السﻻم عليكم.
إزيكم يا قرائي اﻷعزاء؟ يا رب تكونوا بخير يا رب وفي أفضل حال.
عايزة أقول لكم إن شاء الله إن الجزء التاني هينزل يوم الجمعة وإن إحنة ما غيرناش المواعيد.
بس طبعاً ممكن يحصل استثناء وينزل قبلها لو اﻷصوات باقت ٦٠٠٠ صوت قبل يوم الجمعة هتﻻقوا الجزء التاني.
ياريت فضلا وفيس أمراً اللي يعجبه البارت ما ينساش التصويت علشان دا بيشجعني أكتب أكتر.
وما تنسوش تقولوا لي رأيكم في اﻷحداث.
وتوقعاتكم للقادم.
ويﻻ بقى أسيبكم مع الفصل.
ولو بعد حين، الفصل الخامس بعد العشرين، الجزء اﻷول:
بالقسم:
يجلس يوسف على المقعد يضع وجهه بين راحتيه في انتظار دخول الدكتور عمرو الألفي بفارغ الصبر.
مشاعر كثيرة تعتريه ولم تفلح إحداها أن تغطي على اﻷخريات.
غضب من كﻻم أكرم عن والدته.
غيرة على أهل بيته أن يكونون سيرة تلوكها اﻷسنة.
فضول لمعرفة ما أخفته والدته عنه لسنواتٍ ماضية.
يريد أن يعرفَ العﻻقة التي ربطت بين عمرو ووالدته دون أن يتحدث فيها أي منهما.
سؤال عمرو المتكرر عن والدته جعله يتوق لمعرفة الحقيقة.
اهدى يا يوسف كدة.
مش عايزك تتعصب علشان تعرف تاخد منه كل المعلومات من غير ما يزيف فيها وﻻ يلف وﻻ يدور.
ما تتعصبش خالص علشان ما تخسرش كل حاجة.
أنت مش هتعرف تروح تسأل ماما عن اللي حصل.
مش هيهون عليك تشوف الاتهام في عينيك.
هتف يوسف بهذه الكلمات لنفسه بصوتٍ شبه مسموعٍ يرسم خارطة حواره مع عمرو.
طرقات خفيفة تبعتها دخول عمرو الذي لم يتغير شكله عن آخر مرةٍ التقاه فيها.
يوسف. جيت في وقتك.
رفع عينيه نحوه بعد ما سمع هتافه الملهوف يطالعه بتفحصٍ ليصدمه الشبه الكبير بينهما.
أنا كنت هطلبك لو ما كنتش جيت.
أردف بنفس لهفته بينما أردف يوسف باقتضاب:
إزيك يا دكتور؟
الحمد لله.
هتف بها برضى وبدأت معالم الاستغراب تغزو مﻻمح وجهه.
تغيرت معاملة يوسف قليلاً عن آخر زيارة جمعت بينهما.
كان ودوداً أكثر من ذلك، بل كان مبتسماً.
هو اﻵن يجلس على المقعد بتحفزٍ وكأنه سيهجم عليه في أي وقت.
مالك يا يوسف؟
أنت عايز تسيب القضية؟
وﻻ دي أوامر أكرم؟
هتف بها بتساؤلٍ قاطعاً الصمت الرهيب الذي خيم على الغرفة.
تجاهل يوسف أسئلته تماماً وهو يهتف بهدوءٍ زائف:
مدام ليلى هانم مراتك راحت تزور والدتي امبارح في المستشفى.
شهق بصدمةٍ وهو ﻻ يعلم ما عﻻقة ما قاله يوسف للتو بما كان يسأله فيه، لكنه هتف بعد برهة بتساؤل:
ليه؟
هتف يوسف يجيبه بشبه عصبية:
ﻷنها شكت إن في عﻻقة بتجمع بينك وبين والدتي بأي شكل من اﻷشكال.
