أعتذر عن التأخير لكني راجعت الفصل متأخر وأتمنى تدعموني وتشجعوني لو الفصل عجبكم.
معلش على الإطالة وهسيبكم بقى مع الفصل.
لكن ما تنسوش التعليق والتصويط والشير.
ولو بعد حين الفصل السادس عشر:
وصل يوسف إلى بيته أخيرا وهو يلهث من الخوف والقلق ليجد سيارة الإسعاف تقف أمام منزله ويحملون جسداً هامداً بلا روح خالياً من الحركة غارقاً في دمائِه، بينما تسير سندس خلفهم بملابس البيت مشعفة الشعر، الدموع تغرق وجنتها، تسير بلا وعي بينما عينيها مثبتةٌ على المنظر أمامها، على جسدِ أمِها.
حاول أن يجذبها موَقِّفاً إياها عن الحركة قائلاً بتوتر: سندس، ماما حصل لها إيه؟
لم تسمعه حرفيا لقد كانت في عالمٍ آخرَ تماماً.
هتف هو محاولاً جلب تركيزها: طيب يا سندس انتي هتروحي كدة؟ كان يشير إلى شكلها أثناء حديثه لكنها أيضا لم تلتفتْ له أصلاً وصعدت أخيرا بجوار والدتِها في سيارة الإسعاف ولم يملكْ سوى أن يصعد معهم بينما كانت قبضة مؤلمة تعتصر قلبه.
....................
في النيابة جلس عمرو على أحد مقاعد الانتظار بينما كانت يديه مكبلتين بالأصفاد كان شارداً يتأملُ ما حولهُ بنظرات خاوية فدخل مجموعةٌ من الصحفيين المعتادين على تغطية أخبار النيابة يومياً لتصدم شخصيتهُ الشهيرة أبصارهم وعقولهم فيتوجهوا ناحيتهِ على الفور قائلين بأصواتٍ متداخلة:
مش دا الدكتور عمرو الألفي.
صاحب المستشفى الشهير!
هو بيعمل إيه هنا؟
هو الي إحنة شايفينه دا حقيقي يعني؟
يا ترى جاي هنا ليه؟
يمكن يكون خطأ طبي مثلاً؟
تعالوا نسأله، إحنة هنتعب نفسنا في التفكير ليه وهو قاعد قدامنا.
توجهوا إليه فقال أحدهُم بنبرةٍ ذاتَ مغذى: والله إحنة مصدقناش عنينا لما شوفنا حضرتك هنا.
ثم قال آخر: يا ترى حضرتك هنا ليه؟ وإيه مشكلتك؟
قاطعهم هتاف العسكري قائلا: دكتور عمرو الألفي، اتفضل معايا.
قام من مكانهِ تلاحقُهُ نظرات الصحفيين الفضولية ولحِقَ بالعسكري إلى داخل المكتب مُهلِقً الباب خلفه، فاتحاً باباً واسعاً من الفضول حوله.
ضرب العسكري الأرضَ بقدمهِ قائلا في احترام: دكتور عمرو الألفي يا فندم.
تفحصه رئيس النيابة بنظرهِ ثم هتف بهدوء: فك الكلبش دا، واخرج واقفل الباب واستدعِ المُحضَر.
أخرج العسكري مفتاح الكلبش من جيبه ثم أدخله في القفل وفتحه لينزع الحديد من يدِ عمرو ثم ضرب الأرضَ مرةً أخرى وخرج مُغْلِقاً الباب خلفه.
هتف رئيس النيابة بهدوء: اتفضل اقعد يا دكتور.
جلس عمرو على المقعد أمامه ورفع إليه بصره قائلا: بيتهيأ لي إن أنا شوفت الوش دا قبل كدة.
هتفَ هو بنبرةٍ ممتنة: مظبوط، حضرتك عملت عملية لأبويا قبل كدة من غير ما تاخد فلوس، وكانت عملية خطيرة، ووقتها إحنة ما كناش قدرين ندفع التكلفة إلي عيزاها المستشفى وحضرتك تحملتها بالكامل ورفضت تاخد أجرة إيدك كمان.
