94_بسم الله البداية

31.4K 2.6K 1.3K
                                    

"روايـة غَـــوثِـهِـمْ"
"الفصل الرابع وتسعون_الجزء الثاني"
    
                   "يــا صـبـر أيـوب"
        ______________________

‏فكم للهِ من تدبير أمرٍ،
طوتهُ عن المشاهدةِ الغيوب
ومن كرم ومن لطفٍ خفي،

ومن فرج تزولُ بهِ الكروب
ومالي غيرُ بابِ الله بابٌ،

ولا مولىً سواهُ ولا حبيبُ
كريمٌ منعمٌ بَرٌّ لطيف،

جميلُ السَتر للداعي مُجيبُ
إلهي مِنكَ إسعادي وخيري،
ومنك الجودُ والفرجُ القريب.

_"النقشبندي"
____________________________________

الكُل يسأل كيف السبيل للنسيانِ..
إلا أنا أتساءل كيف السبيل للتخلص من النسيان؟ كيف أعود لداخل قلبك من جديد واستقر به وأتخذ منه مكانًا لي؟ أعلم أن رُبما يكون سؤالي في غاية القسوةِ لكن تلك القسوة بذاتها تسكن بداخل قلبي من اليوم الذي غربني فيه موطني عنه،
تحديدًا بهذا اليوم الذي خشيت على نفسي فيه وذهبت إليه فوجدته يُنفيني عن نفسه وعن أرضه وكأني ما كنت ذات يومٍ لهذه الأرض ساكنة، ولهذا الموطن أقاتل،
اليوم أقف أمام الناسِ وأتساءل كيف الخلاص من خذلانٍ كان وطني سببه؟ كيف السبيل إلى الوصال بعدما هجرتني؟ وكيف أعود لك وأنتَ بنفسك عن حنايا مُحيط غربتي؟ أتعلم في يومها أصابت الخيبة قلبي، وشعرت أن الأرض تميد بي، ويوم أن ذهبت كي أجدك مُنصفًا لي، رأيت في عينيك قسوة حاكمٍ على سجينٍ بريءٍ، لكنه لم يعترف بتلك البراءة، فكانت خيبة قلبي تمامًا كما السجين الذي عاش عمره بالأسرِ ويوم أن سمحوا له للخروج إلى زيارةٍ لم يأتِ أحدٌ لرؤيته،
هل خُيلت لك قسوة المشاعر؟ إذن تخيل أن قسوة مشاعري تفوقها قلبًا وقالبًا، ولو كنت لا تعلم لماذا، دعني أخبرك أنك الحاكم والزائر وأنا المسجون البريء الذي انتظر منك فقط نظرة حنونة، وحتى تلك بخلت على القلب بها..

     <"لم يكن سهلًا عليَّ أن أنسى موطني في عينيكِ">

في كل الحكايا ستجد طرفًا مظلومًا والآخر ظالمه،
لكن في بعض الحكايا ستجد كلا الطرفين مظلومين، فمن يُحاسب بذنب غيره على تدمير حياة غيره؟ من يُلام وأهل الذنب بأنفسهم ينكرون حقيقة الذنب الواقع؟ من يُلام من بين طرفين غدرت بهما الناس في دُنيا لم تنصف إلا الظالم قاسي القلب؟ مَن مِن بين الناس يعترف ويُقر بذنبه والمظلوم بذاته وُضِعَ في خانة الظالم.

كانت الأسئلةِ منها تخرج من فاهها بقهرٍ تشعب للقلب والروحِ، كانت تسأل بصوتٍ عالٍ وقهرٍ وهي تضرب فوق خافقها وتتهمه بعينيها حتى وجدته يضمها ويخطفها في عناقه كأنه ينفي التُهم عن نفسه ويُكذب حقيقة حديثها بنسيانه لها وتخطيه أمرها..

والأسئلة بأكملها الجواب شفهيًا لن يُجديها نفعًا، لذا كان الجواب مختلفًا حيث خطفها في عناقه يحتوي نوبتها وهي تبكي وتصرخ حتى كُتِمَ صوت بكائها وصرخاتها في كتفه وهي تهزي بغير تصديقٍ كأن العقل فر منها:

غَـــوثِـهِـمْ &quot;يا صبر أيوب&quot; الجزء التانيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن