الفصل السابع عشر:

289 155 6
                                    

ولو بعد حين الفصل السابع عشر:
تقدم يوسفُ مع الطبيب إلى مكتبهِ  وقلبُهُ يدقُ من الخوف.
ماذا حدث لأمِهِ يا ترى؟
لماذا نبرة الطبيب غامضةً هكذا؟
ما الذي يريدُ أن يخبرَهُ بهِ دون أن يسمَعَهُ أحد؟
ثم ما الذي كانت تقصدهُ سندس في حديثِها الأخير؟
هل يُعقَل أن لا يكون عبد الله أباهُ حقاً؟
وصلوا إلى المكتبِ أخيراً فقالَ لهُ الطبيبُ في هدوءٍ: اقعد يا ابني.
لم يستطع يوسف أن يجلسَ في مكانِهِ وقال مضطرباً: خير يا دكتور. أمي مالها؟
رد الطبيب بنبرة عملية يشوبها بعض الحزن: للأسف والدة حضرتك اتعرضت لحالة اعتداء وحشي من جوزها على الأرجح، دا غير آثار الضرب العنيف في كل مكانٍ في جسمها.
والأصعب بقا من كل دا إن الاعتداء الوحشي دا عمل لها نزيف داخلي شديد هنضطر بسببه لاستئصال الرحم.
سمع يوسف هذا الحديث وتكدست الدموع في عينيه مرةً واحدة لكنه حاول أن يتحدث بنبرة ثابتةٍ بعض الشيء فقال: طيب إحنة يعني لو شيلنا لها الرحم هتبقا كويسة؟
هتف الطبيب بأمل: إن شاء االله، أنا هحاول أعمل الي عليا والباقي بقا على ربنا، وإن شاء الله تكون والدتك عندها قوة إرادة تقدر بيها إنها تعدي المرحلة دي وتفوق بسرعة.
قالَ هو بدعاء: يا رب يا دكتور.
أكمل الطبيب حديثهُ بنبرةٍ عملية: معلش حضرتك هتمضي على إقرار علشان نشيل لها الرحم بما إن زوجها مش موجود.
على فكرة المستشفى حررت محضر بالواقعة ولما الوالدة تقوم بالسلامة هياخدوا أقوالها وأكيد هيخدوا أقوالكم بردو في الي حصل.
لم يعلق يوسف على حديث الطبيب ووقع على الأوراق بيدٍ مرتعشة ثم تقدم الطبيب خارجاً من المكتب شارداً في طريقة لإبلاغ سندس بما حدث.
....................
في منزل عمرو الألفي: كانت ليلى تجلس شاردة، من يمنى؟
هل يعرف عمرو والدة يوسف؟
لماذا لم يرد على أسئِلَتها؟
لا بد أن ترى عمرو في زيارةٍ عاجلة كي تفهم منهُ كل شيء.
دخلت عليها حور وهي في نفس جَلسَتِها فقالت لها حور بتساؤل: ماما، ممكن تقولي لي االحقيقة.
ممكن يا ماما أعرف بابا فين أرجوكي.
بابا كان صوته مش طبيعي وهو بيكلمني.
دا غير إن كل الأجواء حوليا مش طبيعية.
أرجوكي يا ماما عرفيني علشان ما أتفجئش بأي حاجة بعدين.
لم تجد ليلى مفراً من معرفة حور بالحقيقة وخصوصاً بعد ما قاله عمرو لها أن الموضوع سيطول فقالت في هدوءٍ حاولت صبغه على نبرتِها بشَق الأنفس: بابا دلوقتي يا حور بيمر بمحنة كبيرة. لم تستطع الحفاظ على هدوء نبرَتِها أكثر فأكملت حديثها بصوتٍ يوشكُ على البكاء: متهم بجريمة قتل وحدة اسمها أماني.
شهقتْ حور بعنفٍ وامتلأت عينيها بالدموع وهي تقولُ بصوتٍ متقطع من أثر البكاء: قتل، بابا يقتل، دا لا يمكن أبدا، ثم أماني مين؟ إحنة ما نعرفش حد بالاسم دا.
ردت ليلى ببكاءٍ أكثر، بكاء على عمرو، وبكاءٍ منه، وبكاءٍ على كرامتِها المهدرة بمعرفتِهِ بواحدة كأماني: مش عارفة إذا كان بباكي يعرف الست دي قبل كدة ولا لا.
بس الي أنا متأكدة منه إن بباكي فعلا لا يمكن يقتل.
ردت حور بأملٍ وهي تحاول أن تجفف دموعَها: إن شاء الله بابا هيطلع من الموضوع دا بسرعة لإن بابا أكيد ما يعرفش الست دي.
هتفت ليلى بشرح: بابا بيقول الموضوع شكله مطوِل شوية، مش عارفة ليه.
هتفت حور بتساؤل: طب ما تكلمي المحامي الي كان هنا مش المفروض هو يشرح لنا مش هو كان معاه؟
بكت ليلى أكثر بسببِ تذكُرِها لمكالمة عمرو التي ذكر لها فيها اسم يمنى والدة يوسف ولم يشرح لها أي شيء آخر فقالت: والدة يوسف تعبت وراحت المستشفى وهو اضطر يحصلها وتقريبا ما رحش مع بباكي.
