الفصل الثامن عشر:

268 154 6
                                    

ولو بعد حين، الفصل الثامن عشر:
بعد مرورِ ساعةٍ تقريبا انتهى عمرو من كل ما يخص يمنى وأجاب عن كل الأسئلة التي طرحها آدم ليقول له آدم في النهاية: طب وحور يا دكتور، ملهاش أعداء؟
هتف بتفكير: تقريباً لا، هو بصراحة أنا معرفش عنها حاجة قوي، يعني.
قطع كلامه بتنهيدةِ ألمٍ وحسرة لأنه كان بعيداً عن عائلتِهِ بهذا الشكل.
أشفق عليه آدم فقال بنبرة هادئة: كل حاجة ممكن تتصلح يا دكتور.
مافيش حاجة بتفضل على حالِها.
أحياناً ربنا بيبعت لنا رسايل على هيئة دروس زي الي حصل لحضرتك كدة علشان نفوق ونرجعله.
يعني أحياناً الي بنفتكره شر لينا جايز جدا يكون فيه كل الخير لينا.
ثم داعبه قائلاً: إيه رأيك في حكمتي، أنفع مش كدة؟
ابتسم عمرو لمداعبتِهِ قائلاً: مش لايق عليك دور الضاحك دا خالص.
فين الوش بتاع من أول القاعدة.
ابتسم آدم مرةً أخرى وهو يقول: لا الي فات دا كان دور المفتش كورمبو.
اتسعت ابتسامةٌ عمرو وهو يقول: أهو دا بقا تنفع فيه جدا جدا.
هتف آدم بنبرتهِ الضاحكة: ماشي يا دكتور، شهادة أعتز بيها.
ثم أكمل كلامه قائلاً:بكرة إن شاء الله في نفس الميعاد هخلي العسكري يجيب حضرتك علشان نكمل كلامنا يا دكتور.
هتف هو باعتراضٍ طفيف: يعني لسة هتسيبني لبكرة من غير ما أعرف إلي أنا عايزه.
أجابهُ آدم بهدوء: كل حاجة وليها وقتها يا دكتور، كمان علشان أحلل الكلام الي انت قولته في دماغي وأشوف هوصل لإيه.
ثم قال له بنبرة مترددة: لو مرات حضرتك جت زيارة يا ريت تسألها بس بطريقة متقلقهاش لو حور بنت حضرتك متخانقة مع حد أو في حد بيعاديها.
أومأ برأسِهِ موافقاً وهو يقول: تمام، هحاول أعمل كدة.
ضرب آدم الجرس مستدعيا العسكري وهو يقول له: دكتور يا ريت الي حكيته دا ما يتقالش في النيابة، ما تضمنش الكاتب، كتير منهم بيتفقوا مع الصحافة.
أومأ برأسِهِ موافقاً في الوقت الذي طرق فيه العسكري الباب ودخل ضارباً الأرض بقدميه قائلاً باحترام: تمام يا فندم.
هتف آدم بنبرتهِ العملية: خد الدكتور وما تنساش ميعاد الساعة 7 في النيابة، ابقا تعالة خد مني التصريح.
ضرب الأرض بقدميه مرة أخرى وهو   يقول: تمام يا فندم، يلا يا متهم.
سار عمرو معه أخيراً متوجها إلى محبسه الذي لا يعلم متى سينتهي.
فتح الباب   أخيرا ثم فك قيودهُ وهو يقول: يا ريت ما حدش عاد يعوزك تاني النهاردة علشان أنا تعبت.
ضحك عمرو مداعِبا وهو يجلس على الأرض أخيراً ويدلك ذراعيه وقدميه: انت بردو االي تعبت يا راجل يا طيب، ماشي.
هتف له العسكري قائلاً: مانت بتتكلم زينا أهو وبتضحك كمان، أومال مديني فكرة عن الناس الي زيكوا وحشة كدة ليه؟
هتف لهُ عمرو بابتسامة: كل مكان فيه الحلو وفيه الوحش.
صحيح في أغنيا بيبصوا للناس من فوق، منهم ناس قريبين مني جدا أقرب مما تتخيل، لكن بردو في ناس يعني كويسين شوية زي حلاتي كدة.
هتف العسكري بطيبة: انت ابن حلال يا دكتور وإن شاء الله تخرج من هنا بسرعة.
ربنا ما يطولهاش عليك.
حدجه عمرو بنظرة ممتنة وهو يقول: اللهم آمين يا راجل يا طيب، ثم أردف مُحرَجا: ألا انت اسمك إيه صحيح؟
هتف هو بفخر: معاك الشويش شهين على سن ورمح.
ضحك من طيبته وهو يقول: عاشت الأسامي يا شويش شهين.
هتف هو كي يُخرِج نفسه من تأثيرهُ عليه: انت هترغي معايا يا متهم ولا إيه.
ضحك عمرو أكثر من طيبته وهو يقول: لا أنا أصلاً تعبان، أقصد انت تعبان، ومحتاج تناااااام.
لم يعلق العسكري على حديثهُ وخرجَ مغلِقاً الباب خلفهُ بإحكام.
....................
في المشفى: كان يوسف يزرع ممر غرفة العمليات ذهابا وإياباً في توتر، بينما أخبر سندس أن والدتِها بخير وأنها تحتاج بعض الوقت لكي تُفيق.
وأخبر أشرف بالحقيقة والذي دعمهُ بشدة وأخبره أن يستأذن متعللاً بعملٍ طارئ وهو ومريم سيابقيان مع سندس.
وبالفعل استأذن منهم يوسف بعد قليل متعللاً بأوراقٍ مهمة طلبها الأستاذ أكرم حالاً وذهب ليقف هنا منذ أكثر من ساعتين.
أكل القلق قلبَهُ أكثر وهو يزيد من توسلهِ لله أن يشفي أمه، حبيبته، كل ما له في هذا العالم هي وسندس.
لماذا فعل أبوه بها هكذا.