ابتسم عمرو بسخريةٍ من تفكير زوجته هاتفاً بمنطقية:
وهو أنا كنت شوفتها قبل كدة؟
ابتسم يوسف هو اﻵخر وهو يردف بغموض:
مش ﻻزم تكون شوفتها.
بس في دﻻئل كتير تقول إنكوا كنتوا تعرفوا بعض قبل كدة.
خاصةً إنها كانت بتشتغل عندكوا في الفيلا زمان قبل ما أنت تتجوز.
دق قلبه بقوةٍ من تأكده أنها هي، حتى تغيرت مﻻمحه وتوترت وظهر الشوق في عينيه واضحاً للعيان فهتف يوسف وهو يسلط نظره على مﻻمحه:
ها يا دكتور. افتكرت الخدامة اللي كانت بتشتغل عندكم قبل كدة؟
هتف عمرو باعتراضٍ بعد ما أثار يوسف حفيظته بحديثه:
ما كانتش خدامة يا يوسف وﻻ هتكون.
مامتك كانت ست البيت.
مش فاهم يا دكتور.
ليلى هانم بتشك إن أمي كانت من ضمن عشيقاتك.
هتف بها بحمائيةٍ فهتف عمرو بصراخ:
ما كانتش عشيقتي. أنا اللي جريت وراها عشان ترضى تبص لي مع إني كنت عارف إنها كانت بتحبني زي ما أنا كنت بحبها.
لكنها كانت واقعية أكتر مني.
كانت عارفة إن جوازنا مستحيل.
بس أنا فضلت أفرش لها اﻷرض ورد علشان نكون مع بعض لحد ما افترقنا بعد كام شهر بس من جوازنا.
كانوا صحيح كام شهر لكنهم كانوا أسعد أيام حياتي.
عشت فيهم كل حاجة حلوة معاها.
وفي اﻵخر أهلي المحترمين شوهوا صورتها في عينيا علشان ما أدورش عليها تاني.
خلوها تتجوز أبوك بالغصب بعد ما خلفت الولد أو البنت اللي كان في بطنها مني واللي طبعاً ما كنتش أعرف عنه أي حاجة.
جوزوها ﻷبوك بالغصب وخلوهم يسافروا على بورسعيد بعد ما ادوا له فلوس تضمن له حياة كويسة لحد ما يﻻقي شغل يقدر يعيش منه ويعيش مراته.
ولما جت علشان تعرفني بوجود ابني أو بنتي هددوها وحرقوا ذراعه وبطنه مش فاكر.
أمك أشرف ست عرفتها وقابلتها في حياتي.
أمك أشرف من أهلي شخصياً.
وما كانتش تستحق إنها تتجوز واحد زيي.
عرفت كل حاجة يا يوسف؟
أتمنى ما تتكلمش معاها في الموضوع دا.
كفاية الجرح اللي اتجرحته قبل كدة.
ما تفتحش حاجات اتقفل عليها من سنين.
جلس أخيراً على المقعد المقابل له وهو يلهث محاوﻻً ضبط أنفاسه الغير منتظمة.
بينما تنهد يوسف حزناً على حال والدته وعلى حال هذا الرجل ثم هتف فجأةً بعد برهةٍ من الصمت وكأنه كان يربط الخيوط ببعضها:
عايز أعمل تحليل.
تحليل؟
سأله باستغرابٍ ثم أضاف:
تحليل ليه؟ وتحليل إيه؟
عايز أتأكد من كﻻم سندس أختي.
وقتها أبويا كان ضرب أمي جامد، واعتدى عليها بشكل وحشي وهي فاقدة الوعي.
وقتها شالت الرحم والحمد لله على كل حال.
سندس قالت لي أنا بحسدك إنه مش أبوك والمفروض أمي مااتجوزتش تالت. وأنا عايز أتأكد من اللي في دماغي.
