الفصل السابع بعد العشرين، الجزء الثاني:

226 127 6
                                    

السﻻم عليكم.
كل عام وأنتوا بخيرٍ. خﻻص النهاردة آخر جمعة من شعبان. أعاده الله علينا بالخير يا رب. ووفقنا لطاعته في رمضان.
ما تنسوش تردوا السﻻم علشان تخدوا 30 حسنة.

عايزة بس أشكر نجوة منصور وسمر أبو الفرح على دعمهم ليا طول الوقت.
حقيقي أنا بتشجع أكتب علشانهم وعلشان تعليقاتهم اللي بتدفعني لقدام.
كمان عايزة أفكركم إنكم لو عايزين أنزل يوم الحد أو اﻷربع مرة استثنائية في اﻹسبوع الجاي وصلوا الرواية دي ل1300 صوت.
واللي فاضل مش كتير.
وأنا لسة عند وعدي.
لو وصلت الرواية دي لألفين صوت هننزل 3 مرات في اﻹسبوع.
يﻻ. همتكوا بقى معايا يا حلوين.
يﻻ مش هطول عليكم.
أسيبكم مع الفصل وأقابلكم تاني يوم رمضان إن شاء الله مع الفصل 28.
ولو بعد حين، الفصل السابع بعد العشرين، الجزء الثاني:
بقصر عمرو اﻷلفي:
دخلت حور على والدتها بالغرفة التي اعتكفت فيها منذ انفصالها على عمرو تهتف بإشفاق:
ماما يا حبيبتي. عاملة إيه دلوقتي؟
تنهدت ليلى بألم:
قطعت كل طريق للرجوع بيننا يا حور.
أنا وباباكي ما عدناش ننفع لبعض خﻻص.
تنهدت حور هي اﻷخرى بحزنٍ تشاطرها نفس اﻷلم بهتافها المعاتب:
ولما حضرتك يا ماما مش قد الانفصال عن بابا استعجلتي ليه؟
علشان كل اﻷدلة كانت بتقول إنه قتلها.
علشان كل اﻷدلة كانت بتقول إني فضلت طول السنين دي مغفلة ونايمة على وداني وهو عايش في العسل.
علشان قلبي وكرامتي ثاروا عليا وقالوا لي كفاية بقى.
كفاية كل العمر اللي ضاع وكل الأحﻻم اللي اتهدت على إيديه، وفي اﻵخر عايزني أقف جانبه، وبيلومني على إني طلبت الانفصال عنه.
هتفت بها بصراخٍ ثم أتبعته ببكاءٍ مريرٍ أشفقت حور عليها على إثره فأسرعت نحوها تحتضنها وهي تهتف محاولة التخفيف عنها:
اهدي يا حبيبتي.
أنا ما أقدرش أشوفك كدة والله.
أهم حاجة عندي ترجعي لي زي اﻷول وأحسن كمان.
بادلتها ليلى الاحتضان متشبثةً بها وهي تهتف:
مش بسهولة يا حور.
أنا قلبي مش زرار هضغط عليه هينسى كل حاجة ويعدي أو يتجاوز وكأن مافيش حاجة حصلت.
الأيام اللي فاتت دي أنا كنت مضغوطة قوي قوي، وكنت فاكرة إن انفصالي عن عمرو هيخلي الضغط دا يخف عني شوية بس ما حصلش.
ما تتصوريش أنا حزينة قد إيه.
مش على حاجة واحدة. ﻻ. على حاجات كتير قوي. عمرها ما هترجع وﻻ هتتصلح بمرور الزمن.
أبعدتها حور قليلاً عن حضنها تمسح لها الدموع العالقة بأهدابها وهي تهتف داعمة:
بس أنتي قوية، وتقدري بإذن الله ترجعي أحسن من الأول، ومافيش حاجة تقدر تكسرك وﻻ تهزمك.
اضحكي يا ماما، وكل حاجة بتحصل خير.
إن شاء الله هنفرح تاني والفرح مش هيسيب بابنا.
طرقات مميزة على الباب تعرف ليلى صاحبتها جيداً فهتفت بثقة:
ادخلي يا عائشة.
