حُبّي كلَّه

133 13 45
                                        

الشّمسُ اليومَ مُغيّبةٌ وراء تكدّساتِ الغيوم ، و المطرُ ينتظرُ فرصةً ما لكي يغدقَ الجوّ برائحةِ الرّحمة؛
يوري تنتظرُ بفارغِ الصّبرِ عند النّافذة ، تنتظرُ مراقبةَ حبّاتِ المطرِ لتدقّقَ في هيئتها و تحفظها ، و تترقّبُ أن تمسكَ ببعضها و تحتفظَ بها ، تريدُ أن تركضَ في قلبِ المطر ، و أن تجدَ جونغوون يركضُ معها ، فجأة ، تتمنّى ذلك.
رفعَتْ رأسها إلى السّماء ، و جمعتْ كفّيها أمام فمها ، كما تفعلُ عندما تلمُّ بتلاتِ الزّهرِ و تنثرُها على رؤوسِ أصدقائها ، لفظتِ الأمنيةَ همساً ، خبّأتْها بين راحتي يديها ، ثمَّ نفختْ عليها لكي تطيرَ إلى السّماءِ قبلَ أن يحلَّ المطر ، قَدْ تصبحُ الأجواءُ صعبةً ما إن يفعل ، و قَدْ تتأخّرُ الأمنيةُ و لا يأتي وون في الموعدِ المناسب ، ستحزنُ يوري في هذه الحال ، هي حزينةٌ منذ الآن

_"هيّا يا مطر! تعال أنتَ و ووني!"

جلسَتْ أرضاً بعدَ برهة ، بعدَ أن تأخّرَ المنتظران ، و ألقَتْ نظرةً على بابِ الغرفة؛
كانَتْ أونجي العزيزةُ عندَ كيكو ، تجلسان في الصّالةِ و تتبادلان الأسرارِ همساً و تضحكان جهراً ، كانَتْ يوري على قدرٍ من الحماسةِ لتتسلّى بأحاديثهما ، بيدَ أنَّ الآنسة كيكو قَدْ طردتها إلى الغرفةِ على نحوٍ غيرِ مباشر منذُ بدايةِ هذه الجلسة ، لا يجبُ أن تصبحَ مهتمّةً بهذا فعلاً ، فالجميعُ يعاملها هكذا كلّما زاره ضيف ، والدتُها أخبرتها في يومٍ أنّها كانَتْ تتمنّى أن تزورَ صديقاتها و تستمتع في وقتِ فراغها ، لكنّ وجودَها يقيّدُها ، إنجابُها أصلاً حدثَ عن طريقِ الخطأ ، لقَدْ بكتْ يوري كثيراً في ذلك اليوم ، و تظنُّ أنَّها اعتادتِ الأمر ، هل يمكنُ الاعتيادُ على الآلامِ فعلاً؟
هل هذه آلام؟
نعم ، لقَدْ كانَتْ تتألّم ، كانتِ الآلامُ تحتلُّ جسدها دون أن يتوضّحَ لهذه الأحداثِ مشهد ، كانَتْ تمتصُّ طاقتها من الدّاخل ، و لا تعرفُ عنها شيئاً ، تعرفُ أنّها ضَجِرةٌ و ترغبُ في رؤيةِ جونغوون و اللّعبِ تحت المطر ، هذا كلُّ الأمر.
فكّرتْ قليلاً ، فكّرتْ في أبيها الغائب ، و أُمِّها العصبيّة ، و في هاروتو و ناري بذاتِ الأوصافِ أيضاً ، و في كيكو ، الوحيدةِ التّي كانَتْ تبدو لطيفةً معها ، ربّما ما تزال ، ربّما.
غادرتِ الغرفةَ تجرُّ قدميها ، كانَتْ تشعرُ أنّها ستخيب ، لكن لا خيارَ أمامها ، لا يوجدُ سواها و سوى كيكو و أونجي اليوم في البيت ، و لا طفلَ في الجوار ، يوري لا تريدُ البقاءَ لوحدها ، الأمرُ موحِش.
توجّهتْ نحو صالةِ البيت ، كانَتْ كيكو تتنهّدُ في تلك اللّحظةِ و تستعدُّ للنّهوض ، و قَدْ لحظتها مع الأسف ، و عبستْ ، كالعادة

_"منذُ متى أنتِ هنا؟"

_"جئتُ الآن"

أجابتها ببرود ، و ألقَتْ نظراتٍ مشتاقةً على التّلفاز ، كانَتْ أونجي تومئ لكيكو و تحثُّها على تركها ، ترغبُ في رؤيةِ الطّفلةِ سعيدةً الآن ، لا ضيرَ في الأصلِ من وجودها و هما تتحدّثان فقط عن جيسونغ ، بيدَ أنّ كيكو ، و بغيرِ صبر ، توجّهتْ إليها و دفعتها نحو الخارج ، ها هي تصبحُ مثلهم ، الوحيدةُ التّي تُحِبُّها يوري كثيراً..

حديقةٌ و زنبق ~ يانغ جونغوونحيث تعيش القصص. اكتشف الآن