في هذه اﻷثناء ارتفع رنين هاتفه بينما كان عمرو يجلس ويقف وكأنه يريد التهجم على أحدهم اﻵن وإبراحه ضرباً.
رفع يوسف الهاتف على أذنه بعد ما رأى اسم سندس يضيء الشاشة ضاغطاً على زر الرد على المكالمة هاتفاً بنبرةٍ عاديةٍ وهو يسلط نظره على عيني عمرو:
أيوة يا سندس. إزيك؟
لم ترد عليه السﻻم بسبب توترها فهتفت بقلق:
يوسف. الحقني. الدكتور كتب لماما على خروج، وحنة مستنيينك قدام المسشفى في الكفاتيريا.
أنا خايفة آخد ماما وأروح لو بابا جه البيت ما حدش هيعرف يلحقها من إيده.
وأنا ما أضمنش إيه اللي ممكن يحصل المرة الجاية.
تعالى يا يوسف بسرعة ما تتأخرش.
انتقل قلقها له حتى ترجمت مﻻمح وجهه هذا بوضوح لكنه هتف بتماسكٍ مصطنع:
اهدي يا سندس علشان ماما ما تقلقش. أنا كنت في مشوار شغل وهاجي حاﻻً.
ما تقلقيش أنتِ بس وحاولي تطمنيها.
حاضر يا يوسف بس ما تغيبش.
هتفت بها سندس ثم أغلقت الخط دون أن تضيفَ كلمةٍ أخرى بينما بدى الهم جلياً على وجهه فهتف عمرو محاوﻻً السيطرة على مشاعر الغضب داخله:
في إيه يا يوسف؟
مالها أختك؟
هتف يوسف بقلة حيلة:
ماما خرجت النهاردة من المستشفى.
مش عارف أعمل إيه.
مش عايزها تروح البيت.
لو راحت بابا هيعرف.
وما أضمنش إيه اللي ممكن يحصل.
معاك رصيد؟
سأله بهدوءٍ ومﻻمحه ﻻ تنبئ بشيءٍ فهتف باستغراب بعد ما حملق في وجهه يحاول أن يستشفَ تعبيراته:
ليه؟
قول بس.
هتف بها بتصميمٍ فهتف اﻵخر بنفاد صبر:
آه.
بس ليه؟
هتف متجاهلاً تساؤله:
معاك رقم ليلى؟
ﻻ.
هتف بها ولم يفهم شيئاً حتى اﻵن لكن اﻵخر هتف بعد برهةٍ من التفكير:
أحسن بردو. اكتب رقم حور بنتي.
ابتسم تلقائياً لتذكره تشبثها تلك الصغيرة بمﻻبسه وكأنها ترى فيه حمايتها فهتف بابتسامة مداعبة:
أنت كدة بتخالف القانون يا دكتور.
هتف اﻵخر بعشق:
فداك.
أمﻻه رقم حور ثم أعطاه الهاتف واﻵخر ينتظر ردها بفارغ الصبر.
ردت أخيراً بينما تحرك يوسف يراقب الباب كي ﻻ يدخل أحدهم فجأة أثناء إجراء عمرو للمكالمة الغريبة تلك التي ﻻ يعرف ما عﻻقتها بموضوع يمنى.
حور حبيبتي أنا بابا إزيك؟
لو ماما جانبك ما تقوليش اسمي.
هتفت بارتباك:
آآه خير.
هتف عمرو بسرعةٍ:
بقول لك إيه؟
هتروحي أوضة المكتب وتفتحي الخزنة بتاعتي أنتي طبعاً عارفة الباسورد وتخدي المفاتيح منها الاحطياطية وتديها ليوسف هو هيقابلك في الكفيه اللي قدام البيت. بس بسرعة مافيش وقت. وخلي بالك ما ينفعش ليلى تعرف بأي حاجة فاهمة يا روح بابا؟
هتفت بارتباك:
طيب يا سماح. هشوف الموضوع دا.