دخلت عائشة والتوتر يكسو مﻻمحها هاتفة بصوتٍ مرتجف:
ليلى هانم. أحمد بيه والست هنية برة مستنيين حضرتك والست حور وشايطين على اﻵخر.
ليه في إيه؟ يا ساتر يا رب. أنا جاية حاﻻً.
معقول عرفوا؟
هتفت بها حور بتوتر وركبتاها ترتجف ولم تعد تقويان على حملها فجلست على أقرب مقعد قابلها بينما ليلى فهمت أنها تقصد الانفصال فردت ببساطة:
عادي يا بنتي لو عرفوا. إذا كان هما اتبرأوا منه، هيعاتبوني على انفصالي عنه.
دا حتى يبقوا متناقدين.
أنتي متوترة ليه؟
قومي البسي حاجة حلوة كدة علشان نعرف نستقبلهم.
توجهت ببصرها نحو عائشة هاتفة بصرامة:
أنتي لسة واقفة ليه يا عائشة؟
ارتبكت عائشة وهي تهتف:
مستنية حضراتكم تقولوا لي حابين تشربوا إيه؟
هتفت حور بصوتٍ مرتعش ومﻻمحها تنذر ببكاءٍ وشيك:
ليمون.
بينما هتفت ليلى وهي تداري مﻻمحها المنهكة -قدر ما استطاعت- بمساحيق التجميل:
وأنا عايزة قهوتي.
يﻻ شوفيهم يشربوا إيه وما تسيبيهمش لوحدهم كتير.
هتفت عائشة بامتثالٍ وهي تخطو نحو باب الخروج:
حاضر يا ليلى هانم، تحت أمرك.
بعد قليلٍ:
خرجت ليلى وحور متشابكي اﻷيدي بسبب تصميم اﻷخيرة تستمد منها الدعم.
ألقت ليلى التحية فنهضا يحييانها بترحيب.
جلسوا بعد السﻻمات بينما هتف أحمد معاتباً:
كدة يا ليلى. تنفصلي عن الواد من قبل ما أوعيكي.
توعيني!
إزاي يعني يا أحمد بيه؟
مش فاهمة.
هتفت بها ومعالم الاستغراب تكسو مﻻمحها فهتفت هنية بحقد:
لأن الأستاذ اتنازل عن كل أمﻻكه لظابط بوليس.
إيه؟
هتفت بها حور بانزعاج ورأسها يرتد للخلف بصدمةٍ بينما ليلى تستقبل السهم المسموم الذي انغرس في قلبها بنفسٍ صابرة.
ألم يكفه أنه حطم كل شيءٍ جميلٍ بينهما حاوﻻ ترميمه قبل دخوله للسجن؟
ﻻ. بل لم يثق بها وتنازل عن أمﻻكه لشخصٍ لم يعرفه أحد في العائلة.
استفاقت من شرودها على صوت حور الحانق بهتافها:
يعني إيه؟
إزاي بابا يعمل حاجة زي دي؟
إزاي يحط صوابعنا تحت ضرس شخص ما نعرفوش هيذل أنفاسه علشان يرجع له أمﻻكه؟
إزاي يمكن شخص من عيلته بالسهولة دي؟
أكملت هنية بخبث:
ﻻ ومش بس كدة.
دا هو كمان يحق له إنه ييجي من دلوقتي لو عايز ويسكن بيتكم. ويبيع المستشفى والعيادة ويكسب فيهم.
شخص ما حيلتوش أي حاجة ما هيصدق يقب على وش الدنيا.
طب والحل؟
هتفت بها ليلى ببرودٍ فهتف أحمد بشر:
حور تتجوزه وتمضيه على تنازل عن كل الأمﻻك باسمها.
بس مين اللي هيديرهم؟
سألت بها ليلى بقلق فهتفت حور باعتراض:
وهو أنا كنت قلت إني وافقت؟
في إيه يا ماما؟
إحنة هنفرط في ابن رفعت الدهان؟
هتف أحمد بصدمة:
بتقولي مين؟
أردفت هنية بذهول:
دا ابن أكبر رجال اﻷعمال في البلد.
