خبرةٌ كافية

67 9 126
                                    

بعدَ سنتين..

هذه سنةُ يوري الأُولى في الثّانويّة ، و سنةُ جونغوون الأُولى في الجامعة ، يوري تدرسُ مع ريكي ، مُجدّداً ، في ذاتِ الصّفِّ و ذاتِ المدرسة ، و جونغوون أضحى يدرسُ الأدب ، أخبرَ يوري أنّه يُحِبُّه ، يُحِبُّ الرّوايةَ و الشّعرَ و المسرح و الدراما و كلّ ما له علاقةٌ بالآداب ، لكنّه لا يطيقُ الكليّةَ و لا موادها ، لا يطيقُ الطّلّابَ و لا الأساتذة ، عدا جايهيون طبعاً ، أخبرها أنّه على شفا أصعبِ أربعِ سنواتٍ في حياته ، و هي ابتسمَتْ لتهوّنَ عليه ، و أخبرته أنّها ستلحقُه إلى هناك لتصلحَ الأمر ، لقَدْ أعجبه الاتّفاقُ في البداية ، نعم ، يوري معه في ذاتِ الكليّة ، أو في ذاتِ الجامعةِ على الأقلّ ، سيستطيعُ رؤيتها بين الفينةِ و الأُخرى و سينسى كلّ شيءٍ ما إن يفعل ، المواد و العلامات و كلّ شيء ، و لكن ، و مع التّحسّرِ و الضّجر ، أدركَ أنّها لن تصلَ قبلَ سنته الأخيرة ، هذا لو قُبِلَتْ هنالك بعدما تتخرّجُ من الثّانويّة ، كانَ مستاء ، و أصبحَ مستاءً أكثر.
كانَ يزورُ فكرَ يوري مع بدءِ استراحةٍ الغداءِ في يومٍ مدرسيٍّ باردٍ مثلج ، مرَّ وقتٌ مُذْ رأته لآخرِ مرّة ، مُذْ كادَ هاروتو يكشفُها في المكتبة ، و مرّ الأمرُ بمعجزة؛
في الواقع ، أصبحَتْ لقاءاتها بوون منذُ عامين تقتصرُ على يومي الاثنين و الخميس ، عندما يغيبُ أخوها صعبُ المرأسِ في دوامه حتّى المساء ، نصفُ ساعةٍ يتيمةٌ في كلّ مرّة ، و في مكتبةِ الحيّ أمام السّيّدِ نيشيمورا ، تخرجُ إليها بحجّةِ الدّراسةِ و مطالعةِ الكتبِ بهدوء.
هناك ، حيث لا يحدّثُ أحدهما الآخرَ كما يرغب ، و إنّما يتأمّلُه ، يتأمّلُه تحتَ ضوءِ القراءةِ الخافت ، يتأمّلُه في خوفه و خجله و طبيعته ، و في خضمِّ السّكونِ العظيمِ الطّاغي ، يشعرُ و كأنّ هنالك ما هو أكبرُ من الكلام ، فلا حاجةَ له؛
لا يعودُ يرى إلّا السّعادة ، لقَدْ كبرتْ مشاعرُ الاثنين معاً ، كبرتْ و تغيّرت في كلّ شيء ، إلّا في جوهرها النّقيّ العذب؛
ستذهبُ اليومَ لتراه ، عقدتِ العزمَ و أرسلَتْ له خبراً مع أحدِ أطفالِ الحيّ ، و قالَ أنّه قادم ، في السّاعةِ السّادسة ، ستلتقيه مجدّداً إمّا في المكتبةِ أو في السّاحةِ التّي زرعَها بالزّنبقِ تدريجيّاً على مدارِ الأعوامِ الماضية ، المهمُّ أن تراه ، لا تريدُ شيئاً بقدرِ ما تريدُ رؤيته ، هي تُحِبُّه ، تُحِبُّه كثيراً و لا تستطيعُ تخيّلَ مستقبلٍ لها بدونه ، بيدَ أنّه لا يشاركُها التّطلّعات ، لم يخبرها يوماً بذلك ، هو في الواقعِ لا تطلّعات له ، تشعرُ أحياناً أنّه بدأ يسأمُ منها ، و عندما تسألُه عن ذلك ينزعجُ منها ، بل و يغضبُ أيضاً؛
"ما الذّي تقولينه يوري!؟ كيف يمكنُ أن تتخيّلي شيئاً كهذا!؟"
و على أيّةِ حال ، لم تكن تستطيعُ مقاومةَ الشّعورِ و لا محاربته ، لقَدْ كانَ لحوحاً جدّاً ، هي ترى أنّ النّاس جميعاً يسأمون من بعضهم البعض بعدَ مدّة ، و هي مُضجِرةٌ بحسبِ أختها ناري ، فلماذا لا يسأمُ منها هو أيضاً؟ هي معه منذُ ثلاثةَ عشر عاماً ، و قَدْ أصبحا مُحِبَّين منذُ عامين كاملين ، يحقُّ له على الأقلِّ أن يسأم ، ناري حكتْ لها أنّ حبيبها الأوّلَ سئمَ منها ، و أنّ هاروتو لا يتركُ البناتِ لأنّ طباعه صعبةٌ كما يقولُ أبوهم ، بل لأنّه يسأمُ منهنّ ، لأنّ الرّجالَ جميعاً هكذا..
ماذا عن جيسونغ؟ تقولُ ناري أنّه سئمَ في داخله ، و لكن لكي يحافظَ على بيته و شكله اللّطيفِ أمام الجميعِ لا يظهر ذلك؛
و كلُّ هذا الكلامِ الذّي تردّده ناري و هذه التّحقيقاتِ و نظريّاتُ المؤامرةِ بالطّبع..

حديقةٌ و زنبق ~ يانغ جونغوونحيث تعيش القصص. اكتشف الآن