هتفت حور بلهفة: طيب يا ماما كلميه دلوقتي اسألي على والدته وخليه يروح يشوف إيه الحكاية عند بابا.
أخرجت ليلى هاتفها ثم هتفت بتذكر: أنا مافيش معايا رقم تليفونه، هكلم مكتب أستاذ أكرم وهو يروح يشوف إيه الحكاية.
هتفت حور بلهفة أكثر: خلاص كلميه يلا.
رفعت ليلى سماعة الهاتف وأدخلت رقم مكتب أستاذ أكرم علي في انتظار الرد.
أتاها صوتٌ من الطرف الآخر قائلاً: مكتب أستاذ أكرم علي، مين معايا يا فاندم.
هتفت هي بنبرتها الإرستقراطية المعتادة: أنا ليلى الجندي، مدام دكتور عمرو الألفي، وكنت عايزة أكلم أستاذ أكرم.
رد الطرف الآخر باحترام: دقيقة واحدة يا فندم.
انتظرت ليلى رد الأستاذ أكرم عليها بفارغ الصبر وكانت سعيدة لأنها لن تضطرَ للحديث مع يوسف كما طلبَ منها عمرو.
أتاها صوت أستاذ أكرم مرَحِباً: أهلا، أهلا يا ليلى هانم.
أخبارك إيه؟
هتفت هي بلهفة: أنا بخير الحمد لله يا أستاذ أكرم، المهم عمرو.
هتف بحزن: قلبي معاكِ يا ليلى هانم، أنا والله انشغلت وكنت لسة هكلم يوسف أشوف عمل إيه في التحقيق.
هتفت هي موضحة: يوسف والدته راحت المستشفى وهو كان عندي وغالباً ما رحش التحقيق مع عمرو، وعمرو كلمني من شوية وبيقول الموضوع هيطول.
كمان هو قالي إنه مش مرتاح ليوسف، وإنه يفضل إن حضرتك الي تحضر معاه.
هتف هو بأسف: أنا آسف جدا ما كنتش أعرف إن الدكتور حضر التحقيق لوحده، بكرة إن شاء الله هروح أحضر معاه، وأشوف موضوع يوسف دا إيه.
هتفت ليلى بشكر: ما أتحرمش منك يا أستاذ أكرم، أنا مش عارفة أشكر حضرتك إزاي والله، بس يا ريت لما تروح معاه تطمني، لإن هو قلقني جدا في المكالمة.
هتف هو بنبرة مطمئنة: ما تقلقيش حضرتك، هو بس الدكتور علشان مش متعود، أنا هروح له بكرة إن شاء الله، وأطمن حضرتك بأخبار حلوة.
هتفت بامتنان: خلاص وأنا في انتظار زيارة من حضرتك تطمني فيها على الأمور، ويا ريت تحاول تعمل لي زيارة عاجلة علشان أشوفه.
هتف بموافقة: هحاول كدة أشوف الموضوع دا وهرد على حضرتك بكرة إن شاء الله.
ثم أكمل منهياً الحوار: مش محتاجة أي حاجة تانية يا ليلى هانم؟
ردت بامتنان: محتاجاك تطمني على عمرو بس يا أستاذ أكرم، ما أتحرمش منك أبدا، عايز حاجة؟
رد بهدوء: إن شاء الله يا ليلى هانم، لا شكرا مع السلامة.
انتهت المكالمة لتقول حور بتساؤل: ماما هو بابا قال لك إنه مش مرتاح ليوسف؟
ردت هي في هدوء: لا بس أنا شايفة إنه سنه صغير ومعندوش خبرة وبباكي محتاج لمحامي كبير وعنده خبرة زي الأستاذ أكرم.
قالت حور باقتناع: معاكي حق يا ماما، أنا هقوم أنام علشان عندي جامعة بدري، بس هحاول أرجع بسرعة علشان أطمن معاكي على بابا.
هتفت هي بهدوء: لا يا حبيبتي ما تسبيش محاضراتك، أنا هطمنك على بابا لما تيجي.
وأصلاً ممكن أستاذ أكرم ما يجيش دلوقتي.
ردت حور بموافقة: خلاص تمام يا  ماما، لو في عندي حاجة مهمة هحضرها.
ثم استطردت بحذر: ماما، لو كريم سألني في أي حاجة هقول له إيه؟
هتفت ليلى في هدوء: طبيعي بباكي راجل مهم، وأكيد القضية هتتنشر، ولو كريم بيحبك هو هيكون أول واحد يقف جانبك، فانتي استني والمواقف هي الي هتبين.
هتفت حور في جزع: لا يا ماما، أنا مش عايزة كريم يسيبني.
أنا بحبه قوي يا ماما وما صدقت ألاقي سبب أتغير علشانه.
هتفت ليلى بحنان: حور يا حبيبتي، التغيير الي بتتكلمي عليه دا لازم يكون علشان نفسك مش علشان كريم أو غيره.
