سمرٌ مع النّجوم

75 8 63
                                    

اليومُ أضحى على أعتابِ المساء ، الظّلمةُ بدأتْ تخلطُ ألوانها الغامقةَ مع ألوانِ النّورِ الغارقِ في جهةِ الغروب ، و صوتُ العصافيرِ بدأ يسكنُ و يستقرّ ، كلُّ شيءٍ بدأ يفعل ، عدا الآلامِ و المخاوف ، بدأتْ تستفيق؛
كانَتْ يوري تراقبُ السّاعةَ في غرفةِ المعيشةِ بدمٍ يكادُ يغلي لشدّةِ التّوتّر ، لقدِ اتّفقَتْ مع وون على اللّقاءِ في النّافذةِ عند السّاعةِ التّاسعةِ ، ما إن تنامَ ناري ، و ناري جالسةٌ أنام التّلفازِ تقلّمُ أظافرها بدمٍ بارد ، كالسّحليّة.
يوري لا تخافُها ، و لا تخافُ أبويها و لا حتّى هاروتو ، يوري تشعرُ بالضّيقِ بسببِهم ، لقَدْ ضاقَتْ ذرعاً بالتّوبيخِ و اللّومِ و العتبِ الفارغ ، و بماذا و لماذا و من و كيف ، ضاقَتْ ذرعاً بالأسئلةِ و التّقاريرِ المُفصّلةِ التّي يجبُ تقديمُها كلّ يوم ، تشتهي أن تشعرَ ببعضِ المساحة ، مساحةِ حريّةٍ و لو كانَتْ بسيطة ، و تخافُ أُمّها و هاروتو قليلاً لا تستطيعُ أن تنكر.
و على أيّةِ حال ، هذه التّصرّفاتُ كانَتْ تقدمُ عليها كيكو أمامها منذُ نعومةِ أظفارها ، كانَتْ تراها كيف تطيعهم بالكلامِ و ما إن يغادروا تفعل ما تريد ، كيكو كانَتْ قدوتها قبلما منعتها عن الحديثِ مع جونغوون ، من بعدِ ذلك ، أصبحَتْ مثلها كمثلهم ، غبيضة ، لا لا ، هي تعرفُ أنّها بغيضةٌ الآن

_"يوري ، استيقظي غداً في وقتٍ مبكّر ، أريدُ أن أنظّفَ البيت و ستساعدينني"

"اللّعنةُ عليكِ!"
لا ، لا تستطيعُ قولَ ذلك الآن و إلّا مطّتْ في المشكلةِ و غيّبتها عن موعدِها مع جونغوون الأوّلِ منذُ وقتٍ طويل ، ستنتقمُ منها و من عطلتها البغيضةِ في وقتٍ آخر؛
قالَ ستساعدينني ، و منذُ متى تعملُ حتّى تساعدها؟ هي فقط تجلسُ كالحيزبونِ في الزّاويةِ و تلقي بالأوامرِ هنا و هناك ، حتّى والدتُها لا تقدرُ على تغييرِ هذه الصّفةِ البغيضةِ فيها ، التّحكّمِ في كلِّ شيءٍ و كلِّ أحد ، حتّى هاروتو تريدُ السّيطرةَ عليه ، و لكن هيهات.
ابتلعَتْ يوري جوفها ، و ابتلعَتْ كثيراً من حنقها برفقته ، يجبُ أن تعرفَ ما تفعل ، تريدُ السّهرَ مع وون في آخرِ لحظاتِ عيدِ ميلادها ، تريدُ جعله حلواً قابلاً للاستذكارِ حتّى بعدَ أعوامٍ أُخرى ، تريدُ جعلَه عيداً ، و من غيرُ وون في استطاعته فعلُ ذلك؟

_"حسناً ، ألن تنامي؟"

_"سأتابعُ برنامجاً اليوم ، نامي أنتِ إن أردتِ"

_"تصبحين على خير"

نهضَتْ متوتّرة ، تحسبُ في رأسها ألف حسابٍ و حساب ، ستُضطرُّ لخفضِ صوتِها و عملِ دوريّاتٍ متلاحقةٍ على بابِ غرفتها إلى أن تنامَ ناري و تقفلَ عليها بابَ غرفتها ، و لكن لا بأس ، ستفعلُ كلّ ما يمكن ، لم تعتد المثاليّةَ في الظّروفِ حتّى تتذمّرَ اليوم.
سارَتْ في اتّجاهِ غرفتها ، تنظرُ إلى خلفَ مع كلِّ خطوةٍ و صدرُها يستقبلُ بعضَ الوساوس ، تحسبُ أنّ خطوةَ أختها المختلفةَ اليومَ ما هي إلّا بدايةُ خطّةٍ لتكشفَها و تمسكَ بها متلبّسةً بالجرمِ المشهود ، و وجهُ ناري الباردُ دليلٌ على ذلك ، و لكن ، و لأنّ يوري أقوى بكثيرٍ من كيكو ، ستقومُ بهذه الخطوةِ الآن كيفما كانَ الوضع ، و ستتعاملُ مع العواقبِ لاحقاً؛
تتمنّى ذلك.
دلفَتْ إلى غرفتها و أوصدتِ الباب ، ثمَّ ركضَتْ نحو النّافذةِ تطّلعُ على السّاحة ، فتحتها بتأنٍّ شديد ، و مدّتْ رأسها إلى الخارج ، كانَ الشّابُّ جالساً هنالك ، فوق العشب ، يحدّقُ في النّافذةِ صبرُه طويلٌ و شوقُه يرهقُه ، يترقّبُ أن تطلَّ يوري أخيراً ، و عندما فعلَتْ و انتهى انتظارُه ، اضطربَ و ارتبكَ و كادَ يختنق ، هل يجبُ أن يشعرَ هكذا؟

حديقةٌ و زنبق ~ يانغ جونغوونحيث تعيش القصص. اكتشف الآن