انجزي يا حور هو نص ساعة وجاي لك.
سﻻم.
ألو.
هتفت بها بصدمةٍ من إغﻻقه السريع للمكالمة لكنها تداركت اﻷمر وذهبت تنفذ ما طلبه منها.
أما عند يوسف فقد عاد أدراجه نحو مقعديهما هاتفاً بتساؤل:
مفاتيح إيه دي يا دكتور؟
دخل آدم في هذه اﻷثناء يلقي التحية بقوله العملي:
إزيك يا أستاذ يوسف؟ إزيك يا دكتور؟
هتف عمرو بابتسامة:
الحمد لله. معاك مقص؟
ضحكة صغيرة ارتسمت على وجه آدم لكنه هتف بتساؤل:
ليه؟
هاته بس لو سمحت لو معاك.
هتف بها بغموضه المغيظ بالنسبة ليوسف فناوله إياه فتناوله منه بسرعةٍ يقص بعضاً من خصﻻت شعره يناولها ليوسف ثم يهتف:
تقدر تعمل اللي قلت عليه.
هتف يوسف بتساؤل وهو يوجه بصره نحو آدم الواقف يطالع ما يحدث بفضول:
معاك كيس؟
ابتسم بدعابةٍ هاتفاً:
هو إيه يا جماعة؟ أنتوا كنتوا مستنييني وﻻ إيه؟
واحد يقول لي معاك مقص؟ معاك كيس؟
اتفضل يا سيدي.
وضع يوسف ما بيده في الكيس بينما هتف عمرو بتساؤل:
سؤال أخير. حد فيكم معاه ورقة وقلم؟
أعطاه آدم ورقة من الدفتر أمامه وقلمه وهو يهتف بنبرة لعوب:
خلي بالك دا القلم بتاعي.
ابتسم عمرو على بساطته وهو يتناوله منه يدون عليه بعض اﻷشياء وهو يناولها ليوسف بعد ما طواها هاتفاً:
دا العنوان اللي هتروحوا له بعد ما تاخد المفاتيح من حور، وما تجادلنيش أرجوك، بعد ما أطلع من هنا يبقى يحلها حﻻل.
ثم ظهرت على وجهه الجدية الشديدة وهو يهتف موجهاً بصره لهما:
وياريت حد فيكم يمليني صيغة التنازل عن المستشفى والعيادة علشان أتنازل عنهم لحد فيكم وتتوثق في الشهر العقاري في أقرب وقت.
شهقا الاثنين بصدمةٍ وآدم يهتف:
ليه؟ أنت ليه شايف الحياة صعبة كدة؟ بنتك ومراتك ليهم حق في المستشفى.
أنا ما بخستش حقهم يا حضرة الظابط. أنا بحافظ عليه.
أهلي بعد ما أعلنوا موتي هيبيعوا لنفسهم المستشفى والعيادة وهيزوروا توكيل وهيزوروا إمضتي وحاجات كدة كتير، وعندهم ألف واحد يخلص لهم الموضوع دا.
يبقى اﻷفضل تتنازل عنهم لآدم بيه لو ما عندكش مانع؛ ﻷنهم لو وصلوا لي هتبقى مشكلة.
هتف عمرو بتأييد:
معاك حق. مليني.
قفز آدم يقف بينهما وهو يهتف باعتراض:
ﻻ ﻻ ﻻ. تمليه فين إوعا تمليه.
أنا مش هعرف. دي مسؤولية كبيرة قوي عليا أنا مش قدها.
هتف عمرو بتساؤل وهو يغرس نظراته في عينيه:
أنت مصدقني وﻻ ﻻ؟
تقهقر خطوتين للخلف ثم استطرد عمرو بعد برهةٍ من الصمت:
لو قبلت التنازل للفترة دي يبقى أنت مصدقني، ولو ما قبلتش بيه وطبعاً ليك مطلق الحرية في دا فأنا مش هزعل خالص. وساعتها هعرف إجابتك.
