"رواية غَـــوثِـهِـمْ"
"الفصل الخامس وعشرون_الجزء الثاني
"يــا صـبـر أيـوب"
______________________
سُبحانك ربي وجلَّ عُلاك..
سُبحانك تُحيي القلوب بِهُداك..ربي سُبحانك ما أعظمك..
وللضُعفاء ما أكرمك وكلهُ برضاك..عباد نحن فقراء وأنتَ الغني الكريم..
نسعى إليك بكل ما فينا
وتصل أصواتنا لسماك..فسبحانك ربي وجلَّ عُلاك..
سُبحانك تُحيي القلوب بِهُداك.._"غَــوثْ"
__________________________________
أُخرافةٌ أنتِ غير مرئية تبعد عن عالمنا؟.
فكيف لثمانيةٍ وعشرين حرفًا أن يعجزوا عن وَصفُكِ؟ يبدو الأمر وكأن كل الحروف في اللغةِ وقفت أمامك تعتذر عن عدم قدرتها على صياغة حُسنكِ داخل عبارة واحدة تقوم بإنصافكِ، فثمانيةٌ وعشرون حرفًا، ملايين الأشعار، مليارات الخواطر والعبارات كلهم _كلهم بلا شكٍ_ فشلوا في إيجاد ما يوصفكِ ببراعةٍ، فتبدين كإعجازٍ للغةِ أو رُبما تكونين تحديًا لها أنكِ رغم سكونك لازلتي قادرة على الحديث، في حين أن كل الحديث منها لم يوفي حق كفايتكِ..
فدعيني تلك المرة أسرد أنا ما فشلت في كتابتهِ مراتٍ ومرات، أتعلمين كيف وقعت في الأسر؟ تحديدًا حينما وقعت عيناي على عينيكِ وقامت أهدابك بدور الجُندي المُخلص في اصطياد قلبي وكأنه عدوٌ مُطلقة سهامها نحوه، لكنه كان بريئًا وأقسم لكِ بذلك، لكن بعدما وقع الفؤاد في الأسر وظنكِ بلدةٍ ظالمة، علم أنكِ به عالمة، عالمة الفؤاد وما به، نعم لم تقوليها أنتِ، لكن مُقلتاك أفصحتا وكان الحديث منهما مُقتبسًا من الثُنائي الأقرب للقلب وخصيصًا حينما كتبت "ميلينا" إلى "كافكا" تنصفه على العالم بقول:
"أُحبكَ بكل ما فيك من إنهيارٍ وتشتتٍ وإرتباكٍ"
فمنذ إلتقائي بكِ هكذا كان هو حديث عينيك الصادق في وصفه مُعجزًا في فعله، وكلما تحدثتُ به عنكِ لازِلتُ لم أستطع وصفُكِ، تبدين حقًا خُرافةً وقلبي البريء صدقها وصادقها..<"كُرهكم لم يكن بيدي، هذه نتائج أفعالكم">
عجيب هو أمر المرء حينما يترك كل الأشياء تفر من بين يديه ثم يعود نادمًا لعدم استمساكها هي به، والغريب أيضًا أنه يجهل القاعدة المُتعارف عليها بشأن ما يَخصهُ، ففي الأصل والعام أن من ترك شيئًا بمحض إرادته لا يُحق له أن يسأل عنه ويُطالب باسترجاعه، فهل يُعقل أن مَن أخطأ بحقوق نفسه وتهاون فيها أن يُطالب باستعادة ما لم يُحارب لأجله منذ البداية؟…
وقفت "شـهد" أمام "نـادر" تشهد عجزه بعينيها لمرتها الأولىٰ بينما هو فرفع عينيه يُلاقي نظراتها نحوه وقد ألمه الموقف ككلٍ، فهي منذ أن عاهد أيام عمره معها وهي تراه صلدًا وقويًا صاحب هيبة ووقارٍ، عطوفٌ معها وحدها كما الطفل الصغير يُفضلها هي كرفيقته على العالم بأجمعهِ، أما الآن؟ فأقسم هو أن طعنه بخنجرٍ في منتصف ظهره لن يؤلمه بقدر نظرتها له، تبدو وكأنها تُشفق عليه، أو رُبما تفكر في مصيرهما، لا يعلم لكنه لم يستسغ نظراتها..
أنت تقرأ
غَـــوثِـهِـمْ "يا صبر أيوب" الجزء التاني
Actionقتلوا الفتى البريء ودفنوا جثته حيًا في أرض البلدة، حرموه من الدفء بين أذرعتهم وألقوه في النيران والحُجة كانت وصول الدفء لجسده، الآن عاد الفتى ينتقم ويأخذ كل ما سُلِبَ منه، يأخذ منهم الراحة ويسرق النوم من أعينهم، وبنيران الدفء يحرقهم، ويبتر أذرعتهم،...