش هيعمل إيه. أو هيعرف يوصل لحاجة ولا لا.
هتفت يمنى بدعاء:
أتمنى يقدر يوصل لحاجة إن شاء الله. وياريت تبقي تقدمي استقالتك من شغلك دا علشان ما يبقاش نقطة ضعف حد يمسكنا منها. ومش كل مرة تسلم الجرة.
المرة دي إن شاء الله تعدي ويا عالم بقى المرة الجاية هيبقى الموضوع عامل إزاي.
هتفت بها بأمرٍ ثم أسبغت على نبرتها بعضاً من المنطقية كي تستطيعَ تليين رأس ابنتها فهتفت سندس بطاعةٍ غير معهودةٍ في مثل هذه الأمور:
حاضر يا ماما. اللي تأمري بيه. أول ما ييجي لي اللاب هبعت يوسف يسلمه ويقدم الاستقالة.
تجاهلت يمنى لمحة الحزن في نبرتها، فهي لا تعرف مصلحتها كما تعرفها هي وهي تجيبها باستحسان:
كويس كدة. إن شاء الله اللاب ييجي على خير قبل ما باباكي يتحرك في بيعه أو يساوم خالد بيه على اللي فيه.
ردت سندس باقتضاب:
إن شاء الله.
ثم أضافت ببعض الحياء:
ماما سيبك من اللاب دا بس كنت عايزة أطلب من حضرتك حاجة كدة.
خير يا سندس.
تركت ما في يدها وهي تلتفت لها بكامل جسدها سائلةً إياها باهتمامٍ شديدٍ فهتفت سندس بحياءٍ أكثر:
مش واجب بردو يوسف يروح لباباه.
هتفت يمنى دون تفكيرٍ مؤيدة:
طبعاً. دا لو ما كانش ناوي يعملها أنا كنت هقول له.
ثم أضافت بثقة:
بس يوسف أنا عارفة أنا مربياه إزاي.
وعارفة إنه ابن أصول ومش مستنيني أقول له على حاجة زي دي.
ابتسمت سندس لها بفخرٍ ولازال الحياء يسيطر على وجهها وهي تهتف:
طبعاً. معاكي حق. يوسف ما شاء الله عليه.
بس مش من الأصول طالما نعرفه يعني.
ترددت أن تكمل حديثها فصمتت فحثتها يمنى على الاستمرار بقولها:
كملي يا سندس. عايزة إيه؟
هتفت بتلكؤٍ وهي تثبت بصرها على تعبيرات والدتها:
مش المفروض نروح مع يوسف يعني نقدم له الدعم ونسانده كدة ولا إيه رأيك؟
سألتها يمنى ببعض الغيرة:
وأنتي عايزة تروحي يا سندس؟
دا بعد إذنك يعني يا ماما.
هتفت بها بحماسٍ ثم أضافت بصدق:
والله يا ماما برغم الصور الحقيقية إلا إني حبيته قوي من كلامك عنه. مش عارفة ليه.
ما توقعتش إني لما أشوفه هحبه قوي كدة والله.
تمكنت الغيرة من قلبها أكثر لكنها أخفتها بحرفيةٍ وهي تهتف باقتضاب:
اللي أنتي عايزة تعمليه اعمليه.
قفزت سندس عليها فجأةً تحتضنها بقوةٍ وهي تهتف بسعادة:
حبيبتي يا ماما. ربنا يبارك لي فيكي يا رب وما يحرمنيش منك أبداً.
ثم أضافت بتساؤلٍ:
مش هتيجي معانا أنا ويوسف؟
ردت بعدم استوعاب:
أنا؟
....................
دخلت ماسة بثقةٍ تسير عبر أروقة المشفى تتأمل كل شبرٍ فيها بانبهارٍ وهي تبتسم بسعادة لإتاحة الفرصة لها للعمل في هذا الصرح العظيم.
ظلت تتفقد جميع الأقسام وانبهرت بأحدث الأجهزة الموجودة في كل قسمٍ. وكأن كل قسمٍ ينافس الآخر في أجهزته الحديثة.
تنهدت بتعبٍ أخيراً فاتجهت نحو المصعد كي تنالَ قسطاً من الراحة في مكتبها.
انتظرت قليلاً حتى يتم استدعاء المصعد ثم ركبت وأغلقت الباب خلفها لتتفاجأ بوجود شخصين مسلحين يظهر عليهما البأس الشديد وتبدو على وجهيهما القسوة الشديدة فهتفت بارتباك:
أنتوا مين؟ وبتعملوا إيه هنا؟
أنتي طالعة المكتب؟
هتف بها أحمد بسؤاله القاسي الذي يزلزل من أمامه لكنها حافظت على ثبات وقفتها وهي تهتف باقتضاب:
أيوة. أظن إنك.
قاطعها بصرامةٍ هاتفاً:
مش عايز بقى أسمع لك صوت يا حلوة لحد ما نوصل.
فاهمة ولا أتكلم بإيدي؟
هتف بها وهو يرمقها بازدراءٍ ملحوظٍ من رأسها حتى أخمص قدميها فسرت قشعريرة طفيفة في جسدها وهي تجيبه بقوة وقد لاحظت توقف المصعد أمام الطابق المنشود:
وصلنا. اتفضلوا.