هتف هو بهدوء: آه أهلا وسهلاً وهو أخبار الوالد إيه دلوقتي؟
هتف بحزن: توفى من سنتين في السعودية كان بيحج وتوفى هناك.
هتف بأسف: البقاء لله.
هتف بنبرة محايدة: الدوام لله وحده، لكن قول لي يا دكتورں هو حضرتك ليك علاقة فعلاً بالقتيلة؟
هتف بانكسار: للأسف، أنا كنت أعرف أماني من زمان.
ثم سكت ولم يجد ما يقوله.
انتظرهُ رئيسُ النيابة أن يكمِلَ حديثه فلم يتحدث فهتف هو بتساؤل: إيه نوع ابمعرفة مع وحدة زي دي يا دكتر؟
رد بنبرة خجِلة: كنت بروح لها الشقة، وآخر مرة سومتني وكانت عايزة فلوس علشان ما تفضحنيش.
رد هو بنبرة حافظ فيها على حياد تعبيراته: ودفعت لها الفلوس؟
أومأ مؤكِداً برأسهِ قائلاً: ودي كانت آخر مرة شوفتها فيها.
أومأ رئيسُ النيابة برأسهِ دليلاً على التفهم ثم قال بنبرةٍ جدية: لازم تشوف محامي كبير يا دكتور، للأسف الأدلة كلها ضدك، الناس الي كانوا ساكنين في العمارة شهدوا على إنك الي كنت بتتردد عليها دايما في شقتها.
كمان في اتنين من صاحبتها اسمهم سوسن وعفاف معرفش إذا كنت حضرتك تعرفهم ولا لاا شهدوا إنك أكتر واحد ليك مصلحة في قتلها علشان هي كانت بتهددك بصور وفضايح وطلبت منك فلوس كتير.
دا غير طبعا إن أقوال حضرتك أكدت الكلام دا.
الأهم من كدة يا دكتر شهادة البواب الي شهد إنك كنت عندها تقريبا وقت حدوث الجريمة وإنه شافك خارج من عندها وهدومك مليانة دم وكنت بتتلفت حواليك وبتجري من الخوف والرعب.
انتفض عمرو من مكانهِ مقاطعاً حديثه قائلاً: والله ما حصل، أنا والله ما روحت لها وقت ما اتقتلت، ولا روحت لها تاني بعد ما دفعت الفلوس، ولما مشيت من عندها كانت سليمة.
أكمل رئيس النيابة كلامهُ بنبرةٍ عادية: بواب القصر كمان شهد إن هي جت لحضرتك قبل كدة عند البيت وهددتك، يعني كانت بتشكل خطر على حضرتك، كمان الصور الي كانت مهدداك بيها بصراحة صعبة جدا، كانت هتدمر اسمك كله، مهي رجاء صاحبتها جت وسلمت لنا الظرف. الظاهر القتيلة كانت قايلة لها لو حصل لها حاجة تسلمنا الظرف.
أشار في أثناء حديثهِ إلى مظروفٍ كبير كان على المكتب، وفتحهُ مُخرجاً منه الكثير من الصور الفاضحة وفلاشة صغيرة قال وهو يمسكُها بيده: الفلاشة دي عليها كل الحوارات الي دارت ما بينكوا بخصوص الموضوع بتاع التهديد دا، وكمان عليهاا فيديوهات قصيرة يعني ما حدش يحب يشوفها.
جلس عمرو على مقعدهِ أخيراً واضعاً رأسهُ بين كفيهِ مُتَألِماً بينما تنهد رئيس النيابة قائلاً بأسف: الموضوع كبير قوي يا دكتور، ولازم تشوف محامي كبير دا لو كنت بريئ فعلاً.
في هذه الأثناء طرق الكاتب الباب ليسمح له بالدخول سائلاً عمرو: مافيش محامي هيحضر معاك التحقيق؟
رد عمرو بتيه: معرفش، معرفش.