بينما هتف يوسف بابتسامةٍ مشجعة:
أنا معلش يا حضرة الظابط كتبت الصيغة بعد ما شديت ورقة من دفترك اﻷثير ومش ناقص غير إمضتك التي تذيل الورقة. ما رأيك في فصاحتي؟ لكن قرر بسرعة علشان الدكتور يلحق يوثقها.
أخذ القلم من يد يوسف بترددٍ يضع توقيعه على الأوراق دون أن يضيف كلمة حتى أنه خرج دون أن يبلغ عمرو بما أراده.
....................
بعد عدة أيامٍ ليست بالكثيرة.
تم خروج ندى كما خرجت حور، وتم توثيق العقود في الشهر العقاري، لكن لم يلتقِ عمرو بيوسف إلى اﻵن منذ زيارتهما الأخيرة وحديثهما المطول عن يمنى ومعرفة يوسف بكل ما حدث.
وها هي اﻵن تقف أمام المشفى في انتظار صديقتها كي تساندا صديقتهما الأخيرة.
هرولت حور نحوها عندما رأتها واحتضنتها وهي تلقي السﻻم.
ندوش. عاملة إيه؟
هتفت اﻷخرى بعد ما بادلتها الاحتضان والتربيت على ظهرها بحنو:
الحمد لله يا حور. أنا كويسة أنتي اللي عاملة إيه؟
هتفت حور والهم واضح على وجهها:
أنا كويسة يا ندى. الحمد لله على كل حال.
تعجبت ندى من عﻻمات الهم التي تبدو على وجهها واضحةً للعيان فهتفت بتساؤل وهي تجذبها من يدها برفقٍ نحو الداخل:
إيه يا بنتي في إيه مالك؟ متضايقة ليه كدة؟ وشك مش عاجبني بقالك كام يوم.
هتفت بحزن وهي تغالب دموعها:
أصل ماما هتروح لبابا النهاردة. وخايفة قوي من نتيجة الزيارة دي. المشكلة إنها محسومة يا ندى. ماما مصممة على اللي في دماغها وأنا ما بقتش عارفة أرجعها عنه.
تنحنحت ندى بحرجٍ ولم تعد تعرف ماذا تقول فهتفت:
بصي يا حور. هو مامتك عندها حق في نقطة كرامتها وأنوثتها. يعني إحنة ﻻزم نحط نفسنا مكانها بردو قبل ما نيجي عليها أو نحكم عليها. لكن بردو هي كان المفروض تفضل مع باباكي لحد ما تنتهي القضية. بس بردو لكل إنسان طاقة وقدرة على التحمل وﻻ يكلف الله نفساً إﻻ وسعها.
مش عارفة. موضوعكوا معقد قوي يا حور. ما حدش يقدر يدي فيه رأي ويكون صحيح.
هتفت حور بإشفاق:
أنا بابا وماما صعبانين عليا قوي يا ندى. وغصبٍ عني مش عارفة أبقى في صف مين فيهم. الموضوع حقيقي صعب عليا قوي.
كل مرة بقعد أسأل نفسي لما أنتوا مش قد إنكوا تتجوزوا بعض بتختاروا بعض من اﻷول ليه؟
كان فين عقولكم في فترة الخطوبة؟
وﻻ أنتوا مش فالحين بس غير في الهدايا والورد وشوية الرومنسيات الفارغة والخروجات؟
ولما لقيتوا نفسكوا مش قادرين تكملوا مع بعض ومش متفاهمين ليه خلفتوا ودبستوا نفسكوا في طفل بعد\ين لما يكبر هو اللي هيدفع تمن اختياراتكم الغلط لوحده؟
ليه ما حدش فيهم فكر فيا رغم إني متأكدة إن هما الاتنين بيحبوني وبيتمنوا لي الرضى أرضى؟
ليه أتحرم من حضن أبويا وأمي ويبقى واجب عليا أختار واحد فيهم دوناً عن التاني؟
لم تستطع إكمال حديثه فانخرطت في بكاءٍ مريرٍ جعل ندى تتوقف عن السير عند الكفاتيريا وتجذبها من يدها كي تدخلها لمحاولة السيطرة على نوبة البكاء التي أصابتها.