اازدادت حيرَتهُ وهو يتذكر حديث سندس الغامض.
سندس تعرفُ شيءً ما .
لابد أن يعرفهُ منها.
لكن هل يريد أن يعرف حقاً؟
هو لا يعلم.
كل ما يعلمه أنه يريد أن تقوم له أمُهُ سالمة.
استفاقَ من شرودِهِ على انفتاح الباب أخيرا وخروج الطبيب بوجهٍ غامض التعبيرات ليلحقَ بهِ يوسف في لهفة قائلاً: أمي أخبارها إيه يا دكتور.
ابتسم الطبيب بارتياح: الحمد لله قدرنا نوقف النزيف، وهي شوية وهتفوق إن شاء الله. المهم خبر الرحم ميأثرش على نفسيتها.
هتف يوسف بأمل: إن شاء الله خير، أمي مؤمنة وهتعرف إن دا ابتلاء من ربنا.
ثم أردف بفخر: أمي مربيانا على الإيمان القوي بالقضاء والقدر وإن شاء الله هتنجح في اختبار زي دا، هي عارفة كويس إنه اختبار من ربنا.
تسرب فخرهُ وأملهُ إلى الطبيب فهتف قائلاً: إن شاء الله هتبقا زي الفل، الي تربي واحد زيك أكيد قوية جدا.
ابتسم بخجل وهتف قائلاً: شكرا يا دكتور.
مش عارف أقول لحضرتك إيه والله.
هتف الطبيب بود: ما تقولش حاجة، إحنة شوية وهننقلها أوضة عادية وبعد شوية هاجي أطمن عليها بنفسي.
شكره يوسف مرةً أخرى وتوجه من فورهِ إلى المسجد ليصلي ركعتين شكر لله على أنها قامت له  من جديد ثم يتوجه ليسعد سندس المكلومة على أمِها بالخبر السعيد.
....................
في اليوم التالي: جلس أحمد الألفي على مائدة الإفطار وهو يقرأ الجريدة الصباحية كما اعتاد منذُ زمنٍ بعيد وهو يقول بضجر: يا باي الأخبار كلها باقت مملة وباقت شبه بعضها.
ثم تأفف وهو يُقَلِّبُ صفحات الجريدة على عجلٍ لتصدمهُ الصورة التي قفزت أمام عينيه.
صورة ابنهُ مُكَبلاً بالأصفاد وعنوان بالبونت العريض مكتوبٌ فيه: طبيب شهير يختلف مع عشيقتهُ فيقتُلُها في شقتها.
دارت عيناه على السطور في سرعة غير مصدقٍ ما يقرأ وهو يقرأ تفاصيل خاصة جدا عن علاقة عمرو بالمدعوَة أماني القتيلة والأدهى، صورٌ خادشة للحياء كانت تجمع بينهما، لمح السطر الأخير والذي قرأ فيه: انتظرونا مع تغطية حسرية لكل ما هو جديد في هذه القضية من داخل سرايا النيابة حيث يتم التحقيق مع المتهم.
ولمزيد من التفاصيل حول فيديوهات تخص المتهم توضح الحقيقة أكثر تفضلوا بزيارة موقعنا.
ألقى الجريدة من يدهِ وضربَ طاولةَ الطعام بعصبية صائحاً: يا هنية.
انتييا هنية.
تعالي شوفي ابنك المحترم.
ابنك حط راسنا في الطين يا هنية.
بس المرة دي ما منهاش قومة.
أتت هنية على صوتهِ مهرولةً وهي تقولُ بخوف: إيه الي حصل يا أحمد على الصبح، بتزعق كدة ليه.
ماله عمرو عمل إيه؟
أحضر جريدة أخرى كانت موضوعة بعنايةٍ على الطاولة وفتحها على الصفحة المنشودة ثم ألقاها في وجهِها وهو يقول بغضب: اقري يا هانم.
اقري فضايح ابنك الي مالية الجرايد.
تناولت هنية الجريدة بأيدي مرتعشة وبدأت تقرأ وتنظر إلى صورتهِ وهو مكبلٌ بالأصفاد يقطاده العسكري فلم تحملها قدمها وجلست على أقربِ مقعدٍ من مقاعد الطاولة وهي تقول بعدم تصديق: مستحيل. أكيد في حاجة غلط. عمرو لا يمكن يعمل كدة.
هتف أحمد بنفس غضبه: وهو لما اتجوز الخدامة زمان كنتي تصدقي إنه يعمل كدة.
ابنك يا هانم مش متربي.
المرة الي فاتت قدرنا نلم الموضوع.
تقدري تقولي لي المرة دي هنعمل إيه؟
لم تجد رداً على سؤالهِ فهتفت بأملٍ قائلة: ما يمكن فيه سوء تفاهم يا أحمد.
تعالة نكلم ليلى ونشوف يمكن كل دا كذب.
هتف هو باستنكار: والصورة بتكذب بردو. والصور الي هما ناشرنها عن علاقته بالزفتة دي بتكذب بردو؟
هتفت بإصرار: اسمع كلامي يا أحمد وتعالة نكلم ليلى أرجوك وبعدها لو طلع صحيح نبقا نشوف هنعمل إيه.
قامَ من مكانهِ متوجهاً إلى الهاتف ليطلب رقم ليلى وهو يغلي من الغضب.
آتاهُ ردها أخيرا بصوتٍ مضطرب فهِم من خلاله أن كل ما قرأه صحيح دون أن يسألها فألقى السماعة لتلتقطها هنية وجلس هو على أقرب مقعد واضعاً رأسه بين كفيه.
....................
في قصر عمرو الألفي: استيقظت ليلى من نومِها المتقطع أخيرا وهي تكاد تصرخ من آلام رأسِها.
توجهت إلى المِرحاض واغتسلت لتأدي فردها المتأخر.
بدلت ملابِسها ونزلت إلى الأسفل أخيرا ليطالُعها وجه عائشة القلق وهي تقول باضطراب: حور هانم منهارة في الأنتريه يا ليلى هانم ومش ؤارفة أعمل معاها إيه.