جلس الكاتبُ على مقعدهِ معداً أدواته متذكرا العرض المغري الذي تلقاه من أحد الصحفيين بمبلغٍ ماليٍ كبير نظير أن يطلعهُ على كل معلومات القضية بشكلٍ حصري وخصوصا المعلومات السرية التي لا تعرف عنها العامة، متذكِراً موافقتهُ الفورية في إعلانٍ صريحٍ لنهاية الدكتور عمرو الألفي.
....................
قبل قليل في منزل مريم: كانت تجلسُ مراجعةً أوراقِها حتى سمِعت ترقاتٍ هادئةٍ على الباب فأذنت بالدخول لصاحِبِها والتي على الأرجح كانت تعرفُه فهو أبوها الحبيب لأن أمها ببصاطة لا تترق الباب أصلاً.
دخل أشرف قائلا بابتسامة: الجميل بيعمل إيه لوحده؟
ردت في هدوء: بذاكر يا بابا حضرتك عارف الامتحانات قربت، والواحد نفسه يتخرج بقا.
رد هو بنبرة مبتسِمة: أيوة بقا عايزة تنجحي وتخلصي علشان متتشغليش عن حبيب القلب ساعة الفرح.
هتفت بنبرة خجِلة: يا بابا بقا.
غير هو دافة الحوار قائلا بنبرة حذرة: مريم هو صحيح مامتك بتخرج كتير قوي اليومين دول، ما تعرفيش بتروح فين؟
هتفت هي ببصاطة: أيوة بقا يا حجوج انت عايز تعمل فيها الراجل الغيور، أنا شايفة إن ماما خروجها طبيعي عادي يعني.
أصلاً دا العادي بتاعها من زمان.
بطَلّ غيرة يا حج.
هتف هو بريبة: يعني انتي مش حاسة بحاجة غريبة في تصرفاتها؟
هتفت هي بشك: تقصد إيه يا بابا؟
هو في حاجة عرفتها عن ماما وحشة؟
هتف بسرعة: لا مافيش حاجة زي ما قولتي أنا بس الي غيور زيادة عن اللزوم، ثم أكمل بنبرةٍ حاول فيها اصتناع ضحكة: تقريباً كدة أنا داخل على أزمة ثقة.
ضحكت هي باطمئنانٍ وقالت: ما عاش ولا كان الي يهز ثقتك في نفسك يا حجوج دانت مافيش أوسم منك يا عسل انت يا جميل، بس لو ما كنتش بابا والله كنت اتجوزتك.
ابتسم لها في حنانٍ ثم ربت على كتفيها وخرج قائلاً لها: آه لو يوسف سمعك، روحي كملي مذاكرة يا لمِضة.
هتفت بابتسامتِها المشرقة: يوسف مين والناس نيمين.
هتفت لكنه لم يسمعها كان في عالمٍ آخر.
شكهُ في زوجتهِ دون دليلٍ يكاد يقتُلُه.
أصبح يتعمد أن يأتي من عملِهِ باكرا كي يراقب تصرفاتِها المريبة.
لقد أصبحت كثيرة الخروج بشكلٍ مستفز، وكانت تجد حُجةً مُقنِعة للخروجِ في كلِ مرة.
اليوم تحججت بمكالمةٍ طارئة من والدتِها المسنة تستغيث بها.
ومن إسبوع تحججت بأن صديقتِها المقربة تعرضت لحادث سير أثناء خروجهما من العمل وأنها ذهبت معها إلى المستشفى، والكثير والكثير من الحجج المنطقية التي تصدقها مريم، بينما هو فلا يستطيع تصديقها.
جزٌء منهُ يكذِبها تماماً لكنه في نفس الوقت يخاف البحث، يخاف الحقيقة، ستقتله خيانتها لو حادثت.
تنهد بألمٍ معيداً رأسهُ للخلفِ ليسمع صرخات أفزعته من المنزل المجاور، منزل يوسف.
بالتأكيد هناك شِجارٌ عنيف بين عبد الله الذي لا يطيقه ويمنى.
