أصيل، لا يُنتزَع

59 8 32
                                    

الغضبُ و الانفعالُ و قلّةُ التّخطيطِ أكفلُ بتدميرِ أعمدةِ بيتٍ كامل ، كانَتْ أكفلَ بإخراجِ جيسونغ من ثوبِ الشّابِّ الصّالحِ و إلباسِه ثوباً غريباً عنه ، ثوباً لا علاقةَ له بداخلِ الشّابِّ الرّقيقِ المعروفِ عنه حسنُ الخلقِ و الرّويّةُ في التّعامل ، فما الذّي كانَ أهلاً بإحداثِ كلِّ هذا التّبدّل؟
كانَ جالساً في مكتبِ النّقيبِ المسؤولِ في قسمِ الشّرطة ، الذّي صدفَ و كانَ من أحدِ معارفِ أبويه ، لحسنِ الحظّ ، و أمرَ بتأجيلِ التّحقيقِ نصفَ ساعةٍ و أكثر ، ريثما على الأقلّ لملمَ جيسونغ نفسه و هدّأ من روعه.
حاولَ استعادةَ ما حدثَ بهدوء ، منذُ قليل ، قبلَ غمضةِ عين ، كانَ ذاهباً ليقلَّ كيكو بناءً على اتّفاقٍ مسبق ، لديهما حجزٌ في حفلِ افتتاحِ مطعمٍ جديدٍ و كانَ سعيداً جدّاً لأنّها سترافقه إليه ، لوحدها ، دون أونجي و دون أيّ أحدٍ آخر ، بيدَ أنّه و ما إن وصلَ إلى نقطةِ التّلاقي ، غفلَ عن كلِّ السّعادةِ و احتلّه غضبٌ هائل ، رأى كينجي ، الشّابَّ الذّي يزعجُها منذُ عامٍ واقفاً معها ، و هي تحاولُ أن تطردَه و لا تقدر.
لا يذكرُ ما حدثَ من بعدِ ذلك ، يذكرُ أنّ حرارةً عُظمى قَدْ بُثَّتْ في جسدِه ، ثمّ يذكرُ سماعَ صفّارةِ سيّارةِ شرطة ، و رؤيةَ ضحكةِ كينجي اللّعين بين كلّ الكدماتِ و الجروح ، لقَدْ خطّطَ لكلّ هذا و سارَ كلّ شيءٍ كما أراد ، أخبرَه ألّا يعبثَ معه من جديدٍ قبلما سُحِبا إلى هنا

_"زعمَ كينجي أنّكَ تعترضُه في الطّريقِ منذ زمن ، كنتُ سأعتبرُها مشاجرةً لولا أنّه تأذّى أكثر منك بكثير"

_"سيّدي.."

قاطعَه عنصرٌ طرقَ البابَ و وقفَ عنده ، أدخلَه النّقيبُ بإذنٍ مختصر ، فدخلَ خطوةً واحدة ، و أدّى التّحيّة.
داهمَ جيسونغ إحساسٌ عجيب ، بأنّ هنالك من يراقبُه ، فمدّ رأسه قليلاً إلى الأمامِ ليرى من في الخارج ، كانَ هنالك شخصٌ يقفُ خلفَ عنصرِ الشّرطة ، و حارسٌ آخرُ يرافقُه ، كانَ الأوّلُ طويلاً ، و كانَ بمقدورِ جيسونغ رؤيتُه ، لقَدْ كانَ هاروتو ، شقيقَ كيكو.
وقفَ جيسونغ لهولِ الصّدمة ، و لهولِ وعيِه المباغتِ بهويّته ، لقَدْ تذكّرَ من يكونُ و من يعرفُ و ماذا يعملُ بغتةً ، لقَدْ تذكّرَ كونه غافلاً عن كلّ تلك الأمورِ طوالَ نصفِ ساعة ، أحسّ كما يحسُّ المستيقظُ من كابوسٍ طويلٍ لأوّلِ وهلة ، أحسّ بحياته تومضُ في عينيه من جديد.
أذنَ النّقيبُ بدخولِ الضّيف ، و خرجَ من المكتبِ يحفظُ حقّهما في الخصوصيّة ، كانَ هاروتو مرتبكاً ، ما إن دخلَ اقتربَ من جيسونغ ، وقفَ إلى قربِه ، ثمَّ عانقَه عناقاً أخويّاً منحَ الأخيرَ حريّةً ما ، منحه القدرةَ على التّنفّسِ بوسعِ صدره ، و على الرّغمِ من أنّ أحدهما لم ينظر في عيني الآخر ، لم يجرؤ على فعلِ ذلك

_"شكراً هاروتو.. شكراً لمجيئك.."

ابتعدَ هاروتو منه بعضَ الشّيء ، و ربّتَ على كتفِه عدّةَ مرّاتٍ ، رغبَ في شكرِه أيضاً على ما فعل من بعدِ ما قصّت عليه كيكو الحكايةَ عند الباب ، بيدَ أنّه لم يقدر ، سيبدو.. لا يعرفُ كيف سيبدو.
جلسَ الاثنان ، و أحدهما غيرُ راغبٍ في الكلامِ عمّا حدث ، بيدَ أنّ الوقتَ يداهمهما ، وقتُ الزّيارةِ ليس طويلاً إلى هذا الحدّ ، استسلمَ هاروتو أوّلاً

حديقةٌ و زنبق ~ يانغ جونغوونحيث تعيش القصص. اكتشف الآن