شعرت ليلى بالخوف على ابنتِها فقفزت بخطوات واسعة متوجهةً نحوها لتراها في حالة يرثى لها.
حاولت أن تحتضنها فقاومتها بشدة وهي تحاول أن تحطم الأشياء القليلة التي بقت في الغرفة فحاولت اجتذابها بعنفٍ إلى صدرها حتى استسلمت في النهاية وأخذ جسدها يهتز بشهقات بكاء عنيفة وليلى تربت على ظهرها بمواساة حتى هدأت قليلاً.
أجلستها على إحدى الأرائك وجلست بجوارها محتضنة رأسها وهي تقول بحنان: إيه الي حصل بس يا حبيبتي؟
قالت هي بصوتٍ تخنقه العبرات: ناشرين حاجات صعبة قوي عن بابا يا ماما.
أنا مش مصدقة إن بابا يعمل كدة.
بابا فعلاً قتل أماني يا ماما.
هتفت ليلى بحدة: ما تقوليش كدة يا حور عن باباكي أومال الغريب يقول إيه لما انتي بتقولي كدة.
ابتعدت حور عن حضنها وهي تناولُها الجريدة المفتوحة على الخبر وهي تهتفُ قائلةً: اقري يا ماما أول وبعدين عتبيني ولوميني.
اتسعت عينا ليلى من هول ما رأت وقرأت فهتفت بقهرٍ في نفسِها: للدرجة دي يا عمرو أنا ما كنتش مكفياك، لدرجة إنك تعرف بنت رخيصة زي دي.
ثم هتفت بخوفٍ ودموعها تجري كالشلال على وجهها: معقول يا عمرو تكون قتلتها فعلاً. مهي الحجات دي فعلاً كانت هتفضحك.
ثم استنكرت ما تقول وهتفت قائلةً: لا لا أكيد ما قتلهاش، عمرو مش بتاع قتل أصلاً.
ردت على نفسِها بتأنيب وحسرة: وهو انتي من إمتة كنتي تعرفي عمرو.
عمرو كان بيظهر الي هو عايز يظهره بس.
لكن خباياه الي جواه ما حدش يعرفه غيره.
بكت أكثر فقالت لها حور بإصرار: شوفتي يا ماما إني كان معايا حق في الي قولتهولك.
هتفت أمها نافية لأنها لا تريد أن تخسر حور أباها: لا طبعا أكيد الكلامدا كذب.
باباكي راجل شريف ولا يمكن تكون دي أخلاقه.
حاولت إسباغ الثقة على نبرتها لكنها خرجت مهتزة في الأخير لتهتف حور بحزنٍ قائلة: أنا ما بقتش صغيرة يا ماما علشان تسكتيني بكلمتين وخلاص.
باين عليكي جدا الصدمة.
وباين إنك مش مكذبة الكلام الي هنا.
وواضح إن علاقتك ببابا كانت وحشة جدا.
انخرطت ليلى في بكاءٍ مرير فاحتضنتها حور مربتة على ظهرها فهتفت ليلى من بينِ دموعِها قائلةً: آه يا حور.
كان نفسي تكبري من زمان.
كان نفسي حد يسمعني ويشاركني وجعي من أبوكي.
بس انتي طول الوقت كنتي بعيدة، بعيدة قوي يا حور.
لم تمتلك حور نفسها فانخرطت في بكاءٍ مريرٍ هي الأخرى وهي تواسي ليلى قائلةً: حقق عليا يا ماما، من النهاردة مش هبعد عنك تاني.
وأنا معاكي في أي قرار هتخديه بخصوص بابا.
رفعت ليلى رأسها من حضن حور قائلة بصوتٍ متهدج: بجد يا حور، يعني لو طلبت الطلاق من أبوكي مش هتزعلي.
هتفت حور وهي تمسح دموعها: بجد يا ماما، انتي استحملتي كتير، وبابا لازم يعرف قيمتك، ويعرف هو كان في إيده إيه وخسره.
احتضنتها ليلى مرةً أخرى بحبٍ فشددت حور من احتضانها لتدعمها وتادعم نفسها هي الأخرى لما هو قادم ثم هتفت ليلى بقوة: حور يا حبيبتي، قراري بالإنفصال عن بباكي ما ينفعش يأثر بشكل من الأشكال على علاقتك بيه.
أنا وباباكي جايز يكون طريقنا انتهى لحد هنا لكن هو هيفضل بباكي.
ولازم نوقف جنبه في محنته لحد ما يطلع بريئ إن شاء الله.
هتفت حور برجاء: ممكن يا ماما تأجلي الطلاق لحد ما القضية تنتهي.
فكرت ليلى قليلاً ووجدت أنه من الواجب أن تبقى إلى أن تنتهي القضية فهتفت قائلة بقوة: حاضر يا حور، بس بعد انتهاء القضية على خير إن شاء الله بباكي هينفذ لي رغبتي.
وانتي هتدعميني وتخليه يوافق دا لو رفض يعني.
قالت آخر جملتها بكسرة لم تخفى على حور التي هتفت مؤيدة: طبعاً يا ماما، أنا واثقة أصلا إن بابا هيتعبنا لحد ما يسمع الكلام.
لكن هنعمل إيه بقا.
لازم نحارب علشانك يا جميل.
استجابت ليلى لدعم ابنتها الغير منطوق وأظهرت لها قوتِها مرةً أخرى وهي تهتفُ قائلةً: قومي يلة علشان ما تتأخريش على الجامعة ولما الأستاذ أكرم يكلمني هتصل بيكي لو جه قبل ما انتي تيجي من الجامعة.
احتضنتها حور مرةً أخرى وقبلتها على رأسِها وهي تقول: حاضر يا حبيبتي.
لم تلبث أن قامت من مكانِها حتى سمعتا صوتَ رنين الهاتف وقامت ليلى لترد عليه وظلت حور في مكانِها لترى من المتصل.