لكن الصرخات تطورت بسرعةٍ لترقات عنيفة على باب منزله تبعها صراخ سندس المرعوب بصوتٍ مبحوح قائلةً: الحقوني بابا موت ماما.
هب من مكانهِ بفزعٍ متوجِهاً إلى الباب وخرجت مريم في إثرِهِ على صوت الصراخ وهي تحاول مهاتفة يوسف دون جدوى.
فتح أشرف الباب ليجد سندس ويديها مغطاة بالدماء وتهتف في رعبٍ جلي: بابا كان ، بابا قتل، آااااااه، بابا قتل ماما الحقونييييييييييي.
ثم سقطت مغشياً عليها.
التقطها أشرف من الأرضِ قائلاً لمريم وهو يسيرُ بها لأقربِ أريكة في بيته: حاولي تفوقيها يا مريم على ما أروح أشوف إيه الي حصل.
هتفت مريم برعبٍ: حاضر يا بابا.
لم ينتظر أشرف كثيراً وتوجه إلى بيت عبد الله ليجاد الباب مفتوحاً فهتف بصوتٍ عالٍ: عبد الله، يا عبد الله، انت فين؟
لم يجد مفراً من اقتحام المنزل باحثاً عن يمنى ليجد باب غرفة النوم مفتوحا ويمنى ملقاة على الأرض في منتصف الغرفة غارقةٌ في دمائها.
حاول إفاقتها برعبٍ قائلاً: ست يمنى، يا مدام، فوقي، هو إيه الي حصل؟
قرر أن لا يحركها من مكانِها واتصل بالإسعاف والذي لحظه حضر بسرعة ليحملوها وتسير معهم سندس مغيبة العقل دون أن تستطيع مريم إيقافِها.
وجد يوسف بالقرب من سيارة الإسعاف ينزل من سيارة الأجرة، حاول التحدث إليه، لكنهُ على الأرجح لم يره، فلقد كان نظرهُ مسلطاً على جسدِ والدتهِ الغارقة في دمائها، وجسدِ سندس الذي لا تستره سوى بجامة بيتية خفيفة.
انصرفت سيارة الإسعاف أخيراً بيمنى وأولادِها فخاطب مريم هاتفاً: مريم اطلعي هاتي هدوم نضيفة لسندس وهدوم ليمنى بدل الي غرقانة دم دي وتعالي علشان نروح وراهم المستشفى بسرعة.
قالت مريم برعبٍ: حاضر يا بابا حالا أهو.
....................
في مكتب آدم: كان يجلس شاردً متذكِراً والدته المتوفاة، لقد كان يحبها بشدة، لقد كانت ونعم الأم فهي ربته هو وشقيقته شمس بعد وفاة أبيه وكرثت حياتها من أجلِهِما.
آدم بصوتٍ حزين: الله يرحمك يا ماما ويجعله في ميزان حسناتك.
سمع طرقات على الباب أذن لصاحبِها بالدخول ليجد صديقه سيف يقول بمرح: مهمة جديدة يا حضرة الظابط.
هتف بمرحٍ مماثل: آه لو سيادة اللواء يجي يسمعك وانت بتقلده.
أكمل سيف مُزاحهُ الذي تعمدهُ للتخفيف عن صديقه: وبما إني حاليا يعني سيادة اللواء، فمعلش يعني يا حضرة الظابط، فين التحية العسكرية؟
ضحك آدم هاتفاً من بين ضحكاته: وهو أنا لو نسيت التحية العسكرية هيكون دا رد فعل سيادة اللواء بردو، انت ما تعرفوش خالص، جرب تنساها كدة وشوف هو هيعمل إيه.
هتف سيف ضاحكاً: واضح إنك بتنساها كتير فخبرة بقا.
صفعهُ آدم على مُأخِرة عُنُقِهِ قائلا بابتسامة: امشي يا ولد من هنا بدل ما أبطحك.
قطع حديثهما الضاحك دخول العسكري من الباب المفتوح قائلا باحترام: سيادة اللواء عايز حضرتكم يا بشوات.