احتضنتها بغشفاقٍ وظلت تربت على ظهرها برفقٍ وهي تهتف هامسة بهدوء:
اهدي يا حور. ابتﻻء يا حبيبتي وقادر ربنا يحله من عنده ويرفعه عنكم. مين عارف يا حور يمكن كان حصل لباباكي حاجة أسوأ من كدة. ما حدش عارف الخير فين والله.
اهدي بقى علشان خاطري وتماسكي كدة.
جلست حور المقعد بانهيار وهي تهتف مؤنبة:
لو ما كانش ماما وبابا كل واحد فيهم مشغول بالمشاكل اللي عنده ما كانش حصل لنا اللي حصل يا ندى. ما كانتش مريم باقت في اللي هي فيه دلوقتي.
سألتها باستغرابٍ بعد برهةٍ من الصمت تحاول فيها ربط ما تقوله حور ببعضٍ إﻻ أنها فشلت تماماً:
وهو إيه عﻻقة باباكي ومامتك بمريم وبينا؟
مجرد حادثة عارضة وعدت الحمد لله. حصل خير ﻻ إحنة أول ناس حصل فيهم كدة وﻻ آخر ناس للأسف هيحصل فيهم كدة.
يعني أنتي مالكيش أي ذنب في اللي حصل دا كله.
لا يا ندى ليا.
استهتاري هو اللي خﻻكم تبقوا في اللي بقيتوا فيه دا دلوقتي. أنتوا اللي دفعتوا التمن. مريم دلوقتي هتتحبس.
قاطعتها ندى بجذبها إلى صدرها بقوةٍ وهي تشير إلى بعض الناس الفضوليين الذين ينظرون إليهما على صوت حور الذي ارتفع في آخر جملتها تطمئنهم أن الوضع مستتب تهتف بهدوء:
اهدي يا حور. الحمد لله ربنا كرمنا وسيف جه في الوقت المناسب.
ليه بقى بتحملي نفسك فوق طاقتك؟
علشان.
هتفت بها بصوتٍ مختنقٍ لكن ندى عادت لمقاطعتها بهتافها النقي:
وأنا مش عايزة أعرف علشان إيه. أنا من غير حاجة مسامحاكي ﻷنك مالكيش ذنب. وقبلت إنك تكوني صديقتي وأختي وحبيبتي كمان. يبقى خﻻص. كلنا مع بعض في الحلوة والمرة. يﻻ بقى يا عبيطة امسحي دموعك ومش عايزة أشوفها تاني. ومش عايزة أسمع الكﻻم بتاعك دا تاني. صفحة واتقطعت من حياتنا وخﻻص مش عايزين نفتكرها.
يﻻ بقى فكي التكشيرة دي علشان نلحق البت مريم.
وما تقلقيش خطيبها محامي شاطر وهيعرف يطلعها من اللي هي فيه إن شاء الله.
....................
بشركة خالد:
رفع سماعة الهاتف الداخلي يستدعي مساعدته الشخصية وابنة خاله ياسمين.
دخلت بعد دقائق تلقي التحية وهي تهتف بتساؤل:
أخبار ندوش إيه يا خلود؟
خلود؟
هتف بها باستنكارٍ فهتفت بضحكة رائقة:
آه فيها إيه. ثم أنت تطول واحدة زي القمر زيي تدلعك أنت يا جميل.
ضربها بخفةٍ على ذراعها وهو يهتف بخشونةٍ مصطنعة:
احترمي نفسك يا بت واعرفي أنتي بتتكلمي مع مين. واعرفي إن أنا مديرك.
