84_الفاصل بينهما بابٌ

47.3K 2.9K 787
                                    

"روايـة غَـــوثِـهِـمْ"
"الفصل الرابع والثمانون_الجزء الثاني"

"يــا صـبـر أيـوب"
______________________

«قُل لنفسِك عند كلّ بلاء»:

إنَّ ربِّي هو الَّذي اختارَ نوعَ بلائي،
واختارَ درجتَه، واختارَ زمانَه،

واختارَ مكانَه، واختارَ أسبابَه،
واختارَ حاليَ الَّتي ابتُليتُ بها،
واختارَ ما بلغَ البلاءُ منِّي؛

وإنَّ ربِّي سميعٌ بصير، وإنَّه عليمٌ خبير،
وإنَّه عزيزٌ حكيم، وإنَّه بَرٌّ رحيم،
أَولى بي منكِ ومن الخلقِ جميعا؛
يا نفسُ طِيبي بامتحانِ الله»

_ "حمزَة أبو زهرَة".
____________________________________

لكني لم اتخيلها ولو بلمح البصرِ؛
أن أطرق بابك فأجدك تهرب مني، لم أضعها في مُخيلتي ولو بمحض الصُدفةِ أن آتي لديارك فأجدك تطردني منها وتُغربني وأنتَ أقرب الأقربين لي، لم أترك لعقلي فرصة واحدة كي يطل لهذا الموقف حينما أقصدك أنتَ وحدك؛ وأنتَ حتى لم تتذكر كيف كانت ملامحي، أهذا هو العدل يا خليل القلب؟..
هل هذا هو العدل في مدينتك أن أتوه عن كل السُبلِ ويوم أن استرشد لطريقك أجدك تحكم عليَّ بالتيه؟ فإن كنت ترى أن هذا هو العدل؛ دعني أخبرك أن هذه هي القسوة وما أشد منها، أتعلم أن من أفعال قسوتك أنك ضللتني في كل الجهات وتلك الجهة التي كنت اعرفها خير المعرفة وأقصدك منها؛ أصبحت اليوم أخشى أن أطيء أعتابها بأقدامي، كي لا تغلق في وجهي أبوابها،
ألم يكن حرامًا أن نقطع كل تلك السُبلِ سويًا متشابكي الأيدي وأنتَ تدعني في المنتصف وسط طوفان اليم ثم توليني ظهرك ناويًا الهرب من دربي؟ أكان عدلًا في قاموسك أن تتخلى عني وتفلت يداك عني في حربي؟ أكان سهلًا عليك أن تتركني وحدي في المنتصف وأنا خائب الرجا فلا أعرف كيف أعود ولا أدرك حتى كيف أكمل الدرب ثم تُعاتبني على انفكاك أيادينا؟
أخبرني كيف لي أن أخبر الطُرقات أن ذاك الذي عرفني وارشدني إليكم هو نفسه من قصدته فوجدته يوليني ظهره دون حتى أن يُشير لي أين هي وجهة الطريق؟.

بعض الكلمات العابرة التي ما إن تكونت بجوار بعضها تشكل كارثة حتمية بغير مفرٍ منها، فيتعجب المرء من قدرة الكلام على طعن القلوب بتلك الطريقة الغريبة التي يهتز على إثرها القلب ويرتجف بين الضلوع وتُحبس في المُقل نتيجةً لها الدموع، بعض الكلمات شكلت خنجرًا انتصف في مركز القلب فدمر كل ما فيه وترك جروحًا تحتاج عمرًا بأكمله كي تبرأ..

_ألحقني يا "إيـهاب" بيشاورلي أهو، عاوز ياخدني، ألحقنـي.

هُنا وتمزقت الروح لأشلاءٍ..
فلم تعد بقادرةٍ على تحمل الضربات أكثر، ولم تستطع أن تقاوم هذا الكم من الضربات الغادرة، في تلك اللحظة التي يستسلم فيها الجندي العظيم ويترك سيوف الحرب تخترق جسده فيخبر العالم من بعده بقية العوالم أن تلك الحرب كان بها رجلًا شجاعًا استبسل حتى لحظته الأخيرة، لكن وحدها الطعنات الغادرة هي التي تخضعه للركوع والسيوف في ظهره مزقته لأشلاءٍ..

غَـــوثِـهِـمْ "يا صبر أيوب" الجزء التانيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن