"روايـة غَـــوثِـهِـمْ"
"الفصل المائة والسادس عشر_الجزء الثاني"
"يــا صـبـر أيـوب"
________________
"إبصارُ الأشياءِ على حقيقتِها انتصارٌ!
لكنّه مؤلمٌ؛
يأكلُ صاحبَه حسرةً على كلٍّ أملٍ كاذبٍ،
وكلِّ جهدٍ ضائعٍ.
فإن قدَّرتَ لنا معرفةَ حقيقةِ الأشياءِ،
ارزقنا طاقةَ التحمُّلِ،
وقُدرةَ القبولِ.
واكتبْ لنا الخيرَ حيثُ كانَ ثُمَّ أرضِنا به
يا ربّ أدعوك
أن لا تغلبني هذه الدُّنيا أكثر
أنا الذي لا حول لي ولا قوة
وما يُزكيني هو يقيني
بأنني عبدك
ولن تُضيعني أبدًا.
_"مُناجاة".
____________________________________
يُقال أن الحُب والحرب ضربٌ من الخِبال..
حيث لا يرغبهما سوى مجنونٍ راح عنه عقله وبات في خضم وصفٍ أقل ما يتم وصفه به أنه مجنونٌ، فمن ذا الذي يُضحي بالروح فداء الآخرين؟ من ذا الذي يترك زُهده وطُرقاته الشاغرة لأجل حربٍ مُفعمة بنكهةِ الحُب؟ بالطبع تلك الأمور لن يفعلها إلا مخبولٍ في سبيل الحُب،
أو شجاع فعلها وأعلن الحرب..
فالحُب هو جنةٌ فوق الأرض، أرض صلبة تحملك حين ترفضك الأراضي، موطنٌ ثابتٌ يأويك حين تُغربك المواطن، مكانٌ دائمٌ لكَ حين تُهَّجرك الأماكن، الحُب عهدٌ والوفاء بالعهد لا يحتاج إلى الخائن، فهل يُعقل أن يكون العاشق جبانًا في حُبه، فيتركه ينسلت من بين يديه، كما ينستل المُحتَل من المواطن؟ الحُب ساحة قتالٍ والقاتل هو الرابح، فإما يظفر بقتله للعدو،
أو ينهزم بنظرة عينٍ تقتله في أرضه…
<"اليوم في أرض الهزيمة، عانقت المكاسب">
لا مفرٍ من مواجهة ضارية مع ذكرى قاسية..
ذكرى تستحوذ عليكَ بامتلاكٍ غير شريفٍ وأنتَ في خضم سعادة كُلية، تمامًا كما فرحتك عند شاطيءٍ أغواك بشمسه ولطافة دفئه، فتناثرت عليك بعض القطرات تغزو وجهك، فجعلك ترتمي لأوسطه فتبتلعك فيه دوامة نحو الغرق، غرقٌ يسلب منك أنفاسك، حتى أن أمر التلويح بيدك مفقودٌ، فإما النجاة، أو الغرق..
حمل "يـوسف " صغيره وهو يشعر أن جسده يتعرض لضربات كهربية، نبضات قلبه تعالت، وجهه أِحمر بشدةٍ، توقفت الأصوات حوله ولم يعد يعلم كم مر من الوقت عليه حتى يقف يحمل قطعة منه تحمل الروح فيها، لا يعلم كيف انتهى به الأمر هنا في رواق المشفى يحمل ابنه؟ لحظة..!! ابنه؟ هل حقًا يحمل ابنه؟ هذا لم يكن مجرد خبالٍ؟ ألم يكن عقله عاد لمرضه وزاد الأمر عليه قسوةً حتى يعيش بهذا الحلم؟ أهذه حقًا حقيقة وليست وهمًا؟.
هبطت عبراته تباعًا وضم ابنه، كان عناقه لابنه قشة قسمت ظهره، لا يعلم لما يبكي لكنه حقًا كان يتحمل أضعاف طاقته، لاحظه الجميع، لكن أسرعهم كان "أيـوب" الذي ضمه وضم ابنه يخفيهما بين أحضانه، وواساه باليد والنظرة والعناق، وكان خير الأخ الذي يشد به أزره، ويستند عليه عضده..
أنت تقرأ
غَـــوثِـهِـمْ "يا صبر أيوب" الجزء التاني
Actionقتلوا الفتى البريء ودفنوا جثته حيًا في أرض البلدة، حرموه من الدفء بين أذرعتهم وألقوه في النيران والحُجة كانت وصول الدفء لجسده، الآن عاد الفتى ينتقم ويأخذ كل ما سُلِبَ منه، يأخذ منهم الراحة ويسرق النوم من أعينهم، وبنيران الدفء يحرقهم، ويبتر أذرعتهم،...