يعني انتي بتتغيري للأحسن علشان ترضي ربنا ولا  علشان ترضي كريم.
هتفت حور بسرعة: لا طبعا علشان أرضي ربنا، بس  بردو كريم دافع قوي، وبعدين أنا بحبه فعلا يا ماما، ومش عيزاه يسيبني.
هتفت ليلى بأمل: أنا حساه شاب محترم وملتزم وإن شاء الله مش هيسيبك وهيطلع جدع ويقف جنبك في شدتك.
ثم هتفت بنبرة أقوى: بس لو دا ما حصلش مش هنقف عنده كتير يا حور، وساعتها هتعرفي إنه ما كنش يستاهلك من البداية.
هتفت حور باضطراب: إن شاء الله كريم مش هيسيبني.
هتفت ليلى منهية الحوار: إن شاء الله يا حبيبتي.
يلا قومي بقا علشان تلحقي تنامي وتصحي بدري للجامعة.
ودعتها حور بنبرة خائفة من القادم: تصبحي على خير يا ماما، وادعيلي.
هتفت ليلى بدعاء: ربنا يقدم لك الي فيه الخير يا حبيبتي.
....................
دخل سيف وآدم مكتب سيادة اللواء ليجدوا جميع أفراد الفريق في انتظارهما، ضربا الأرض بقدميهما مؤديان التحية العسكرية قائلان باحترام: تحت أمر حضرتك يا فندم.
هتف سيادة اللواء بنبرةٍ رخيمة: اقعدوا علشان إحنة داخلين على مهمة خطيرة ولازم تتعاونوا فيها كلكوا سوى.
جلسا بجوار باقي أعضاء الفريق فأكمل سيادة اللواء شارحا:رفعت الدهان، رجل الأعمال المعروف.
رد أدهم  بتفهم: غني عن التعريف طبعا يا فندم، بس ماله دا؟
هتف اللواء بنبرة حازمة: أدهم لو سمحت ماتقطعنيش قبل ما أخلص كلامي.
ضحك سيف بصوتٍ منخفض هامسا لآدم بشماتة: أحسن يا رب يترده من الاجتماع خالص.
لم ينظر إليه آدم وكان كامل تركيزه مع سيادة اللواء الذي أكمل شارحا: رفعت الدهان دا عنده شركات كتير للاستيراد والتصدير زي ما كلكوا عارفين.
هز الجميع رؤوسَهم دليلاً على المعرفة فأكمل قائلاً: للأسف الشديد إحنة وصلت لينا معلومات إن رفعت بيستغل البنات الي في الملجأ الي هو فاتحه وبيبيعهم مع البضاعة، كإن دا هو الحاجة الأساسية لشغلنته، دا غير إنه بيدخل للبلد كمية سلاح كبيرة كصفقات باسم منتجات تانية هو شغال فيها.
المرة دي بقا هو راسم على صفقة تقيلة. هيبيع 24 بنت ما بين سن 14 لحد سن 18 للجمعات التكفيرية وهيدخل كميات سِلاح كبيرة من روسيا وهيبيعها في سيناء.
شهق آدم مذهولاً: كل دا.
بينما هتف أدهم: وطبعاً حضرتك عايزنا نقبض عليه.
بينما هتف سيف موضِحاً لا يا حضرتْ الظابط سيادة اللواء يُقصد إن إحنة هنراقبه ونقبض عليه متلبس بجريمته.
هتف اللواء مستحسِناً: مظبوط يا سيف، الراجل دا ماحدش عارف يمسك عليه حاجة، وبيطلع من كل حاجة زي الشعرة من العجين، ولازم نقبض عليه المرة دي متلبس علشان مايقدرش يطلع منها تاني.
هتف آدم بتساؤل: بس المعلومات الي حضرتك ذكرتها دي مش كافية بيتهيألي إننا لازم نجمع معلومات إضافية تساعدنا نقبض عليه.
هتف ماجد وهو أحد أعضاء الفريق: وكمان لازم نجند حد من دايرته يساعدنا.
هتف اللواء قائلاً: هو ليه ابن أخ اسمه كريم، تقريبا شغال معاه، ويعرف عنه كل حاجة.
هتف أدهم مقاطعاً: كريم دا بقا هو الي هيساعدنا؟
هتف ابلواء بنبرة حازمة: اخرج برة يا أدهم، دي تاني مرة أقول لك فيها ماتقاطعنيش.
وقف أدهم ضاربا الأرض بقدميهِ هاتفاً باعتذار: أنا آسف يا سيادة اللواء مش هتتكرر تاني.
تركه اللواء واقفاً ثم أكمل حديثه قائلاً: كريم دا راح يخطب بنت والبنت دي المفروض نجندها علشان تساعدنا.
هتف سيف  بتساؤل: هنجندها إزاي طيب.