هتفت هنية بسخرية:
يزيد فضلك يا حلوة.
ابتسمت لها ماسة بهدوءٍ وسؤالٍ واحدٍ يفرض نفسه على عقلها:
من أنتما؟
دخلت معهما إلى مكتب السكرتارية فهتفت نجلاء مرحبة:
أهلاً وسهلاً يا جماعة. دول ضيوفك يا دكتورة؟
رد أحمد بغموض:
لا. إحنة مش ضيوف. إحنة صحاب مكان.
هتفت ماسة بأمرٍ:
تعالي ورايا يا نجلاء علشان تشوفي البهوات يشربوا إيه. وتخدي الورقة بتاعة الإعلان عن الدكاترة اللي فيهم عجز.
هتفت نجلاء باستغراب:
هو إحنة عندنا عجز؟
وبعدين.
زجرتها ماسة بصرامةٍ وهي تتقدمهما نحو باب المكتب ثم أضافت بعصبية:
أنا لما أقول كلمة تتنفذ. فاهمة ولا لا؟
لا وشخصية قوية كمان.
هتفت بها هنية بضيقٍ ثم أضافت:
بس إن شاء الله هنروض القوة دي وهنسيطر عليها بسهولة.
ظهر الضيق على ملامح ماسة وهي تهتف:
اتفضلوا.
جلست هنية ومن ثم أحمد ودخلت نجلاء لتأخذَ المشروبات وماسة تدون الأقسام المطلوبة فنادتها نج(ء تسألها برسمية:
هتشربي إيه يا دكتورة.
أنهت تدوين ما تريده ثم طوت الورقة وأعطتها لها تطبق كفها عليها وهي تهتف بهدوءٍ نسبي:
هشرب قهوة سادة.
خرجت نجلاء بعد ما أماءت برأسها بامتثالٍ فهتف أحمد بتهديد:
بصي يا حلوة بقى علشان السلاح ما يطولش وركزي معايا كدة علشان أنا مش بعيد كلامي مرتين.
أضافت هنية مؤكدة:
مظبوط. وإحنة بقى غضبنا ما نقول لكيش عليه. ما بيرحمش يا جميل. وبيقضي على الأخضر واليابس.
جارتهما في حديثهما المستفز وهي تهتف:
وأنتوا مين بقى علشان نعرف نتكلم؟
ياريت نكشف ورقنا ونتكلم على المكشوف.
يعني أنتوا عارفينني فأنا من حقي أعرفكم زي ما أنتوا عارفينني.
ماعكي حق والله. بس دا تعارف سريع ما يحسبش هنعرفك على نفسنا أكثر لو لاوعتي معانا.
وضعت قدماً فوق الأخرى وهي ترد ببرودٍ مستفز:
على فكرة أنا بابايا ظابط شرطة. وأنا ما بتهددش.
ولو عندكم معلومات كافية فأنا بابايا لواء كبير في الداخلية وليه علاقات كتير.
يعني المفروض أنا ما أخافش من اثنين ما أعرفهمش ولا أعرف نفوذهم.
استفزت غرورهما بقولها الغير متوقع فهتف أحمد:
أنا عندي أراضي وأطيان اشتريتهم مؤخراً. غير المعارض والحاجات اللي عندي.
ابتسمت ببساطة وهي تهتف بنفس استفزازها:
وإيه يعني؟
بابا يقدر يصادر كل دا ويبقوا لصالح الدولة. الله وهنستفيد بقى من الإقطاعيين أمثالكم.
ثارت أعصابهما فنهضت هنية عازمة أن تجذبها من شعرها فنهضت هي الأخرى وهي تهتف بنفس برودها بل أكثر:
اهدي كدة يا هانم. لحسن أعمل لك محضر تعدي وأنتي كبرتي يا حبيبتي وعضمك ما بقاش يستحمل بلاط الزنزانة.
طرقت نجلاء الباب فأذنت لها ماسة بالدخول.
دخلت بهدوءٍ تضع أمامهما ما طلباه ثم اتجهت نحوها تضع أمامها فنجان قهوتها فسألتها ماسة برسمية:
ها عملتي إيه؟
ابتسمت لها نجلاء تجيبها:
اتصلت بيهم يا فندم وقالوا لي هيعملوه حالاً وهينزل بكرة الصبح.
تنهدت ماسة بارتياحٍ وهي تهتف:
كويس قوي. يلا روحي وما تدخليش حد علينا.
انتظرت خروجها ثم هتفت بتساؤلٍ مستفز:
قلتوا لي أنتوا مين بقى؟
هتف أحمد بنفس استفزازها متجاهلاً زفرات هنية الضائقة:
إحنة أهل صاحب المستشفى اللي مشغلاكي دي. ....................
أنت تقرأ
رواية ولو بعد حين.، الجزء الأول
Romanceقالوا عنها خائنة فصدقهم وكذبها. حاول أن ينسى فظلم. حاولت أن تعيش فماتت. لم يعرف أنها تمتلك جزءً منه. ولم تعرف أنها ﻻزالت تمتلك قلبه إلى الآن. فهل سيتجدد اللقاء بينهما يوماً ما؟ هل سيعرف الحقيقة؟ وهل بعدما أصبح لكلٍ منهما طريقاً ستلتقي الطرق؟...