ليس غريباً

177 14 12
                                        

"لم يكن الجدُّ راضياً تماماً عن رحلةِ حفيدِه الأخيرةِ بين الجبال ، فهو لم يجد إلّا صخرةً واحدةً من صخورِ الحروفِ و الهويّات ، و كادَ لأجلها يهدرُ حياته ، لكنّ الفتى كانَ واثقاً من أنّ جهودَه لا تروحُ سدىً ، و قَدْ أقنعَ الجميعَ بذلك ، و هكذا؛ توجَّهَ الفتى ذو السّيفِ إلى الغابةِ في هذه المرّة ، و كلُّه أملٌ أنَّه سوف ينقذُ أهلَ قريتِه و سوف يجدُ من يحاولُ سرقتهم ، و سوف يعيدُ القريةَ إلى ما كانَتْ عليه من قبل"

أنهتِ المعلّمةُ مون حصّةَ الأطفالِ من القصّةِ في هذا الأسبوع ، و وعدتهم بأنّها و بطلهم ذو السّيف سيعاودون في كلّ جمعةٍ قصّ الحكاية ، و سوف يرافقونه في مغامراتٍ و رحلاتٍ خياليّةٍ هدفُها إنقاذُ القريةِ من الضّياع ، نعم ، الفتى ذو السّيفِ بطلُهم الآن!
لقَدْ تبقّى القليلُ من الوقتِ على الانصراف ، و قَدْ بدأ الطّلّابُ يتجهّزون للمغادرة ؛ ساعدَتْ يوري جيا في توضيبِ أقلامها ، لأنّ أقلامها كثيرةٌ و قَدْ نثرتها فوق الأرضِ عن طريقِ الخطأ ، و وضّبت أغراضها أيضاً ، ثمّ جلسَتْ حائرة ، كانَ كيسٌ من أكياسِ الحبوبِ الملوّنةِ موضوعاً أمامها على الطّاولة ، ما تبقّى غيره من بعد ما تناولَتْ هي و جيا كلٌّ حصّتها ، و أصبحَ يجبُ أن تختارَ صاحبَه قبلَ أن ينتهي الدّوامُ المدرسيّ ، هي في الواقعِ قَدْ فعلَتْ منذُ زمنٍ و اختارَتِ الفتى اليابانيّ الغريب ، ريكي ، لكنّها لا تعرفُ بعدُ كيف تذهبُ إليه ، لقَدْ سبقَ له أن رفضَ جلوسَ طالبين بجانبه ، فكيف ستحدّثُه هي؟
رغبَتْ في سؤالِ جيا عن الأمر ، لكنّ البنتَ كانَتْ متعبةً قليلاً اليوم ، فغطَّتْ في النّومِ مُذْ أنهتِ التّوضيب ، و تركَتْ يوري على حيرتِها؛
انظري إليه ، لا يبدو بهذه الخطورة ، لقَدْ أوقعَ دفترَه مرّتين و هو يوضّبُ البقيّةَ فحسب ، و كانَ ينزلُ إليه بسرعةٍ و يلتقطُه دون أن يحدثَ جلبة ، سيسخرون منه لو انتبهوا ، يوري تعرفُ ذلك ، فهي واقعةٌ في ذاتِ الحفرةِ تقريباً.
نهضَتْ متثاقلةً بعد برهة ، و توجّهت بهدوءٍ شديدٍ إلى وسطِ الصّفّ ، راقبتِ الفتى من عندها ، كانَ قَدْ أنهى أعماله المستعجلة ، و جلسَ يتأمّلُ جدرانَ الصّفِّ بوجهٍ متضجّر ، فيمَ تُراه يُفكّر؟
يبدو لطيفاً ، صحيحٌ أنّ مظهره غريبٌ عن طلبةِ الصّفِّ إلى حدٍّ ما ، و لا يبتسمُ أبداً ، لكنَّه على حقّ و هو مسكينٌ أيضاً ، ريكي مثلُها ، لذلك يجبُ ألّا تخافَ منه و لا تستغربه كما يفعلون ، أليس كذلك يوري؟
تقدّمتْ من مقعدِه متردّدة ، توجّهَ إليها بالنّظرِ بغتةً فورما اقتربَتْ ، فتجمّدَتْ في مكانها ، الأمرُ مُفزِعٌ بالنّسبةِ إليها الآن؛
هل سيطردُها؟ ماذا ستفعل؟

_"مر.. مرحباً.."

تلفّظَتْ بأعجوبة ، ثمّ طأطأَتْ رأسها كالعادةِ لئلّا تتأذّى كثيراً إذا ما وبّخَها كما تفعلُ ناري؛
هذا الفتى يشبهُ شقيقتها الكُبرى بطريقةٍ ما ، لذلك ربّما خافَتْ منه..

حديقةٌ و زنبق ~ يانغ جونغوونحيث تعيش القصص. اكتشف الآن