"روايـة غَـــوثِـهِـمْ"
"الفصل المائة والرابع عشر_الجزء الثاني"
"يــا صـبـر أيـوب"
________________
ناداه يونس آسفًا في بطن الحوت
وأيوب مستغيثًا في فراش المرض
وإبراهيم خائفًا بين لهيب النار
ومحمد متيقنًا في غار ثور
ما الذي يمنع عنك مناداتك له وأنت في عمق مآسيك؟
فأنا عَبدُكَ الضعيف..
عصيتك فسترتني
نسيتك فذكرتني
أغضبتك فرحمتني
لا إله إلا أنت سبحانك
إني كنت من الظالمين
وأنتَ ربي أرحم الراحمين..
_"غَـــوث"
____________________________________
ولو كنتُ مناضلًا بين ربوع الوطن..
لا شك أنكِ مقصد الحُرية بذاتها، ولو كنتُ تائهًا فقد عنوانه، فعيناكِ عنوان التائه هذا ومقصد سكنه، ولو أنني لم أكن زاهدًا لكانت فتنتي في بسمة ثغركِ الوضَّاء، ولو لم أكن عاصيًا، فما كان هناك سببًا لتوبتي غير حُسنكِ، ولو لم أكن قاتلًا..
فلن يكون قتلي سوى بعينيكِ، حتى وأنا وسط الجميع مُهابٌ، لكن سبب ليني كان أنتِ، ولو لم أكن أملك حمل التاريخ في قلبي، لأصبحتِ أنتِ حضارتي بأكملها…
ولو لم أكن فاتحًا ومُحاربًا، لكنتِ أنتِ مدينتي المُحصنة التي ألتجيء إليها من قسوة حربي..
ولم أكن سراجًا مُضيئًا، لكنتِ أنتِ نور الطريق لي،
وفي حين كنتُ مثل الطير الحُر، كنتِ أنتِ عُش الطير ومبغىٰ عودته، حتى وأنا أيهمٌ شديد الجمال، كنتِ أنتِ نهال الجمال بذاته، حتى حينما كنتُ غريبًا بين أطراف المدينة وأنتِ تقبعين فيها، علمتُ أنكِ وطن الغريب، لا شك أن تواجدي في أرضي، ووطني، ومكاني بهم غايةٌ وهدفٌ، لكنكِ موطنٌ لأجله يعود المرء ولو خان، أفيُّعقل أن يخون المرء وعدًا، وهو يحمي موطنه؟
حتى ولو الوطن نفسه خان، فعيناكِ الوطن الذي لا يُخان..
<"إنما تلك الحياة تمضي ونمضي وتبقى السيرة">
العِبرة بالخواتيم..
بالنهايات التي توضع من قلب العزيمة، فتُثمر طريقًا أضناه العمىٰ عن سقاية أرضه، العِبرة في قلوبٍ عادت لوجهتها لترشد من بعد ذلك كل التائهين، العِبرة في مكانٍ بالقلب لم يمُت منه الضمير، ولم تُعمْ به البصيرة، العِبرة في قلوبٍ صفت؛ فرأت الحق مُتجليًا أمام غِمام الباطل وهي نخفي الشمس الساطعة، لكن منذ متى وشمس الحقيقة كانت غاربة؟..
هرول "مُـحي" بين الزحام يتخبط بالأكتاف، كان يسير بلهفةٍ كي يُسرع للقاء الحبيب، سارع وتحرك وزاحم بين الجميع حتى لمح ابن عمه، وقتها وقف بدهشةٍ وهو يفكر كيف لدعوات قيام الليل أن تُستجاب هكذا؟ كيف عاد الميت من موته؟ هرعت العبرات من عينيه دليلًا على رقة قلبه، وتغير طباعه وفي طرفة عينٍ ضم ابن عمه، الذي بكى معه..
أنت تقرأ
غَـــوثِـهِـمْ "يا صبر أيوب" الجزء التاني
Actionقتلوا الفتى البريء ودفنوا جثته حيًا في أرض البلدة، حرموه من الدفء بين أذرعتهم وألقوه في النيران والحُجة كانت وصول الدفء لجسده، الآن عاد الفتى ينتقم ويأخذ كل ما سُلِبَ منه، يأخذ منهم الراحة ويسرق النوم من أعينهم، وبنيران الدفء يحرقهم، ويبتر أذرعتهم،...
