ليس في الحُسبان

170 12 10
                                        

التقَتْ كيكو بجيسونغ في متنزّهٍ كبير ، كانَتْ قَدِ اتّصلَتْ به من هاتفٍ عامٍّ في الشّارع ، و سألته ملاقاتها هنالك بعدَ دوامها في الجامعةِ مباشرة ، وجدَتْ أنّ مصارحته بمخاوفِها أهونُ بكثيرٍ من مصارحةِ أخيها بعلاقتها هذه ، أهونُ بكثير.
وصلَ منذُ دقائق ، و جلسَ معها على إحدى مقاعدِ المنتزه ، كانَ يبتسمُ لأجلِها بصورةٍ رقيقة ، أشعرتها بالذّنبِ كلّما لمحتها ، فما عادَتْ قادرةً على رفعِ عينيها عن الأرض ، لن تجدَ أحداً ينظرُ إليها كما يفعلُ جيسونغ ، و لو عاشَتْ ألف عامٍ و لاقَتْ عشرين ألف محبوب ، هي واثقة

_"كيكو ، لا تبدين على ما يُرام ، ما الأمر؟"

أدنى رأسَه قليلاً كي يستطيعَ النّظرَ في عينيها ، و لم يستطع ، كانَتْ تتهرّبُ منه طوالَ الوقت ، لا يدري لماذا ، تجمعُ كفّيها في حجرها ، و تلهي نفسها بهما ، بل و تضغطُ عليهما بأظافرها و كأنّها لا تشعرُ بألم.
لقَدْ لحظَ كلّ هذه التّفاصيل ، و شعرَ على إثرِها بالخطر ، شعرَ بأنّ هنالك خبراً مدويّاً على وشكِ أن ينزلَ على رأسِه بعدَ قليل ، و لئلّا يصعقه حقّ الصّاعقة ، كانَ يحاولُ تقبّلَه منذُ الآن ؛ كانَ يسمعُ في رأسه:
"أنا و أنتَ لم نولد لنكونَ معاً"
كانَ يسمعُها و كأنّها قَدْ قالتها فعلاً ، جيسونغ خائفٌ من أن يخسرها ، كانَ خائفاً مُذ قرّرَ أن يتقرّبَ منها ، كانَتْ رؤيتها مع أونجي تكفيه ، لماذا سعى إلى المزيد؟ الآن سيُحرَمُ كلّ شيء.. سيُحرَمُ كلّ شيء..
طأطأ رأسَه أيضاً ، و قرّرَ أن يختصرَ عذابه هذا ، فألحّ بالطلب:

_"أخبريني كيكو ، سأفهمُكِ"

_"في الواقع.. أخي هاروتو عادَ من السّفر.. و أنا... كم السّاعة؟"

رفعَتْ رأسَها و سألَتْه فجأةً في خضمِّ استرسالها ، استرسالها في التّلعثم طبعاً ، لم يكن قدِ استوعبَ الأمرَ في أوّلِ عشرِ ثوانٍ ، هو فقط ، استغربَ كيف أنّها تحوّلتْ للنّظرِ إليه في هذه السّرعة ، المخيفة ، ثمَّ عادَتْ تهرّبُ ناظريها بذاتِ السّرعة ، ما بالُها كيكو؟ ما الذّي يحدثُ معها؟
رفعَ ساعدَه بعدَ لحظاتٍ يطّلعُ على ساعةِ يده ، ما يزالُ مستغرباً جدّاً حتّى الآن ، لكنّه لم ينبس بحرف ، كانَ قلقاً كذلك على نحوٍ ما ، يريدُها أن تحكي ما لديها بسرعة ، بسرعة

_"الواحدةُ إلّا ربع"

_"انتظرني لحظة.. سأتّصلُ بأهلي من الهاتفِ هناك.."

_"لحظة ، ها هو هاتفي"

أوقفها على عجلة ، و تناولَ هاتفَه النّقّالَ من جيبِ قميصِه الأزرق ، مدّه في ناحيتها يرجو أن تلتقطه ، أن تلمسَ يدَه و هي تأخذُه من بين أصابعه ، حتّى لو كانَتْ للمرّةِ الأخيرة ، كانَ يشفقُ على نفسه ، بيدَ أنّه غيرُ قادرٍ على أن يتصرّفَ بموجبِ هذه الشّفقة ، يفعلُ ما يمليه عليه إحساسُه و حسب ، جيسونغ صادق ، و رقيقٌ حتّى لو لم يكن بريئاً في بعضِ الأحيانِ كما يبدو.
حدّقت كيكو في هاتفه ، و فكّرَتْ لبرهة وجيزة ، ماذا سيحدثُ لو قبلَتْ دعوته؟ لا ، لن تستطيع

حديقةٌ و زنبق ~ يانغ جونغوونحيث تعيش القصص. اكتشف الآن