هتفت بألمٍ مصطنع:
أي. دراعي يا متخلف.
أنا.
هتف بها بصدمةٍ ثم أضاف بنفس خشونته المصطنعة:
والله أنتي عايزة تتضربي كدة لحد ما يبان لك صاحب.
هقول لسيف ولمعاذ.
سيف ومعاذ؟ اللي بتتعاملي معايا قدامهم كأنك ما تعرفينيش دول؟
هتف بها ببرودٍ فهتفت بتبرير:
يا حبيبي إحنة آخدين جداً على بعض زي ما أنت شايف كدة، فليه بقى ندخل بيننا اﻷعادي؟
أنت عارف إخواتك كلهمخ هيستشيخوا فيها بقى ويقولوا لك ما ينفعش تلمسها وحنة إخوات. إﻻ لو كنت بتتعامل معايا على أساس تاني.
كست الجدية مﻻمحه وهو يهتف:
آه الصراحة.
فزعت من منظر مﻻمحه فهتفت بارتباك:
إزاي؟ مش فاهمة. أنا كنت طول عمري بتعامل معاك كإخوات وقرايب عادي.
ما أنا بتعامل معاكي على اﻷسس دي طبعاً لكن بردو بتعامل معاكي على إنك شغالة عندي ويجب عليكي طاعة أوامري.
هتف بها بنبرةٍ ضاحكة جعلت الدماء التي انسحبت من وجهها تعود له ثانيةً فصفعته بخفةٍ على جانب رأسه ثم دفعت المقعد من الخلف حتى أنه فزع من المفاجأة وحاول التمسك بالمكتب إﻻ أنها دفعته بقوةٍ وهي تهتف بشر مصطنع:
اعتذر ياد. انجز.
خﻻص خﻻص. آسف يا ياسمين عيب كدة. سيبي الكرسي بقى واسمعيني.
تركت المقعد أخيراً في منتصف الغرفة وهي تهتف بعمليةٍ استدعاها ببراعة:
خير يا سيادة المدير.
عايز سكرتيرة جديدة.
هتف هو اﻵخر بنفس عمليتها لكنها مشوبة بالضيق فهتفت باستغراب:
ليه؟ هي سندس قدمت استقالتها وﻻ حاجة؟
وﻻ قدمت استقالتها وﻻ خدت أجازة وﻻ بتيجي أصﻻً الشغل وﻻ بتتصل تعتذر وﻻ أي حاجة خالص. وكأنها نست إنها مرتبطة بشركة. وأنا كدة ما جبتش سكرتيرة وﻻيص في الشغل.
بس حرام يا خالد البنت كويسة وعلى خلق وكمان شغلها أكيد هيبقى كويس.
تمام يا ياسمين كلميها وشوفيها هتيجي إمتا ولو ما ريحتكيش يبقى خﻻص تشوفي لي سكرتيرة تانية في أسرع وقت. أنا مش هصبر تاني خﻻص.
هتف بها بحسمٍ ثم أضاف بحسمٍ أكبر:
ودا آخر كﻻم عندي ومش هرجع فيه تاني.
هتفت بقلة حيلة وهي تشعر بالشفقة عليها:
حاضر يا خالد. اللي تشوفه.
....................
أنت تقرأ
رواية ولو بعد حين.، الجزء الأول
Romanceقالوا عنها خائنة فصدقهم وكذبها. حاول أن ينسى فظلم. حاولت أن تعيش فماتت. لم يعرف أنها تمتلك جزءً منه. ولم تعرف أنها ﻻزالت تمتلك قلبه إلى الآن. فهل سيتجدد اللقاء بينهما يوماً ما؟ هل سيعرف الحقيقة؟ وهل بعدما أصبح لكلٍ منهما طريقاً ستلتقي الطرق؟...