هتف سيف بتساؤل: هو قال لك عايز سيف مع آدم ولا قال آدم بس؟
قال آدم باعتراض: ليه يعني إن شاء الله، هو مافيش غير آدم بس الي في الإدارة؟
هتف العسكري بسرعة قبل أن يكملوا حديثهما: لا يا حضرة الظابط هو قال لي عايز سيف بيه وآدم بيه وباقي أعضاء الفريق في مكتبه.
هتف آدم بفهم: الظاهر كدة في مهمة كبيرة المرة دي.
هتف سيف بانتعاض: يا باي، هنشتغل يعني في الفريق تحت رئاسةِ أدهم بيه الي شايف نفسه على الإدارة كلها.
هتف آدم ضاحكاً: روح اعترض هناك يا حبيبي قدام سيادة اللواء بدل ما يرفدنا لو قعدنا أكتر من كدة.
ثم تركه وخرج ضاحكا ليخرج هو وراءهُ متأفِفاً.
....................
في عيادة الدكتور عمرو: جلست شمس على مقعدها أخيراً بعد يوم عملٍ طويل وهي تقول بتأفف: يعني هو كل يوم الدكتور هيسيب العيادة فوق دماغي ويخلع معرفش بيروح فين.
هتف صوتٌ من خلفِها ضاحكاً: ما هو طبعا لاقي الي يشتغل له وما يقولش لا.
فزعت شمس من هتافهِ فالتفتت للخلف بسرعة لتجدَهُ دكتور معاذ زميلها في العمل ينظر إليها بنظراتٍ غريبة لم تستطع تفسيرها.
هتفت بحدة وهي تستدير بوجهِها للأمام: خضتني يا دكتور، مش تخبط؟
هتف مبرراً وهو يتوجه إليها: على فكرة بقا أنا خبط، لكن حضرتك كنتي شاردة تماما وما سمعتيش.
هتفت بعدم اقتناعٍ قائلةً: طيب، خير؟ في حاجة أقدر أساعد حضرتك فيها؟
هتف هو بمراوغةٍ قائلاً: الصراحة آه، ممكن تسعديني ألاقي عروسة حلوة.
هتفت بعصبية: ما حدش قال لك قبل كدة إني بشتغل خاطبة.
هتف هو ضاحكا: أعصابك يا دكتورة لما من دلوقتي بتتعصبي أومال بعدين لما نعيش مع بعض هتعملي إيه.
تجاهلت حديثه تماما وقالت بارتباك: أنا رايحة أعمل قهوة، تشرب معايا.
هتف لها متوعِداً: ماشي، لينا بيت نتكلم فيه.
لم تستمع إلى حديثهِ الفارغ أكثر فهتفت وهي تأخذ حقيبَتِها من على المكتب: يلا يا دكتور علشان أقفل العيادة.
هتف هو باستفزاز: والقهوة طيب؟
هتفت بعصبية مصحوبة بإحراجِها منه: بقول يلا يا دكتور.
قام من مكانهِ وهو يقول بضحك: ماشي يا قطة، مسير الملوخية تيجي تحت المخرطة.
مر من أمامها فضربته بحقيبتها على رأسه قائلة: يا ريت يا دكتور ما تدخلش مكتبي تاني من غير إذني.
تأوه من ضربتها قائلاً: آااااااه، ماشي يا مفترية، ليكي يوم والله، ثم خرج مسرعاً قبل أن تطوله ضربة أخرى تقضي عليهِ هذهِ المرة.
....................
في النيابة أفاقَ عمرو من شرودِهِ على صوت رئيس النيابة قائلاً بنبرة قوية: قررنا نحن عبد الرحمن شكري رئيس النيابة حبس المتهم عمرو الألفي 15 يوماً على ذمة التحقيق.
امضي على أقوالك يا دكتور.
قام عمرو من مكانهِ بتثاقلٍ موقعاً على المحضر، فاستأذن الكاتب في الانصراف ليلحق بالغنيمة التي كانت تنتظِرُهُ في الخارج.