شردت حور عن بقية حديثهم الفخور بها وعن كلمة أحمد الغامضة:
آهي دي الاختيارات اللي تشرف وﻻ بﻻش. مش اختيارات ناس.
ماذا ستفعل مع كريم؟
هي لم تعد تطيق رؤيته حقاً.
لم تتصور نفسها تقف معه بعد ما حدث منه واتفاقه عليها مع علي وأنس.
لم تتصور أنها ستخطب له.
بينما أخرجها أحمد من شرودها هاتفاً بتساؤلٍ قاسٍ:
أﻻ قولي لي يا حور؟
هو ابن الدهان ناوي ييجي يخطبك إمتا؟
يعني علشان نستر على اللي حصل.
هتفت هنية بنفس قسوته:
دا لوﻻ إنك قلت لنا على الصيدة التقيلة ما كانش الموضوع اللي حصل دا هيعدي على خير.
هتفت ليلى باستغراب:
هو في إيه يا هنية هانم؟
أنتوا ليه بتعاملوا البت كدة؟
هو إيه اللي حصل علشان دا كله يخليكوا تكلموها بالشكل دا؟
اسأليها.
هتف بها أحمد بغموضٍ فتوجهت ليلى ببصرها نحو حور بتساؤلٍ لكن حور انفجرت في بكاءٍ مريرٍ هاتفةً بدفاع:
أنا بلغت في القسم عن اللي حصل.
أخو صاحبتي ظابط بوليس وهو هيتصرف في الموضوع دا إن  شاء الله.
....................
فتح العسكري الباب كما أمره آدم لكنه استوقفه بهتافه الوجل:
آدم بيه. ما تجلب ليش مع سيف بيه الله يخليك.
دخل آدم ولم يعقب وأغلق الباب الحديدي بهدوءٍ ثم دخل يبحث عن عمرو، ليجده منزوي في ركنٍ من اﻷركان ويداه وقدماه مقيدتان بإحكام.
بينما رفع الآخر عينيه ليرى من القادم ليبتسمَ تلقائياً عندم وقعت عيناه على آدم.
جلس آدم على اﻷرضية الصلبة بجواره هاتفاً بابتسامةٍ يشوبها عتاب طفيف:
إيه يا دكتور؟
مش تهدا كدة. ممكن أعرف إيه بقى اللي خﻻك تفقد أعصابك بالشكل دا؟
ﻻ وإيه. الحظ السيئ يقف ضدك على اﻵخر وما أكونش أنا هنا ألحق الموضوع.
غالب دموعه وهو يهتف:
مش بإيدي. أنا فجأة لقيتني بضرب فيه.
ما رجعتش لوعيي إﻻ لما الظابط اللي اسمه سيف دا دخل المكتب.
هتف آدم باستغراب:
أيوة يعني ضربته ليه؟
دا رجل غلبان وبيسعى على رزقه.
علشانه. خد مني مراتي زمان. هو اللي اغتصبها وكسرها واستغلوا إنها مالهاش حد ياخد لها حقها.
وهو هواه اللي كسرني وخﻻني مش عارف أعيش من يوم ما مشيت من عند أماني.
شهق آدم بصدمةٍ يسأله:
أنت متأكد؟
أيوة هو. أنا متأكد.
هتف بها بثقةٍ فهتف آدم:
أيوة يعني إيه اللي خﻻك تبقى متأكد كدة؟
أنت مش قلت لي إن الدنيا كانت ضلمة وإنك ما كنتش عارف شكله بوضوح؟
تنهد عمرو بألم وهو يهتف:
ما هو لما تركز في مححتوى رسالته هتﻻقيه بيقول لك إنه خد حاجة من المحفظة كانت تخصه. والحاجة دي هي صورة يمنى.
وطبيعي مين اللي هياخد صورة يمنى غير زوجها اللي هو عبد الله.
صمت قليلاً ثم أردف باعتذار:
أنا آسف. أنا ما كانش ينفع أعمل كدة، بس والله ما دريتش بنفسي غير وأنا بضربه بكل قوتي.
بس أنت كدة كسبت عداوة سيف ومش هيرتاح غير لما تعتذر لعبد الله دا.
