مغربُ يومٍ خريفيٍّ ناعم؛ قبل عامين
نادى الجدُّ نيشيمورا على جونغوون بصوتٍ راكنٍ منخفض ، و نظرَ في وجهه برهةً قبل أن أعادَ الكرّة ، كانَ الشّابُّ منهمكاً في تنظيفِ إحدى رفوفِ المكتبة ، و يبدو كذلك غارقاً في سيلِ أفكارٍ موجعٍ و حلوٍ في ذاتِ الآن ، فتشتدُّ ملامحه برهةً ثمّ ترتخي ، كوجهِ رضيعٍ حالمٍ في أولى أشهرِ حياته.
ابتسمَ السّيّدُ نيشيمورا بينه و بين نفسه ، ثمَّ مشى في اتّجاهِ الواجهةِ حيثُ ينظّفُ جونغوون ، و وقفَ إلى جانبه ، و هنا ، استطاعَ أن اكتسبَ انتباه الشّابِّ أخيراً ، بل كادَ أن يفزعه ، ما الخطب؟
_"هل ناديتني عمّي؟ لقَدْ شردَ ذهني أنا أعتذرُ منك"
_"لا بأس بنيّ ، شكراً جزيلاً لمعاونتك ، يمكنكَ الذّهاب"
_"ألا أساعدُكَ في الإغلاق؟"
_"لا ضرورةَ يا بنيّ ، أساهي قادمٌ لأخذي ، و يبدو أنّ هاروتو قادمٌ معه ، لا أريدُ أن تصدفه هنا"
أفلتَ جونغوون ضحكةً خافتة ، غير مفهومٍ إن كانَتْ بقصدِ استظرافِ كلامِ الجدِّ أو السّخريةِ من القادم ، لكنّها مرّتْ مرورَ الكرام ، فالجدُّ يبتعدُ بعض الشّيءِ عن مشكلاتِ الآخرين و حتّى مشكلاته في آخر فتراتِ حياته ، كما أنّ الحواجزَ التّي يضعها جونغوون ما بينه و بين النّاسِ ستظلُّ قائمةً حتّى لو حاولَ تجاوزها ، و بناءً عليه ، شرعَ الشّابُّ يلملمُ حاجياته و يتهيّأ للرّحيل؛
لقَدْ عادَ هاروتو منذُ أيّامٍ في زيارةٍ سريعة ، يبدو أنّ لديهم مناسبةً ما في البيت ، ربّما ولادةُ طفل ، ذاتُه الذّي سمعَ بكاءه من نافذةِ البنتِ عندما أرادَ لقاءها في نهايةِ الأسبوعِ و لم يستطع ، و ليس مهتمّاً بمعرفةِ من و لماذا و متى ، لن يسألَ ما لم تحكِ ، و لم تعد تفعل.
ألقى نظرةً أخيرةً متواضعةً على السّيّدِ نيشيمورا ، و انحنى يودّعه ، ثمَّ أخذَ طريقَ الخروجِ على عجل ، اقشعرَّ بدنُه إذ وطئ خارجاً ، اجتاحته برودةُ اللّيلِ البكرِ و نالَ منه فتونُ غيمِ المغرب ، وقفَ في مكانه ، رفعَ رأسه نحو السّماءِ و ابتسم ، يخبرُ نفسه أحياناً أنّ فرصةَ النّظرِ نحو السّماءِ نعمة ، تهوينٌ من اللّٰه على قلوبٍ منهكةٍ لا حولَ لها و لا قوّة ، لحظةُ صفاءٍ في خضمِّ ضجّةِ الحياةِ الهائلة ، صفاء ، كلمةٌ حلوة
"أُحِبُّكَ يا إلهي"
غمغمَ بينَ أنفاسه المستغرقة ، ثمَّ توجّهَ نحو أحدِ متاجرِ الحيِّ لشراءِ بعض الحاجيّات ، ربّما سيشعرُ ببعضِ الانتماءِ نحو بيتِ والدته لو اشترى لها بعض الأغراض ، ستعتادُ على أن توصيه بعد ذلك ، سيصبحُ الأمرُ أكثرَ.. طبيعيّة؟
لا يهمّ.
ولجَ بهدوءٍ على المتجر ، سلّمَ على العمِّ في الدّاخلِ و وقفَ يتفرّجُ على الأغراض ، ابتاعَ علبةَ حليب ، كرزٌ مُعلّب ، كيس طحين ، و علبةَ مقرمشاتٍ يحبُّها ، هذا كلُّ شيءٍ يستطيعُ تغطيةَ ثمنه.
و في أثناءِ كانَ البائعُ يوضّبُ له الأغراض ، تسلّلَ حديثٌ شيّقٌ إلى مسمعه ، كانَ هنالك شابّان عند المدخلِ يتناقشان في موضوعٍ ما ، و يبدو أنّه قَدْ وصلَ نقطةً حادّة
أنت تقرأ
حديقةٌ و زنبق ~ يانغ جونغوون
أدب الهواةأتعرفين؟ إذا فارقَ أحدُنا الآخر في يومٍ من الأيّام سيدعو لأجله و سيزورُ الحديقة سيراه هنا ، حيث التقاه لأوّلِ مرّة لن نفترقَ أبداً جونغوون و يوري في حديقةِ الزّنبق تمّ صنعُ الغلاف بوساطة المُبدعة ميساء: @maigrphx 27/04/2024🌷 22/12/2024🌷 ملاحظة؛ تن...