رفعت ليلى سماعةَ الهاتفِ قائلةً بصوتٍ حزين: آلو، قصر عمرو الألفي، مين معايا.
سمعت صوت ارتطام السماعة بقوةٍ فهتفت مرة أخرى: آلو، مين معايا.
أتاها صوت هنية المتلهِف من على الطرف الآخر وهي تقول: ليلى، إزيك عاملة إيه؟
وإزي حور وعمرو؟
هتفت ليلى بسرعة: بخير يا ماما الحمد لله. انتو الي عاملين إيه؟
هتفت هنية بأمل: هو عمرو فين يا ليلى؟ كنا عايزينه في حاجة مهمة.
ارتبكت ليلى ولم تجد رداً فهتفت هنية بتساؤل: الكلام الي مكتوب النهاردة صحيح يا ليلى؟
هتفت ليلى بكسرة: للأسف صحيح يا ماما.
لم تستطع هنية تحمل المزيد فسقطت مغشيا عليها لتسمع ليلى صوت أحمد وهو يهتف بجزع: هنية فوقي، مالك، جرى إيه؟
أخذ منها السماعة التي كانت مازالت في يدها وهتف قائلاً: إيه الي حصل يا ليلى.
هتفت ليلى بخوفٍ قائلة: والله ما حصل حاجة هي سألتني عن الكلام الي في الجرايد وأنا قولت لها إنه صحيح.
يعني لقيت إاااااا.
قاطع كلامها صوت إغلاق الهاتف بعنفٍ فوضعت السماعة بحزنٍ وجلست في مكانها مرةً أخرى لتسألها حور بقلق:
مين الي كان بيتصل يا ماما؟
هتفت هي بحزنٍ دا جدك وجدتك، وتقريبا في حالة ذهول من الي شافوه.
بباكي داخل على أيام صعبة قوي يا حور.
....................
في المشفى: استفاقت يمنى أخيرا لتجد يوسف وسندس يجلسان على مقربةٍ منها ويضع كل واحدٍ منهما رأسه على كتف الآخر فنادت بحنان: يوسف، سندس.
هب يوسف من مكانهِ سريعاً فأيقظت حركته سندس التي فتحت عينيها وهي تهتفُ بفزع: في إيه؟
وجدت يوسف يحتضن والدته ويربت على كتفها فأيقنت أنها فاقت فقفزت على الفراش محتضنة إياها من الناحية الأخرى وهي تقول بلهفة: ماما حبيبتي، انتي كويسة.
حمد لله على السلامة يا غالية.
هتف يوسف مداعِباً: بالراحة يا حجةة ماما مش حِمل عمايلك دي.
هتفت يمنى بضعف: سيبها يا يوسف، أنا أهم حاجة عندي في الدنيا دي انتو.
هتفت سندس وهي تخرج له لسانَها: شوفت بقا يعني اطلع منها بقا يا أستاذ يوسف.
هتف هو بمرحٍ قائلاً: صحيح والله، الداخل بين البصة وقشرتها ما ينوبه غير ريحتها.
هتفت يمنى بابتسامة ضعيفة: يعني أنا بصلة يا واد.
هتف هو مداعباً: أحلى بصلة دي ولا إيه.
ضربته بخفة على رأسه فهتف متصنعا الألم: آه، آه، إيدك جامدة يا يويو.
تذكرتهُ على الفور لتشيح بوجهها في ألمٍ فانبهت لها سندس هاتفةً: رحتي فين يا جميل.
عادت بنظرِها إليهم من جديد وهي تقول: في جسمي الي بيوجعني حاسة إني قطر داس عليا.
ابتسم يوسف بحزنٍ وهو يقول: طبيعي يعني يا قمر، ولون دي أحلى واحدة داسها قطر في التاريخ.
ضحكت لدُعابتهِ وهي تقول: نفسي أعرف انت طالع كدة لمين؟
قطع حوارهم صوت طرقاتٍ على الباب دخل بعدها أشرف ومريم التي أسرعت نحو حماتِها وهي تهتفُ بفرحة: حمد لله على السلامة يا ماما.
ثم هتف أشرف بمرح: يا ريت كنا نزلنا جبنا فطار من ساعتها.
هتفت سندس بشكر: والله لو حد قريبنا مش هيعمل الي حضرتك ومريم عملتوه يا عمي.
وكزها أشرف في كتفها بمرحٍ قائلاً: يعني أنا مش قريب يا بنت.
هتفت يمنى بامتنان: لا إزاي بقا، دانت ونعم القرابة.
ابتسم لها بودٍ هاتفا بأدب: حمد لله على السلامة يا أم يوسف.
لم تمهلها سندس فرصة للرد حيث هتفت باعتراضٍ قائلة: وإشمعنا بقا ما تبقاش أم سندس.
ضحك الجميع عليها بينما هتف يوسف مغيظاً إياها: دا علشان أنا الكبير، وأنا الراجل، وأنا الأهم.
اغتاظت منه فهتفت قائلةً: الكبير في السقية يا أخويا.
كاد يوسف أن يهتف بشيءٍ ردا عليها لكن قاطع هذا الحوار طرقاتٍ على الباب ليدخل الطبيب بوجهٍ مشرق ويهتفُ قائلاً ليمنى: أخيرا يا مدام يمنى، حمد لله على السلامة، ما تعرفيش أولادك كانوا قلقانين عليكي إزاي.
هتفت يمنى بامتنان: الله يسلمك يا دكتور، ما أتحرمش من حضرتك والله.
ثم هتف أشرف بنبرة مرحبة: غالباً ما يكون هناك إهمالٌ جثيمٌ  في المستشفيات الحكومية، لكننا لقينا رعايةً فوق الممتاز، ففعلاً شكرا لحضرتك يا دكتر.
هتف الطبيب بابتسامة ودية: لا شكر على واجب يا أستاذ، حضرتك بتشكرني على إيه، دا واجبي ناحية المريضة.