على جثتي.
هتف بها بحسمٍ قاطعٍ فهتف آدم بإشفاق:
طب ممكن تهدى خلينا نعرف نفكر.
نفكر في إيه بس؟ أنا متأكد إن لو الزمن رجع بيا تاني هضربه تاني ويمكن أقوى من الأول.
هتف بها بثورةٍ فهتف آدم بهدوءٍ محاوﻻً أن يمتص غضبه:
يا دكتور اهدى. خليك مرن شوية أرجوك.
يعني النهاردة نعتذر له بكرة هو هيتذلل علشان أنت تسمح له يعتذر لك.
انتفض من مكانه بقوةٍ لكن القيود التي تقيد قدميه ويديه آلمته فهتف بغضبٍ عارمٍ:
مستحيل. لو السما انطبقت على اﻷرض مش هعتذر له.
مش هقدر والله.
حاول التقاط أنفاسه وتنظيمها ثم هتف بعد برهةٍ مغيراً دفة الحديث:
كريم كان عندي النهاردة. بالتأكيد هاييجي تاني لأنه ما لحقش يعد معايا.
أكمل آدم عنه بعملية:
وطبعاً أنت عارف هو جاي ليه؟
أكيد علشان يفض الموضوع ويخليني أطلب من حور إنها تبعد عنه.
هتف بها عمرو ببساطةٍ فهتف آدم مصححاً بعد ما أصدر صوتاً معترضاً من فمه:
ﻻ طبعاً.
هو ﻻزم يتجوز واحدة ليها اسمها زي حور بنتك. هتسهل لهم شغل كتير جداً، وكمان ماهيش معروفة لسة في وسطهم، وكمان ما حدش هيشك فيها لأنها مش هتبقى متراقبة من المباحث.
هتف عمرو وقد ساوره القلق على ابنته:
ﻻ. يعني أنا المفروض أوافق على خطوبة حور لكريم؟
ﻻ. مش هقدر أرميها في النار بإيدي.
ابتسم آدم يطمئنه بهتافه:
ما تقلقش يا دكتور.
مين قال لك إن الموضوع هيوصل لجواز؟
إحنة بس عايزينه يثق فيها ويبدأ يبان لها على حقيقته.
وبعدين إحنة هنعرض الموضوع على بنت حضرتك، وهي لو وافقت كان بها، ما وافقتش خﻻص. تواجهه بكل اللي هنقوله لها.
ابتسم عمرو يهتف بثقة:
حور ما بتحبش اللي يخدعها، وبالتأكيد لو دخلت لها من النقطة دي هتحفزها ضده وهتخليها عايزة ترد له القلم.
صمت قليلاً ثم رمقه باستجداءٍ وهو يهتف:
بس أرجوك تخليك معاها خطوة بخطوة ما تسيبهاش. أنا خايف عليها قوي.
حافظ على نفس ابتسامته وهو يهتف بصدق:
يا دكتور اللي بيننا أكبر من إنك ترجوني أحافظ على بنتك.
اﻵنسة حور في عينيا.
صحيح هي هتعدي عليا بكرة، تحب تشوفها؟
ياريت.
هتف بها بشوقٍ ثم أضاف بيأس:
وﻻ بﻻش. هتطلعني أنا اللي سبت مامتها. وأنا مش في حمل أتكلم في مواضيع زي دي دلوقتي.
ابتسم آدم وهو يهتف بعملية:
طب بص أنا بكسب زبون. يعني لو هي عايزة تشوفك بالتأكيد هخليها تشوفك علشان تفضل واثقة فيا.
آه يعني بتبيعني يا حضرة الظابط. طب خليك فاكرها بس.
هتف بها ببعض الدعابة فهتف اﻵخر يرد له دعابته:
ماشي يا دكتور. لما نشوف. دايماً كدة أنا بتكلف بأصعب المهمات.
إيه؟
هتف بها عمرو بعدم فهم فأضاف آدم موضحاً:
يعني دلوقتي هخلص معاك وهطلع أحاول أحنن عليك قلب الواد سيوفة لما أشوف قوة تأثيري.
