"روايـة غَـــوثِـهِـمْ"
"الفصل المائة والتاسع عشر_الجزء الثاني"
"يــا صـبـر أيـوب"
________________
الحمد لله على نعمائه،
ما امتدّت يداي إليه يومًا فعادت صِفرًا..
الحمد لله الذي يكرم بأكثر مما نتمنَّى،
وأجزل مما ندعو ونرجو..
إن كان قد أخذ فكم أعطى،
وإن كان قد منع فكم وهبَ وأجزل..
فلكَ الحمد يا رب
ملءَ ما أنعمْتَ وأجزلت وأعطيت،
لا نُحصي ثناءً عليك!.. أنتَ كما أثنيت على نفسك.
_"مناجاة"
____________________________________
خُضت الحرب ولم أعد يومًا مهزومًا..
سرت الدرب ولم أكن يومًا في ظُلمته مهمومًا..
والسر لم يكن في عزيمة المحارب، أو قوة المقاتل، أو حتى علم وجهة السير من السائر، وإنما السر كان في قلبٍ يرافق قلبي فعلمه كيف يربح الحرب دون خسائر..
أنا والطريق مجهولان وانتِ وحدكِ من كنتِ العنوان،
عنوان الرُشد لتائهةٍ فقد الصواب، وعجز عن إيجاد الجواب،
ويوم أن وجد في طريقه شيئًا، كان عناقًا للعذاب،
فكنت قبلك أبعد عن مدارك وأنا غريبٌ في المواطن،
مغتربٌ في الأماكن، لم أجد لي المأوىٰ في كل المساكن،
إلا من عينين، فعيناكِ كانت مقصد الطريق في حين كوني تائهًا،
فأنا الذي عرفوه يحمل خارطة الوطن بكل ضواحيه، يوم أن وجدت خارطتي وجدتها في مُقلتين من نعيمٍ، وأنا..
أنا الرجل الذي يسكنه الجحيم، فقالوا لي أنكِ ماءٌ من ثلجٍ، وأنا رجلٌ من حِممٍ نارية، فإما تُطفيء ماؤكِ نيراني، وإما يحرقك لهيبي، وفي النهاية اتحدت كتلة النار مع لطافة الثلج فكان المزيج رطبًا على روحٍ عاطشة، يملأ الظمأ كل ثناياها..
واليوم أعلن أن الماء ربحت أمام قوة النيران...
<"من رحم النار وُلِد الدفء بالقرية">
السعير لا يحق له أن يخالط الجنة..
النار تحرق، والجنة تُحيي، فلا يحق لهذا أن يختلط بذاك..
حتى أن الشمس الغاربة لا تُشرق في قعر الجحيم، وإنما لكلٍ مكانه، وكأن الشمس لا تُشرق على درب الجحيم..
كان "مُـنذر" بالداخل وسط النيران يختنق، بينما في الخارج فقد انتهى "مارسيلينو" من أمر بقية الرجال، قاتل البعض، استغل الآخرين، أبعد أصدقاءه، ثم هرول لرفيقه، وجده وسط الحريق يحاول أن ينجو بنفسه، فقام بفتح الباب الإلكتروني وولج منه، حاوطتهما النيران، لكن يد "مارسيلينو" امتدت وقام بسحب "مُـنذر" الذي كاد أن يلفظ أنفاسه الأخيرة..
وقتها خرج به من القصر ثم ولج به السيارة، وضعه بها ثم أغلق كل أجهزة التحكم وفي أقل من الثانية سكب الوقود الغازي ثم رمى القداحة وترك البيت يشتعل وحده والنيران تسير فيه كي تأكله، وما إن التفت لمح صورة الطبيب المحترم والده الذي احترق نصب عينيه حيًا، وبين نيران الحاضر ونيران الماضي، قلب الفتى الصغير احترق، فعاد برماده يحرق العالم..
أنت تقرأ
غَـــوثِـهِـمْ "يا صبر أيوب" الجزء التاني
Acciónقتلوا الفتى البريء ودفنوا جثته حيًا في أرض البلدة، حرموه من الدفء بين أذرعتهم وألقوه في النيران والحُجة كانت وصول الدفء لجسده، الآن عاد الفتى ينتقم ويأخذ كل ما سُلِبَ منه، يأخذ منهم الراحة ويسرق النوم من أعينهم، وبنيران الدفء يحرقهم، ويبتر أذرعتهم،...