كون إن في ناس ما بتعملش كدة دا ما يمنعش إنه واجب ما ينفعش أتشكر عليه.
هتف يوسف شاكرا: والله يا دكتر الي زيك قلوا في الزمن دا.
ضحك الطبيب واقترب ليفحص يمنى ثم هتف بابتسامةٍ قائلاً: لا دا حضرتك النهاردة أحسن بكتير الحمد لله.
إحنة امبارح كنا فين وبقينا فين.
هتفت بضعف: الحمد لله على كل حال.
معلش يا جماعة ممكن تسبوني لوحدي مع الدكتور شوية.
استغرب الجميع من طلبِها لكنهم أومأوا برؤوسِهِم دليلاً على الموافقة وخرجوا فعلاً لتهتفَ يمنى بتساؤل: دكتور، هو إيه الي حصل؟
هتف الطبيب بحزر: في الحقيقة إحنا شيلنا لحضرتك الرحم، بسبب النزيف الشديد الي كان عند حضرتك.
هتفت هي بإيمان: الحمد لله، قدر الله وما شاء فعل، لله ما أعطى، ولله ما أخذ.
ثم بكت بهدوءٍ  وهي تقول: حسبي الله ونعم الوكيل.
ثم هتفت متسائلة: حد من ولادي عرف.
هتف بإشفاق: يوسف ابن حضرتك يعرف علشان هو الي مضى على إقرار العملية لإن جوزك ما كنش موجود.
هتفت بامتنان: ما أتحرمش منك خالص يا دكتور.
هتف هو وهو ينظر إليها بتمعن: مدام يمنى، عندي سؤال محرج شوية.
هتفت بترقب: خير؟
هتف هو بحذر: حضرتك تعرفي حد اسمه عمرو الألفي.
هتفت بارتباك: عمرو الألفي، إشمعنا؟
هتف بمحاولة للتذكر: أصل حضرتك نفس الاسم تقريبا الي شهدت أنا على عقد زواجكم كمان شكلك قريب جدا من الست الي كانت معاه يوميها.
أمعنت النظر في وجههِ ثم هتفت قائلةً: انت بقا دكتور سمير، ولا دكتور ياسر.
هتف هو بارتياح: أنا دكتور ياسر.
بس ياه يا مدام يمنى، عمرو دور عليكي كتير جدا لما حضرتك مشيتي.
دا غير إنه ما كنش مستقر أبدا في حياته الزوجية مع مراته الي اتجوزها بعدك.
بس كان شكله زعلان منك جدا لكن ما قلش السبب.
لكن إحنة كلنا لاحظنا إن هو كان دايما زمان بيتعمد يجيب سيرتك، لكن بعد الي حصل معدش بيجيب سيرتك خالص.
هتفت هي بحزن: آه لو يعرف الي حصلي بعده.
أنا شوفت أيام صعبة قوي يا دكتور.
يلا الحمد لله.
هتف هو بإشفاق: آه مهو باين.
تجاهلت هي حديثهُ ثم سألته بترقب: وهو عامل إيه دلوقتي؟
هتف بحزن: هو حضرتك ما تعرفيش بالي حصله؟
هتفت بخوف: لا معرفش، هو إيه الي حصله؟
هتف بحزنٍ أشد: عمرو متهم في جريمة قتل واحدة ست.
شهقت بعنفٍ وسالت دموعها على وجنتيها لكنهُ أكمل حديثهُ المطعاطف قائلاً: وللأسف الشديد كدة شكله عملها.
هتفت بنفيٍ قوي: لا طبعا عمرو ما يقتلش أبداً.
هتف هو بنفسِ حزنه: كلنا كنا بنگول زيك كدة، أنا أول واحد ما كنتش مصدق، لكن بعد الي  شفناه النهاردة في الجرنال كل حاجة اتغيرت.
هتفت بترقب: وهو إيه الي في الجرنال؟
أخرج من جيبه الصفحة التي قطعها من الجريدة التي كان يقرأها، والذي كان ينتوي أن يريها لأصحابهم كي يروا حلاً في هذه المصيبة فيمكن أن يكونَ هذا كذباً وصديقهم يخرجُ من محنتهِ أخيراً، أعطاها الورقة وهو يقول: الجرنال دا هتلاقي فيه كل حاجة.
طالعت الصور ثم الخبر بنظرةٍ مصدومة وهي تقول: لا لا مش دا عمرو أبدا.
معقول عمرو يبقا في صور ما بينه وما بين واحدة بالشكل دا.
هتف هو بأسف: للأسف يا مدام يمنى الموضوع دا مش مستبعد.
عمرو اتغير خالص من يوم ما سبتوا بعض.
مبقاش يقابلنا زي الأول.
باقت كل سهراته يا إما في المستشفى، يا إما في أماكن مشبوهة مع أماني دي والي زيها.
لكن هو كان مداري وما كنش حد يعرف عن سهراته دي حاجة غير أقرب الأقربين.
ومكتوب هنا في الخبر إنها هددته بالصور دي وبفيديوهات بشعة منشورة على موقع الجريدة، ما حدش عارف إيه الي حصل ما بينهم وصلوا لقتلها.
هتفت هي بنفيٍ باكٍ: لا طبعا، مهما كان الي أنا شيفاه، عمرو لا يمكن يقتل.
أنا عارفة عمرو  كويس. ثم أكملت في نفسها: عمرو بيخاف من الدم، عنده فوبيا منه من زمان، إزاي يقتل بس.
كان يضحك ويقولي: مش أنا دكتور أهو، بس بخاف من الدم جدا، جسمي بيوجعني لما بشوفه.
تذكرت أنها كانت تهتفُ ضاحكة: دكتور إيه دا الي بيخاف من الدم يا عمرو بيه.
كان يرد عليها بعصبية وخوف: يا باي عليكي يا يويو، شيلي القطنة دي من هنا لو سمحتي.
