قرائي الأعزاء، مبسوطة قوي بتفاعلكم. ودا الجزء الأول من الفصل الجديد.
المفروض بقى إني كنت ناوية أنزل الجزء التاني يوم الجمعة.
بس بقى لو قفلنا ال١٠٠ صوت هنزله في نص الإسبوع إن شاء الله.
يلا بقى، أسيبكم مع الفصل.
قراءة ممتعة.
ولو بعد حين، الفصل الثالث بعد العشرين:
أنت إيه اللي جابك هنا؟
هتفت بها بغضبٍ وهي تصوب نحوه نظرات حارقة فأجابها ببساطةٍ مغيظة:
جيت أزور طنت.
عمي لسة مبلغني إنها تعبانة.
خير يا ترَ؟
إيه اللي حصل لها طمنيني؟
أنتي عارفة. دي هتبقى حماة المستقبل بردو، وواجب أتطمن عليها.
آه.
واجب تطمن عليها.
ﻻ فيك الخير يا عزيز.
هتفت بها بتهكمٍ ساخرٍ ثم أضافت بغضبٍ جلي:
طب بص بقى علشان أجيب لك من اﻵخر.
أنا جواز مش هتجوز لو الدنيا اتقلبت.
وعمري ما هآمن على نفسي مع واحد زيك.
عمري ما هآمن على نفسي مع واحد باع بنات الناس بالرخيص.
عمري ما هآمن على نفسي مع واحد أنا عارفة إنه متجوزني علشان نزوة.
ياريت يبقى عندك شوية كرامة وتعرف إنك اترفضت بدل المرة ٢ و ١٠ وتخرج برة حياتي بقى وبرة حياة عيلتي.
آآآه.
أهو دا الكﻻم اللي بدأ ما يعجبنيش يا سوسو.
احترم نفسك واتكلم معايا عدل.
أنا مش واحدة عارفها من الشارع علشان تدلعها بالشكل دا.
هتفت بها وهي توليه ظهرها راحلةً عنه نحو غرفة والدتها وقد نسيت ما خرجت من المسجد ﻷجله لكنه أمسك بيدها بقبضته القوية هاتفاً بعصبية:
استني هنا.
لما أكون بكلمك ما تمشيش وتسيبيني طالما ما قلتلكيش.
فاهمة وﻻ ﻻ؟
جذبت يدها بعنفٍ هاتفة بصراخ وقد فقدت صبرها تماماً حتى أنها نسيت الزمان والمكان:
أنت اللي آخر مرة تفكر تمسك إيدي ﻷنها لو حصلت تاني هقطعها لك.
وحسك عينك تيجي هنا تاني.
والحمد لله إنك بتظهر على حقيقتك كل يوم عن اليوم اللي قبله؛ علشان ما يبقاش جوايا أي تأنيب ضمير ناحية بابا.
وياريت تبقى تبلغ بابا إن الموت أهون عندي من إني أتجوز رجل ناقص زيك.
هتفت بهذه الجمل وأسرعت ركضاً من أمامه.
ليس خوفاً من بطشه بها مثﻻً، لكنها شعرت أن اﻷرض تميد بها كلما ظلت واقفة أمام هذا الرجل.
لم تشعر بالراحة ناحيته قط وتظن أنها لن تشعر.
نزلت دموعها كالشﻻل من عينيها وهي تتجه نحو غرفة والدتها تحتمي بها.
دخلت حتى دون أن تطرقَ الباب فهتفت يمنى بخضة من منظرها الباكي وهي تعتدل في جلستها برويةٍ:
سندس. في إيه؟ إيه اللي حصل؟
أما اﻷخرى فقد علت شهقات بكائها أكثر تفرغ من خﻻله جميع ما شعرت به من توترٍ لصدمةٍ لغضب إلى آخره من كل هذه المشاعر التي عصفت بكيانها.