رد اللواء عليه باستنكار: وهو أنا الي هقول يا حضرت الظابط، أومال انتو دوركوا إيه؟
هتف ماجد قائلا: طب هو كريم دا معندوش أخوات أو رفعت نفسه ماعندوش أولاد نجندهم يسعدونا؟
هتف اللواء موضحا: رفعت كان متجوز وحدة أمريكية يهودية قبل كدة أيام سفره، وهي عايشة في أمريكة بتدير أعماله الي هناك، ومعاهم ماجي بنتهم، وهو بيروح ليهم من وقت للتاني.
أما الي بيعتمد عليه في مصر هو كريم.
فهمتم؟
سأله ماجد مرةً أخرى: طب هو كريم دا مالوش أخوات؟
أجابه اللواء موضِحا: ليه أخت اسمها بسمة في كلية حقوق، ووالدته كمان عايشة معاهم، أما والده فمتوفي من زمان، وعمه رفعت هو الي رباه.
سأله آدم قائلا: طب ليه منخليش بسمة تساعدنا؟
أوضح له اللواء وِجهةَ نظرهِ قائلاً: بسمة ماتنفعش، جايز جدا تكون عارفة كل حاجة عن نشاط عيلتها، وساعة ما حد فينا يتواصل معاها تضللنا بالاتفاق معاهم، ويبقا كل تعبنا راح على الفاضي.
في نسبة مغامرة كبيرة في تجنيد بسمة.
هتف أدهم معترضاً: طب ما جايز البنت الي هيخطبها هي كمان تكون عارفة عنه كل حاجة.
هتف اللواء موضحاً: لا هي ما تعرفش عنه حاجة.
هو كان بيمثل عليها الالتزام الفترة الي فاتت علشان يوصلها ودا بالاتفاق مع مجموعة من أصدقاءُه في الجامعة.
كمان لما عرضها على عمه رفعت شجعه على الخطوة دي.
علشان مستقبلاً يخلوها تشتغل معاهم في استدراج بنات من خارج الملجأ.
أومأ الجميع برُؤوسهِم أخيرا دليلاً على تفهمهم الكامل لما هم مقبلون عليه فهتف اللواء وهو يقف منهيا الاجتماع قائلا: هتجتمعوا بقا مع بعض برئاسة أدهم طبعاً وتضعوا خطة مناسبة لتجنيد البنت دي وبعدين نجتمع تاني بعد إسبوع تعرضوا عليا وصلتوا لإيه.
وقف الجميع احتراما له ضاربين الأرض وهتف آدم في تساؤل: هي مين البنت دي صحيح؟
رد عليه اللواء قائلاً: حور عمرو الألفي.
....................
وصل عمرو إلى القسم أخيرا وكان مكبلاً بالأصفاد يقوده العسكري حتى فتح باب زنزانته وأدخله فيها ثم فك قيوده قائلاً: مش عايز أسمع دوشة يا متهم ماشي.
تجاهله عمرو تماما وجلس على الأرض شارداً في يمنى.
يمنى التي لا يعرف ما الذي جرى لها؟
لماذا هي في المشفى؟
آه يا يمنى لماذا يشعر أنه كل يومٍ يُحِبها أكثر دون أي أملٍ في نسيانِها؟
أنا يوسف عبد الله.
تذكرها بصوت يوسف ليتذكر اسم عشيقِها عبد الله.
هل تزوجت به فعلا؟
هل أنجبت منه أيضا؟
أم أن يوسف هو ابنه فعلاً.
لماذا إذن سمته على اسم عشيقِها؟
لهذه الدرجة أصبحت لا تطيقه؟
استفاقَ من شرودِهِ على صوت الباب وهو يفتح من جديد والعسكري يخاطبَهُ بغلظة: قوم يا متهم، حضرت الظابط عايزك.
قام معهُ مرةً أخرى فوضع الأصفاد في يدهِ من جديدٍ واقتادهُ إلى مكتب آدم.
جلس آدم في مكتبهِ شارداً في المهمة الجديدة وما الذي يجب عليهم فعله حتى سمع طرقاتٍ على الباب أزن لصاحبها بالدخول فدخل العسكري مؤدياً التحية العسكرية وهاتفاً باحترام: الورقة دي من رؤيس النيابة بخصوص المتهم الي عندنا يا فندم.
أعطاه الورقة وهو يقول: حضرتك تأمرني بحاجة تاني؟
هتف هو قائلاً: هو رئيس النيابة قال لك تديها لي أنا؟
أوضح له العسكري هاتفاً: لا يا فندم هو قال لي أديها للظابط االموجود وحضرتك الي موجود نبطشية النهاردة.
فض آدم الورقة ليقرأ قرار رئيس النيابة باستدعاء عمرو أحمد الألفي من محبسه غداً في الساعة السابعة مساءً إلى سرايا النيابة ومثولُه  لاستكمال التحقيقات.
أعاد نظره على الاسم مرةً أخرى ثم قال في نفسه: مش دا أبو البنت الي سيادة اللواء كان لسة بيقول عليها من شوية.
حسم أمره قائلاً للعسكري: هات لي المتهم دا عندي هنا في مكتبي.
استفاقَ من شروده على طرقاتٍ على الباب أتبعها دخول العسكري ومعه عمرو الذي تبدو عيه علامات الإجهاد والهم.
هتف العسكري وهو يضرب الأرض قائلاً: المتهم يا فندم.
أومأ له برأسه آمراً إياه بالانصراف فخرج مغلِقا الباب خلفه فالتفت آدم بنظرِهِ إلى عمرو قائلاً:
تعرف حد اسمه كريم الدهان؟
أجابهُ عمرو باستغراب: آه كان المفروض يتقدم لبنتي. بس ليه؟
سأله آدم مرةً أخرى: وتعرف عن كريم الدهان دا إيه يخليك تدي له بنتك؟
أجابه عمرو بنفس استغرابه: هو ماكنش لسة اتقدم ليها وأنا لما كان هيتقدم كنت هسأل عليه، دا غير إنه من عيلة كبيرة ومعروفة وعمه يبقا رفعت الدهان رجل الأعمال المعروف والي سمعته لا غبار عليها.
هتف آدم بعصبية: رفعت الدهان الي بتمدح فيه دا حضرتك تاجر سلاح وكمان بيبيع البنات الي عنده في الملجأ وبيتاجر بيهم لحسابه.
بهت عمرو في مكانهِ قائلا: معقول!
رد عليه آدم بنفس نبرته: وهو معقول حضرتك تعرف واحدة زي أماني؟
لم يجد عمرو رداً مناسبا لفترة ثم أردف قائلاً بهدوء: طب وكريم يعرف حاجة عن أعماله دي؟
فاجأَهُ آدم بسؤالهِ قائلاً: انت قتلت أماني فعلا يا دكتور؟
لم يفهم عمرو لوهلة سبب سؤاله لكنه رد عليه في النهاية بنبرة صادقة: والله ما قتلتها.
أنا فعلا كنت أعرفها لكن والله ما قتلتها.
عاد آدم يقولُ مرةً أخرى: بس الأدلة كلها ضدك يا دكتور.
أجابه عمرو بنبرة متألِمة: عارف، بس أقسم بالله أنا ما قتلتهاش.
والبواب الي بيقول إنه شافني خارج من عندها ساعة الجريمة دا كذاب.
والله كذاب.
هتف آدم مرةً أخرى: ممكن تحكيلي آخر مرة شوفتها فيها إيه الي حصل يا دكتور؟
سأله عمرو أخيرا: هو دا إيه علاقته بالي سألتهولك من شوية عن كريم.
رد آدم بغموض: لما تحكيلي وأصدقك أكيد هجاوب على كل أسئلتك يا دكتور.
تململ عمرو في وقفتهِ مفكراً ثم قال بنبرة محرجة: أماني كان معاها صور وفيديوهات حقيقية ليا عن حاجات خاصة ما تنفعش كانت بتجمع ما بيني وبينها.
وأنا في الفترة الأخيرة قررت أبعد عن أماني وعن كل حاجة ليها علاقة بالعالم دا.
لكن أماني افتكرت إن أنا بعدت عنها علشان أروح لوحدة تانية فهددتني بالصور والفيديوهات الي معاها.
وطلبت مني 10 مليون جنيه علشان ما تفضحنيش بيهم في الجرايد وعند مراتي.
ولدرجة إنها فعلا جت لي البيت وأنا قابلتها عنده واتخانقنا وأنا قولت لها إني هاجي أجيب لها الفلوس.
صمت بتعبٍ فسأله آدم مترقِباً: وروحت لها يا دكتور؟
أخفض نظره إلى الأرض قائلاً بنبرة متألمة كسيرة: أيوة روحت، بس والله ما قتلتها.
هتف آدم بحزم: بص لي يا دكتور واحكي لي إيه الي حصل بالظبط.
رفع بصره إليه مرةً أخرى ليهى آدم في عينيه نظرةً كسيرة لم يستطع إخفااءَها ثم أردف عمرو قائلاَ،
فلااااااااااااش بااااااااااااك.
قرر أن يذهب إليها أخيرا وينهي هذه القصة تماما.
سيدفع لها ما أرادت نظير الصور والفيديوهات التي بحوزتها.
سمِع صوت هاتفهِ فنظر إلى الشاشة بتأففٍ قائلاً في نفسه: مش وقتك خالص يا ليلى، ثم فتح الخط ليرد قائلاً بسرعة وقد وصل أمام باب شقة أماني: ليلى حبيبتي، أنا عندي عملية وهضطر أبات في المستشفى جنب المريض، سلام دلوقتي.
لم يمهلها فرصة للرد عليه وأغلق هاتفهُ تماما ثم ضرب جرس الباب بإصرار.
فتحت له أماني الباب أخيرا قائلاةً بغموض: يا أهلا وسهلاً بالدكتور الهمام، نورتنا يا راجل.
دفعها بخفة ليدخل الشقة ويغلق الباب خلفه قائلاً: أنا جيت علشان نتفاهم يا أماني.
قالت هي بغضب: انت ما جبتش الفلوس يا عمرو؟
رد عليها بنفس غضبِها: جبتهم يا أماني بس أنا لازم آخد الحاجات الي بتهدديني بيها قبل ما أمشي.