فتهتفُ مشاكسة: دي القطنة الي كانت يويو حبيبتك بتعالج بيها صباعها الي اتعور بسبب الي كانت بتبخهولك.
ثم تستمرُ المشاكسات بينهما إلى أن يغلِبَهما عشقَهما فينتهي الكلام ويبدأ كلامٌ من نوعٍ آخر.
استفاقت من شرودِها أخيراً على هتاف الطبيب وهو يقوم من مكانه آخذاً منها الورقة: والله يا مدام يمنى ما حدش عارف الحقيقة فين.
ربنا يظهر الحق عموماً.
أستأذن أنا بقا علشان أشوف باقي المرضى الي ورايا، ولو احتجتي حاجة يا ريت تطلبيني فورا.
هتفت هي بامتنان مرةً أخرى: شكرا يا دكتور ياسر، بس هو أنا هقعد هنا كتير؟
هتف هو بابتسامة: انتي زهقتي مننا ولا إيه يا مدام يمنى.
هتفت بإحراج: لا والله بس ما بحبش قاعدة المستشفيات.
هتف هو بمداعبة: عارف، عارف، كل الناس كدة أصلاً، عموما انتي هتقعدي معانا تحت الملاحظة لحد آخر اليوم كإجراء روتيني يعني ولو حضرتك كويسة آخر اليوم تقدري تروحي بالليل أو بكرة الصبح على أقصى تقدير.
هتفت بشكر: أنا بشكرك مرة تانية يا دكتور.
أجابَ وهو يخرجُ من  الباب: لا شكر على واجب، ولو احتجتي حاجة خلي يوسف يندهلي، هو عارف مكتبي.
لم يسمع شكرها الأخير حيث كان قد خرج وأغلق  الباب خلفه لتتنهد هي في حزن على ما أصاب عمرو وهي لا تستطيع أن تقفَ بجواره.
....................
كان يوسف وأشرف وسندس ومريم يقفون في الخارج في انتظار انتهاء حديث يمنى مع الطبيب فقال يوسف بامتنان  وهو يوجه نظره إلى أشرف ومريم: تعبناكوا معانا والله يا جماعة.
ردت مريم بتعب: لا يا يوسف ما تقولش كدة، تعبك راحة.
ثم قالت وهي تهمُ بالإنصراف: الحمد لله إننا اطمنا على طنت وإنها باقت كويسة، بس للأسف أنا مضطرة أروح علشان أغير هدومي لإن في محاضرة مهمة جدا النهاردة وما ينفعش أفوتها.
هتف يوسف بشكرٍ: آه طبعا، روح انت كمان معاها يا عمي وأنا وسندس قاعدين هنا أهو، وكمان علشان أم مريم ما تقلقش عليكو، وحضرتك ترتاح شوية، وكمان مش هتسيب مريم تروح لوحدها.
لم يترك له يوسف فرصة للإعتراض وهو أيضا كان في حاجةٍ إلى أن يريح جسده ونفسه فقال بودٍ: لو احتاجتوا أي حاجة يا يوسف اتصل عليا أو على مريم هنكون عندك حالاً.
هتف بموافقة: طبعا يا عمي، حضرتك زي أبويا.
ضحكت مريم قائلاة: أبوكي مين يا روحي دا أصغر مني أنا شخصيا.
لكزها أشرف في كتفها وهو يقول: ما تخدوش على كلامها دي بكاشة.
صدقني يا يوسف هتبلفك بكلمتين.
هتف بعشق: يا سلام يا عمي، عنيا لمريم، وقلبي خدته طبعا من زمان.
هتفت بخجل: بس بقا يا يوسف، ركز مع طنت.
هتفت سندس بامتنان: والله أنا ما عارفة أشكركم إزاي، حضرتك يا عمي لحقتني انت ومريم في وقت كنت حاسة إني هموت فيه.
هتفت مريم مداعبة: بس يا بت، بس لما تروَحي يا ريت تجيبي الهدوم بتعتي.
لكزها أشرف في كتفها مرةً أخرى وهو يقول: مش عايزين حاجة يا أولاد.
هتف يوسف بامتنان: لا تسلم يا عمي.
بينما هتفت سندس: المرة الجاية ما تجبش مريم معاك.
هتفت وهي تخرج لها لسانها: قاعدة على قلبك يا جزمة.
هتفت سندس بغيظ: شايفين بتشتم عمتها إزاي.
هتف أشرف وهو يسحب مريم من يدها: لا مإحنة كدة مش هنخلص يلا يا بت خليني ألحق أوصلك علشان أشوف إن كنت هروح شغلي ولا هنام.
سلام عليكم يا أولاد.
ردوا عليه السلام بضحك حتى ابتعدا عن نظرِهما فهتف يوسف  بجدية: سندس، انتي كنتي تقصدي إيه بالكلام الي انتي قلتيه عن بابا؟
كادت أن تجيبهُ بالحقيقة إلا أن صوتهُ قاطعها وهو يهرول ناحيةَ القادم هاتفاً بترحيب: أستاذ أكرم، يا أهلاً وسهلاً.
بادله أكرم الترحيب قائلاً: إزيك يا يوسف؟
قلبي معاك؟
والست الوالدة أخبارها إيه؟
رد عليه وهو يصحبهُ إلى حيث تقف سندس قائلاً: الحمد لله، هي عدت مرحلة الخطر، وفاقت وهتخرج قريب إن شاء الله.
زيارتك دي غالية قوي يا أستاذ أكرم.
رد عليه أكرم قائلاً: انت أثبت كفاءة كبيرة جدا في الفترة الي اشتغلت فيها معايا، دا غير إني حبيتك لله في لله واعتبرتك ابني الي ما جبتوش.
أخو بناتي يعني.
رد هو بحرج: شرف عظيم والله يا أستاذ أكرم، أنا سعيد إني بسمع الكلام دا من حضرتك.
ثم سأله بتذكر: بس هو حضرتك عرفت منين موضوع ماما.
لمح أكرم سندس التي تقفُ على استحياءٍ فقال بعتاب: ياه يا يوسف، مش تعرفني على الجميل الي معاك.
تذكرَ يوسف وجود سندس فهتف بحرجٍ: دي سندس أختي، ودا أستاذ أكرم علي الي أنا بشتغل عنده يا سندس.
تقدمت سندس إليهم وسلمت عليه قائلةً بترحاب: أهلاً وسهلاً يا أستاذ أكرم، يوسف مالوش سيرة غير حضرتك، وحضرتك شرفتنا بالزيارة والله.
رد عليه أكرم بودٍ قائلاً: بقا القمر دي أخت الإفل دا.
ضحك يوسف بينما قالت سندس بابتسامة مشاكسة لأخيها: شوفت بقا، الله يكون في عوني إني مستحملاه.
ثم قالت وهي تسير نحو الخارج: قهوتك إيه يا أستاذ أكرم، هجيب لنا حاجة نشربها من الكافاتريا.
رد عليها بهدوء: مظبوطة، وأكون شاكر ليكي جدا يا سندس.
ودعتهما ورحلت بينما جلسا هما على المقاعد المتراسة بالخارج وقال أكرم بشرح: مدام ليلى كلمتني امبارح، كانت بتسأل عن دكتور عمرو، وقالت لي إنك كنت عندها وإن والدتك تعبت، وإنك مشيت وسبتها.
هتف هو قائلاً: فعلاً حصل، وأنا كان المفروض أروح أحضر مع الدكتور التحقيق، بس ما عرفتش خالص والله.
سأله أكرم: هو قال لك حاجة وقت ما اتكلمت معاه في البداية.
أجابهُ يوسفَ قائلاً: لا ملحقناش، بس هو قال لي رسالة أبلغها لمدام ليلى لكن أنا طبعاً روحت لها مرتين ونسيت أبلغها الرسالة في أول مرة وحصل الي حصل في المرة التانية.
سألهُ أكرم: رسالة إيه علشان أنا بعد ما أمشي هروح أزوره وهحضر بالليل معاه التحقيق وهروح لليلى هانم أطمنها على الأوضاع.
أجابهُ قائلاً: كان عايز شمس تدير المستشفى وتسيب العيادة لمعاذ.
دول تقريباً ناس شغالين معاه تعرفهم ليلى هانم.
هتف أكرم مفكراً: أمم تقريباً كدة كان حاسس إن الموضوع هيطول.
سألهُ يوسف بترقب: ليه حضرتك بتقول كدة؟ هو في حاجة جديدة حصلت إمبارح؟
هتف أكرم بأسف: لا الي حصل حصل النهاردة ثم أخرج الجريدة من حقيبتهِ الجلدية وفتحها على الصفحة الخاصة بالخبر وقربها إلى وجه يوسف قائلاً: الكلام دا اتنشر النهاردة من داخل النيابة.
طالع يوسف الخبر بسرعة ونظر في الصور ثم شهق بعنفٍ قائلاً: يا خبر، دا الدكتور كدة تقريباً المتهم الوحيد.
قال له أكرم بهدوء: أنا بتعامل مع الدكتور وعيلته من زمان، وما أعتقدش أبدً إنه ممكن يقتل، لكن طبعاً أنا لازم أتكلم معاه وأشوف المنشور دا صح ولا غلط ولا إيه حكايته.
هتف يوسف بغضبٍ: حتى لو كانت الصور دي حقيقية ما ينفعش تتنشر بالشكل دا في الجرايد، دي سمعة ناس.
هتف أكرم مؤيداً: معاك حق، بس الصحفيين ما بيصدقوا يلاقوا أي سبق صحفي ويجروا وراه ومش مهم هو يضرا مين في طريقه.
هتف يوسف مقترحاً: طب ما نرفع قضية ولا نطالب بمنع النشر.
هتف أكرم بتوضيح: بعد إيه بقا يا يوسف، بعد الصور والفيديوهات ما باقت مالية الجرايد والمواقع، كمان قضية إيه لو الصور دي حقيقية، هيطلع علينا محاميين يقولوا لك القضية أصبحت قضية رأي عام ومن حق الناس تعرف الجديد فيها.
هتف يوسف مستنكراً: تمام من حقهم يعرفوا بس من غير ما يشهروا بيه بالشكل دا.
طب بلاش هو، أسرته ذنبها إيه؟
هتف أكرم بود: انت حمقي قوي يا يوسف، اتعود على الحاجات دي علشان في مهنتنا دي هتشوفها كتير.
قاطعَ هذا الحوار وصول سندس بالقهوة وهي تقول: القهوة ابمتينة للأستاذ أكرم.
تناولها منها شاكراً وهو يقول: تسلم إيد الي جابتها.
هتفت بمشاكسةٍ كعادتِها: طب والي عملتها ملهاش نصيب في الدعاء.
هتف بنفس دعابتِها: تسلم إديها هي كمان يا ستي.
تحبي أدعي لحد تاني.
لا خلاص شكراً كفاية الي عملتها، كانت تقول هذا وهي تناول القهوة ليوسف قائةً: اتعمدت أأخرها عليك شوية علشان تكون بردت.
قال لها يوسف بشرود: شكرا يا سندس.
همست له قائلةً بتساؤل: مالك يا يوسف؟ في حاجة حصلت؟
نفى برأسهِ ثم قال بنفس همسها: لا مافيش مجهد شوية بس.
رفعت صوتها أخيراً: يا ريت يا أستاذ أكرم لو مش هنتعبك يعني توصل يوسف في سكتك وانت مروح يرتاح شوية ويجيب لماما هدوم ويجي بعد ساعتين كدة ولا حاجة.
هتف أكرم مستحسِناً: والله فكرة يا بنتي.
ثم وضع كوب القهوة الفارغ في القمامة وهو يقول: يلا يا يوسف، وسلامة الوالدة ألف سلامة.
