تطايرَت مجموعاتُ الأوراقِ المُصفرّةِ مع كلِّ هزّةٍ لجذعِ الشّجرةِ الرّفيعِ الفتيّ ، و تهافتَتْ أمام عينيّ طفلةٍ صغيرةِ الحجم ، الجذعُ كانَ مُحاطاً بذراعي مراهقٍ نحيلٍ ذي بسمةٍ رقيقة ، كانَ مسؤولاً عن خضِّه و هزِّه ، يخضُّه مع كلِّ ذروةٍ تبلغُها قواه و يقفُ ليرى كيف ستتفاعلُ شقيقتُه الصّغيرةُ مع المنظر؛
هاروتو هو الوحيدُ الذّي يلاعبُ كيكو الصّغيرة ، فبناتُ الحيّ لا يخرجن كثيراً ، و ليس هنالك في العائلةِ من في مثلِ عمرِ كيكو ، ليس هنالك غيرُ بيتهم في المدينةِ حتّى ، أختها ناري بالغةٌ لا تلعب ، تكبرُها بخمسِ سنوات ، و يوري تصغرُها بأربع عشرة و ليسَتْ قادرةً على الخروجِ و اللّعبِ بعد ، ما تزالُ رضيعة.
أمّا هاروتو العزيزُ الذّي بلغَ حديثاً جدّاً ، فلا فرقَ لديه بكم يكبرُها ، سيظلُّ يلاعبُها و يحدّثُها و يصطحبُها إلى حيث تريد ، كانَتْ كيكو الصّغيرةُ رفيقةَ عمرِه و الأقربَ إلى قلبه ، هي و يوري طبعاً ، تلك طفلتُه ، تهدأ بين ذراعيه أكثر ممّا تهدأ مع والدتها ، و هو من أطلقَ عليها اسمَ يوري يومَ وُلِدَتْ ، أبوه كانَ واثقاً من أنّه سيوقعُ البيتَ على رؤوسهم لو لم يفعل ما أراد.
طارَتْ إحدى الأوراقِ بعيداً مع نسمةٍ قويّة ، لحظتها كيكو فوراً ، حسبتها فراشةً تطيرُ وحدها مع هواءِ الخريفِ الرّطب ، فسعَتْ وراءَها ، تبعتها بخطا سريعةٍ و خفيفة ، كانَ هاروتو في ذلك الوقتِ يخضُّ الجذعَ و لم ينتبه لحراكها ، و عندما أنهى و التفتَ إليها ، لم يجد أحداً..
_"كيكو!"
ندَه بصوتٍ ثابت ، و هرعَ يبحثُ عنها خلف الأشجارِ و في محيطِه الواسع ، كيكو حجمها صغيرٌ جدّاً ، كانَ واثقاً من أنَّ النّاسَ لو بلغوها سيحملونها و يهربون بها دون أن يشعروا بأيِّ عبء ، سيسرقونها كما سرقوا لعبته منذُ وقتٍ طويلٍ في ساحةِ اللّعب ، دميةَ البناتِ التّي طالما سخروا منها ، ما لبثَ ينشغلُ عنها قليلاً حتّى اختفَتْ ، إلى الأبد.
تلفّتَ حائراً ، عشرةَ تلفّتاتٍ في دقيقةٍ و ربّما أكثر ، بدأ الخوفُ بسطَ سيطرتِه على لبِّه ، و في غضونِ ثوانٍ كانَ قَدِ احتلَّ رأسه ، كادَ يجنُّ و يصرخُ لولا أن..
_"روتو.."
رنَّ صوتُها النّاعمُ فجأةً في رأسه ، فوجدَ نفسه يستديرُ بحثاً عنه؛ كانَتْ كيكو تختبئ وراءَ شجرةٍ مجاورةٍ و تسترقُ النّظرَ إليه ، بخجل ، في الواقعِ كانَتْ خائفة ، تخشى أنّه قَدْ غضبَ عليها لتسلّلها من أمامه على هذا النّحو ، و سوف لن يصطحبها من جديدٍ في نزه ، و قَدْ يخبرُ أباهما ، لقَدْ عاقبَها ذاتَ مرّةٍ في مثيلٍ لهذا الموقف؛
بلغَ خيالُ البنتِ كلّ هذه الأماكنِ في غمضةِ عين ، و منذُ اللّحظةِ التّي سمعته فيها يصرخُ باسمها ، كيكو لديها قلقٌ منذُ وقتٍ طويل ، أخبرتِ المُعلّمةُ أُمّها عن هذا الأمرِ مُذْ كانَتْ في الابتدائيّة ، و والدتها ظنّتِ الأمرَ مجرّدَ كلام ، لم تعره الكثيرَ من الاهتمام ، ثمّ غفلَتْ عنه مع الوقتِ لانشغالها بأمورِ البيتِ و المتجر ، و ولادةِ يوري نعم
أنت تقرأ
حديقةٌ و زنبق ~ يانغ جونغوون
Fanfictionأتعرفين؟ إذا فارقَ أحدُنا الآخر في يومٍ من الأيّام سيدعو لأجله و سيزورُ الحديقة سيراه هنا ، حيث التقاه لأوّلِ مرّة لن نفترقَ أبداً جونغوون و يوري في حديقةِ الزّنبق تمّ صنعُ الغلاف بوساطة المُبدعة ميساء: @maigrphx 27/04/2024🌷 22/12/2024🌷 ملاحظة؛ تن...
