_"يوري! توقّفي عن التّذمّرِ و اذهبي إلى الغرفة!"
_"و لكن! أريدُ أن أخرجَ في نزهة!"
_"يوري!"
.
.
.
تجلسُ يوري الصّغيرةُ منذُ ، حسنٌ هي لا تحسنُ قراءةَ السّاعةِ بعد ، لا تعرفُ كم كانتِ السّاعةُ عندما دخلَتْ ، و لا تعرفُ كم هي الآن ، لكنّ إحساسَها يقولُ أنّها تجلسُ منذُ ساعةٍ لوحدها ، لا أحدَ يريدُ الجلوسَ معها.
يوري وحيدة.
استدارَتْ كثيراً فيما حولها ، يوري تحفظُ هذه الغرفةَ بحذافيرها ، تحفظُ نمطَ التّنقيطِ في ورقِ الجدار ، و مكانَ سريرها و سريرِ كيكو شقيقتها ، و مكانَ الخزانةِ و أحياناً ما فيها ، تحفظُ كذلك صورَ النّجومِ التّي تعلّقُها كيكو على جهتها من الجدار ، فوقَ طاولتها الدّراسيّة ، تضعُ صوراً لنجومٍ من البشرِ و للأجرامِ السّماويّة ، يمكنُ ليوري أن تتذكّرَها جميعها بعد ساعاتٍ من مفارقتِها ، و لا يمكنُ لكيكو أن تتذكّرَ شيئاً من خصوصيّاتِ يوري ، التّي ما زالَتْ تقتصرُ على برنامجٍ كرتونيٍّ يُعرَضُ على التّلفازِ في وقتِها المخصّص ، و بضعةِ شخصيّاتٍ من التّي تُحِبُّها كيكو ؛ يوري تُحِبُّ كيكو كثيراً ، و تشتاقُ إليها دائماً ، لكنّ كيكو كثيراً ما تغيبُ في أثناءِ النّهار ، و لا تعودُ حتّى تنامَ يوري ، ليتَ العالمَ يتركُ كيكو لها ، تفكّرُ الصّغيرة.
مدّدَتْ أطرافَها الضّئيلةَ على سريرِها قليلِ الارتفاع ، و دفعَتْ شيئاً بغيرِ قصدها ، لكنّها لم تعد النّظر إليه ؛ كانَ دفترَ رسمٍ مهجورٍ أعطتها هو شقيقتُها الكُبرى ناري ، و ألواناً خشبيّةٌ تناثرَتْ ما بين الأغطيةِ و الأرض ، يوري لا تجيدُ الرّسمَ مثلما تفعلُ شقيقتاها ، لكنّها تجيدُ أن تلوّنَ ما ترسمان ، ربّما لا تفعل ، حسنٌ ، يوري لا تستمتعُ عندما ترسم ، تريدُ فقط أن تخرجَ في نزهة ، ما الكثيرُ في ذلك؟
حاولَتْ أن تنام ، كثيراً ، لكنّ ضجّةَ اللّعبِ في الخارجِ كانَتْ تستفزُّها ؛ نافذةُ الغرفةِ في وسطها ، بين سريرها و سرير كيكو ، عاليةٌ على الصّغيرةِ بالكادِ ترى منها ، و تطلُّ على ساحةٍ خضراءَ فارغة ، تحيطُ بالبناءِ و الأبنيةِ المجاورة ، يلعبُ فيها الصّبيةُ في غالبِ الأحايين.
لم تسمح لها أُمُّها باللّعبِ خارجاً يوماً ، و لو سمعَ شقيقُها الأكبرُ هاروتو بالأمر سيخاصمُها و هو في اليابان ، و لن يحدّثها عبرَ الهاتفِ كما يفعلُ في كلِّ صباح ، و لن يحضرَ لها هدايا بعدَ اليومِ أبداً ، تخبرُها أُمّها بهذا الكلامِ كلّما حاولَتِ الفرارَ من البيت.
الضّجّةُ تتصاعد ، و الضّحكاتُ أيضاً ، الجميعُ يلعبُ و يستمتع ، و على يوري أن تظلّ في الغرفة لا لسبب ، و لكن لأنّ عائلتها غيرُ متفرّغةٍ للاطمئنانِ عليها كلَّ حين.
تنفّست بغضب ، ثمّ نهضَتْ ، التقطَتْ وسادتها الورديّةَ على عجلة ، و قفزت من فوق السّرير ، وضعتها أمام النّافذة ، و مطّتْ رأسها من خلفها ، لم تبلغ رؤيةَ شيء ، فجاءَتْ بوسادةِ كيكو أيضاً و هي تزفرُ بغضب ، لا شيءَ ينجحُ معها!
تمسّكَتْ بحافّةِ النّافذة ، و استطاعَتْ مدّ رأسها في هذه المرّة ، لمحَتْ ثلاثةَ أطفالٍ بعيدين يلعبون بالكرة ، و طفلاً رابعاً يجلسُ قريباً من بنائهم ، يجلسُ على العشب ، و يراقبُهم ، ركّزت قليلاً ، و إذ بها ترى في حجرِه شيئاً أبيضَ كبيراً ، يدُه عليها شيءٌ ما ، ما هذا يا تُرى؟
فتحتِ النّافذة ، بتروٍّ شديد ، لم تستطع أن تعدمَ صوتها تماماً ، فالنّافذةُ ثقيلةٌ على يديها ، لكنَّها لم تلفت انتباه أحدٍ في البيت ، تتمنّى ذلك.
تسلّقتِ النّافذةَ بعدما فتحتها ، النّافذةُ خشبيّةٌ قاعدتُها عريضةٌ من الطّوب ، لم يضع أبوها فيها شبكاً حديديّاً ، لذلك تقفلُها والدتُها من الدّاخلِ في كلّ ليلة ، و تحذّرُ كيكو فيما يخصُّها ، و كيكو تفتحُها طبعاً عندما يحرُّ الجوّ في اللّيل ، لم تعتد كيكو أن تنفّذَ الأوامرَ في الخفاء ، لذلك هي قدوةُ يوري الصّغيرة ، تظنُّها قويّةً جدّاً ، بالإضافةِ إلى أنّها جميلةٌ و أنيقة ، و تدرسُ في الجامعة ، أكبرُ و أهمُّ مكانٍ في العالمِ بعد اليابان ، حيث هاروتو.
اعتدلَتْ يوري ذاتُ الحجمِ الصّغيرِ في قلبِ النّافذة ، و بدأتْ تخطّطُ للقفزِ فوق العشب ، كانَ الطّفلُ الجالسُ جانباً قَدْ لحظَها ، و لحظته ، فكّرتْ في سؤالِه المساعدة ، لكنّ يده قَد احتجزَتها ساحرةٌ ما في ذلك الشّيءِ الأبيض ، لن يستطيعَ مساعدتها
أنت تقرأ
حديقةٌ و زنبق ~ يانغ جونغوون
Hayran Kurguأتعرفين؟ إذا فارقَ أحدُنا الآخر في يومٍ من الأيّام سيدعو لأجله و سيزورُ الحديقة سيراه هنا ، حيث التقاه لأوّلِ مرّة لن نفترقَ أبداً جونغوون و يوري في حديقةِ الزّنبق تمّ صنعُ الغلاف بوساطة المُبدعة ميساء: @maigrphx 27/04/2024🌷 22/12/2024🌷 ملاحظة؛ تن...