هتف عمرو بحزن:
مالوش ﻻزمة. أنا عندي أفضل كدة وﻻ إن اللي اسمه عبد الله دا ينتصر عليا.
ضرب آدم اﻷرض بكفه وهو يهتف بنفاد صبرٍ:
يا ساتر يا رب. اتنين أعند من بعض واجتمعوا.
لم يعقب عمرو على ما قاله تواً كعادته فبدى لآدم انه شرد في أمرٍ ما فوكزه في كتفه بإصبعه وهو يهتف بجوار أذنه:
ها يا دكتور. اللي واخد عقلك يتهنا به.
تنحنح عمرو ينظف حنجرته وهو يهتف:
هو يوسف ما جاش؟
هتف آدم بقلق:
تحب أكلمه؟
هتف عمرو بسرعة:
ﻻ ﻻ سيبه ييجي براحته.
طب واللي يجيبهولك من غير ما يبقى لك دخل؟
هتف بها آدم بغموضٍ فهتف عمرو باستغرابٍ:
إزاي؟
هتف آدم بنبرةٍ أكثر غموضاً:
ﻻ. دي طريقة العبد لله بقى.
....................
في اليوم التالي:
يرن هاتف مكتب خالد بإصرارٍ فترد ياسمين بنفاد صبر:
ألو.
هتفت سندس على الجانب اﻵخر بتوتر:
إزيك يا أستاذة ياسمين؟ يا رب تكوني بخير. أنا سندس. كنت عايزة أكلم أستاذ خالد من فضلك لو هو فاضي.
هتفت ياسمين بابتسامةٍ مرحبة:
أهﻻً أهﻻً يا سندس. حمد لله على سﻻمتك. دا كان خالد خﻻص هيشوف سكرتيرة تانية. بس أنا قلت له يصبر ومكالمتك دي أكبر دليل على إنك ملتزمة.
ابتسمت سندس بحرجٍ ولم تعرف بما ترد عليها لكنها آثرت الصدق فهتفت بحزن:
بصي يا أستاذة ياسمين. انا عارفة إن حضراتكم صبرتم عليا بما فيه الكفاية، بس أنا ظروفي معقدة قوي ومش عارفة هعرف أرجع الشغل إمتا. أنا أصﻻً مش عارفة هعرف أنزل من البيت إمتا علشان أكون دقيقة يعني.
وضعت الهاتف على مكبر الصوت كي يسمعَ خالد بنفسه معاناة تلك الفتاة ثم هتفت باستفهام:
يعني إيه يا سندس؟
أنا مش فاهمة منك أي حاجة.
يعني وضحي الموضوع وبﻻش تتكلمي بالألغاز يمكن نﻻقي لك حل.
هتفت سندس بأسى:
والله ما أنا عارفة أقول لك إيه. وﻻ حتى أقول لك إزاي.
وكزها خالد في خصرها بنفاد صبرٍ هاتفاً:
خليها تنجز. مش هنضيع اليوم كله معاها. إحنة ورانا شغل.
تأوهت بألمٍ مصطنعٍ هاتفة:
وسطي يا خالد اتلم شوية خليني أعرف أكلم البت. يمكن ربنا يحنن قلبك عليها.
ثم أضافت بصوتٍ عالٍ به بعض اﻹشفاق والفضول:
ايوة يعني الظروف دي جدت على حياتك فجأة مش كدة؟
أماءت برأسها إيجاباً كأنها تراها ثم أضافت مؤكدة:
أيوة. بابايا عايز يجوزني لواحد غصب عني، وفي مشاكل كتير بينه وبين أمي، وحنة قاعدين في حتة بعيد عن البيت هو ما يعرفهاش، وأنا خايفة يعرف مكاننا عن طريق إني بنزل الشركة؛ علشان كدة مش بعرف أنزل في أي حتة ﻻ أنا وﻻ ماما. مافيش حد بينزل فينا غير يوسف أخويا علشان يعرف يصرف على البيت.
