لفحتِ الفسحةَ الخضراءَ الفارغةَ نسمةٌ باردة ، حرّكتِ الأعشابَ و الأشجارَ المحيطة بها ، و حرّكت _إلى حدٍّ ما_ الرّكودَ بين الشّابّين الواقفين عند أحدِ أطرافها ، و جعلتهما يحيدان قليلاً من دربها و يحتميان بظلِّ أحدِ الأبنية ، لقدِ اقشعرَّتِ الأجسادُ على إثرها ، و لربّما استفاقت؛
يوري و جونغوون يقفان منذُ برهةٍ أمام بعضهما البعض ، مذِ اجتمعا و ألقيا السّلام ، يبتسمان تارةً و لا يبتسمان ، لا يجدان سبيلاً للقربِ و يأبيان انتهاءَ الأمرِ بهذه البساطة.
في الحقيقة ، لقَدْ كانَتْ يوري راضيةً بهذا السّكونِ العجيبِ المخيّمِ على قلبيهما ، شرطَ ألّا ينتهي إلى البعادِ من جديد ، بيدَ أنّ وون لم يكن ، كانَ مضطرباً في داخله ، مهتزّاً ، و ليس يرغبُ في أن يبدي ذلك أو أن يعترفَ به ، و الصّمتُ هذا لا يساعد ، لا يساعدُ على الإطلاق.
كانَ يطرحُ على نفسه الأسئلةَ باستمرار ، و لا يعرفُ كيف يجيبها ، يريدُ أن يتحرّكَ و يشعرُ أنّه عاجز ، و كأنّه محتجزٌ في جسدِه ، مكبّلةٌ أطرافُه و فمُه ملصق ، و لا يستطيعُ إلّا أن يفكّر..
إلى أين سينتهي كلُّ هذا؟ أسوف تظلُّ لديه قدرةٌ على موازنةِ الأمورِ مهما حدث؟ و لماذا لا يستطيعُ التّصرّفَ كما في أحلامِ اليقظة؟
ألقى نظرةً حديثةً على وجهها ، ذلك الوجهُ المألوفُ قَدْ تغلغلَ في قلبِ هذا الوجهِ الجديد ، لا يزالُ حاضراً ، لكنّه أضحى أكثرَ نضجاً ، و حلاوة ، هو يشعرُ عميقاً في داخله برغبةٍ في العودةِ إلى ما كانَ عليه من قبل ، و في رؤيةِ يوري تنتظرُه ، هناك ، عند ساحةِ اللّعب.
تحمحمَ بعدَ برهة ، أخفضَ عينيه و أظهرَ ابتسامةً خفيفةً نجمت عن حلاوةِ ذكرى الطّفولةِ القريبة ، و قرّرَ أن يعيدَ شيئاً منها ، جمعَ الكلماتِ في حلقه ، ثمّ فاه:
_"اشتقتُ إليكِ"
كالعادة؛
لا يقولُ جونغوون شيئاً آخر ، يقفُ على السّكّةِ بين ما يريدُ قوله في الحقيقةِ و بين الحدودِ التّي هو راغبٌ في وضعها ، أو مُضطرّ ، و كالعادة ، لم تكن ليوري الرّغبةُ في تحليلِ كلامه ، أخذتِ العبارةَ على أنّها مجاملةٌ معتادةٌ في المحادثاتِ و ابتسمت ، لم تجب.
قلبُ جونغوون يبثُّ بضعةَ شراراتٍ كلّما قابلَ يوري ، يحاولُ السّيطرةَ عليها لبضعٍ من الوقت ، و عندما تهزمُه يهربُ من أمامها ، تهزمه في كلّ مرّةٍ بعدَ دقيقتين اثنتين ، لا يريدُها أن تحتالَ برقاً ، هو متوتّر.
بدأ كلُّ ذلك مُذْ بلغَ الخامسةَ عشرة ، أو قبل ذلك بعام ، لم تعد يوري في عينيه ذات الطّفلةِ المُدلّلة ، لم يعد يراها بذاتِ الأعين ، أصبحَ لأصدقائه أحبّاء في ذلك الوقت ، و كانَ كلّما رآهم معاً ، يخالُ يوري في ذاتِ المكانة ، و يخافُ من هذا الخيالِ إلى حدٍّ كبير.
لقَدْ كانَتْ تخبرُه أنّها تُحِبُّه ، و لكن.. هل ستقبلُ حُبَّه الآن؟ هل تعرفُ معنى هذه الكلمةِ حتّى؟
و السّؤالُ الأهمّ؛ هل ستتكرّرُ ذاتُ الآلامِ المُبرّحةِ على روحِه المُخبّأةِ إذا ما عرّضها للحياةِ من جديد؟
هبّتْ نسماتٌ أُخرى أكثر برودةً و أكثرَ عنفاً ، لامسَتْ وجهه الحارّ كالصّفعة ، استطاعَتْ أن برّدَتْ شيئاً من توتّره و أفاقته إلى ما حدث ، كما جعلَتْ يوري تقفزُ برداً ، كانَتْ ترتدي كنزةً خفيفةً فوق كونها حافية؛
كم هي..لماذا لا تكبر؟
تساءلَ وون في سرّه ، ثمَّ خلعَ الحقيبةَ عن كتفه و وضعها أرضاً ، خلعَ من بعدها سترته ، و وقفَ حائراً في كيفيّةِ منحها للبنت ، لقَدْ رأى مشهداً كهذا في أحدِ الأفلام ، لكنّه لا يذكرُ التّفاصيل ، كم هو..
أنت تقرأ
حديقةٌ و زنبق ~ يانغ جونغوون
Fanfictionأتعرفين؟ إذا فارقَ أحدُنا الآخر في يومٍ من الأيّام سيدعو لأجله و سيزورُ الحديقة سيراه هنا ، حيث التقاه لأوّلِ مرّة لن نفترقَ أبداً جونغوون و يوري في حديقةِ الزّنبق تمّ صنعُ الغلاف بوساطة المُبدعة ميساء: @maigrphx 27/04/2024🌷 22/12/2024🌷 ملاحظة؛ تن...