بينما كان يهم رئيس النيابة بضرب الجرس لاستدعاء العسكري قبل أن يسمع صوت عمرو الذي يهتف بنبرة مُحرجة: معلش هو أنا ممكن أعمل مكالمة سريعة.
أبعدَ يدهُ عن الجرسِ رافعاً سماعة الهاتف مقَدِما إياهُ للدكتور عمرو هاتفابهدوء: آه طبعا، بس يا ريت بسرعة.
تناولَ منهُ السماعة شاكِرا وأدخل الرقم الذي يحفظه عن ظهر قلب، رقم منزلهُ ليأتيهِ صوت ابنته الحبيب على الطرف الآخر قائلةً بحزن: ألو.
تحدثَ هو بنبرة حاولَ أن يجعلها عادية قائلاً: حور حبيبتي إزيك؟
هتفت هي بلهفة: بابا. انت فين يا حبيبي. انت كويس؟ ماما قالت لي إنك مسافر، بس أنا قلقانة يا بابا.
كان في واحد هنا بيقول جاي في قضية تخصك.
هتف هو بنبرةٍ مُطمَئنة: ما تخافيش يا حبيبتي أنا كويس والله وبخير، هي ماما فين؟ عايز أكلمها ضروري.
بكت هي على الطرف الآخر قائلةً: انت متأكد يا بابا إنك كويس، أنا قلقانة قوي.
ظهر الألمُ جلياً على وجههِ قائلاً: حور، ممكن ما تعيطيش، أنا والله كويس وكله هيعدي وهيكون بخير. بس ممكن تخلي ماما تكلمني يا حبيبتي بسرعة.
سمعَ صوت ليلى من على الطرف الآخر وهي تقول بلهفةٍ: عمرو حبيبي. انت فين؟ وبتتكلم منين؟
قال هو بسرعة: ليلى، يوسف جالك؟
ردت بنفسِ نبرتِها: آه جه، بس ملحقش يقول لي حاجة اتصلوا بيه علشان والدته راحت المستشفى.
هتف بخوف: يمنى؟
هتفت بعدم فهم: يمنى مين يا عمرو؟
هتف هو بسرعة: لا مافيش حاجة، المهم كلمي شمس تروح تدير المستشفى وتسيب العيادة لمعاذ، الموضوع كدة شكله مطول.
هتفت بلهفة: ليه يا عمرو؟
هو إيه الي حصل؟
انت تعرف الست دي فعلا؟
أشار له عبد الرحمن ففهم رغبَتَهُ في إنهاءِ المكالمة فهتف بسرعة: مش وقته يا ليلى، اعملي الي بَقول لك عليه. وأرجوكي كلمي يوسف اطمني منه على والدته. ولو محتاجين حاجة انقليها للمستشفى عندي. مع السلامة.
أغلق الهاتف دون أن يسمع ردها قائلا بشكر: شكرا على المكالمة.
هتف عبد الرحمن بابتسامة: حور دي بنتك.
رد هو بحزن: أيوة.
هتف عبد الرحمن وهو يضرب الجرس: ربنا يخليها لك.
دخل العسكري بسرعة فقال له عبد الرحمن: خد المتهم يا عسكري، وتجيبه بكرة قبل الميعاد دا بسعتين علشان استكمال التحقيقات، والورقة دي وديها للظابط الي هناك.
قدم العسكري التحية العسكرية قائلاً بأدب: تمام يا فندم.
ثم توجه إليه واضعا الأصفاد في يديهِ مرةً أخرى مصطحبا إياهُ إلى الخارج مع الكثير من النظرات الفضولية من الصحفيين ونظرة الانتصار الشديد التي كانت تكلل وجه أحدهِم.
....................
في المشفى: كانت سندس تقفُ بحالة يرثى لها بينما كان يوسف يزرع الأرض مجيئاً وذِهابا انتظاراً لأي خبرٍ عن والدته. لمحهما أشرف فتوجه مع مريم بسرعة اتجاههما وربت على كتفِ يوسف قائلاً بمواساة: قلبي معاك يبني.
