"رواية غَـــوثِـهِـمْ"
"الفصل التاسع والأربعون_الجزء الثاني"
"يــا صـبـر أيـوب"
______________________
يَارَبِّ مَاعِدتُّ أَرْجُو غَيْرَ وَاحِدَةٍ
رَضَاكَ عَنِّي وَعَفْوٌ مَنْكَ يَسْتُرُنِيإِذَا ذَكَرْتُكَ جَاوَزْتُ السَّمَا شَرَفاً
فَكَيْفَ إِنْ كُنْتَ فَوْقَ العَرْشِ تَذْكُرُنِي؟يَارَبِّ مَاعِدتُّ أَرْجُو غَيْرَ وَاحِدَةٍ
رَضَاكَ عَنِّي وَعَفْوٌ مَنْكَ يَسْتُرُنِيفأنتَ المغيثُ لِمَن مَاتَت عزائمهُ
أنتَ الرَّحِيم بِمَنْ قَدْ هَدّهُ التعبُ
وروحي يا الله تُتعبنِي._"مُقتبس"
__________________________________
ولكنني لما أدركتُ أنكَ راحلٌ علمت أن وطني يُغربني عنه، أنا هُنا في غِيابك أشعر بالغُربة وأرغب بالعودة؛ عودة للديار وعناق أمي وصوت منزلي الدافيء، وعلى الرغم أنني أحظى بكل ذلك لكن وقت غيابك أشعر حقًا بالغُربة ومالي من دون عينيكِ أُلفة، أنا الجاهل الذي أصبح من بعد قراءته لعينيك فصيحًا، ومن بعد زُهده في الدنيا وقع في هواكِ طريحًا، كأنكِ أنتِ الدُنيا لكنكِ دُنيا تُحيي المرء وكان الضوء فيكِ صريحًا، ولما وجدتُكِ وجدتُ نفسي التائهة مني، وتلاقيت بالروح الغائبة عني، وبدون مُبالغةٍ وبكل إنصافٍ وجدُتني أنا كُلي معك وكأن نفسي الضائعة كانت في موضعك، ولقلبك وجهت حديثي وأنتظرت منه الجواب منكِ لكي أسمعك، فلما كُنتُ غائبًا عني في الروح كنتَ حاضرًا، فلا أريد منك هجرًا، بل أريدك لي من الزمانِ واصلًا، فمنذ مجيئك صالحت أيامي وصفيتُ لزماني بعدما كُنتُ عليه عاتبًا، ولما صفيتُ بقلبي رأيتُ ما كان لي من الدنيا خِلًا وظِلًا وبِتُ به حالمًا، فالحمدلله ألف مرة أنكِ لي ربيعٌ من بعد كل مُرة، الحمدلله أنني يوم صَفيت أنتِ من بين العالم من رأيت، سبحانه ربي شاء وقدر للقلب أن يرى بعينيه سحرًا جميلًا، والقلب قد أبصر بعدما كان ضريرًا، وسبحانه ربي شاء بالمُلتقىٰ يوم أن اخترت من سُبلكِ لي طريقًا..
<"رُبما فقدت القُدرة على الحديث، لكن قلبي يتألم">
نحنُ الجاهلون في تلك الحياة لازِلنا نسير بعمىٰ ونجهل كل ما هو قادمٌ علينا، فتلك الحياة لازالت تخفي في جبعتها الكثير والكثير ونحن كما الأوجه نتلقى منها الصفعات فقط، فهي دومًا تُعطينا المزيد ونحن في الإنتظار وكأن ما يأتينا منها هو نُقطة من بحرٍ أخفته هي ببراعةٍ عنَّا وفي النهاية سبب الغرق يكون مِنَّا.
_وإن قولت لأ؟.
اندفع "مُـنذر" بتلك الجُملة بغير تفكيرٍ بل أراد أن يُعبر عن احتجاجه واعتراضه في وجه الآخر المُبتسم باستفزازٍ كعادته الباردة التي تتنافى مع أصوله البربرية، بينما "ماكسيم" فحول بسمته إلى ضحكات واسعة وصوته يُجلجل ويشق سكون الليل ثم أضاف ما وأد ثباته بقوله الخبيث:
أنت تقرأ
غَـــوثِـهِـمْ "يا صبر أيوب" الجزء التاني
Actionقتلوا الفتى البريء ودفنوا جثته حيًا في أرض البلدة، حرموه من الدفء بين أذرعتهم وألقوه في النيران والحُجة كانت وصول الدفء لجسده، الآن عاد الفتى ينتقم ويأخذ كل ما سُلِبَ منه، يأخذ منهم الراحة ويسرق النوم من أعينهم، وبنيران الدفء يحرقهم، ويبتر أذرعتهم،...