لم تملك يمنى في هذه اﻷثناء إﻻ أن فتحت ذراعيها هاتفة بحنانها البالغ وهي تشير نحوها:
تعالي يا بنتي.
كانت هذه الجملة كفيلة أن تهرع سندس إلى حضنها ترتمي به دون ترددٍ، ﻻطالما وثقت بل أيقنت أنه ملجأها الوحيد بعد الله -تعالى- ﻻطالما لم تخذلها والدتها قط.
ظلت يمنى تربت على ظهرها لفترةٍ قصيرةٍ حتى هدأت نوبة بكائها قليﻻً فهتفت بتساؤلٍ وهي تشدد من احتضانها بذراعٍ ويدها اﻷخرى تمسد على شعرها بحنوٍ بالغ:
\إيه اللي حصل بقى يا حبيبتي خﻻكي تعيطي كدة؟
مين اللي سرق ضحكة بنتي حبيبتي من على وشها وأنا أطلع لك عيني؟
عزيز.
يالَ قصر الكلمة لكن يالَ شدتها على أذنيها.
لم تستوعب بعد ما قصدته لكنها شعرت بالقلق عليها فشددت من ضمتها أكثر حتى تكاد سندس أن تقسمَ أن يمنى تريدها أن تخترقَ ضلوعها وتسكن بأمانٍ داخلها بعيداً عن هذا العالم الموحش.
لم يمهلها عزيز فرصة الشرح لوالدتها حيث طرق الباب ودخل دون أن يمهلهما فرصة حتى للسماح له.
رفعت يمنى بصرها تناظره بتحدٍ بعدما ربطت بسرعة الخيوط بجوار بعضها بينما تشبثت سندس بجلباب والدتها بقوةٍ تطلب الحماية وهي تدفن رأسها في صدرها.
الحمد لله على سﻻمتك يا طنت.
والله زعلت جداً لما عمي بلغني إنك تعبتي شوية.
خير كدة يا ترَ؟
لم يجد رداً سوى الصمت فأكمل هو بشبه عصبية:
في إيه يا طنت؟ هو أنا مش بكلمك؟ وﻻ أنتوا مابتعرفوش تكرموا ضيوفكم وﻻ إيه بالظبط؟
صمت وقد علت وتيرة أنفاسه من الغضب فأجابته أخيراً ببرودٍ تامٍ:
ﻻ يا أستاذ عزيز، إحنة بنعرف نكرم ضيوفنا كويس قوي ونشيلهم فوق دماغنا؛ بس دا لما يكون ضيوف مرغوب فيهم.
يعني بيستأذنوا مثﻻً على اﻷقل قبل ما ييجوا يزوروا الناس فجأة كدة ويتعرضوا لبناتهم بشكل مش محترم زي اللي عملته.
ياريت تطلع برة يا عزيز ومش عايزين نشوف وشك تاني.
هتف عزيز بغيظ:
بقى هو الموضوع كدة؟
أتاريكي أنتِ بقى اللي منشفة دماغ البت ومخليهاها ترفض الجوازة دي.
بنتي مش هتتجوز غير اللي تختاره بنفسها.
رجل يكون عنده أخﻻق ومتمسك بدينه يعني.
وأظن أنت أبعد واحد عن الكﻻم اللي بقوله دا.
وأنا واحدة تعبانة وبجرس واحد مني أجيب لك اﻷمن بتاع المستشفى يجرجروك يرموك برة ﻷنك بتتعرض لمريضة وبتمثل خطر على المستشفى، فاحفظ اللي باقي من كرامتك واطلع برة بالذوق.
ماشي يا طنت. أنا هوريكي أنتِ وبنتك إزاي تتعاملوا مع عزيز ابن المعلم كمال على سنة ورمح.
هتف بهذه الجملة بمنتهى الغضب ولم يستطع التنفيث عما يشعر به سوى في الباب المسكين.
....................
بغرفةٍ أخرى:
استفاقت حور أخيراً تنظر حولها باستغرابٍ للمكان ولم تتذكر بعد أين هي وما الذي جاء بها إلى هذا المكان الغريب.
نظرت إلى الفراش اﻷبيض وإلى اللون اﻷبيض عموماً الذي يسيطر على الغرفة بأكملها ففهمت على الفور أنها بالمشفى.
صرخت بملئ فيها عندما تدافعت الذكريات مرةً واحدةً في رأسها، بينما هتف آدم بهدوء:
الحمد لله على سﻻمتك يا آنسة حور.
ﻻ.
أنا عايزة أروح. حاﻻً.
مش عايزة أفضل هنا دقيقة واحدة.
أنا.
قاطعها بصوته الهادئ:
أكيد هتروحي. اهدي شوية بس لحد ما الدكتور ييجي ونتطمن عليكي وبعدها هوصلك لبيتكم بنفسي.
ﻻ. ﻻ. هو هاييجي هنا تاني. هيخطفونا زي ما عملوا فينا أول مرة.
ندى. مريم.
هتفت بها بفزعٍ وهي تحاول نزع المحلول من يدها وتحاول القيام من فراشها، لكنه كان اﻷسرع حيث استدعى الممرضة كي تمنعها عن الحركة.
كان من حظه السعيد أنها قوية البنيان فاستطاعت السيطرة على جسدها الهزيل وهي تهتف برفق:
اهدي شوية يا آنسة كل حاجة هتبقى كويسة. أنا هنادي للدكتور حاﻻً.
هتف آدم بنفس هدوئه بعد خروجها:
اهدي يا آنسة حور.
إيه رأيك لما تكلمي باباكي تطمني عليه؟
بابا؟
هتفت بها بشوقٍ فهتف اﻵخر بابتسامةٍ ودودٍ:
آه. أي بنت بتمر باللي مريتي بيه مابترتحش غير لما بتتكلم مع أقرب واحد ليها في العيلة. الرجل اللي بتبقى عارفة إنه هيبقى سندها وحمايتها في الوقت اللي بتحتاجه فيه.
بتبقى عارفة إنه لو يطول يديها كل حاجة بس تبقى مرتاحة ومبسوطة هيعملها.
حاولت الجلوس لكن بهدوءٍ هذه المرة ثم هتفت بتساؤل وهي ترمق زيه بتوتر:
أنت مين؟ وجاي لي ليه؟
أنا اسمي آدم.
جاي لك بقى لأن في محضر اتحرر بالوقعة وطبيعي نحقق فيها.
وضع الهاتف على أذنه في انتظار الرد كي يقطعَ عليها الطريق من سؤاله عن شيءٍ على اﻷقل اﻵن.
هتف بابتسامةٍ رسمية:
السﻻم عليكم. إزي حضرتك؟
صمت قليلاً يستمع لرد الطرف الآخر ثم أضاف بنفس ابتسامته:
أنا تمام الحمد لله. هو دكتور عمرو اﻷلفي لسة في التحقيق عند حضرتك وﻻ رجع القسم؟
عاد لصمته ثانيةً ثم أضاف بودٍ:
طب ممكن أكلمه معلش ضروري. لو مافيهاش مانع عند حضرتك يعني.
صمت ثانيةً وهي تراقب مﻻمحه التي ظلت على حيادية تعبيراتها ولم تتغير منذ بداية المكالمة حتى اﻵن ثم أضاف بابتسامة متسعة:
إزيك يا دكتور؟ بنتك هتكلمك.
لم يرد لفت اﻷنظار لهما وأنهما عﻻقتهما شبه جيدة ولم يرد أنن يتفاجأ بصوت ابنته فما لبث أن أعطاها الهاتف بعدما انتهى من حديثه القصير.
وضعته على أذنها بلهفةٍ ويدها ترتعش فوصلها صوته الصادق والملهوف زائد المجهد والكسير في آنٍ واحد:
حور. حبيبتي. أخبارك إيه؟ وليلى عاملة إيه؟
بكت وهي تهتف:
بابا.
أنت هاتيجي إمتا تاني؟
الدنيا من غيرك وحشة قوي.
كلهم لما عرفوا بدأوا ييجوا عليا.
وكريم. كريم يا بابا. كريم خذلني. خذلني يا بابا.
انتابه قلق شديد عليها فهتف بمواساة:
الناس بتتعرف وقت الشدة يا حور.
كله بيبان على أصله.
المواقف دي هي اللي بتخليكي تنقي الناس اللي عﻻقتك بتستمر معاهم.
أنت مش فاهم حاجة يا بابا. الموضوع أكبر من كدة بكتير.
الموضوع فوق ما أنا وأنت ممكن نتصوره أصﻻً.
حبيبتي اهدي بس علشان نعرف نتكلم. هي مامتك جانبك؟
ماما مش هنا. أنا مع حضرة الظابط ومعرفش هي فين.
كلميها خليها تيجي لك. أنتي فين أصﻻً؟
من فضلك يا دكتور.
في المستشفى يا بابا. لسة فايقة من دقايق.
طيب يا حور. هضطر أقفل دلوقتي وماتنسيش تيجي مع مامتك علشان محتاج أتكلم معاكي ضروري.
أعطت هي الهاتف ﻵدم وهي تبكي وتحاول احتضان جسدها تعطي لنفسها بعضاً من الأمان المفقود.
أنهى آدم المكالمة سريعاً مع رئيس النيابة وهو يعلم -تمام العلم- أن عمرو يموت قلقاً على ابنته، لكنه ﻻ يعلم أنه أيضاً يموت قلقاً على أخرى ﻻزالت تسكن قلبه وتتربع عليه بقوة.
هتف بعد برهةٍ من الصمت بإشفاقٍ على حالها:
آنسة حور. أنا عارف إن الموضوع صعب جداً عليكِ استوعابه. لكن ﻻزم تعدي عليا في مكتبي بعد ما تستعيدي صحتك إن شاء الله علشان أفهم منك إيه اللي حصل.
أنا عايزة أكلم ماما؟ فين شنطتي؟
هي كل الحاجات في القسم. فلو حافظة الرقم ممكن تكلميها من هنا.
وأنا هخرج أستعجل الدكتور علشان يطمنا عليكي ﻷني مش عارف ماجاش ليه لحد دلوقتي.
وصل للباب -بعد ما وضع الهاتف أمامها- وهم بغلقه إﻻ أن هتافها المتسائل أوقفه:
ندى ومريم يا حضرة الظابط. أخبارهم إيه؟ أنا السبب في كل اللي حصل لهم دا وأكيد مش هيبقوا عايزين يعرفوني تاني.
ابتسم آدم باطمئنانٍ هاتفاً:
ماتخافيش هما كويسين. هما بس بيعانوا من انهيار عصبي زيك بالظبط، وإن شاء الله هيفوقوا وهيبقوا زي الحصان.
ابتسمِ أنتِ بس وكل حاجة هتبقى تمام.
لم يمهلها فرصة للرد عليه فبمجرد رؤيته ﻻبتسامتها خرج وأغلق الباب خلفه بهدوءٍ كي تكونَ على راحتها مع والدتها.
وليطمئن هو أيضاً على صديقتيها.
....................
أنت تقرأ
رواية ولو بعد حين.، الجزء الأول
Romanceقالوا عنها خائنة فصدقهم وكذبها. حاول أن ينسى فظلم. حاولت أن تعيش فماتت. لم يعرف أنها تمتلك جزءً منه. ولم تعرف أنها ﻻزالت تمتلك قلبه إلى الآن. فهل سيتجدد اللقاء بينهما يوماً ما؟ هل سيعرف الحقيقة؟ وهل بعدما أصبح لكلٍ منهما طريقاً ستلتقي الطرق؟...