"روايـة غَـــوثِـهِـمْ"
"الفصل الواحد السبعون_الجزء الثاني"
"يــا صـبـر أيـوب"
______________________سبحان من لا يُثيب الخير إلا هو..
يعلو له الكونُ دنياهُ و عقباهُ..الشمسُ و البدرُ من أنوار حكمتهِ
والبرُ و البحرُ فيضٌ من عطاياهُالطيرُ سبحهُ، والزرعُ قَدسهُ،
والموجُ كَبرهُ، والحوتُ ناجاهُوالنملُ تحت الصخور الصُم مَجدهُ
والنحلُ يهتف حمدًا في خلاياهُ .._"نصر الدين طوبار"
__________________________________وما الذنب إن لم أكن موجودًا بغير مكاني؟
ولمن الذنب إن كانت الطُرق تُغربني عن عنواني؟
فأنا هُنا بين نفسي القديمة عالقًا وبين آخرٍ لم يُناسب زماني، وكأن كل المواطن غُربة، وكل الطُرقات ضياع، وأنا هُنا أقف حائرًا وليس لي في الفرح باعٍ، أنا هُنا ولم يخترني أحدٌ لكوني أنا، وإنما كنتُ آخر الحلول المُسلَّمة وكأن فقط الخيار لمجرد كوني هُنا، فكل الحروب كانت بيني وبين نفسي، ولم أجد من وسط الوحدة أُنسي، ولم أجد يومًا من يقف في صفي، حتى أنا أمام نفسي لم أنصفني، فمن أنا، وأين أنا إن كُنتُ من الغُربةِ لم أجدني، ومن بين العالم لم أعرفني، فرُبما العالم كان قاسيًا، لكني قسوت على نفسي أكثر وتقهقرت نادمًا، فأخبروا العالم أن يرحم فردًا حربه بينه وبين ذاته، وكل الورىٰ غافلين عن معاناته..<"كل شيءٍ يكون مخبوءًا إلا من العيون">
كل الأسرار تنكشف ذات يومٍ..
فلا يغدو شيئًا في سريرة المرء، وإنما تسطع شمسه من خلف الغمام وتُعلن عن كل شيءٍ كان مكتومًا أسفل ركامٍ من الضلال ومن ثم تظهر حقيقته فيزول باطله، وفي قوانين الحياة ما بُني على الباطل فهو باطل، وما خُفي خلف الحق فهو حقٌ…ولأن الحقوق لا تُخفى كثيرًا، ولأن الجبان يفعل فعلته سرًا في الظلام، ينشقع له نورٌ يفضح أمره مهما اختبأ ووارى نفسه خلف أسوارٍ منيعة؛ ستهدم فوق رأسه بأقرب فرصةٍ عن طريق جُملةٍ واحدة فقط:
_دا ابن عمي.
كانت منها شبه ميتة، ناهية، ضائعة، عيناها زاغت في فراغٍ أمامه وهي ترفع رأسها تدريجيًا عن الورقةِ ليأتيها رده الغير متوقع حين قال بتهكمٍ:
_طب قولي كلام غير دا.
طريقته كانت أشبه بسخريةٍ أكيدة كأنه يعلم ويخفي الأمر عنها وهذا ما نطقته ملامحه على عكس عينيه، فنظراته تابعتها حتى قامت هي بإقصاء عينيها بعيدًا عنه كي تواري خجلها وخزيها منه، فتنهد هو مُطولًا ثم تحرك نحوها ومال عليها يسألها بحنوٍ وهدوءٍ:
أنت تقرأ
غَـــوثِـهِـمْ "يا صبر أيوب" الجزء التاني
Acciónقتلوا الفتى البريء ودفنوا جثته حيًا في أرض البلدة، حرموه من الدفء بين أذرعتهم وألقوه في النيران والحُجة كانت وصول الدفء لجسده، الآن عاد الفتى ينتقم ويأخذ كل ما سُلِبَ منه، يأخذ منهم الراحة ويسرق النوم من أعينهم، وبنيران الدفء يحرقهم، ويبتر أذرعتهم،...