هتفت هي بهدوءٍ مريب: أيوة طبعا يا حبيبي أومال إيه، دا مش اتفاق؟
هتف هو مشمئزا: طيب هاتي الحاجة بقا وخدي الشيك أهو.
تناولت منه الشيك بسرعة ونظرت فيه لتجده كما أرادت فخبأته في ملابِسِها وهتفت قائلة: طب مش هتدخل نشِب حاجة الأول.
هتف رافضا: لا مش عايز هاتي الحاجة وبس.
فاجأتهُ ضربةٌ على رأسِه من الخلف أفقدتهُ الوعي.
استفاق بعد قليل على يدٍ قزرةٍ تعبث بجسدهِ ورائحة خمرة قوية جعلته يفتحَ عينيه مرةً واحدة ليجد عدسات الكميرا مسلطةٌ عليه ورجلٌ يُكبِلَ حركته ويمارس معه شيءً بشعاً بينما هو عاري تماما ومقيدٌ بأصفادٍ في الفراش.
صرخ من الرعبِ قائلا: أنا فين؟ انتو بتعملوا إيه؟ يا أماني. ابعد عني يا حيوان.
كتم الرجلُ حديثهُ بفمه بينما ازدادَ عنفاً معه دون أن يقدر عمرو على مقاومته، فيداه وقدماه مكبلتان بأصفاد حديدية. بينما ترك فمهُ أخيراً قائلاً له ففحيح: هي أماني ما قالتلكش على باقي الاتفاء ولا إيه.
قرب نفسهُ إليه أكثر ثم أكملَ قائلاً: شكلها كدة ما قالت لكش.
أنا يا سيدي باقي الاتفاق.
أنا صاحب أماني من زمان.
وكنت بشوفك كتير وانت معاها.
وأكيد فهمت من خلال تصرفاتي معاك دلوقتي إنك داخل مزاجي.
فهتهدا كدة يا شاطر ومتعملش شوشرة لحد لما أخلص هتبقا صاحبي وحبيبي وكفاءة.
وهتاخد كل حاجتك وانت ماشي.
إنما بقا هتعند معايا هعمل بردو الي أنا عايزه بس قبل ما أسيبك تمشي هيكون المشهد دا منشور على كل المواقع الخاصة والعامة.
أمسك بذقنهِ موجها نظره ناحية الكميرات قائلاً: أعتقد إنك أول ما فقت لمحت عدسات الكميرات الي مصلطة عليك. مش  كدة ولا إيه؟
لم يمهلهُ الرد حيث كتم حديثه مرةً أخرى بينما كان عمرو ينتفض من الخوف ومن الذل.
نزلت دموعه غزيرة من عينيه وحاول أن يتحدث متوسلا إياه تركه لكن دون فائدة، فلم يعطي له فرصة حقيقية للحديث إلا بعد ما انتهى منه تماما ثم تركه كما هو وقام واقفاً وهو يقول: إحنة لسة مخلصناش بالمناسبة لحسن تفتكر إن إحنة خلصنا.
أنا بس هرتاح شوية وانت كمان ترتاح وهرجع لك تاني.
بكى عمرو قائلاً بصوتٍ كسير: أرجوك، مش عملت الي انت عايزه. أرجوك سبني أمشي من هنا.
ضحك هو باستفزازٍ قائلاً: مين قال لك إني عملت الي أنا عايزه.
انت عدوي طول عمرك.
ومهما عملت مش هيكفي حاجة من حقدي عليك.
طبعا إنت دلوقتي ما تفتكرنيش.
لكن أنا فاكرك كويس قوي.
من يوم ما خدت الحاجة الي تخصني.
انت في الآخر سبتها لي إيه.
سبتها ناقصة.
خدت انت الأهم وبس.
إنما أنا أخدت الفتات.
لم يفهم عمرو ما يقوله ولم يهتم حيث هتف مترجيا: أرجوك انت دمرتني بما في  الكفاية أرجوك كفاية كدة.
هتف هو بشماتة: ولسة يا دكتور.
دي حاجة بصيطة قوي من الي لسة هتشوفه.
الي جاي كله سواد يا دكتور.
الي جاي كله مش هتتوقعه.
ثم أجهز عليه مرة أخرى ليعيد الكرة من جديد، ولكن بشكل أعنف من سابقتها.
بقى على هذه الحال أكثر من إسبوع ذاقَ فيه كل أشكال الذل والهوان.
لم يتركهُ البغيض لحظةً واحدة إلا أثناء النوم والذي لم يكن ينامه عمرو بالطبع إلا فاقداً لوعيه، والذي لم يكن يتعدى ثلاث أو أربع ساعات، أو ليجلِسَهُ بالإجبار ليطعمه غصبا مسمِعاً إياه أبشع الكلمات.
وفي أحدى نوبات فقدان وعيهِ المتكررة بسبب قلة ما يأكله والعنف الذي كان يمارس معه استفاق ليجدَ نفسهُ ملقاً على قارعة الطريق بكامل ملابسهِ وبجواره حافظته الشخصية فقط.
فتح عينيه بألم متفحصاً المكان حوله بشكٍ ثم اطمأن أنه وحيداً فتحسس جسدهُ بحذر ليجد نفسه بكامل ملابسهِ التي أتى بها منذ عدة أيام.
نظر بجواره ليجد حافظة نقوده ففتحها ليجد الفيزة وبطاقته الشخصية وورقةً مطويةً بعِنايةٍ وبعض الأوراق المالية القليلة.
فتح الورقة ليقرأ ما كُتِبَ فيها لتجد الدموع سبباً للهطول الذي كانت تطوق إليه: فاتك دلوقتي صحيت وبتقرا الورقة.
طبعا مستغرب إن مافيش صورك وفيديوهاتك القديمة والجديدة بس اطمن هما كلهم معايا وأنا طبعا زي ما انت عارف مش عايز فلوس.
طول ما انت بتسمع الكلام في كل مرة هتلاقي نفسك معايا فيها طول ما هيفضلوا في الحفظ والصون.
إنما أول ما تفكر تسوق اللوع هتلاقيهم ماليين المواقع.
تمام يا دكتور.
سبت لك فلوس كويسة تروح بيها.
دفتر الشيكات معايا لو عايزه وباقي على فلوسك هتلاقي عنوان في آخر الورقة تعالى خده من هناك بعد ما تسترد صحتك.
يعني في خلال 3 أيام كدة.
آه كان في حاجة في المحفظة تخصني أخدتها فما تسألنيش عليها. سلام يا عسل.
مزق الورقة إلى أشلاءٍ وهو يهتف بقهر: حسبي الله ونعم الوكيل، حسبي الله ونعم الوكيل، ثم تحولت نبرته إلى البكاء الشديد وهو يواصل هتافه المتألم: حسبي الله ونعم الوكيل.
تمالك نفسه بعد فترة طويلة عندما سمع صوت أذانٍ من مسجد يبدو أنه قريبٌ منه رجح أن يكون ذان الفجر نظراً الظلمة التي تحيط به.
فقام من مكانه بتثاقلٍ متناولا حافظته التي لم يهتم بإغلاقها كما فتحها ووضعها في جيبه وسار ببطأ ناحية الصوت الذي كان ينزل على قلبِهِ في سكينة تقريبا يشعر بها لأولِ مرة.
وصل إلى المسجد أخيرا ليدخله دون أن يلقي السلام ويتوجه إلى المرحاض فورا غارقا الباب خلفه خالعاً كل ملابسه واضعا نفسه تحت الماء البارد الذي لم يكن متناسبا تماما مع سخونة دموعه التي عادت للإنهمار من جديد بمجرد أن لامس الماء جسده.
تمالك نفسهُ أخيراً واغتسلَ جيداً ثم توضأ وأسبغ الوضوء وارتدى ملابسهِ مرة أخرى على عجلٍ ليخرجَ على صوتِ إقامة الصلاة فيقف في الصف مستقبِلا القِبلة ورافعا يده قائلا خلف الإمام بكل ما استشعرهُ من قوةٍ: الله أكبر.
نعم الله أكبر من كل ما حدث.
الله أقدر على أن يرد حقه.
ثم عندما حان وقت السجود سجد وبكى بشدة وهو يقول: حسبي الله ونعم الوكيل.
فرغَ من صلاتهِ أخيرا وهو يدعو ربهُ قائلاً: يا رب أنا مش حِم دا تاني.
يا رب أي حاجة أي حاجة تخلصني من دا.
يا رب ارحمني وسامحني وخلصني من دا.
ثم تهدج صوته قائلاً ببكاء: يا رب خد لي حقي.
يا رب وريني فيه عجائب قدرتك.
يا رب انصرني عليه.
حسبي الله ونعم الوكيل.
جلس في المسجد لفترة طويلة وهو يناجي ربه حتى طلب منه الشيخ أن يخرج لأنه سيُغلِقُ المسجد فخرج على مضدٍ سائلاً الشيخ بهدوء: أومال إحنة فين هنا؟
رد الشيخ باستغراب: معقول يا ابني مش عارف انت جاي فين ولا رايح فين.
هتف هو بابتسامة مهتزة: معلش بقا يا شيخنا الغريب أعمى ولو كان بصير.
ضحك الشيخ بسماحة قائلاً: إحنة يا ابني في الطريق الصحراوي وأنا بيتي قريب من هنا علشان أنا فاتح قهوة صغيرة كدة على قدي آكل منها أنا وأم العيال وأساعد المسافرين الي زي حالاتك كدة وعملنا الزاوية دي علشان نصلي فيها والي معدي من هنا زيك كدة يصلي فيها بردو.
ثم استدرك قائلااً بتساؤل: ألا صحيح يا ابني، انت اسمك إيه؟ وجاي منين؟ ورايح للى فين كدة؟
هتف هو في هدوء: عمرو.
أما جاي منين فمعرفش.
أما رايح على فين فبردو معرفش.
استغرب الشيخ من ردوده فقال بابتسامة مداعِبة: لا دانت حكايكتك حكاية يا عمرو.
أنا الشيخ ياسين تعالى يا عمرو معايا نفطر وأعرف حكايتك إيه بقا.
رد عليه بإحراج: لا مالوش لزوم، لما حد يعدي إن چاء الله هروح معاه.
هتف هو بإصرار: لا والله ما يحصل أبدا انت هتيجي تفطر معايا علشان يبقى عيش وملح وهتقعد وترتاح لحد ما يطلع النهار وبعدين نشوف انت رايح فين ونشوف حد يوصلك.
ثم لم يعطيه الفرصة للاعتراض وسحبه من يدهِ قائلا بإصرار: يلا يا عمرو ولا انت بخيل ولا إيه؟
يعني لو جيت لك مش هتردهالي.
ذهب معه أخيرا وجلس عنده لفترةٍ طويلةٍ استعاد فيها بعضاً من هدوءِ نفسهِ ثم شكره على حسنِ الضيافةِ أخيرا وتوجه معه لأقرب موقف للسيارات ليسافر إلى القاهرة من جديد.
باااااااااااااااك.
صُدِمَ آدم مما سمع بينما قدما عمرو لم تعد تحملانهُ من هولِ ما حكى على نفسه فاستند إلى الجدارِ صامتاً.
انتبه آدم من شروده أخيراً فسألهُ بحذر: ما روحتش لأماني تاني بعدها؟
أجابه بهدوءٍ: لا يا دوب وصلت وروحت بيتي ونمت على طول، وتاني يوم روحت المستشفى علشان اتصلوا يبلغوني بحالة طارئة وإنهم محتاجيني فيها ضروري.
وبعدها حضرتك جيت بعد ما أنا خلصت العملية مباشرةً.
سأله آدم مرة أخرى: الورقة الي كان كاتب لك فيها الكلام دا معاك؟
رد بمرارة: لا للأسف قطعتها.
سألهُ من جديد: طيب ما عرفتش اسمه إيه خالص طول الإسبوع الي قعدته هناك.
أجابه بألم: لا.
عاد لسؤالهِ قائلاً: طيب من خلال الي حكتهولي ما عرفتش من كلامه هو يبقا مين.
يعني مثلاً إيه الحاجة للي كانت تخصه في محفظتك وهو خدها.
رد بشرود: معرفش ماهتمتش أدور، أو ما كنش فيا دماغ أدور.
قال له آدم مرةً أخرى: ركز يا دكتور، هي محفظتك كان فيها إيه بالظبط.
هتف بتلقائية من يعرف ما تحويه محفظته من كثرة ما تعود على النظر إليها: دفتر الشيكات، والفيزة، صورة يمنى، صورة لحور بنتي، وحبة فلوس فكة يعني، وتليفوني، وأحياناً مادلية مفاتيحي، وبس.
سأله هو مرةً أخرى: والمحفظة كان فيها إيه لما لقيتها يا دكتور؟
أجاب بمرار: حبة فلوس تقريباً كانواا حوالي 300 جنيه والورقة الملعونة دي والفيزة الي بالمناسبة كانت من غير رصيد لما حاولت أسحب منها فلوس علشان أعرف أسافر بيها القاهرة واستلفت وقتها 300 جنيه كمان من الشيخ ياسين.
هتف آدم بفهم: يعني دفتر الشيكات والصور والتلفون والمفاتيح ضاعوا صح يا دكتور؟
أجابهُ موافقاً: مظبوط، والمفاتيح أنا كان معايا منها نسخة تانية في البيت ويوميها أنا غيرت كل الكوالين.
لكن طبعً ما روحتش جبت العربية من مكان ما سبتها واستخدمت القديمة الي كانت عندي الصبح وأنا رايح المستشفى.
هتف آدم فجأة: هي مين يمنى دي يا دكتور؟
أجابهُ باستغراب: مين يمنى؟
هتف هو بتوضيح: حضرتك قولت إن صورتها كانت في المحفظة بتاعتك.
هتف بإدراك: كانت زوجتي السابقة.
استغرب آدم كثيراً فلا يعرف أحد أن عمرو كان متزوجاً بامرأةٍ غير ليلى الجندي، ثم قال في هدوء: دكتور عمرو انت عايزني أساعدك.
أومأ برأسهِ بالإيجاب فأكمل آدم قائلاً: يبقى تحكيلي كل حاجة من الأول عن يمنى دي بما إن صورتها ما كانتش موجودة في المحفظة بتاعتك.
كمان كلمني عن أعداء آنسة حور بنتك علشان نقدر نعرف مين الي عمل فيك كدة، لإنه جايز جدا يكون هو نفس الشخص الي قتل أماني.
اعتدلَ عمرو في وقفتهِ مرة أخرى بعد أن كان مستندا على الجدار ثم أردف قائلاً: أنا هحكي لك كل حاجة من الأول.
....................

رواية ولو بعد حين.، الجزء الأولحيث تعيش القصص. اكتشف الآن