هتفت ياسمين بإشفاق تستجدي قلب خالد:
يا عيني يا بنتي. دا أنتي ظروفك صعبة قوي، بس حرام نرفدك قصدي نمشيكي وأنتي مالكيش ذنب. ممكن بردو تكوني إضافة . مين عارف؟
ختمت جملتها بوكزها له في خصره برسغها بقوة فتألم بحقٍ وهو يهتف بوعيد:
طيب يا ياسمين. صبرك عليا بس.
ثم رفع صوته هاماً بالحديث لكن سندس قاطعته بقولها اليائس:
أنا مش بكلم حضرتك علشان أستمر في الشغل. أنا بكلم حضرتك علشان أستقيل من غير ما أحس إني مشيت وسبت الناس فجأة كدة.
أجابها خالد هذه المرة هاتفاً بلهجته الصارمة مع موظفيه:
بصي يا سندس. الحاجة الوحيدة اللي أقدر أساعدك فيها هي إني أخليكي تشتغلي بعض الشغل اللي ينفع من البيت عن طريق اﻹنترنت مش هعرف أكتر من كدة. هبعت لك ﻻبتوب تبع الشركة وتقدري تبدئي الشغل معانا بعد ما تفهمك ياسمين أنتي هتعملي إيه بالظبط.
قفزت سندس من الفرحة هاتفة بابتسامةٍ ملأت وجهها:
بجد يا أستاذ خالد؟ والله يعني حضرتك بتتكلم جد؟
ابتسم لفرحتها وهو يهتف:
أيوة يا ستي بتكلم جد. مبارك عليكي استمرارك معانا في الشركة، وإن شاء الله تكوني إضافة لينا زي ما ياسمين بتقول ونستفيد منك ونفيدك.
بينما قفزت ياسمين على المقعد بجواره هاتفة بفرحةٍ تشبه فرحة سندس:
يحيا العدل.
يحيا العدل.
هو دا خالد اللي أنا أعرفه وﻻ بﻻش.
ربنا يبارك لي فيك يا خلودة يا رب وما يحرمنيش منك أبداً.
هتف بوعيد:
أقفل بس المكالمة وهحاسبك على الدلع المتخلف دا.
انتبه بنظره نحو الهاتف هاتفاً بجديتها المعهودة:
اديني العنوان يا سندس علشان تبدئي شغل بكرة أو بعده بالكتير.
هتفت سندس بنفس فرحتها:
اكتب عندك.
....................
خرج يوسف من مكتب أستاذ أكرم أخيراً بعد يومٍ طويلٍ من العمل الشاق.
أخرج هاتفه من جيب سرواله يستدعي رقم والدته وانتظر ردها بفارغ الصبر.
ردت بابتسامة:
السﻻم عليكم يا حبيب ماما. أكيد بتسألني طابخين إيه؟ مش كدة؟ ما أنت على طول همك على بطنك زي ناس.
ابتسم بغموضٍ وهو يهتف:
ناس مين بقى يا أحلى يويو في الدنيا؟
اتلم يا ولد وقول لي تخميني صح وﻻ ﻻ؟
هم بالرد عليها لكنه لمح ظل عبد الله فهتف بغضبٍ وقد نفرت عروق جبينه:
ماما. استني. هكلمك بعدين.
قلقت يمنى من نبرته المتغيرة فهتفت بتوترٍ وهي تضع يدها على قلبها:
في إيه يا يوسف؟
هتف باستعجالٍ وهو يلمح عبد الله يقف على الجانب اﻵخر من الطريق:
مافيش. هقول لك بعدين.
أغلق الخط دون أن يسمعَ ردها متجهاً نحو عبد الله الذي شهق بتوترٍ وهو يهتف لنفسه:
يا نهار مش معدي. هو شافني وﻻ إيه؟
وأتاه الرد أسرع مما يتخيل بهتاف يوسف العدائي:
بتعمل إيه هنا عند مكتب أستاذ أكرم يا.
تلكأ قليلاً وأبى حلقه أن يناديه بأبي كما كان يفعل في السابق فأردف ببرودٍ وﻻزالت نبرته تحافظ على عدائيته:
يا. عبد الله؟
....................

رواية ولو بعد حين.، الجزء الأولحيث تعيش القصص. اكتشف الآن