التفت إليه يوسف بنظراتٍ ضائعة قائلاً: هتفوق يا عمي مش كدة؟
حاول أشرف طمأنتهُ فهتفَ قائلاً بيقين: إن شاء الله يا حبيبي هتفوق وهتبقا زي الفل، دا أكيد سوء تفاهم، وعبد الله ماكنش يقصد أي حاجة من الي حصل.
هتف يوسف بغضب: لا خلاص هي معدش لها عيش تاني معاه. انتهت على كدة.
ثم أكمل بألم: بس هي تفوق بس.
ربت أشرف على كتفه داعما وقال: كله بأوانه يا حبيبي إن شاء الله تفوق هي بس وبعدين نشوف الموضوع دا.
التفتا بنظرِهِما ناحية سندس التي كانت تحتضنُها مريم محاولةً إقناعِها بالذهاب إلى المِرحاض لتغير ملابسِها فقال أشرف في حنان: سندس يا حبيبتي، ماما لما تفوق لازم تشوفك قوية.
روحي مع مريم الحمام اغسلي وشك كدة وغيري هدومك والبسي هدوم حلوة علشان ماما لما تفوق وتشوفك ما تقلقش عليكي هي هتكون تعبانة ومش ناقصة قلق على حد فيكم.
أيدهُ يوسف قائلاً بحنان: عمو معاه حق يا حبيبتي، يرضيكي ماما يعني تشوفك بالشكل دا لما تفوق إن شاء الله.
هتفت سندس برجاء: ماما مش هتروح البيت دا تاني يا يوسف مش كدة؟
حاول أن يجد رداً مناسباً فهتفَ قائلاً: إن شاء الله يا حبيبتي تفوق هي بس.
قالت هي بخنقة: دا مش بني آدم يا يوسف، هو تعمد يعمل فيها كدة.
حاول أن يبرر فِعْلَتهُ المشينة في عين صغيرته فهتف قائلاً بدون اقتناع: أكيد بابا كان عصبي وإاا.
قاطعته بصراخها الهستيري المنفعل: مش بابا، ما تقولش عليه كدة، الحمد لله إنه مش أبوك.
يا بختك.
أنا بحسدك.
لم يفهم يوسف منها أي شيء بينما حاولت مريم سحبها إلى أقرب مرحاض فقاومتها في البداية ثم سرعان ما استسلمت إليها بفعل التعب.
هتف أشرف مُخرِجاً إياه من شروده: هي أكيد ما تقصدش الي انت فهمته، هي بس زعلانة منه قوي.
ودا طبيعي بعد الي هي شافته.
أومأ برأسه متفهما ومتوجهاً ناحية الطبيب الخارج لتوِهِ مكفهر الوجه هاتفا بلهفة متساإلة: ماما أخبارها إيه يا دكتور؟
هتف الطبيب بتحفظ موجِها نظرهُ نحو أشرف: انت جوزها.
رد أشرف بسرعة: لا والله أنا جارهم بس.
هتف الطبيبا بتفهم: وانت تبقا لها إيه؟
رد يوسف بحذر: أنا يوسف عبد الله ابنها.
أومأ الطبيب برأسه متفهما وقال: يا ريت تيجي معايا يا أستاذ يوسف نتكلم في المكتب أفضل.
هتف أشرف بسرعة: هي كويسة يعني يا دكتور؟
هتف الطبيب بغموض: الله أعلم، ربنا يستر.
....................
أنت تقرأ
رواية ولو بعد حين.، الجزء الأول
Romansقالوا عنها خائنة فصدقهم وكذبها. حاول أن ينسى فظلم. حاولت أن تعيش فماتت. لم يعرف أنها تمتلك جزءً منه. ولم تعرف أنها ﻻزالت تمتلك قلبه إلى الآن. فهل سيتجدد اللقاء بينهما يوماً ما؟ هل سيعرف الحقيقة؟ وهل بعدما أصبح لكلٍ منهما طريقاً ستلتقي الطرق؟...