لا تقترب، الجرحُ حيّ

53 9 160
                                    

بعدَ أيّام..
التصقَ ريكي بيوري بعدَ المدرسة ، و أبى إلّا أن يلازمها إلى بيتها رغماً عن أنفها ، كلُّ ذلك جاء على إثرِ رغبةٍ حثيثةٍ في داخله ، و طلبٍ من هاروتو كذلك ، لقَدْ حظي الاثنان بنقاشٍ سريعٍ عن وضعِ يوري عندما كانَ عندهم في البيت ، و قرّرَ هاروتو في ختامه أن يطلبَ مساعدةَ ريكي أقرب أصدقائها في الأمرِ بعدما شهدَ بعينيه عجزه عن حلّه ، لقَدْ عادَتْ في ذات اليومِ من المتجرِ بلا ليمون ، و دخلَتْ إلى غرفتها ، أقفلتِ البابَ لم تتناول طعامها و لم تجلس مع ضيفها العزيز ريكي ، لم تخرج مهما كانَ إخوتها مصرّين ، لقَدْ شتمتهم بأعلى صوتها أيضاً؛
كانَ الموقفُ برمّته ثقيلاً و غريباً ، لم يستطع فيه حتّى أن يؤنّبها ، لم يتلفّظ بحرف ، تركها تقولُ ما شاءَتْ ، و انتظر ، هذا خيارُه الوحيد.
و اليوم ، قرّرَ ريكي أن يفتتحَ معها الموضوع ، موضوعَ الحدثِ الخطيرِ الذّي تسبّبَ بانقلابها المفاجئ إلى بنتٍ ساكنةٍ جدّاً و وقحة ، لكنّه لم يجد سبيلاً إلى ذلك؛
ظلّ يمشي إلى قربها ، عيناه في الأرضِ تراقبُ خطواتهما المبعثرة ، لم يكن ينظرُ إليها حتّى ، فهو يعرفُ أنّ وجهها متجهّمٌ كوجهِ الضّفدع ، لا ، لا يستطيعُ أن يتفوّه بمثلِ هذه المزحةِ الآن ، قَدْ تنهي صداقتهما إلى الأبد ، ريكي يعرفُها جيّداً.
ماذا سيفعلُ الآن؟ هي تأبى أن تكلّمه ، و وضعها الحاليّ لا يسمحُ بفتحِ موضوعٍ جدّيّ ، جرحُ قلبها ما يزالُ حيّاً غضّاً ، لمسُه سيعيدُ النّزيفَ تماماً كساعةِ الجرح الأولى ، و ربّما أكثر..

_"يوري"

_"ماذا تريد؟"

_"أتتزوّجين بي؟"

توقّفَتْ في منتصفِ الطّريق مصعوقة ، و وقفَ المخبولُ كمثلها ، استدارَ نحوها يبتسمُ ابتسامةً غبيّةً مازحة ، ثمّ زمّ شفته السّفليّةَ و رفعَ حاجبيه يدّعي المسكنة ، لم تستطع أن تقمعَ ضحكتها في هذه المرّة ، نجحتَ ريكي!

_"غبيّ!"

_"مهلاً مهلاً يا فستقة ، لا يمكنُكِ سبُّ زوجكِ"

أبقَتْ على أثرٍ من الضّحكة ، و تراخى وجهها قليلاً يسمحُ لضوءِ الشّمسِ الضّعيفِ بالانسلالِ إلى مقلتيها الباردتين ، كانَ وجهها في مرمى الأشعّةِ الخجولةِ النّافذةِ من بين الغيومِ و الغموم ، تضيءُ تفاصيله الرّقيقةَ بلونٍ ذهبيٍّ خفيفٍ جعلَ ريكي يسكنُ لوهلة ، لقَدْ راقَه المنظرُ جدّاً ، لم يستطع أن يبعدَ عينيه عنه ، لقَدْ أدركَ بغتةً كم هي هذه البنتُ جميلة ، على الرّغمِ من أنّها لا تمتلكُ صفةً جسديّةً مميّزة ، بل مهلاً ، يوري فريدة ، فريدةٌ و لو كانَ لها من الأشباه ستّون؛
لحظةً ريكي! فيمَ تفكّر؟

_"ريكي"

_"ما الأمر؟"

_"أنا و جونغوون.."

حديقةٌ و زنبق ~ يانغ جونغوونحيث تعيش القصص. اكتشف الآن