رجل

61 7 22
                                    

سُوِّيَ الأمرُ بعدما تكاثفتِ المفاوضاتُ بين الطّرفين ، جيسونغ و كينجي ، ظلّ النّقيبُ يحاولُ و يحاولُ حتّى أقنعهما بضرورةِ العدولِ عن أقوالهما ، و اعتُبِرَ الأمرُ برمّته شجاراً حُجِزَ بسببه الاثنان عشرَ أيّامٍ مع وقفِ التّنفيذ ، و في مساءِ يومِ المشكلة ، تخرّجَ جيسونغ أخيراً من القسم ، و دون الاستعانةِ بشهادةِ كيكو المضطربة.
كانَ هاروتو ينتظرُه في الخارجِ برفقةِ كيكو و أونجي ، لم تخبر إحداهما والديها لئلّا تفتعلا توتّراً فمشكلاتٍ بين العائلتين ، على الرّغمِ من أنّ أمّ جيسونغ تُحِبُّ كيكو كثيراً و تعدُّها ثالثةَ الاثنين ، و من أنّ والدي كيكو يطمئنّان لجيسونغ و يحبّانه ، إلّا أنّ أحداً ليس بمقدورِه أن يتكهّنَ بالطّريقةِ التّي سيتصرّفُ بها الأهلُ عندما يسمعون بهكذا مشكلة؛
هي تسبّبتْ بخروجِه عن الطّريق ، و هو خرجَ عن الطّريقِ و زارَ الشّرطة ، كيف ستكونُ أحكامهم؟ لا أحدَ يعرف.
أحسَّ جيسونغ برائحةِ الهواءِ الطّلقِ لأوّلِ مرّة ، كانَ منغّصاً بعادمِ سيّارةٍ مجاورةٍ و مجموعةِ ملوّثاتٍ أُخرى من مجموعاتِ المدينة ، أحسّ بأنّ هذا الدّخانَ قادمٌ من الرّبيعِ برغمِ ذلك ، لقَدْ كانَتْ رائحةَ الحُريّة ، حتّى لو كانَتْ تشعرُه بالغثيان
"حمداً للّٰه"
ردّدَ في سرِّه ، و ركّزَ على الخيالِ المتحرّكِ أمام القسم ، رأى هاروتو يشيرُ له عند قارعةِ الطّريق؛
"حمداً للّٰه"
مشى في اتّجاهه سعيداً و خامداً ، يترنّح ، مرتاحاً إثرَ رؤيةِ هاروتو أمامه ، و مثقلاً بأحمالِ التّفكيرِ في الماضي و الحاضرِ و المستقبل ،
و لحظةً لحظة ، خطوةً بخطوة ، تزايدَ التّناقضُ في أفعاله و التّخبّطُ في مشاعره ، خطواتُه أُثقِلَتْ ما إن رأى على بعدٍ معيّن أخته و..
كيكو

_"حمداً للّٰه"

تمتمَ هاروتو ، و توجّهَ نحوه مباشرةً ، تناولَه بين ذراعيه و ضمّه إليه ، كما يضمُّ أهله بعد السّفر؛
لا يعرفُ ما حدثَ في خلال هذه الوقتِ القصير ، شعرَ أنّ له أخاً في مشكلة ، أخاً كبيراً يمكنُه ببساطةٍ أن يأمنَ له ، يفهمُه و ليس بعيداً منه و لا بمقدارِ حبّةِ قمح ، جيسونغ أخوه الآن قبل أن يُكنّى بأيّ اسمٍ آخر ، و هو سعيدٌ به ، سعيدٌ جدّاً كما جيسونغ

_"شكراً لكَ هاروتو ، لن أنسى وقوفكَ إلى جانبي ما حييت"

شكرَه بصوتٍ خافتٍ يشتكي الخجلَ و الإحراج ، ابتسمَ هاروتو في بعضٍ منه ، بهدوءٍ شديد ، و تضايقَ في بعضه الآخر ، لا يريدُ أن يشكره ، يريدُ أن يخبرَه أنّه أخوه أيضاً.
ابتعدَ منه يعرضُ عليه الابتسامة ، ثمّ و كما فعلَ في مكتبِ النّقيب ، ربّتَ على كتفِه ، بشدّةٍ بسيطةٍ يوضحُ له عن طريقِها شعوره بالألفة ، لم يستطع أن يتكلّم ، لن يستطيعَ الآن.
دفعه بيده ، وجّهَه بلك نحو سيّارته المركونةِ في قسمِ الانتظار ، حيث كانتِ الشّابّتان تقفان ، انكبّتْ عليه أونجي قبلما وصل ، عانقته و كأنّها لم تره منذُ أشهر ، و ضمّها إليه و كأنّه يعتذرُ بقوّةِ العناق ، لكنّه ابتسم ، ابتسمَ برقّة.
ظلّتِ الأخيرةُ واقفةً جانباً ، لا تعرف ، أسوف يستقبلُها بين يديه بعدَ كلِّ هذا؟ و ما لم تقترب ، أسوف يُعتبَرُ هذا جفاءً؟
أرهقتها رأسُها من التّفكير ، كالعادة ، و مرّ الوقتُ بأبطأ من المعتاد ، ابتعدَتْ أونجي و هي تنظرُ في عيني أخيها و تمسحُ على خدّه ، و حانتِ اللّحظةُ التّي خافَتْ كيكو حضورها منذُ البداية ، وقعَتْ عينُه في مرمى نظرِها ، و عبس ، بردَ وجهه أمام كيكو..
استدارَتْ أونجي نحوها ، أحسّتْ بالحاجزِ الخانقِ بين الاثنين ، و عندما نظرَتْ كيكو في عينيها ، رأت كمّ الضّيقِ فعلاً ، يجبُ أن تتدخّل

حديقةٌ و زنبق ~ يانغ جونغوونحيث تعيش القصص. اكتشف الآن