هتف يوسف برفض: أولاً هي بتتكلم باسمي، أنا مش هينفع أسيب ها لوحدها.
هتفت باستنكار: ليه يعني القطة هتكلني، ثم أنا هدخل أقعد مع ماما، ولو احتجنا لحاجة هكلمك.
هتف أكرم مؤيداً: سندس معاها حق، يعني انت هتقعد معاهم تعمل إيه صحيح؟
ثم سحبه من يده وسط اعتراضٍ منه وهو يقول مودِعا سندس: في رعاية الله يا سندس.
....................
استطاعت أن تتمالك نفسها أخيراً بعدما أفاقها زوجها لبعض الوقت فاعتدلت في الفراش وهي تقولُ بوهنٍ لأحمد الذي يجلس على الأريكة بجوارِها: شوفت الي عمله فينا عمرو.
هنعمل إيه دلوقتي؟
هتف بحسم: أنا كلمت أدهم العربي، يبقا ابن عزت العربي صديقي الأديم وهو سهل لينا زيارة ليه.
سألته بحزن: طب وهنروح نعمل إيه هناك بس؟
قال بنفس حسمه: هنسأله إذا كان الكلام دا مش حقيقي فنقف جنبه.
هتفت بحذر: ولو حقيقي؟
أكمل بنفس حسمهِ التي تعرفهُ جيداً وتعرف أنه لن يقبل المناقشة: هنتبرا منه خالص زي ما اتبرينا من ابنه قبل كدة.
أيدتهُ قائلةً: معاك حق، الي يحط راس أهله في الطين يبقا لا ابننا ولا نعرفه.
هتف هو متسائلاً: طب ومراته؟
هتفت بقسوة: هي حرة إذا حبة تستمر معاه، لكن أنا شايفة إن دلوقتي ليلى الجندي مبقاش من مقامها الاستمرار مع واحد زيه.
هتف هو وهو يرتدِ ملابسه: طب لو قادرة قومي يلا غيري هدومك علشان نروح سوة.
قامت من مكانِها وقلبها يدق بعنف متمنيةً أن يكون كل هذا كبوس وسيستيقز الجميع منه قريباً.
....................
في السجن: كان يجلسُ شارداً في ما حدث بينه وبين آدم بالأمس.
ما الذي يقصده بأعداء لحور؟
هل حور لها أعداء أصلاً؟
وما الذي يقصدهُ عن كريم؟
هل سيساعدهُ حقاً؟
ولما طلب منه أن يعرف كل شيء؟
استفاقَ من شرودهِ على صوت الباب والعسكري يقول بصرامة: يلا يا متهم، زيارة.
قام من مكانه خارجاً ليضع العسكري الأصفاد في يده ويهم بإغلاق الباب ليقول له عمرو: مالك، متغير معايا ليه؟ كنت بدأت توريلي وش حلو شوية؟
هتف العسكري باشمئزاز: انت هترغي معايا يا متهم ولا إيه.
امشي قدامي يلا.
صمت عمرو تماما وسار معه بحزنٍ متوجهاً إلى مكتب أدهم والذي طرق بابه  العسكري بأدب ثم دخل به ضارباً الأرض بقدميه قائلاً في احترام: المجرم يا فندم.
رفع عمرو بصرهُ أخيرا يسستضم بنظرات أمهِ وأبيه القاسيتين فدق قلبهُ وجلاً بينما هتف أدهم: أنا هسيبكوا لوحدكوا شوية بس ما تطولش يا أحمد بيه أرجوك.
هتف هو بغموض: لا ما تقلقش مش هنطول.
أمر أدهم العسكري بالخروج وخرج معه مغلِقاً الباب خلفه فقال أحمد بغضب وهو يمسكهُ من تلابيب قميسه: الكلام الي منشور في الجرايد دا صحيح؟
أجابهُ بهدوء: كلام إيه؟
ألقت هنية الجريدة عليه للم يستطع التقاتها بسبا قيوده فالتقطها أحمد وفتحها على الخبر وهو يقول: الكلام دا يا عمرو بيه.
نظر إلى ما هو منشور بألم ثم قال في هدوء: صحيح، بس أنا والله ما قتلتها.
قامت هنية من مكانها ووقفت بجوارِ زوجِها الذي لا زال ممسكاً بتلابيب قميسهُ قائلةً: يعني انت كنت على علاقة بالست دي فعلاً؟
أومأ برأسهِ إيجابا دون أن يتحدث لتصفعه هنية صفعة مدوية على وجهه بينما صفعه أحمد في نفس اللحظة على وجههِ الآخر وهتف غاضباً: جبت لنا العار، من النهاردة لانت ابني ولا أعرفك.
صفعته هنية مرةً أخرى وهي تقول: من سنين وإحنة بنلم وراك، لكن مافيش فايدة عمرك ما هتتعدل.
رد عليهم بهدوءٍ قائلاً: مافيش مشكلة تخلصوا من العبء دا واقطعوا علاقتكوا بيا خالص.
صفعهُ أحمد مرةً أخرى وهو يقول: مهو دا الي هيحصل فعلاً بس مش قبل ما أحسر قلبك وأنا بحكي لك على الي فايتك.
هتفت هنية بقسوة وهي تصفعه على وجههِ الآخر: عن يمنى.
الخدامة.
هتف هو بغضب: أنا مش عايز أعرف حاجة.
هتف أحمد صافعاً وجههُ مرتين متتاليتين حتى أنه لم يعد يشعر بوجهه: لا لازم تعرف إحنة بنلم وراك من إمتة علشان تعرف إنت خسرتنا إزاي.
ثم جذبته هنية بمساعدة أحمد وأجلسوه على المقعد المجاور وجلسوا على ركبتيهما أمامهُ وهم يتبادلون صفعهُ على وجهه والذي لم يعد يشعر بألمه لأن ألم ما سمِعهُ منهما كان أقوى وأشد.
....................

رواية ولو بعد حين.، الجزء الأولحيث تعيش القصص. اكتشف الآن